الأربعاء، 1 سبتمبر 2021

التفكير

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

التفكير

للشيخ ناصر العمر

 

لقد قلت لكم أن الانطلاقة والخطوة الأولى للقيام بما أوجب الله علينا هو التفكير فالخطوة الأولى أن نبدأ بالتفكير .          
فما هو التفكير ؟
        
نقف هذا الدرس والذي يعده مع قضية التفكير لعلنا ندرك معنى من أهمية الموضوع وكيف
نتعامل معه .

التفكير قد يحدث وألقيت فيه الكتب وآمل أن أتمكن في درس قادم أن أذكر لكم بعض المراجع لكم في هذا الموضوع .

وإنما سنبدأ اليوم بتعريف التفكير وأهميته والعوائق التي تحول دون التفكير تفكيراً سليماً . تعطيل ملكة التفكير قال في المعجم الوسيط . الفكرة هي إعمال العقل في المعلوم للوصول إلى لمعرفة المجهول .

والفارق بين الإنسان و الحيوان هو العقل وهو مناط التفكير . وإن مناط التكريم يقوم على العقل ومقام التكليف في العبادات البدنية يقوم على العقل . ولذلك تجدون من شروط الصلاة والصيام والحج أن يكون عاقل لأن غير العاقل لا يستطيع أن يعقل هذه الأعمال .

 الملاحظ أن الله قد أنعم علينا بنعم عظيمة نعمة البصر واليدين واللسان والقدمين والعقل وأثمنها وأغلاها العقل . الذي هو مناط ومقر التفكير الملاحظ الذي أقوله أننا نستخدم يدينا استخدامنا أكثر مما يجب بل أكثر من طاقتها . نستخدم ألسننا أكثر مما يجب وفيما حرم الله . نستخدم سمعنا وبصرنا وأقدامنا وما أكثر ما نستخدم الأقدام وتباع ونشتري الأقدام حيث أصبحت أغلى من العقول . يعني العقول معطلة . العقول أيها الأحبة معطلة وهذا التعطيل مقصود كما سيتضح من الحديث . المشكلة أن الناس استجابوا فعطلوا عقولهم إلا من عصم فلله تعالى . وهذا باب خطير وملاحظ ولذلك ذكر بعض العلماء أنه أجرى دراسات فوجدوا الذين يفكرون تفكيراً صحيحاً لا يتجاوز 2% من الناس أما 98% لا يتجاوز تفكيرهم المألوف في الأكل والشرب والو ضيفة والزواج ونحو ذلك أما أن يفكر تفكيراً سليماً من أجل أمتهم ومن أجل القيام بالواجب عليهم فلا يتجاوز 2% فقط وهذا رقم متدني للغاية . وهنا الأمر العجيب أيها الأخوة أنه في الوقت الذي أقول أن التفكير معطل عند كثير من الناس . لو أنك الآن حاسبت نفسك فيما مضى من عمرك بعد التكليف . مضى عشرين ثلاثين أربعين يزيد وينقص حسب كل فرد . أتعرف ماذا قدمت من خلال تفكيرك لأمتك . فعلاً ستجد الناس أعمارهم في الخمسين في الستين ما قدموا لأمتهم شيء يستحق الذكر . شيء يعني بخداعهم استخدموا يديهم استخدموا أرجلهم استخدموا ألسنتهم وأبصارهم لكن لم يستخدموا عقولهم لم يستخدموا تفكيرهم . أقول مع ذلك الأمر الذي يلفت النظر مع التعطيل الظاهر للتفكير ومع هذا لتعطيل لمكانة التفكير كما بينت . في المقابل أن البشر قد يستطيعون أن يقيدوا يديك فلا تستطيع أن تعمل بها ويغمضوا عينيك فلا تستطيع أن ترى بها ويتمكنوا من تقييد رجليك فلا تستطيع أن تمشى وحبس جسمك فلا تستطيع أن تغادر ولكن الشيء الذي لا يستطيعه البشر أن يعطلوا عقلك عن التفكير إلا إذا ذهبوا عقلك . قد تقيد الرجلان وتربط اليدان وتربط العينان وتصم الأذنان ويمنع اللسان ولكن لا يستطيعوا أن يصلوا للعقل وهذا معنى كلام شيخ الإسلام وهو في السجن يقول ماذا ينقض مني أعدائي فعلاً أنا جنتي في صدري تفكيراً وعملاً وإبداعاً وعلماً وأقول الشيء الذي لا يستطيعه البشر هو الذي عطله وهو التفكير هذا أمر مخالف لأن العقل قد تتوقف اليدان والرجلان لمرض وعاهة ولكن التفكير يستمر إلا إذا أصيب بالجنون والعياذ بالله . ولكن لا أتكلم عن الحالات النادرة . أتكلم عن الحقائق الواقعة ولذلك يقول ابن عقيل الحنبلي . ( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناضرة وبصري عن مطالعة أعملت فكري في حال راحتي وأنا منطرح ولا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عصري أشد مما أجده وأنا ابن عشرين سنة ) إذن ابن عقيل الحنبلي العالم الصحيف الذي ألف كتاب       ( الفنون ) في 800 مجلد يقول إذا كل لساني وبصري أعملت فكري الشافعي في ليلة ورأسه على الوسادة حلل مسألة وخرج بعشرات المسائل والذي يراه يحسب أنه نائم . فأقول أننا نعمل بالمطلوب الفكر الذي جعله الله هو الفارق بيننا وبين الحيوانات العقل الذي جعله الله هو الفارق بيننا وبين المجانين العقل الذي هو مناط التكليف نجد أننا قد عطلناه وكأنني أجده وقد ران عليه الغبار بينما أعملنا أيدينا وأبصارنا وألسنتنا في الحلال وقد نقع في الحرام والعياذ بالله . الأمة بحاجة للتفكير أيها الأخوة . اسمعوا للأدلة من الكتاب والسنة في هذه القضية ، يقول الله عز وجل { كذلك يبين الله الآيات لعلكم تتفكرون } { قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون } { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ، ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار } وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون } وجاءت الآيات بمعنى التفكير { أفلم يسيروا في الأرض فينظروا } { أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة } { أولم يتفكروا في أنفسهم } { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } { أفلم يدبروا القول ، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام } إنهم يرون بأبصارهم ويسمعون بآذانهم ولكنها لما انصرفت عن الهدى وانصرفت عن الحق جعلها الله في مقام العمى ومقام الصمم ومقام الجنون فشبههم بالأنعام جل وعلا لهم قلوب لا يفقهون بها إذن الذي أعطاه الله هذا القلب ولم يتفكر فيه ولم يتدبر فهو في مقام المجنون كما أن الله جعل الذي لم يستفد من الهدى ولم يبصر الحق في مقام الأعمى وفي مقام الأصم ثم قال أولئك كالأنعام بل هم أضل فقد قرن بين الذين لهم قلوب لا يفقهون بها ومعهم أعين لا يبصرون بها ومعهم آذان لا يسمعون بها قرن بين هؤلأ ثم شبههم في النهاية بالأنعام بل أضرب عن ذلك وقال بل هم أضل من الأنعام فتأمل يا أخي الكريم قلبك عقلك الذي دعى الله سبحانه وتعالى في مواضع عدة من القرآن إلى أن تتفكر وإلى أن تتدبر وإلى أن تنظر وإلى أن تتأمل هل فعلاً أنت فكرت وتدبرت حق التفكير . أنا لا أشك أن أي واحد منكم يستمع لهذا الكلمة قد فكر وتدبر لكن كم نسبة تفكيره مما ينبغي وما يجب ستجد نسبة تفكيره مذهلة . المشكلة أننا لم نفكر هل فكرنا أم لا ولم نجلس نتدبر ونتأمل هل فكرنا في واقع أمتنا هل فكرنا في واقع بلادنا . ما وصل إليه الأعداء ما وصل إليه اليهود يا أحبتي الكرام ما جاء إلا عن تخطيط وجاء عن تدبر وتفكير وهم على ضلال ومع ذلك حصلوا على ما يريدون . المؤتمر الذي عقد عام 1897 وضعوا مخططات لقيام دولة اسرائيل في فلسطين وقالوا إن طبقت هذه المذكرات وهذه المخططات كما ينبغي فستقوم دولة اسرائيل بعد 50 سنة . متى قامت دولة اسرائيل ؟ في 47 أو 48 أي بعد 50 سنة بالضبط من وضعهم هذه المخططات والقيام بتنفيذها قامت دولة اسرائيل وهم يهود جبناء ولكنهم يعملون ويخططون ويتآمرون فحققوا ما يريدون من الدنيا ونحن على الحق فماذا فعلنا حفظكم الله . الآيات كما قلت كثيرة جداً وأما الأحاديث فإننا نجد في الأحاديث التركيز على الفقه والفقه هو التفكير . أكثر مما نجد على الحكم (( رب مبلغ أوعى من سامع )) (( رب حامل فقه لمن هو أفقه منه )) (( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )) وهو حديث صحيح . والتفكير فقه والفقه تفكير ، وعندما دعى الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس قال : اللهم علمه التأويل وفقه في الدين . فالقضية تعتمد على التفكير والفقه . فقارن نفسك بهذه الحقائق لنرى . أما آيات العقل في القرآن فأشهر من أن تعد ولكن أذكر بعضها على سبيل الاستعجال { كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون } وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } { كذلك يبين الله لكم آيته لعلكم تعقلون } أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } { وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون } { لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون } إذن العقل والتفكير ، القرآن والسنة يحثان أشد الحث على تحقيقهما ، فهل حقننا ذلك . هذه مقدمة أرى أنه لا بد منها أيها الأحبة لبينان أهمية التفكير والتدبر والتأمل فمرة أخرى أعيد السؤال الذي سألته قبل قليل هل حاسبت نفسك يوماً عما قدمت لأمتك من خلال تفكيرك ومن خلال عقلك تصوروا العدد الذي يحضر الدرس الآن وهم بالآلاف والحمد لله وكلهم حسب ما أرى قد بلغوا سن الرشد مع ذلك لو أن كل واحد من هؤلاء مع أنهم لا يشكلون إلا نسبة يسرة من عدد الطيبين الملتزمين الخيرين وطلاب العلم في الرياض فقط لو أن كل واحد منكم قد فكر وقدم مشروع واحد فقط كم يكن معنا من مشروع ستكون بالآلاف فكيف لو أن طلاب العلم أو أغلب طلاب العلم في الرياض كل واحد منهم قدم مشروعاً سواء أكان  مشروعاً كبيراً أو صغيراً بعد التفكير وتأمل وتأني كم يكن عندنا من المشاريع الطيبة الخيرة ولكن المشكلة كما قلت لكم الضعف في هذا الأمر ، ولا يلزم أيها الأخوة من المشروع كما بينت في الأسبوع الماضي أن يكون الإنسان تقدم على الناس بتفكير كما يكون بسنة ضوئية أن تتقدم بتفكيرك عن غيرك ولو بربع ساعة كما قال بعض المتخصصين لا يلزم أن يكون المفكر قد تقدم بتفكيره عن الآخرين بسنة ضوئية . يكفي أن تتقدم بتفكيرك أن ترتفع بتفكيرك عن غيرك ولو بنسبة خمس أو عشر درجات أو كما قال بربع ساعة فقط . لو أننا فعلنا ذلك لحققنا شيئاً كثيراً ولكن دعونا نتسائل مع هذه النعمة العظيمة التي أعطانا الله إياها وأعطانا الله عز وجل هذا العقل وهذا الفهم والهداية أيضا ومع ذلك نلحظ ونقر ونعترف أننا أو أغلبنا بعبارة أدق قد عطل ملكة التفكير التي وهبه الله إياها .

السؤال : ما هي أسباب تعطيل ملكة التفكير ؟

لنقف هذا اليوم مع هذه الأسباب ملتمسين أبرز الأسباب لا على سبيل الحصر . قرأت عليكم في الأسبوع الماضي كلام العقاد . وقد ركز العقاد أن مجمل أسباب تعطيل التفكير يعود إلى ثلاثة أسباب :

السبب الأول : هو الالتزام بالعادات والتقاليد والعرف الموروث عن الآباء والأجداد على غير هدى .

ثانياً : الإقتداء الأعمى بأولئك الذين لا يفقهون النصوص .

ثالثاً : الخوف المهيل من أصحاب القوة والبطش .

 قال ثلاثة أسباب تؤدي إلى تعطيل ملكة التفكير ولذلك أذكر لكم أسباب بشكل أوسع مما ذكر العقاد فأقول : السبب الأول : من أسباب تعطيل ملكة التفكير : هو الخوف والتردد .

الخوف من الفشل يقول الأنسان أخشى أن أقدم مشروع فيفشل . وسوف أذكر الأسباب ثم أذكر العلاج أي كيف نتقي تعطيل ملكة التفكير أوكيف نتغلب على عوائق التفكير إذن الخوف من أسباب تعطيل ملكة التفكير

ثانيا : الخوف من النقد والسخرية واستهزاء . بعض الناس يقول أنا أخاف من أن آتي بجديد أصبح عرضة للنقد والسخرية والاستهزاء ألم تروا كيف ينتقد الدعاة ألم تروا كيف ينتقد ويسخر بالمفكرين الحقيقين الذي يريدون أن ينهضوا بواقع أمتهم من كبوتها هذا نعم كلام شديد أشد من وقع النبال . أشد من وقع النبل عليهم والسهام . وضلم ذوي القربى أشد مضاضاً على النفس من وقع الحسام المهند نعم المفكر الذي يقدم ويطرح مشروعاً لإنقاذ أمته سيتعرض للسخرية سيتعرض للإستهزاء { وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين } { الذين يلموزن المطعون من المؤمنين والذين لا يجدون إلا جهدهم } فكثير من الناس ليس لديه القدرة على تحمل السخرية أو الغمز واللمز . تجد أنه لا يتقدم ويترك التفكير وهو قادر عليه .

ثالثاً : الخوف من التصنيف ، ونحن الآن في عصر مع كل أسف هناك متخصصون في تصنيف الأمة إلى شيع وأحزاب فيخاف الإنسان أن يخرج ما عنده من أفكار تفيد أمته وتفيد جيله وتفيد مجتمعه ، يقول : والله أنا عندي حلول وعندي أراء ومقترحات لكني أخشى أن أحرجها فأصنف يقال لي أنت من الجماعة الفلانية أو من الحزب الفلاني فتقول له هل أنت فعلاً من هؤلأ الأحزاب أو الجماعات فيقول : لا أبداً لست من هذه الجماعات أو الأحزاب لكنني أخشى أن أضهر هذا الأمر فأصنف . هذا سبب وقلت لكم أني لن آتي بالعلاج هذه الأسباب فقط ، فالخوف من التصنيف وخاصة في هذا العصر يمنع كثيراً من الناس من قول كلمة الحق ويمنع أن يفيدونا مما حباهم الله جل وعلا من ثمرات عقولهم وأفكارهم .

رابعاً : الخوف من الأذى الحسي والمعنوي . يقول أنا أخشى لو أنني تقدمت بأحد المشروعات أو تقدمت بهذه الأفكار المهمة أخشى أن أوذى أخشى أن أتعرض لشيء في جسمي أو وضيفتي أو في أهلي وولدي ، وقد رد العقاد على هؤلاء رداً جميلاً أقرئه اليوم لأنه يكتب من ذهب . الذين يتقون الأذى الذي يخشون أن يصيب أجسامهم فيرضون أن تصيب عقولهم وأفكارهم هؤلاء لا يستحقون الحياة الذي يعطل فكره ويعطل تفكيره ويعطل عقله خوفاً من الأذى الجسمي الذي قد يسيب جسمه ويقبل الأذى المعنوي الذي يصيب عقله ويصيب تفكيره ويصيب سمعته ويصيب دينه هذا لا يستحق أن يعد رجلاً . اسمعوا كلام العقاد يقول : ولا معنى للدين ولا للخلق أذا جاز للناس أن يخشوا ضرراً يصيب أجسامهم ولا يخشوا ضرراً يصيبهم في أرواحهم وضمائرهم وينزل بحياتهم الباقية إلى ما دون الحياة التي ليس لها بقاء وليس فيها شرف ولا مرؤة )) صدق نعم الخوف من الأذى الحسي الذي قد يصيب الجسم أو المال أو الأهل ما الذي سيحدث نعم قد يسلم جسمه قد يسلم ماله قد وضيفته لكنه يعيش كحياة الأنعام يأكل ويشرب لا كرامة له ولا عزة له وقلت لكم في الأسبوع الماضي قول عنترة مع تحفضي على الشطر الرابع هذا وهو شاعر جاهلي وهو عنترة بن شداد يقول :

بل فاسقني العز كأس الحنضــل *** لا تسقني ماء الحياة بذلة وجهنم

بالعـــز أطيــب منـزلـــي *** ماء الحيــاة بذلـة كجهنــم

ولكن إذا حملنا هذا البيت على جهنم في الدنيا يقصد الأذى في الدنيا تشبيه الأذى لجهنم فهو صحيح أن كون الإنسان يعيش عزيز كريم شريف ولو أصابه الضرر في جسمه وفي ماله فإنه والله أكرم له من أن يعيش منعم مرفه ولكن ذليل في حياته .

أصون عرضي بمالي لا أدنسه *** لا بارك الله بعد العرض بالمال

هذا سبب رئيسي الآن كثير من المفكرين وكثير من أصحاب العقول عندهم قدرة على أن يفكروا ويدرسوا هذا الواقع ولكن لماذا لا يفكرون ؟ !!

يقولون نخشى من الأذى نخشى من كذا وكذا . سبحان الله هل سلمتم لا لم يسلموا ، إنهم نعم قد تسلم أجسامهم وأموالهم ولكن لا تسلم عقولهم ولا كراماتهم . من أسباب الخوف أيضاً .

خامساً : الخوف من الخروج من المألوف والعادة . كما قلت لكم العرف ، كثر من الناس لهم عادات عند أهلهم مثلاً في الزواج عادات اجتماعية هم يعلمون أنها خطأ ويعلمون أنها باطل ولكن تقول له لماذا لا تترك هذا الباطل وهذا الخطأ فيقول لا أستطيع أن أخرج على ما تعارف عليه الأهل هذه عادتنا وتقاليدنا وهذا ما عليه مجتمعنا خوف من الخروج عن المألوف والعادة يجعل الإنسان لا يفكر ويسلم للواقع ويعطل ملكة تفكيره ويرضى بالدون . هذه إذن خمس نقاط كلها تدخل تحت عنوان الخوف والتردد .

السبب الثاني : من تعطيل ملكة التفكير سوء التربية .

فمن سوء التربية : المركزية التفرد ، تحطيم الشخصية ، عدم التشجيع على تنمية المواهب ، نلحظ أن مناهج بعض التعليم لا تربي على التفكير وذكرت لكم في الأسبوع الماضي قول أحد الغربيين يقول : إن مهمة المعلم منذ يدخل إلى قاعة الدرس في الصباح حتى يخرج في الظهر أن يعلم الشباب والطلاب كيف يفكرون ، نحن نعلمهم كيف يحفظون ، في مثال بسيط يقرب هذا المعنى وإلا ليس فيه نصاً، ذلكر لي أحد الأخوة من دولة عربية يقول عندنا مدرسة الطلاب فيها ، المكان ضيق وبسبب سوء التربية يهربون وبخرجون من المدرسة من فوق الأسوار ، يقول جاءنا زائر وتبرع للمدرسة بمبلغ كبير من المال فاجتمعت الإدارة وقررت أن تستفيد من المال وأن تبني وترفع هذا السور وتضع فيه شيس حتى ما يستطيع الشباب والطلاب أن يهربوا ، بدل من أن يستغلوا المبلغ في تربية هؤلاء الشباب حتى ولو فتحت الأبواب لا يخرجون ، هذا واقع وللأسف الشديد وهذه مأساة ، ومدرسة في بريطانيا فيها مديرة مدرسة قرابة خمس وعشرين سنة وهي مديرة المدرسة ، طبعاً الاختلاط موجود ، هرب طفل من المدرسة وقامت مديرة المدرسة وقدمت استقالتها وقالت أنا المسؤولة عن هروب الطفل من المدرسة ولو أنه وجد الجو المناسب لما هرب ، حاولوا إقناعها ، طفل واحد من بين 500 أو 400 طفل ما يضر ، فقالت : لا أنا مديرة فاشلة ما دام هرب الطفل . ما رأيكم لو طبق هذا على واقعنا كم يبقى عندنا من مدير ، الله المستعان الله المستعان ، نعم أن نركز على تربية المواهب فسوء التربية ، التركيز على الضرب التركيز على الحفظ التركيز على تحطيم الشخصية على تحطيم المبدعين ، أنا لا أقول أن الكل يعملون ، أعرف أن بعض المدارس يشجعون وبعض المدرسين قد نجوا نجاحاً كبيراً في هذا ولكن أقول : هل هذه صفة عامة أو صفة غالبة ؟ لا . أقول ليست صفة غالبة ، الصفة الغالبة بخلاف ذلك ولا أقصد المدارس فقط بل حتى أيها الأخوة في البيوت . الطفل الذي يفكر تفكيراً يحطم وقال أطفئ نور عقلك واعتقل ، أبقى على ما أنت عليه . إذن سوء التربية من أسباب تعطيل ملكة التفكير فينشأ الواحد منا وليس لدية قدرة على أن يفكر في واقع أمته وحياته . من أسوأ أسباب تعطيل ملكة التفكير : تأجير العقل وتأميمه . الآن كثير من العقول مأجرة أنتم لا تتصورون يا أخوان ، الدكاكين هي التي تؤجر وأن السيارات هو التي تؤجر ، هناك عقول مؤجرة هناك أناس يقولن ما لا يعتقدون ينافقون أذا جلست معهم يعطونك كلاماً جميلاً { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ضلماً وعلواً } ولكن يقول نحن أعرف بمصالحنا ويحسب الذكاء من أين تأكل الكتف وتجده يؤجر عقله ويؤجر تفكيره للغير ، جاهل ، ماذا يريدون ، ساعات وهو يحقق ما يراد منه ، أما أن يفكر تفكيراً سليماً ويقول الحق رضي من رضي وغضب من غضب فالله المستعان ، فتأجير العقل وتأميم العقل من أسباب تعطيل ملكة التفكير . أيضاً للأنني أريد أن أختصر لضيق الوقت . تأثير وسائل الأعلام ، وسائل الأعلام أيها الأحبة في واقع المسلمين الآن حقيقة من عوائق التفكير ، فهي تدجل الناس للرضى بالواقع وأنه ليس بالإمكان أحسن مما كان بالأمس الدولة الإسرائيلة التي تقارن بجنوب أفريقيا قبل واقعها الأخير كان الجهاد في سبيل الله هو المطلب والآن اكتشفنا أن هذا كله خطأ وأنهم يحاولون إقناعنا أن السلام هو المطلوب ، كثير من وسائل الإعلام تحقق هذا الإمر فتعطل التفكير بل يصبح الإنسان والله في حيرة من أمره فمن اسباب تعطيل ملكة التفكير تدجيل الناس للرضا بالواقع وأنه ليس في الإمكان أحسن مما كان ، ونحن أحسن من غيرنا ، ونهوي ونهوي ونحن أحسن من غيرنا ، أحد خلفاء بني العباس كان ينقم على الأمويين ، فكان يقول أن عثمان رضي الله عنه أخطأ ، انتبهوا أخطأ ، لماذا أخطأ ؟ قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم صعد على المنبر فخطب ثم جاء أبي بكر ونزل درجة وبدأ يخطب ثم جاء عمر فنزل درجة وبدء يخطب عليها ثم جاء عثمان فرجع إلى الدرجة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال إن عثمان أخطأ لماذا لم ينزل درجة . فدر عليه أحد العلماء وقال يا أمير المؤمنين رحم الله عثمان لقد أحسن صنعاً لو لم يفعل هذا ويرقى إلى درجة الرسول صلى الله عليه وسلم لكنت تخطبنا من بئر، الآن لو كل واحد بعد عثمان جاء ونزل درجة كان الآن من بئر من يجرؤ ويقول والله استمر في النزول ، وقعنا الآن كصاحب هذا الرجل يريدون منا أن نحول نهوي ، ما توقف هذا الواقع الرضى بالواقع نحن أحسن من غيرنا وسنستمر أفضل من غيرنا إن شاء الله !! هذا منطق أعوج ولكن لا تنظر إلى من هلك كيف هلك ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا . فالتدجيل والرضى بالواقع والتبرير هذه من وسائل تعطيل الفكر . ايضاً أقول يتبع هذه القضية أيها الأحبة : التبريريون أناس جاهزون للتبرير كل شيء يبررونه ، والله إني أذكر قبل خمس أو عشر سنوات ما كنت أتصور أنه يأتي وقت أمور من العظائم تجد لها من طلاب العلم من يبررها ويجد لها المعاذير والمخارج ، أناس تخصصوا بالتبرير هؤلاء التبريريون من أسباب تعطيل ملكة التفكير ، أول ما يخرج أمر باقعة من البواقع مصيبة من المصائب فإذا هم جازون للتبرير والرضى بها والأسباب ، سبحان الله هؤلاء يعطلون التفكير ولا شك ويؤثرون في التفكير . ومن الأسباب : الهزيمة النفسية والشعور بالدون وأن الغرب أفضل منا حتى الآن بدأت تنطلق مصيبة جديدة يا إخوتي الكرام وهي أن إسرائيل أو اليهود بعبادة أدق أفضل منا تفكيراً وعقلاً بدأت بعض وسائل الإعلام ولا أقول الكل تنطلق من هذا المنطلق وتحاول أن تظهر أن اليهود هم الذين يملكن العقل ولذلك لا بد أن نستفيد منهم ونستفيد من خبراتهم وتجاربهم . إذن الهزيمة النفسية سبب رئيس من أسباب تعطيل ملكة التفكير. ومن الأسباب : قلة الحوافر وانعدام التشجيع على مستوى الأمة وهذا أمر ظاهر بين .

سابعاً : الحجر الفكري التفكير في بعض المجتمعات ممنوع ، التفكير في بعض الدول الإسلامية ممنوع ، أفعل ما شئت ولكن تفكر لا . الجحر الفكري بلاء جعل كثير من الناس ليس لديهم استعداد لأن يتجاوزوا هذا الحجر .

ثامناً : من أسباب تعطيل ملكة التفكير ، واسمعوا له جيداُ ، إشغال الفرد بالمجريات اليومية ، ولهافه خلف لقمة العيش حتى لا يجدوا فرصة ليفكر .

 تاسعاً : دنو الهمة وتواضع الأهداف وعدم الطموح من أسباب تعطيل ملكة التفكير . عاشراً : الأوهام ، مثال ذلك : أن يقول القائل أنا طاقتي محدودة صوتي غير مسموع لا يمكن أن أغير الواقع لا أستطيع أن أقوام التيار وتذكرون القصة التي ذكرت لكم مراراً ، كان أحد الأساتذة مدراً في أحد الثانويات ، وكان مربياً للطلاب ورباهم على الخير والصلاح ، وذهبت الأيام وانتقل من التدريس إلى وظيفة وأخذته شعب الحياة ووسائل الحياة أحد تلاميذه تخرج وأصبح استاذاً وأصبح مربياً ، زاره في يوم من الأيام فأخذوا يتحدثون فإذا الإستاذ الأول يقول لتلميذه : يا أخي تعرف عندما كنا في السابق نتصور أننا نفعل ونفعل ، هل نستطيع أن نقاوم التيار، يقول لتلميذه سابقاً : ما رأيك يا أخي لو كنت في وادياً وجائك السيل أتجلي فيه حتى تنقذ الناس أم تنجو بنفسك فهذه أوهام ودنو همة ، يقو لتلميذه عليك نفسك والسلام . قال تلميذه وقد أصبح أستاذاً : يا أستاذي الكريم ما رأيك إن جاءك السيل وأنت في الووادي وكنت تستطيع أن تنقذ من تنقذ وتنذر من تنذر أتهرب أم تنذر أصحاب هذا قال أنذرهم قال كذلك نفعل نحن فهناك من يعيش في أوهام ويقول لا أستطيع كما بينت لكم من هذه الأمثلة ، أنا طاقتي محدودة صوتي غير مسموع لا يمكن أن نغير الواقع لا استطيع أن أقاوم التيار هذه أوهام .

وأخيراً أختم يها هذا اليوم من أسباب تعطيل ملكة التفكير : الحادي عشر : المعاصي والآثام { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً} إذن الذي يتقي الله يجعل له فرقاناً بين الحق والباطل يجعل له نور{ ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور } ، إذن العاصي تعطل في مكلة التفكير فعلى قدر المعصية يكون تأثيرها في تفكيرنا ، يقول الشافعي : وقد شكا لشيخه سوء حفضه ، الله المستعان الشافعي يقول :

شكوت إلى وكيع سوء حفضي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي

إذن المعاصي تؤثر في التفكير ومن أسباب تعطيل ملكة التفكير كثرة المعاصي والآثام ، أيها الأحبة هذه أسباب رئيسة تؤدي إلى تعطيل هذه الملكة العظيمة التي هي نقطة الإنطلاقة . وسأواصل إن شاء الله في الدرس القادم مع هذا الموضوع المهم ، كيف نتجاوز عوائق تعطيل ملكة التفكير وما هي ضوابط التفكير وما هو الإسلوب الصحيح للتفكير وكيف فعلاً تتحول الفكرة إلى واقع ملموس مرئي هذه قضايا مهمة أؤجله نظراً لضيق الوقت إلى الدروس القادمة ، فلا بد أن نفكر ، ففكروا حفظكم الله وتأملوا بارك الله فيكم وإياكم أن تعطلوا ملكة تفكيركم حتى ولو تعطلت كثير من الأسباب والوسائل والأبواب فلا يتعطل تفكيرك ، هذا ما أحببت أن أقف معه هذا اليوم أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعدائك أعداء الدين ، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ، اللهم فك أسر المأسورين ، ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الضالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين يا حي يا قيوم ، وأستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم .

أيها الأحباب ذكرت لكم في الإسبوع الماضي فيما يتعلق بالتفكير وبأهمية التفكير والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة ثم ذكرت لكم عوائق التفكير واليوم مع عدة موضوعات تتعلق بموضوع مهم وأكرر يا أخوة أن هذا الموضوع تنبع أهميته أن أول خطوة يجب أن نخطوها هي التفكير ، أول خطوة في العمل هي التفكير ، لأن العمل بدون تفكير لا قيمة له والأمة التي لا تفكر أمة لا خير فيها ، فلا بد كما دعى القرآن إلى التفكير والتفكر والتدبر والتأمل ، أن نتفكر { ويتفكرون في خلق السموات والأرض } فتفكروا وفكروا أيها الأحبة . سأبدء وأكمل ما بدأته في الأسبوع القادم

فأقول : كيف نتغلب على عوائق التفكير بعد أن ذكرت عوائق التفكير وأشار أحد الأخوة جزاه الله خيراً أن من عوائق التفكير هو الجهل وعدم التجارب وهذا صحيح .

أقول نتغلب علىعوائق التفكير بما يلي :

 1_ الثقة بالله تعالى والإيمان به والتوكل عليه وإخلاص النية ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقان } .

2_  علو الهمة والثقة بالنفس والتخلص من الهزيمة النفسية فإذا علت الهمم ووثقنا بأنفسنا بعد ثقتنا بالله جل وعلا وهذا مما يبطل ويلغي عوائق التفكير .

 3_ سمو الأهداف : أي أن تكون الأهداف سامية ، وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام . يجب أن تكون أهدافنا سامية وعالية وليست مقتصرة على الأكل والشرب وهي ما يتعلق بمطالب الحيوان ، فإذا كانت الأهداف سامية وعالية ساهمت في قوة التفكير وتخطي العقبات .

 4_ التربية الجادة : من أقوى الوسائل التي تلغي عوائق التفكير وبالمناسبة أنصح بقراءة كتاب مهم صدر حديثاً عنوانه (( التربية الجادة ضرورة )) للشيخ : محمد الدويش .وهو كتاب قيم وجميل وأنصح به كل أخ أن يأخذه ويهديه إلى زملائه وأن يقرأه مع إخوانه فقد ذكر كلاماً رائعاً أصله في محاضرة في شريط وصدر الآن في كتاب فأنصح بهذا الكتاب .

 5- العلم المؤصل .

 6_ الجرئة المنظبطة ، والإقدام المدروس ، أقول الجرئة المنظبطة لا الجرئة المتهورة ، ولا نريد الإستعجال ، فلا نامت أعين الجبناء .

 7_ التضحية بالمصالح الجزئية لمصلحة الأمة ، التضحية بالمصالح الذاتية من أجل الأمة . أما الذي ليس عنده تضحية أي ما عنده استعداد يضحي بشيء من دنياه فليس أهلاً لأن يكون مفكراً إذن التضحية الذاتية من أجل مصلحة الأمة .

 8_ اعرف امكاناتك واكتشف مواهبك واعمل على قدر طاقتك

. 9_ اعمل لغدك وللأجيال القادمة .

 10_ حاول وكرر ولا تيأيس فالعقبات طبيعية .

 11_ تخلص من الأوهام والعقد والوساوس .

 12_ ليست المشكلة أن تخطيء ولكن المشكلة إلا تعمل وأن لا تفكر .

موضوع آخر واسمحوا على الاختصار لأني حريص على إكمال الموضوع هذا اليوم مع عدم الإطالة عليكم .

أخطاء قد تؤدي بالأفكار الناجحة :

 الاحتكام إلى رأي الأغلبية وهذا في الحقيقة فيه نظر إلا إذا كانوا من أهل العلم والشورى .

الإحتكام إلى أصحاب الشهرة في غير التخصص وهذا غريب في الحقيقة الآن مثلاً يؤتى بلاعب قدرته وعقله في قدميه ومع ذلك يسئل عن قماش أو عن سيارة ويقال إنها سيارة ناجحة لأن اللاعب الفلاني المشهور يفضلها ، هذا وإن كان لا بد أن نسأله فعن الحذاء وعن الكرة وتسأله عن هذه الأشياء لأن عقله في قدمية أما أن نأتي ونسأله في أمور أخرى ونقول سألنا المشهور الفلاني ، لا الله عز وجل يقول { فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ولذلك بعض الأخوة يخطيء في الإستشارة ويقول استشرت واستشرت يا أخي الكريم من استشرت هل استشرت أولي العلم وأولي الفقه وأولي الرأي ؟!!  فقد تستشير واحد أفضل من ألف .

الحكم المتسرع : فبعض الأخوان يطرح فكرة فسرعان ما يتعجل ويقول هذا كلام غير واقع هذا كلام غير منطقي . الحكم المتسرع مما يؤدي إلى إبطال الأفكار الناجحة .

الحكم المسبق : أن يكون لدى الإنسان حكم مسبق وخلفية مسبقة فيبطله هذه الأفكار الناجحة . الجبناء والتبريريون وما أكثرهم ،يودون بالأفكار الناجحة والأعمال الناجحة ، إذا وجدوا مشروعاً ضخماً أو عملاً جباراً يقيد الأمة وقفوا ضده وبدأت التبريرات وهو تنبع من جبن أو خوف من تبرير ونحو ذلك . المرتبطون بمصالح أخرى تخالف هذا المشروع لا تعرض مشاريعك على أناس قد ارتبطوا بمصالح أخرى لأنهم سيؤثرون ويؤثرون مصالحهم ويعطونك رأياً خاطئاً فإياك أن تستشيرهم وإياك أن يعلموا بمشاريعك إذن هذه قضايا الإحتكام إلى الأغلبية غير المؤهلة ، الإحتكام إلى الشهرة من غير المتخصصين ، الحكم المتسرع ، الحكم المسبق ، الجبناء والتبريريون ، المرتبطون بمصالح يؤثر عليها المشروع ، هؤلاء يقضون على الأفكار الناجحة .

باب آخر في طريق التفكير أيها الأحباب وأنا أدعوكم إلى التفكير أقول إن التفكير ليس مقصوراً على الأمور الكبرى أو القضايا الكلية ، فلا يلزم من التفكير إيجاد الجديد بل قد يكون تطويراً للموجود ، هذه مسألة مهمة قد يتصور بعضكم أن كل إنسان لا يمكن أن يكون مفكراً إلا إذا جاء بأفكار ضخمة كبيرة جديدة ، ممكن أن تأتي بأفكار يسيرة ولكنها مع الزمن تصبح قضايا كبيرة . لا يلزم أن تأتي بالجديد قد يكون من التفكير أن تطور الجديد أقول هذا لماذا ؟ لأنني كما قلت في الدرس الماضي عدد الذين يحضرون هذا الدرس بالألاف ولله الحمد ، لو أن كل واحد منهم جاء بتفكير واحد ولو كان تفكيراً مبسطاً يسيراً تصوروا كم يكون عندنا من فكرة ناجحة بعضها أفكار كبيرة وبعضها أفكار يسيرة وبعضها أفكار متوسطة ، والله سيكون لدينا خير كثير لخدمة ديينا وعقيدتنا وبلادنا وأمتنا ، آلاف الأفكار فإذا محصناها وقلبناها كيف ستكون النتيجة ، فإذا عجزت يا أخي الكريم أن تأتي بمشروع ضخم يفيد الأمة ففكر ولو بمشروع يسير ولو بمشروع جزئي أو أن تطور مشروعاً قائماً ، تطويرك لمشروع قائم تفكير ، السيارات أول ما بدأت بدأت بدايات بسيطة جداً اليوم وصلت إلى مستوى عالي إذن هؤلاء الذين فكروا فكروا بالتطوير الموجود . الإضائة أول ما بدئت بدئت بداية متواضعة في الكهرباء ولكن تطورت ، تطوير الموجود أمر مهم كذلك هناك أعمال في الساحة أعمال إسلامية إغاثية مفيدة دعوية إلم تستطيع أن تقدم تفكيراً جديداً أو فكراً جديداً أو عملاً ومشروعاً جديداً فطور الموجود ، إلم تستطع أن تقدم عملاً ضخماً فإتينا بارك الله فيك ولو بتفكير بسيط بتفكير جزئي يفيد الأمة ويأتي غيرك وقد يطور العمل ويأتي غيرك وقد يطور العمل وتشارك معه في الأجر ما دام موجوداً . قد تجلس الساعات تفكر في قضية فلا تصل إلى نتيجة ثم يأتي الحل في زمان أو مكان لمت تكن تتوقعه ، أحياناً قد يجلس الواحد منا شهر أو عشرين يوم أو أقل أو أكثر وهو يفكر فلا يصل إلى نتيجة في موضوع معين وأحياناً فجأة يأتي الحل إما وهو نائم ، إما وهو يقود السيارة ، أما وهو في مجلس مع زملائه وأما وهو في لحظة تفكير عادية فإذاً إياك أن تيأس فقد تجلس الساعات الطوال وقد تجلس الأيام وأنت تفكر في حل موضوع أو حل مشكلة أو إيجاد مشروع فلا تجد ثم يأتيك الحل { واللذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين } { واتقوا الله ويعلمكم الله } . قد تبدأ الفكرة عادية ثم تنتهي إلى مشروع متكامل فإذا جائتك الأفكار العادية فلا تهملها فقد تكون نتيجتها أفكار ضخمة ، و اسألوا التجار أول ما بدءوا بدءوا بمسائل يسيرة بدء بدكان أو بيع ثم توصلوا في الأخير لأن يكنوا من رجال الأعمال ومن كبار التجار ، إلا من ورث من مالاً من مورث وإلا فتبدأ الأفكار عادية يسيرة مختصرة ثم تتطور وتكبر حتى تصبح مشروعاً متكاملاً جباراً . اسمحوا لي إذا أردنا أن نغير واقعنا إلى الأحسن فلا بد أن نغير من طريقة تفكيرنا من سيء إلى أحسن ، إذا أردنا أن نغير الواقع الذي نعيشه فلا بد من من تغير التفكير والعقلية إلى تفكير أعمق وأشمل وأبعد { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } التغيير شمولي في هذه الآية ، ومن التغير التغير من طريقة التفكير من سيء إلى أحسن ومن حسن إلى أفضل وأكمل ، من الوسائل المهمة التي وجدتها في دراسة النفسيين أنه إذا عطل التفكير ذبل وفتر وضمر وينشط بالعمل ، يقول الدكتور شاذي أستاذ النوم البشري في جامعة بأمريكا "تبين الدراسات أن الذين يشغلون عقولهم بنشاط في منتصف حياتهم يحتفضون على الأرجح بمهارات عقلية في السنوات المتأخرة أكثر من كسالى العقول " . وابن عقيل الحنبلي يقول : إني لا أضيع ساعة من عمري فإذا انشغل وكل عن الكتابة والقراءة بدء في التفكير حتى قال في آخر كلمته " وإني لأحد وانا في عشر الثمانين - أي وهو في عمر الثمانين - من اللذة في طلب العلم والجد في ذلك ما كنت أجده وأنا في عمر العشرين " . إذن الذين يشغلون أفكارهم الآن وهم شباب تقوى وتزداد مع الأيام ، أما الذين يتركون أفكارهم ولا يفكرون فإنها تذبل وتضمر وإذا أرادها بعد ذلك صعب عليه أن تعود كما كانت . لا يلزم أن يكون المفكر عبقرياً ، قد تأتي الفكرة العظيمة من رجل بسيط من رجل متواضع ، لا يلزم أن يكون المفكر عظيماً يل قد تأتي الفكرة العظيمة من رجل عادي ، يقول درويش إبراهيم : معضم المفكرين الحقيقين هم إناس عاديين ، يعرفون أن يتغلبوا على العدد الوافر من التحديات اليومية التي تواجههم .

ضوابط التفكير

الضابط الأول : أن تكون الأفكار مشروعة ، لأن هناك إناس يفكرون تفكيراً مخيفاً أصحاب المخدرات يفكرون تفكيراً لكن يفكرون في تدمير الأمة ، العلمانيون يفكرون ، لكن يفكرون في القضاء على الدين ، الخرافيون يفكرون ، الرافضة يفكرون ، بعض المسلمين قد يفكر تفكيراً غير مشروع ، فالضابط الأول للتفكير أن تكون الأفكار مشروعة أي منضبطة بضوابط الشرع من الإخلاص والمتبعة وفق الكتاب والسنة .

الضابط الثاني : أن تكون الأفكار عملية واقعية وليست خيالية وإلا الأفكار الخيالية ما شاء الله كل واحد منا يفكر يومياً بآلاف الأفكار في أومور الدنيا والدين ، كم واحد منكم فكر أن من أكبر التجار ولكن لما قام فإذا هو مفلس ، كم واحد فكر أنه تزوج بثلاث نساء أو أربع ولما صحا وجد نفسه أعزب أو على حاله ، الأفكار الخيالية كأحلام الليل الناس يقولون فيه أحلام ليل وأحلام يقظة ، أحلام منام وهي الرؤيا وأحلام يقظة وهي أكثر من أحلام المنام في السيارة يفكر الإنسان ولكن مع الأسف أفكار غير واقعية خيالية نظرية ، فلا بد أن تكون الأفكار واقعية عملية أي من الممكن أن تطبق وليست من الأفكار المثالية .

الضابط الثالث : لا بد من مراعاة المصالح والمفاسد لماذا ؟

لأن الأفكار هي تغيير في الواقع فلا بد أن تراعى قواعد المصالح والمفاسد المشروعة حتى لا تؤدي هذه الأفكار إلى أخطاء أو إلى ضرر أكبر من المصلحة المتوقعة منها .

الضابط الرابع : لا بد من الشورى ومن بلورة الأفكار وتمحيصها قبل تنفيذها ، فإذا وصلت إلى فكرة وإلى مشروع فاذهب واستشر وناقش واطرح الموضوع حتى يتحول إلى واقع قابل للتنفيذ . من الحكم قبل أن ننتقل إلى النقطة الأخيرة احرص أن تكون العقوبة على الخطأ أقل من العقوبة على المحاولة ، كيف ؟ لو أن عندك إثنين من الأبناء ، واحد منهم فكر وأخطأ وواحد منهم أصلاً ما فكر ، فاحرص أن تكون العقوبة أقل على الذي فكر وأخطأ من العقوبة على الذي لم يفكر أصلاً ، إذا كان عندك إثنين من الموظفين ، واحد منهم يفكر ويجتهد وقد يخطيء لكن الثاني لا يفكر أبداً فاحرص أن تكون العقوبة على الذي يفكر ويخطيء أقل من العقوبة على الذي لا يفكر أصلاً ، أي تكون العقوبة على الذي لا يفكر أكثر من الذي يفكر ولو أخطأ .

 2_ حكمة أخرى : كتابة الأفكار مثل وضع المال في البنك - طبعاً البنك المشروع أما البنوك الغير مشروعة فلا يجوز- كما أنك تحرص على أن تضع أموالك في مكان أمين أو في صندوق أو في بنك مشروع فاحرص على أن تدون أفكارك .

العلم صيد والكتابة قيده  *** قيد صيودك بالحبال الواثقة

فمن الحماقة أن تصيد غزالة *** وتتركها بين الخلائق طالقة

فإذا جائتك الفكرة فدونها ، الإمام البخاري رحمه الله روي عنه انه ينام ثم تأتيه الفكرة والخاطرة فيقوم ويوقد السراج ويدون هذه الفكرة ثم يطفيء السراج وينام ، فتأتيه الفكرة فيقوم ويوقد السراج ويدون الفكرة ويطفيء السراج ثم ينام ، وبلغ أنه كرر هذا الأمر في بعض الليالي عشرين مرة ، أصلاً كم ينام الإمام الإمام البخاري ، يقوم في الليلة الواحدة عشرين مرة لأنه لا يريد أن تضيع منه فكرة .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق