ما جاء في التعالج بالمشي من السنا والشبرم وأشباهها من العقاقير:
وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بأربع فإن فيهن شفاء من كل داء إلا من السام وهو الموت: السنا، والسنوت، والثفاء، والحبة السوداء».
قال عبد الملك: والسنا القثاء لغة ثم السنوت الشبت والثفاء الحرف والحبة السوداء (الشونيز).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماذا في الأمرين من الشفاء الصبر والثفاء» يعني الحرف. وعن أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها شبرم فقال لها: «ما هذا؟» فقالت: شبرم يا رسول الله أردت أن أستمشي به؟ فقال لها: «إنه حار جار»
يعني أنه يجر الداء. قالت: ودخل علي مرة أخرى وعندي سنا فقلت: يا رسول
الله أردت أن أستمشي بهذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان شيء يشفي من الموت لشفا منه السنا».
فكانت أسماء تنهي بعده عن الشبرم لحرارته عن الأدوية التي فيها السموم.
وكانت إذا شربت السنا تطبخه بالزيت. ووصف الحارث بن كلدة لعمر بن الخطاب
شرب السنا يطبخ بالزيت وأنه ينفع من الخام ووجع الظهر، فأرسل عمر إلى أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم بنعت ذلك يكن يتعالجن به وكانت عائشة لا تعيبه.
وعن حبيب كاتب مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالسنا وإياكم والشبرم فإنه حار جار» يعني أنه يجر بالداء. وعن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالأشبيوش فإنه مرهم البطن». قال: والأشبيوش بزر قطونا. وكان المقداد بن عمر يشرب دهن الخروع عاما ويتركه عاما.
.ما جاء في ما يكره التعالج به من الدواء الخبيث المخوف أو المحرم:
.ما جاء في ما يكره من التعالج بالماء المر والحميم وماء الشمس:
.ما جاء في التعالج بألبان الأتن ومرارة السبع:
وكانت رملة بنت المسور بن مخرمة قد اشتكت رجلها فنعت لها ألبان الأتن تتداوى بها فكانت تشربها، والمسور يعلمه فلا ينكره. وعن الواقدي أن سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعطاء بن أبي رباح ومالك بن أنس قالوا: لا بأس بالتداوي بشربها. وعن القاسم بن محمد أنه سئل عن التداوي بمرارة الذئب وغيره من السباع وقال: لا بأس به لمن اضطر إليه. قال الواقدي: وقاله الزهري، وسعيد بن جبير، والحسن بن سيرين، وقاله مالك بن أنس وذلك إذا ذكي ما يذكى به الصيد لمرارته، ولما يتداوى به منه فلا يؤخذ ذلك من ميت.
.ما جاء في التعالج بالترياق:
.ما جاء في فضل دهن البنفسج على غيره:
.ما جاء في علاج البلغم وعلاج النسيان وما يورث الحفظ:
.ما جاء في علاج الصدر والحلق والفم:
.ما جاء في ما يستشفى به للنفساء عند نفاسها:
قال عبد الملك: وذلك إن الله أطعم مريم عند ولادتها، وبلغني أن نخلة مريم كانت بدنية. قال ابن عباس: إذا عسر على المرأة ولادتها فتأخذ إناء نظيفا وتكتب فيها: {بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] إلى: ! {ما فيها وتخلت} [الانشقاق: 4]، {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} [الأحقاف: 35]، {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46] {لقد كان في قصصهم عبرة} [يوسف: 111] إلى آخر السورة، ثم تغسل الإناء فتستقي المرأة منه، ثم تنضح منه بطنها وفرجها.
.ما جاء في ما يستشفى به من التمر:
وعنه صلى الله عليه وسلم: «أحرى ما يؤكل من التمر ما كان وثرا ومن اصطبح بسبع تمرات عجوة مما بين لابتيها لم يضره يومه ذلك سم ولا سحر». وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العجوة من الجنة وهي شفاء من السم». وكانت عائشة تنعت لصاحب الدوار (يعني الدوران) أن يأكل سبع تمرات عجوة كل غدوة على الريق سبعة أيام. وعن الحسن أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «خير تمراتكم البرني يخرج الداء ولا داء فيه». قال عبد الملك: يعني أنه خير التمرات بعد العجوة.
.ما جاء في ما يستشفى به من العسل:
وبعث لبيد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ابعث إلي بشفاء، وكانت به الدبيلة، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكة عسل، فكان يلعقها حتى برئ. وعن نافع قال: كان ابن عمر لا يصيبه شيء إلا داواه بالعسل حتى إنه كان ليجعله على القرحة والدماميل، ويقول: قال الله: {فيه شفاء للناس} [النحل: 69]. وعن أبي سعيد الخدري أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ابني يشتكي بطنه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اسقه عسلا». فذهب ثم رجع فقال: يا رسول الله ابني يشتكي بطنه. فقال: « اسقه عسلا». قال: قد فعلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اسقه عسلا. صدق الله وكذب بطن ابنك» فسقاه عسلا فشفاه الله. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا اشتكى أحدكم فليسأل امرأته درهمين، أو ثلاثا ليبتع بها عسلا ويمزجه بماء السماء، ثم يشربه فيجمع هنئا مرئا وشفاء وماء مباركا.
وعن ابن مسعود أنه كان يقول: عليكم بالشفاءين القرآن والعسل، فالقرآن شفاء لما في الصدور والعسل شفاء من كل داء. وروي أن رجلا أتى ابن أبي كعب فقال له: إني رجل وجيع، فما أشرب؟ قال: الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي. قال: لا يوافقني. قال: فاشرب العسل الذي جعل الله فيه شفاء من كل داء. قال: لا يوافقني. قال: فاشرب اللبن الذي غديت به كل دابة. قال: لا يوافقني. قال: فاشرب السويق. قال: ينفخني. قال: أفالخمر تريد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تداوى الناس بمثل الحجامة وشربة العسل». وقال أيضا: «التمسوا الشفاء في اثنتين: في شربة عسل، أو شرطة محجمة»
ما جاء في التعالج بالمشي من السنا والشبرم وأشباهها من العقاقير:
وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بأربع فإن فيهن شفاء من كل داء إلا من السام وهو الموت: السنا، والسنوت، والثفاء، والحبة السوداء».
قال عبد الملك: والسنا القثاء لغة ثم السنوت الشبت والثفاء الحرف والحبة السوداء (الشونيز).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماذا في الأمرين من الشفاء الصبر والثفاء» يعني الحرف. وعن أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها شبرم فقال لها: «ما هذا؟» فقالت: شبرم يا رسول الله أردت أن أستمشي به؟ فقال لها: «إنه حار جار»
يعني أنه يجر الداء. قالت: ودخل علي مرة أخرى وعندي سنا فقلت: يا رسول
الله أردت أن أستمشي بهذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان شيء يشفي من الموت لشفا منه السنا».
فكانت أسماء تنهي بعده عن الشبرم لحرارته عن الأدوية التي فيها السموم.
وكانت إذا شربت السنا تطبخه بالزيت. ووصف الحارث بن كلدة لعمر بن الخطاب
شرب السنا يطبخ بالزيت وأنه ينفع من الخام ووجع الظهر، فأرسل عمر إلى أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم بنعت ذلك يكن يتعالجن به وكانت عائشة لا تعيبه.
وعن حبيب كاتب مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالسنا وإياكم والشبرم فإنه حار جار» يعني أنه يجر بالداء. وعن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عليكم بالأشبيوش فإنه مرهم البطن». قال: والأشبيوش بزر قطونا. وكان المقداد بن عمر يشرب دهن الخروع عاما ويتركه عاما.
.ما جاء في ما يكره التعالج به من الدواء الخبيث المخوف أو المحرم:
.ما جاء في ما يكره من التعالج بالماء المر والحميم وماء الشمس:
.ما جاء في التعالج بألبان الأتن ومرارة السبع:
وكانت رملة بنت المسور بن مخرمة قد اشتكت رجلها فنعت لها ألبان الأتن تتداوى بها فكانت تشربها، والمسور يعلمه فلا ينكره. وعن الواقدي أن سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعطاء بن أبي رباح ومالك بن أنس قالوا: لا بأس بالتداوي بشربها. وعن القاسم بن محمد أنه سئل عن التداوي بمرارة الذئب وغيره من السباع وقال: لا بأس به لمن اضطر إليه. قال الواقدي: وقاله الزهري، وسعيد بن جبير، والحسن بن سيرين، وقاله مالك بن أنس وذلك إذا ذكي ما يذكى به الصيد لمرارته، ولما يتداوى به منه فلا يؤخذ ذلك من ميت.
.ما جاء في التعالج بالترياق:
.ما جاء في فضل دهن البنفسج على غيره:
.ما جاء في علاج البلغم وعلاج النسيان وما يورث الحفظ:
.ما جاء في علاج الصدر والحلق والفم:
.ما جاء في ما يستشفى به للنفساء عند نفاسها:
قال عبد الملك: وذلك إن الله أطعم مريم عند ولادتها، وبلغني أن نخلة مريم كانت بدنية. قال ابن عباس: إذا عسر على المرأة ولادتها فتأخذ إناء نظيفا وتكتب فيها: {بسم الله الرحمن الرحيم إذا السماء انشقت} [الانشقاق: 1] إلى: ! {ما فيها وتخلت} [الانشقاق: 4]، {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار} [الأحقاف: 35]، {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46] {لقد كان في قصصهم عبرة} [يوسف: 111] إلى آخر السورة، ثم تغسل الإناء فتستقي المرأة منه، ثم تنضح منه بطنها وفرجها.
.ما جاء في ما يستشفى به من التمر:
وعنه صلى الله عليه وسلم: «أحرى ما يؤكل من التمر ما كان وثرا ومن اصطبح بسبع تمرات عجوة مما بين لابتيها لم يضره يومه ذلك سم ولا سحر». وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العجوة من الجنة وهي شفاء من السم». وكانت عائشة تنعت لصاحب الدوار (يعني الدوران) أن يأكل سبع تمرات عجوة كل غدوة على الريق سبعة أيام. وعن الحسن أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: «خير تمراتكم البرني يخرج الداء ولا داء فيه». قال عبد الملك: يعني أنه خير التمرات بعد العجوة.
.ما جاء في ما يستشفى به من العسل:
وبعث لبيد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ابعث إلي بشفاء، وكانت به الدبيلة، فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعكة عسل، فكان يلعقها حتى برئ. وعن نافع قال: كان ابن عمر لا يصيبه شيء إلا داواه بالعسل حتى إنه كان ليجعله على القرحة والدماميل، ويقول: قال الله: {فيه شفاء للناس} [النحل: 69]. وعن أبي سعيد الخدري أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ابني يشتكي بطنه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اسقه عسلا». فذهب ثم رجع فقال: يا رسول الله ابني يشتكي بطنه. فقال: « اسقه عسلا». قال: قد فعلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « اسقه عسلا. صدق الله وكذب بطن ابنك» فسقاه عسلا فشفاه الله. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إذا اشتكى أحدكم فليسأل امرأته درهمين، أو ثلاثا ليبتع بها عسلا ويمزجه بماء السماء، ثم يشربه فيجمع هنئا مرئا وشفاء وماء مباركا.
وعن ابن مسعود أنه كان يقول: عليكم بالشفاءين القرآن والعسل، فالقرآن شفاء لما في الصدور والعسل شفاء من كل داء. وروي أن رجلا أتى ابن أبي كعب فقال له: إني رجل وجيع، فما أشرب؟ قال: الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي. قال: لا يوافقني. قال: فاشرب العسل الذي جعل الله فيه شفاء من كل داء. قال: لا يوافقني. قال: فاشرب اللبن الذي غديت به كل دابة. قال: لا يوافقني. قال: فاشرب السويق. قال: ينفخني. قال: أفالخمر تريد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما تداوى الناس بمثل الحجامة وشربة العسل». وقال أيضا: «التمسوا الشفاء في اثنتين: في شربة عسل، أو شرطة محجمة»
.ما جاء في ما يستشفى به من السمن:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما دخل جوفا مثل السمن».
قال ابن أخي يزيد بن الأصم وهو قريب لميمونة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم: نزل بنا عراف اليمامة فأحسنا قراه وكنا نحلب له كل يوم نعجة مثل
البيضة من السمن، فلما حاز انصرافه قلنا له: نحب أن تخصنا بخاصة. فقال: ما
عولج متبرد في جوف بمثل السمن العربي.
.ما جاء في ما يستشفى به من اللبن:
.ما جاء في ما يستشفى به من الزيت:
.ما جاء في ما يستشفى به من الملح:
.ما جاء في ما يستشفى به من اللبان:
.ما جاء في ما يستشفى به من الحرمل:
ومن كان به صداع فليطبخ الحرمل- أعني أصوله وأغصانه وورقه- بالماء طبخا جيدا ثم يحمله على رأسه حتى يصبح. ومن كان به ريح، أو نفخ، أو يكون ذلك بالصبيان الصغار فليبخر به البيت والدار التي هو فيها ويلقي من أصله ماء القدر التي يغسل منها الصبي. ومن كان به زكام فليبخر به حلقه ومنخره. ومن كانت به حمرة فليسحقه ويعجنه بخل، ثم يطلي به موضع الحمرة. ومن كانت به نسمة فليسحقه، ثم ليذره على الحشيش الذي يتحشى ويطبخه بلحم ضأن، ثم يحسوا مرقه ولا يحسوا منه امرأة حبلى وإن أرادت المرأة السمن فلتطبخه مع قمح طبخا جيدا حتى يتهرأ، ثم تطعمه دجاجة حتى تسمن، ثم تذبح، وتأكلها المرأة وحدها لا يأكل معها غيرها. توالي عليها فإنها تسمن بإذن الله. ويسعط به المجنون يأخذ منه حبات فيشمها ويجعل معها شيئا من فجل، وثوم. ثم يجعل في خرقة فإن لم يكن له ماء رششته، ثم عصرت منه في منخريه قطرات. توالي بذلك كلما أصابه وتبخره به يذهب بإذن الله. وإذا مغلت الدابة فاسحقه، ثم اخلطه بالماء، ثم تحقنها به فإنه يذهب المغل وإن واليت به على الدابة تحقنها به كما وصفنا لك سمنت إن شاء الله. قال عبد الملك: وأفضل ما يستشفى به من الحرمل ما جمع بالمكان الذي لا يسمع فيه صراخ ديك، ولا نبح كلب.
.ما جاء في ما يستشفى به من الحبة السوداء:
.ما جاء في ما يستشفى به من الكست:
.ما جاء في ما يستشفى به من الحناء:
.ما جاء في ما يستشفى به من الحرف والشبت والحلبة والرجلة والكرفس:
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ على الكرفس فنالته بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعنه صلى الله عليه وسلم: «الرجلة شفاء من تسعين داء أدناها الصداع». وأن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا برجليه فأمره أن يعالج بها رجليه ففعل فبرأ وصح. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم بارك فيها انبتي حيث شئت».
.ما جاء في ما يستشفى به من التلبين:
قال عبد الملك: يعني بالبغيض النافع: التلبين وهو أرق من الحريرة يعجن الدقيق، ثم يحلل بالماء، ثم يطبخ فإذا طبخ صفه فذلك التلبين. وقوله: لا ينزل برمته حتى يأتي على أحد طرفيه. يقول: لا ينزل برمته المريض من أهله الذي يعالج له فيها التلبين. يعني أنه لا ينزل يعالج به ويتعاهد يحسوه حتى يأتي أحد طرفيه يقول برأ أو يموت. وكانت عائشة رضي الله عنها إذا هلك هالك من أهلها فنبرق النساء أمرت بتلبية فصنعت لها كسرة خبز، ثم كسرت خبزا فصبت عليه التلبينة، ثم أكلت وحسنت وتقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنها ترثوا فؤاد الحزين وتسروا فؤاد السقيم». قال عبد الملك: يعني بقوله: «ترثوا فؤاد الحزين» تشد فؤاده. «وتسروا عن فؤاد السقيم» تجلوا عن فؤاد الضعيف وما يتقشر من فؤاد السقيم من الظلمة والفترة وما أشبه ذلك.
.ما جاء في ما يستشفى به من الثوم:
.ما جاء في ما يستشفى به من الأرض التي تستوباء:
. جامع ما يستشفى به للمريض وما يرجى له وما يخشى عليه:
وعن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطيب نشرة، والركوب نشرة، والنظر إلى الخضرة نشرة».
قال عبد الملك: والنشرة كلما خفف عن المريض وأدخل عليه الراحة. وقال
الحكماء: علاج الجسد في ثلاثة أشياء من غير علاج: رائحة طيبة، وحديث حسن،
وخبر صالح. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بدأ كل داء من ثلاثة من برد أو تعب أو شبع». وعنه صلى الله عليه وسلم: «من أدفأ طرفيه لم يضره البرد شيء من جسده». وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تيأسوا من مريضكم ما دام يطرف». ودخل صلى الله عليه وسلم على مريض وأهله يعرضون عليه الطعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكرهوا مرضاكم على الطعام فإن الله يطعمهم ويسقيهم». وقال صلى الله عليه وسلم: «تعشوا ولو على تمرة فإن ترك العشاء مهوسة». وأهديت له صلى الله عليه وسلم سفرجلة أوتي بها من الطائف فقال: «نعم الطعام السفرجل يطيب الفم ويذهب ضخاء القلب» يعني الضخاء: وهو ما يغشي القلب. وعن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من رمانة إلا وفيها قطرة من ماء الجنة». وعن علي بن أبي طالب أنه قال: كلوا الرمان بشحمه فإنه يدبغ المعدة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « شكا نبي من الأنبياء إلى الله الضعف فأوحى الله إليه أن اطبخ اللحم باللبن، وليكن طعامك فإني جعلت فيه القوة والبركة».
وروي أن نبيا من الأنبياء شكا إلى الله قلة نسل قومه فأوحى الله إليه أن
مرهم يأكلوا البيض بالحيتان. وشكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلة الجماع فقال له: «عليك باللحم فاطبخه باللبن، ثم كله فإنه يرجع إليك ما كنت تعرب من جماعك».
وكان علي رضي الله عنه يقول: كلوا اللحم فإنه ينبت اللحم. وكان عمر بن
الخطاب يقول: كلوا اللحم فإنها شجرة العرب التي تنبت منها لكثرة أكلها
باللحم. وعن ابن عباس قال: قالت امرأة لإسماعيل بن إبراهيم: انزل نطعمك
ونسقيك. فقال لها: ما طعامكم؟ قالت: اللحم. قال: وما شرابكم؟ قالت: الماء.
قال: بارك الله لكم في اللحم والماء. قال سعيد بن جبير: فلو أن إنسانا أخلى
عليهما بغير مكثر وجعلة، ولو أخلى بمكة لم يوجعه بطنه. وعن مولى لابن أبي
ربيعة وكان يقرأ التوراة قال: اللحم في التوراة ساموع باصور. وعنه صلى الله
عليه وسلم: «اللحم السمين يخرج الداء». وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: «من ترك اللحم أربعين يوما ساءت خلقه».
وروي أن لقمان الحكيم قال: طول الجلوس على الحاجة يوجع الكبد ويهيج
البواسير ويثير الحر في الرأس ويستحيل منه الضوم. وعن علي رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحب البقاء ولا بقاء فليباكر بالغداء وليقلل مجامعة النساء ويتخفف الرداء».
قال عبد الملك: قد قيل في الرداء إنه الدين، وقد قيل: إنه الرداء بعينه. وعن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تديموا الجلوس في الشمس فإنها تكسل الجسد وتثقل الريح وتخلق الثوب وتغير اللون وتثير الداء الدفين». وعنه صلى الله عليه وسلم: «الشمس مكسلة للجسد مثقلة للريح مبلاة للثوب مثيرة للداء الدفين». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «لا تستقبل الشمس واستدبرها فإن في استقبالها داء وفي استدبارها شفاء». وعن أبي شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا في الشمس فقال له: «تحول إلى الظل فإنه مبارك». وحدث به نافع المقري فقال: أما سمعت دعوة الرجل الصالح حتى تولى إلى الظل؟ فاستجب له وفرج عنه.
.مزاج الأطعمة والأشربة واللحمان والإدام والثمار والبقول والرياحين ومعرفة ما فيها من العلاج والأشفية:
فإذا بغى عليه الدم وهو حار رطب حلو لزم من الطعام والشراب كل بارد يابس حامض. وإذا بغى عليه البلغم وهو بارد رطب مالح لزم من الطعام والشراب كل حار يابس. وإذا بغت عليه المرة الحمراء وهي حارة يابسة مرة لزم من الطعام والشراب كل رطب بارد مالح. وإذا بغت عليه المرة السوداء وهي باردة يابسة حامضة لزم من الطعام والشراب كل رطب حار فإنه إذا فعل اعتدل مزاجه، ومن اعتدل مزاجه لزمته الصحة وجانبه السقم بإذن الله. قال عبد الملك : والطعام والشراب كله على أربعة أوجه: حلو، ومر، وحامض، ومالح. وفيه أربعة أمزجة: حرارة، وبرودة، ويبوسة، ورطوبة. فالحلو كله حار رطب، والمر كله حار يابس، والحامض كله بارد يابس، والمالح كله بارد رطب، وما فسر لك ذلك نوعا نوعا ووجها وجها من الأطعمة، والأشربة، واللحمان، والثمار، والرياحين، والبقول. وما في كل نوع منه من العلاجات والأشفية على ما بلغني علمه وبلغ كشفي ممن كلمته فيه واستوضحته إياه من أهل العلم به، فإن أصل علم الطب من علم النبوءة بتقدير العزيز العليم.
.مزاج القمح والشعير وما فيهما من العلاجات:
وسويق القمح: حار لدن وفيه بعض النفخة، ونخالة الدقيق (الطحين) إذا انقعت في الماء ثم مرست وصفيت وجعل من مائها حسوى خلط بشيء من السكر وزيت اللوز أنضج ما في الصدور ونفع بإذن الله. وإذا مضغ القمح فوضع على الورم في بدء ما يظهر، وفي موضع عضة الكلب وما يكون من ورم قبل العضة فإنه لاختلاطه بقرة الريق نافع بإذن الله، والقمح إذا أكل وهو غير مطبوخ ولا مقلي ولد الدود، وحب القرع في البطن، والقمح إذا سخن حتى يخرج منه عرق شبيه بالدهن وطلي به على القوباء والحزازة نفعها بإذن الله. وخمير عجين القمح: فيه بعض الحرارة وهو يحلل الورم وينضح الحرارة والدمل إذا وضع على ذلك مع الدهن. والعجين: إذا اختمر ولم يجاوز حد الاختمار، ثم أغلي مع الخل نفع بإذن الله من الحيات والعقارب، وذلك أنه يطبخ حتى يغلظ، ثم يطلى به على موضع السم واللدغ. وخمير عجين القمح الدقيق: المعدل في الاختمار إن أخذ فيبث في الماء، ثم صفي وجعل منه وزن دانق من طباشير ووزن دانق من سكر طبرزد، ووزن قيراطين من زعفران، ثم سقي منه الصبي الذي به الحمى والعطش والبطن، نفع بإذن الله، وسكن المرة، وأطفأ العطش، وجسر البطن لما كان من الحموضة مع ما فيها من الحرارة. وتفسير الطباشير: أنه يجعل مثل من زعفران، ومثل من قاقلة، ومثلا من ورد يسحق، ثم يجمع. فيجعل منه أقراص، ويجعل معه سكر فذلك الطباشير.
قال عبد الملك: والشعير: وخبزه بارد في الجزء الأول من البرودة، وفيه بعض اليبس، ويبسه من قبل قشره، وإذا نقي وقشر وطبخ بالماء صار باردا رطبا. وخبر الشعير أضعف غذاء من خبز القمح وفيه بعض النفخة. وماء الكشك: يلين الصدر، وينزل البول، ويعطلى به وهو فاتر الكلف الذي في الوجه يذهبه بإذن الله. وسويق الشعير: إذا طبخ فيشرب مائه يحبس البطن، وهو لين وليس كلين الكشك. وتفسير الكشك: أن يقشر الشعير، ثم يدشش فيطبخ فتلينه هو الكشك.
.مزاج القطاني وما فيها من العلاجات:
والترمس: حار في الجزء الثاني من الحرارة، وهي إلى الدواء أقرب منه إلى الطعام إذا تدوي به كان أقوى منه إذا أكل، وذلك أنه ينقي المرة، ويهضم الفضول، ويقتل حب القرع والدود الذي في البطن إذا طبخ وشرب بالعسل والماء الحار، وإذا طبخ ثم ذر في الموضع الذي يريد الإنسان ألا ينبت فيه الشعر لم ينبت في الشعر إذا تعاهد ذلك في كل حين. الجلبان: حار لين نافع صالح للرياح، والبلغم، والسعال، يطفي المرة، ويسكن الدم. ونقلته من غير تأليف ابن حبيب.
مزاج اللحمان من الأنعام والطير والحيتان والبيض:
قال
عبد الملك بن حبيب: اللحمان وأنواعها في الجملة حارة رطبة ولكل منها خاصة،
فلحم البقر والإبل والتيوس الجبلية غليظ بارد يابس يولد بغلظه الدم الغليظ
ويولد المرة السوداء. ولحم خصيان المعز وإناثها: معتدل في الحر، والبرد،
والغلظ، والرطوبة غير أنه إلى الرطوبة ما هو. وهو من طعام الأصحاء،
الأقوياء، وليس بطعام المرضى ولا الضعفاء، ولحم الضأن أحر وأغلظ من لحم
المعز. واللحم المالح يعني القديد حار يابس. لحم الجديان، والحملان،
والعجول: وما صغر منها وهو أسرع انهضاما وليس من طعام الأشداء الأقوياء
وذلك أنها تولد الدم الدقيق الرطب ولا خير في ما صغر منها جدا لكثرة رطوبته
وكذلك ما كبر منها جدا لا خير فيه. وأصح اللحم من ذوات الأربع، والطير ما
كان فتيا ليس بصغير جدا ولا كبير جدا. ولحم الطير: أحر وأيبس من لحوم ذوات
الأربع، فلحم الدجاج والديوك حار معتدل، ولحم الفراريخ الذكور أحر وألطف
ومرقتها تلين البطن. ولحم الإوز والبط: أحر وأغلظ من جميع الطير الأهلي،
ولحم الحمام حار رطب ينفع الكليتين ويزيد في المني والدم. وأخف ما في الطير
الجناح والصدر، وبطون جميع الطير حارة حديدة. ولحم صغير وحش الطير: أقل
حرا وأعدل من الإنسي منها، وقد يطعم المريض من جميع أنواع الطير، ولا يطعم
شيئا مما في بطونها وذلك لأن بطونها حارة حديدة. وأخف لحم الطير الدجاج
وبعده الحجل واليمام. ولحوم البراطيل: تزيد في المني. ولحوم طير الماء:
رطبة غليظة لأنها تغذى بالحشيش والسمك وهو أرطب وأغلظ من الأهلية والحبسية.
قال عبد الملك: وجميع ما ذكرت من أنواع لحم الطير والأنعام قد يختلف عند
الصنعة التي يصنع بها كاختلاف لحومه وذلك لأنه إن صنع بالخل احتمل قوة الخل
وتغير إليه، وإن عمل بالحبوب تغير إليها واحتمل قوتها وإن شوي كان على
قوته. قال عبد الملك: وبيض الدجاج: معتدل وبياضه غليظ بارد بطئ الانهضام،
وقشر البيض حسن جاف لطيف ينفع من البياض في العين إذا سحق واكتحل به وحده،
أو مع الأدوية وقد ينفع بياض البيض وصفرته وقشوره من أوجاع العين. ويوضع
عليها مثل المرهم، ينفع بياضه الصافي من الحر والورم في العين، وقشره ينفع
من البياض، وقد تستعمل صفرته في المرهمات التي توضع على الأورام الحارة،
ويطعمها من كان في أمعائه قرحة، ويحتقن بها من كان في بطنه أو أمعائه بتر
وقروح. قال عبد الملك: والسمك الطري: كله في الجملة بارد رطب، والنهري أرطب
من البحري. المالح من السمك حار حديد. وجميع أنواع السمك الطري إذا شوي
وأكل حار فإنه يزيد في المني وبخاصة شحمه. وسمك البحر: لا يقدر على تمييزه
وتصنيفه إلا أن في البحر دواب تسمى سمكا وليست. وذلك أن السمك إنما هو ما
كان له بيض، وخلق من البيض. وما كان منه إنما يلد ولا بيض فليس بسمك، وقد
يشبه بعضه لحم السمك، ويشبه لحم بعضه لحم الأنعام، وقد يعرف السمك من غير
السمك بغير البيض، يعرف أيضا بالسنبق فما كان له سنبق فهو سمك، وما لم يكن
له سنبق فليس بسمك، وإنما هو من دواب البحر.
.مزاج الألبان وما فيها من العلاجات:
واللين كله قد يسرع التغيير في الجوف والانقلاب إلى الغالب من الأخلاط: إن صارت المرة غالبة في الجوف انقلب إليها، وإن صار البلغم غالب انقلب إليه خاصة اللبن الحليب. فلذلك ينبغي لمن أراد شربه أن يبدأ بنفض ما في بطنه من الأوساخ، ثم يشرب اللبن فإنه من شربه بعد نفض بطنه انتفع به وزاد عضوة للجسد، ومن شربه قبل إنفاض بطنه ضره، وانقلب إلى الغالب من أخلاطه. ولبن الربيع أرق الألبان من الذي يكون بعد ما يبس المرعى. والجبن الرطب: كله في الجملة ما كان منه من المعز، أو الضأن، أو البقر غليظ بطئ الانهضام، وإذا كان بالعسل فهو سريع الانهضام ولا يضر عند ذلك. والجبن العتيق: حار يابس وكل ما عتق ازدادت حرارته وولد الدم الغليظ الذي يولد المرة السوداء لأنه يولد الفضل الغليظ، ويولد الحصاة في المثانة لأن الحصاة إنما تكون من الفضل الغليظ. وقد ينفع لباب الجبن إذا شوي فأكل بالخل من استطلاق البطن إذا لم تكن المعدة ضعيفة.
.مزاج السمن والزيت ومنافعهما:
.مزاج الأدهان:
ودهن المرزنجوش: حار لطيف، ينفع إذا استسعط من الشدة التي تكون في الدماغ ومن الشقيقة ومن الرياح التي تكون في الرأس إذا دهن به.
.مزاج الثمار الخضرة واليابسة:
والرمان: لطيف رطب بارد من أجل رطوبته قابض من أجل عجمه وحموضته وهو مختلف في أنواعه. فالحلو منه أقل بردا، وأقل قبضا، والحامض منه أشد بردا وأشد قبضا وأعدله إذا نقي عجمه وهو جيد للصدر والسعال، وقد يغذي الجسد هو وقشوره وجلناره قابضان جميعا إذا طبخا بالماء وقعد فيه ونافع من استرخاء المعدة ومن البلة التي تكون في الأنثيين، وإذا دق وذر على القرحة ذات البلة المحتاجة إلى تجفيف جففها بإذن الله. وإن حرق قشوره كان رماده أشد تجفيفا للقرح منه قبل أن يحرق، وإذا أخذ قشور قصبانه أو عروقه ثم دق وطبخ وشرب منه قتل الدود وحب القرع الذي يكون في الأمعاء. وإذا أكلت الرمانة بشحمها دبغت المعدة المسترخية ودبغت المعي الدقيق ونفع ذلك من المعي. والكمثري: بارد يابس يشد المعدة وفي الحلو منه حرارة قليلة وهو يدبغ المعدة ويحبس البطن ويقطع القيء. وطلع التمر: بارد يابس قليل القبض. والبلح الأخضر قابض يحبس البطن، والبسر الأحمر والأصفر معتدل وفيه شيء من حرارة لمكان الحلاوة، والرطب حار لين يطلق البطن. والتمر أيضا أحر من الرطوبة. وأقل رطوبة وهو يلين البطن أيضا. والبطيخ: بارد رطب سريع الانهضام لين ينقي البطن، وقد ينزل البول والحيضة وحبه جيد للصدر والسعال والكليتين والقرح في المثانة. والخيار: أبرد وأرطب من البطيخ وفيه شيء من قبض. وقد ينفعان جميعا من الحمى الحارة. والقثاء: مثلهما في مزاجه إلا أنه أغلظ منهما. والموز: معتدل في الحرارة والبرودة رطب سريع الذوب في المعدة وهو غذاء ودواء جيد للصدر، والكليتين، والمثانة، وينزل البول. والعنب: معتدل في الحرارة والبرودة والرطوبة واليبس، جيد للصدر والسعال ويكسر الدم وهو يحبس البطن. والجوز: حار لمكان دسمه وفيه لطافة وهو يغذي الجسد، والعتيق منه أشد حرا من الجديد، وقد يذيب القروح الغليظة ويحلها إذا دق ووضع عليها قبل أن يفتن،
وفيه شيء من قبض، والرطب منه أشد قبضا وأبرد وقشره الأخضر يصبغ، وقشره اليابس إذا حرق جفف القروح إذا ذر عليها والجوز إذا حرق بقشره أصبغ الشعر. واللوز: معتدل وفيه شيء من برودة وهو أغذا من الجوز وأبطأ انهضاما وهو جيد للدغ العقارب إذا أكل مع التين، أو مع التمر، أو مع العسل. وكذلك الجوز أيضا ينفع مما ذكرنا إذا أكل بالتين، أو بالتمر، أو بالعسل، واللوز الحلو يصلح للصدر والرئة ويشد الأسنان، واللوز المر أشد حرا وألطف من الحلو ويخرج الفضول الردية من البدن، وقد جاوز إلى أن صار دواء مرتفعا لما فيه من اللطافة والحرارة والقوة فهو يفتح السدد التي في الكبد ويذيب الحصاة وينزل البول وينفع من القولنج ويقطع داء الثعلب والسعفة والقراع إذا سحق وخلط بالخل ووضع على ذلك كله. والجوز أحسن اعتدالا من اللوز إلا أنه بطئ الانهضام وهو لين جيد للصدر والسعال ويزيد في المني ويصلح المثانة، ويذهب القرح التي تعرض فيها. والفستق: حار لطيف لين، يفتح سدد الكبد وهو جيد للمثانة، والصدر، والسعال وهو جيد للدغ الحيات والعقارب إذا وضع عليه وإذا أكل. والبلوط: بارد يابس يحبس البطن ويحبس البول والحيضة.
والقسطل: بارد يابس أيضا، يحبس البطن وهو ألطف شيئا من البلوط وخيرهما إذا شوي. والزيتون: الغض بارد قابض يابس، والنضيج منه معتدل وفيه لين، وورق الزيتون إذا مضغ. يجلب وينفع من السلاق وينفع من أكل الأسنان إذا طبخ بالرب وأمسك في الفم. والسماق: بارد يابس، يحبس البطن وإذا طبخ فصب على الوثء لم يورم
مزاج الأشربة الحلال:
قال
عبد الملك بن حبيب: العسل: حار يابس لطيف جدا والطبيخ منه ألطف من غيره
وكله يذيب البلغم والخام، ويشد الفؤاد ويجلو البصر ويزيد في المني ويقطع
الأبردة ويذهب الداء كله، ويصلح شربه في الشتاء والربيع والخريف وهو في
الصيف حار جدا يقوى الصفراء، ولكن شربه بالماء في الصيف صالح لأنه يبرده
وتذهب حرارته لما كان الماء البارد. العسل نفسه حار يابس في الجزء الثاني
ويولد المرة الحمراء سريع التغيير إلى المرة، إذا وصل إلى المعدة نقاها من
فضول البلغم. والسكر وعسله معتدل لطيف لين البطن. ونبيذ التين حار يابس
أيضا وهو أقل يبسا من شراب العسل ومن شراب السكر لحرارته ويبسه. ونبيذ الرب
الذي طبخ وذهب ثلثاه بالطبخ حار لين جيد للصدر والسعال والكليتين ويزيد في
المني ويلين الطبخ. ونبيذ الزبيب الأحمر أشد يبسا وأقبض، وأما نبيذ الزبيب
الأسود فهو ألين وأحر. فأما الخمر من العنب ومن كل شراب فداء دوي، لم يجعل
الله فيه دواء ولا جعل في شيء مما حرم الله فيه شفاء، بل قد زعم أهل
التجربة لها أن فيه عشرين داء: تسدد، وتحفر، وتبخر، وتقطر، وتفقر، وتعمش،
وترعش، وتفلج، وتنشج، وتمحق، وتملق، وتدرد، وترعد، وتغير اللون، وتخلق
الصوت، وتخفق القلب، وتسخط الرب، وتوجب النار، وتلزم العار.
.مزاج البقول وما ضارعها من الخضر وتصرف منافعها:
والبصل: حار رطب في الجزء الرابع من الحرارة وفيه نفخة ويزيد في المني، وينفع صاحب السمائم لرطوبته، وينزل البول والحيض. وإذا دق وعجن بالخل ووضع على الكلف القوابي أذهبه بإذن الله، وإذا دق ووضع على داء الثعلب أذهبه، وإذا أحرق كان أنفع، وإذا اكتحل بمائه أذهب البلة من العين، وينفع ماؤه من الماء الذي يدخل في الأذن إذا قطر في الأذن، وينفع من عض الكلب، ولدغ الحيات، إذا وضع عليه. والثوم: اليابس حار يابس في الجزء الرابع من الحرارة واليبس، والأخضر أقل حرا وأقل يبسا وينزل البول والحيض رطبا كان أو يبسا، وإذا دق وعجن بالخل ووضع على الأعضاء التي فيها الرطوبة مجتمعة فإنه يحللها ويذهب ورمها، وينفع من داء الثعلب، وإذا دق ووضع على لسع الحيات والعقارب نفع، وإذا دق وشرب بالعسل نفع من الطحال، والثوم البري أقوى من البستاني، والثوم ترياق أهل البادية. والكراث: حار يابس في الجزء الثاني من الحرارة واليبس. وفيه بعض القبض وهو قليل الغذاء لحرارته وحدته، وإذا استسعط بمائه شيء من اللبان قطع الرعاف، ويسخن المني، وإذا دق ووضع على لدغ الأفعاء نفع، وإذا أخذ عصيره وخلط بالخل وشيء من لبان، ودهن ورد نفع من وجع الأذن إذا هاج من البرد، وإذا خلط عصيره بالبصاق واكتحل به نفع من الغشاء، وإذا دق وخلط بالملح ووضع على الجرح نفعها ونشفها، ومن أكله مع حب الآس نفع من نفت الدم، ومن طبخه بالماء مرة أو مرتين، ثم أخرجه من الماء وطبخه بالخل والزيت وشيء من الكمون نفع المعدة الباردة وسخن الكليتين وحرك المني وأنزل الحيضة. وحب الكراث أقوى من ورقه وإذا دخنت به المقعدة التي فيها الباسور أخففه بإذن الله.
وإن دخنت المرأة بأصله أنزل الحيضة، وإذا دق أصله وعجن بالعسل وشرب منه مثقال أذاب الفضول الغليظ اللزج، وسخن الأعضاء التي تؤلم من البرد. وإذا دق أصله وعجن بالخل وجعل على عرق النساء والخام الذي يجتمع في المفاصل نفع بإذن الله. وإذا دق ووضع على لدغ الهوام نفع بإذن الله، وإذا دق ورقه وعصر ثم احتقن به بشيء من زيت، وخلط بشيء من ماء النخالة استخرج البعر اليابس المحترق، وأنزل داء كثيرا. والفجل: حار يابس في الجزء الثالث، يسرع التغيير في المعدة ويهيج الجشا المنتنة، وحبه أحر من ورقه ومن أصله، وينفع من القوابي والسعفة إذا دق وخلط بالخل ووضع عليه، ويذهب الثواليل التي تكون في الوجه، وقد تقيا بالفجل إذا أكل بالعسل. والكمأة: باردة رطبة غليظة، تولد الفضول الغليظة الردية وقد تختلف بقدر الصنعة التي تصنع بها. والخطر: بارد لطيف، يولد الدم بالجد ويهيج النعاس إذا دق بزره وعجن بماء بارد وطلي على الجبهة هيج كالنفس. وإن جعل بزره مدقوقا معجونا بدهن الورد والماء البارد على الورم الحار الحديد نفعه بإذن الله. وإن شرب بالماء البارد وقطع شهوة الجماع، وإذا طبخ ورقه مما يطبخ السرمق وأطعمه من كان به الحر، أو العطش نفعه، وأطفأ عنه الحر والعطش بإذن الله. والهندباء: وهي السريس باردة لدنة، تنفع من السدد لما فيها من الحرارة، وإذا دق ورقها فوضع على الأورام الحارة حللها بإذن الله. والجرجير: حار لدن يهيج شهوة الجماع، وحبه يزيد المني وهو أحر من ورقه وهو يتقى لأنه يسقي عرق الجذام. والحرف: حار يابس وأخضره ويابسه يقطع البلغم، ويسخن المني، وينزل الحيضة، وإذا دق حبه وصنع مثل المرهم بالخل ثم وضع على عرق النساء سخنه وحلله. والخردل: مثل الحرف في مزاجه كله إلا أنه أشد حرا من الحرف. والسذاب: وهو أورم وهو الفيجن حار يابس حديد، يذهب الفضول الغليظة، وينزل البول، ويحرق المني، وحبه حار يابس أحر وأيبس وأقوى من ورقه الأخضر. وإذا دق حبه فشرب منه وزن درهم بالعسل فإنه يقطع الفواق الذي يكون من البرودة في رأس المعدة.
.مزاج الرياحين وما ضارعها وتصرف منافعها:
والبادروج: وهو الحبق العريض الورق الطيب حار لدن، وإذا دق ورقه وجعل مرهما ووضع على الورم حلله، وقد يؤكل ورقه، وإذا أكثر من أكله أورث في العين الظلمة. وإذا دق ورقه وطرح في جير صار علقا، وأكل ورقه ينفع من خفقان القلب الذي يكون من البرد، وينفع من الجني الذي يكون من المرة السوداء والبلغم. وقد يؤكل كما يؤكل البقل ويصنع منه مرقة، ثم يأكلها المريض، وقد سمي في بعض الكتب «مفرج قلب المحزون». والحبق: المعروف عندنا بالحبق ويسمى بالمشرق سيد الحبق بارد لدن، يقبض وينفع من كل حرارة ومن كل احتراق ويهيج النوم، وحبه يحبس البطن المستطلقة من الحر والحرقة إذا شرب منه مثقال بماء بارد. والنعنع: وهو يسمى بالمشرق الحبق البستاني حار يابس، وقد يؤكل رطب كما يؤكل البقل وهو يهيج الشهوة، وينفع من الريح الغليظة التي تكون في المعدة والأمعاء والكبد، وينفع من برد الكليتين، وينزل البول، ويقطع القيء ويسكنه لطيب ريحه. والضومران: وهو يسمى بالمشرق الحبق النهري قوي في الحرارة واليبس جدا ولذلك يحرق المني، وعصيره وحبه يقتلان الدود وحب القرع لما كان فيه من المرارة والحرارة، وينفع من الفواق إذا شرب من ورقه وزن درهم. والغبيرا: وهي تسمى بالمشرق الحبق البري حار يابس أشد حرا وأيبس من جميع أنواع الحبق، وقد ينفع من لدغ العقارب والهوام كلها إذا أكل منه أو وضع على اللدغة. والكرفس: حار يابس، ينفع ورقه إذا أكل من المعدة والكبد الباردة، وينزل البول والحيضة، ويذيب الحصاة، وينفع عصير ورقه من الحمى النافض يكون من البلغم، وحبه أقوى وأحر من ورقه.
.مزاج أبزار الطعام وما ضارعها وتصرف منافعها:
ما جاء في أمزجة الجسد:
قال عبد الملك بن حبيب:
سمعت بعض المدنيين من أهل العلم بطب العرب والمعرفة بالداء والدواء يقول:
الجسد أربعة أنواع: الرأس: الربع الأول وملاكه الدماغ وهو رباط الجسد، فإذا
كمل الدماغ كان الرجل زينا في مجلسه ذا تؤدة في أمره، والدماغ حار كالنار،
والنخاع بارد كالثلج. فلولا برد النخاع أحرق الدماغ الجسد ولولا حرارة
الدماغ أفسد النخاع الجسد ببرده. والصدر: الربع الثاني وملاكه القلب وهو
بين رئتي الجسد يبردهما. والبطن: الربع الثالث إلى المثانة وملاكه الكبد
وهو مدبرة وطابخة الطعام في المعدة، ثم تصفيه في الكبد فيأخذ صفوه فيصير
دما فتصبه الكبد في القلب والقلب في العروق، ويدفع ما لم يصف إلى الأمعاء
منه ثم إلى المخرج. والكبد حارة كالنار والمرارة اللاصقة بها باردة كالثلج،
فلولا برد المرارة أحرقت الكبد الجسد. ولولا حرارة الكبد أفسدت المرارة
الجسد ببردها، ولولا الكبد لم ينضج الطعام في البطن. والمثانة وما تحتها
إلى أسفل: الربع الرابع وملاك ذلك الربع الكليتان، هما مدبرتان وهما حارتان
كالنار، والمثانة باردة كالثلج. فلولا برد المثانة أحرقت الكليتان الجسد
ولولا حرارة الكليتين أفسدت المثانة ربعها ببردها. وكل ذلك بتقدير العزيز
العليم.
.مزاج الإنسان:
واعلم أن منزل الدم الكبد إلى العروق إلى القلب، والقلب حار ذو ابتلال، وكذلك العروق والكبد. ومنزلة المرة الحمراء المرارة، والمرارة حارة يابسة. ومنزلة المرة السوداء الطحال، بارد يابس، ومنزل البلغم الرئة ومعدنه الرأس منه مهبطه إلى الصدر إلى الرئة، والرئة باردة ذات ابتلال. ومنزل الخام المفاصل. ومنزل الريح الأمعاء. قال عبد الملك عن وهب بن منبه: لما خلق الله آدم ثم جعل في جسده تسعة أبواب: سبعة في رأسه واثنين في جسده، وجعل عقله في دماغه، وسره في كليتيه، وغضبه ورحمته في كبده، وندامته في قلبه، ورغبته ونفسه في رئته، وضحكه في طحاله، وفرحه وحزنه في وجهه، والمرحة في صدره، وشهوته في فرجه، وذريته في صلبه، وقوته في منيه. وجعل له عشرة أصابع في يديه قوة ليديه، وعشرة أصابع في رجليه قوة لرجليه، وجعل له بابين منهما يسمع قلبه، وبابين يبصر بهما قلبه وهما نور جسده، وجعل له بابا يعيش جسده منه، وجعل له فيه لسانا يبين كلامه وحنكا يجيد به طعم كل شيء، ومنخرين يجد بهما ريح كل شيء، وجعل له بابين منهما يخرج منه ثقل طعامه وشرابه. وجعل فيه ثلاث مائة وستين مفصلا وثلاث مائة وستين عظما، وثلاث مائة وستين عرقا ساكنا وثلاث مائة وستين عرقا نافضا، فلو سكن عرق النافضة ما نفعه عيش فلو نفض عرق من الساكنة ما نفعه عيش. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الحلق للصوت، واللسان للحروف، والقلب للعقل، والكبد للحزن، والكليتان للرأي والمكر، والرئة للنفس، والقلب والطحال للضحك. قال عبد الملك: أصل العقل القلب ومحله الدماغ. وقال عمر رضي الله عنه: جوارح الجسد أعوان القلب والقلب ملكها.
فالرجلان يدان، واليدان جناحان، والعينان مرتادتان، واللسان ترجمان، والأذنان تعيتان، والكليتان مدبرتان، والطحال للضحك والفرح، والكبد للحزن والغضب والرحمة، والرئة للنفس، والدماغ للعقل، والأنثيان للنسل، والصدر للهم، والأنف للشم، والشفتان للذوق، والقلب ملك ذلك كله، فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبث جنوده. فقال له عبد الله بن سلام وكعب الأحبار: والله يا أمير المؤمنين إنه لهكذا عندنا في ما قرأنا من الكتب. وعن ابن عباس أنه قال: إن الله سبحانه خلق آدم من طينة عذبة ومالحة، فلو كانت عذبة ليست بمالحة لم يحزن أبدا، ولم يغضب أبدا ولم يسأ أبدا ولم يجهل أبدا، ولو كانت مالحة ليست معها عذبة لم يفرح أبدا، ولم يضحك أبدا، ولم يرض أبدا، ولم يحسن أبدا، ولم يحلم أبدا. ولكنه خلقه من طين عذبة ومالحة فما كان من رضى، أو فرح، أو إحسان، أو حلم فمن العذبة، وما كان من حزن، أو بكاء، أو إساءة، أو جهل فهو من المالحة. وعن وهب بن منبه أنه قال: لما خلق الله آدم ركب جسده من أربعة أشياء من اليبوسة، والرطوبة، والحرارة، والبرودة، وذلك لأنه خلقه من تراب وماء، ثم جعل فيه نفسا وروحا. فيبوسته من قبل التراب، ورطوبته من قبل الماء، وحرارته من قبل النفس، وبرودته من قبل الروح. ثم خلق الله فيه من بعد هذا الخلق أربعة أمزجة، هي قوام جسده وملاكه لا يقوم جسده إلا بها، ولا يقوم مزاج أحد منها إلا بأقرانه. وهي: الدم، والبلغم، والمرة الحمراء، والمرة السوداء. ثم أسكن بعض هذا الخلق في بعض، فجعل مسكن اليبوسة في المرة السوداء، ومسكن الحرارة في المرة الحمراء، ومسكن الرطوبة في الدم، ومسكن البرودة في البلغم. فأيما جسدا اعتدلت فيه هذه الأمزجة الأربعة التي جعلها الله قوام جسده. فصار كل مزاج منها ربعا لا يزيد ولا ينقص. كملت صحته واعتدلت فطرته وكان سائر جسده وغرائزه مستوية. فإن زاد مزاج منها عن ربعه غلبته الأمزجة الثلاثة وقهرته ودخل عليه السقم بقدر نقصانه وعجزه عن مقارنتها. فينبغي للطبيب العالم بالداء والدواء أن يعلم من أين سقم الجسد بزيادة المزاج أو من نقصانه ويعلم الدواء الذي يعالج به، فينقص منه إن كان زايدا ويزيد فيه إن كان ناقصا حتى يقيمه على فطرته. قال: وجعل الله هذا الخلق الذي وصفنا عنه بناء أخلاق بني آدم في طبائعهم التي بها تعرف أفعالهم. فمن اليبوسة العزم، ومن الرطوبة اللين، ومن الحرارة الحدة، ومن البرودة الأناة. فإن ملك به اليبوسة كان عزمه قساوة، وإن مالت به الرطوبة كان لينه مهانة، وإن مالت به الحرارة كانت حدته سفها وطيشا، وإن مالت به البرودة كانت أناته بلادة ورثيا. فإن هذه الأشياء الأربعة من اليبوسة، والحرارة، والبرودة، والرطوبة زاد أو نقص، دخل عليه العيب من ناحيته. فإذا اعتدلت فيه استقامت فطرته وحسنت غريزته حين دهر بعضها بعضا ولم يعل شيئا منها أقرانه، ومعروفه، وتوسعه، وسهولته، وترسله، ولعبه، وضحكه، وجزعه، وبطالته. ومن الروح حلمه، ووقاره، وعفافه، وحياؤه وفهمه، وتقاه، وتكرمه، وصدقه، ورفقه، وصبره. وبالروح يسمع الإنسان، ويبصر، ويأكل، ويشرب، ويقوم، ويقعد، ويفرح، ويضحك، ويبكي، ويحزن. وبالروح يعرف الإنسان الحق من الباطل، والرشد من الغي، والصواب من الخطأ، وبه علم، ويعلم، ويتعلم، ويعفو، ويدبر، ويحذر، ويعزم، ويستحي، ويتكرم، فالحليم يتعاهد أخلاقه وينظر فيها. فإذا خاف أن يغلب عليه بعض أخلاق يبوسة التراب، ألزم كل خلق منها خلقا من أخلاق الماء يمزجه به. وإذا خاف أن يغلب عليه بعض أخلاق النفس، ألزم كل خلق منها خلقا من أخلاق الروح بعده. وقد يقال: ليس من أحد إلا وفيه من كل طبيعة سوء غريزة، وإنما التفاضل بين الناس في مغالبة الطبائع. فإما أن يسلم أحد من أن يكون فيه منها فلا، إلا أن الرجل القوي الحليم يغلبها بإذن الله. بالقمع لها كلما تطلعت أن يبيتها حتى كأنما ليست فيه، ولعلها فيه كامنة ولن ينال ذلك إلا بعون الله. ومن يخذله الله يهلك وأنفع ما يلزم الإنسان من التداوي بالأدوية إذا سلم من الأدواء لا يحمل عليه من المأكول والمشروب إلا خفاء. واعلم أن الدم حلو ذو ابتلال فإذا تثور فعالجه باليابس البارد الحامض. والمرة الحمراء حارة يابسة عللة، فإذا تثوت فعالجها بالبارد الندي الحلو. والمرة السوداء باردة يابسة حامضة، فإذا تثورت فعالجها بالسخن الندي الحلو. والبلغم بارد رطب مالح فإذا تثور فعالجه بالحار اليابس الحلو.
.الأزمنة وما يصلح فيها:
قال
عبد الملك: وسمعتهم يقولون: السنة أربعة أزمنة ولها أربعة أمزجة: صيف،
وخريف، وشتاء، وربيع. فالشتاء ثلاثة أشهر: دجنبر وينير وفبراير، وهو بارد
رطب ومزاجه البلغم والخام وهما باردان رطبان يؤمر فيها باجتناب أكل اللحم
البقري، والكراث والسلق. ويستحب فيه شرب الماء الفاتر على الريق، وأكل
الدجاج، والحمص، والودك الكثير، والكرنب، وأكل الزنجبيل، والفلفل، والصناب،
وأكل الثوم بالعسل، وكل حار وشربه. واجتناب البارد من الطعام ويستحب فيه
تعاهد الجماع والحمامات والاصطلاء وتعريق الجسد وغمره لأن العروق والعصب
تقسح فيه وتبرد. ويكره فيه كثرة الاغتسال والتصبح والنوم كله بالنهار،
وينهى فيه عن شرب الماء بالليل بعد النوم فإن منه يكون ضيق النفس. ويستحب
فيه استخراج الخام والبلغم ومضغ المخاضع ولزوم الغراغر بالصناب، والرب
ولزوم القيء بالبكر بأكل الفجل، والخردل، والجرجير، والثفاء، وكل شيء حار،
ثم يشرب عليه العسل فلبث قليلا ثم يتقيأ على إثره. والربيع ثلاثة أشهر وهي:
مارص، وإبريل وميه. وهو حار رطب يؤمر فيه باجتناب أكل الثوم، والكراث،
والبصل، والفجل، والسلق، والكرنب، وكل بقلة قديمة، أو عروق يكون تحت الأرض
من أجل الداء الذي يكون فليها وهو في عروقها إلى فروعها، ومن أكلها تثور
عليه الدم والبلغم وأخذه في حنجره مثل الذبحة. وينهى عن أكل الرءوس
والأكارع ورءوس الحيتان وأذنابها من أجل الندى يسقط على العشب فتأكل منها
البهائم فيحري في رءوسها وأرجلها. فمن أكل الرءوس والأكارع ومن الحيتان
الرءوس والأذناب في هذا الجزء علق ذلك في رأسه وأصابته منه غشاوة في بصره.
ويؤمر فيه بإقلال من الجماع وذلك أنه يهيج ويتقي فيه كثرة شرب الماء،
ويستحب فيه أكل الحلاوة وشربها على الريق وأكل بالعسل وبغير العسل، والنبق
وأكل السماق وشربه وكل شيء فيه حموضة، وكل يابس بارد لأن الدم حار رطب.
ويستحب فيه أكل القطف، والقرع، والرجلة، والملوخيا. ويؤمر فيه بالاستمشاء،
والاحتقان، والاحتجام، والاطلاء، وقطع العروق لمن اضطر إلى قطعها، ومن بقي
فإنه ربما بقي فيه على من فيه فضل دم وآبد على الطبيعة لأنه زمانه وسلطانه
وتثوره. ومن علاج تثوره أن يشرب من الإهليلج مثقالا ومن التربد مثقالين
فإنه يمشي بعد الحرارة التي يتثور منه الدم.
والصيف ثلاثة أشهر: ينيه
ويليه وغشت وهو حار يابس، مزاجه المرة الحمراء وهي حارة يابسة، يؤمر فيه
باجتناب أكل الرءوس والأكارع ورءوس الحيتان وأذنابها كما وصفنا في الجزء
الذي قبله وينهى فيه عن أكل الملوخيا، والفجل، والكرنب، والأطعمة السخنة،
وكل حار مثل الفلفل، والصناب، والزيت، والمالح كله فإن المالح والحار
يهيجان العطش فتثور منه المرة والمرض، ويؤمن فيه بالإقلال من الجماع من أجل
تثور الدم فيه من شدة الحر، وينهى عن دخول الحمام، وعن السفر لشدة الحر،
وعن الجلوس في الشمس، وقرب النار. ويستحب فيه من الأطعمة كل بارد رطب مثل
البطيخ، والخوخ، والقطف، والقثاء، والرجلة، وكل بارد. وشرب الماء البارد
على الريق ويكثر فيه من شرب الماء البارد على كل حال، وأن يتعاهد فيه الحقن
الملينة المسهلة والمشي الذي يسيل ويحرك الخام لأن فيه يؤجع الماء إلى
أصله ويلوى العود. ويؤمر فيه بشرب كل ما يفطر المرة من الروب رب العصير ورب
الأترج ورب السفرجل وأشبه ذلك، ويكثر فيه من أكل الحلاوة والحموضة وكل شيء
يلطف حارة المرة وأوجاعها. والخريف ثلاثة أشهر: شتنبر واكتبر ونوبنبر، وهو
بارد يابس، مزاجه المرة السوداء وهي باردة يابسة، ينهى فيها عن أكل
المملوح، وعن أكل الملوخيا، وعن أكل الكرنب حتى يصيبه الأمطار.
ويؤمر فيه بأكل الكراث نيا ومطبوخا، وبشرب اللبن وأكل التين، والتفاح، والحموضة كلها وينهى فيه عن دخول الحمام.
علاج المثانة وما حوت إلى القدمين:
قال
عبد الملك: سمعت أهل البصر بالطب والعلل يقولون: إذا استقبل الداء المثانة
واجتمع إليها فإن من ماهية ذلك انصراف النفس عن الطعام، ونوم ثقيل،
وقشعريرة، وأوجاع كأوجاع القرح فيما بين القرن إلى القدمين، وتقطير البول
غير سريع وبثر يخرج تحت الخصيتين، فإذا أحس الإنسان بشيء من ذلك فإن من
أنفع دواء به أن يأخذ شيئا من كرفس بأصوله وشيء من بسباس بأصوله فيغسلهما
من ترابهما، ثم يطبخهما بماء وعسل، ثم يشرب منهما كل غداة بعد أن يفتره
كأسا تامة على الريق، وليحتم من البطنة والوطئ حتى يتفرغ ذلك عنه. فمن
توانى عنه أو عجز عن علاجه فإن ذلك يسبب من الأوجاع: أن يستغشي البطن منه
غاشية من الكبد، وإسراف من البول، وأرق شديد، وفساد في اللون، وسقوط من ماء
البطن في الأنثيين، وقرحة تخرج في غشي المثانة. قال عبد الملك: ومن علاج
المثانة إذا أرقت واسترخت وأبردت فلم تحبس البول أن تأخذ الضومران المنقى.
فتر منه، ثم تصب الماء عليه فتطبخه، ثم تعصره فتسقيه ذلك الماء فاترا فهو
يرده بإذن الله.
ومن علاج المثانة إذا اعتلت وسلس بولها أن يطبخ الحمص
الأسود ويقشر فيؤكل ويحتسى مرقه فإنه يصلح المثانة، ويذيب الحصاة التي تصير
فليها، ويدر البول، ويقطع حصيره، ويزيد في مني الرجل وفي لبن المرأة،
وينزل الحيضة إذا ارتفعت، ويفتح السدد التي تكون في المعدة والكبد، ويخرج
الدود وحب القرع من البطن. وإذا طحن فصنع منه شديد المرهم يوضع على الورم
الذي يكون في أصل الأربيتين وفي الأنثيين. ألان ذلك وحلله، وإذا عجن بالعسل
ووضع على القرحة نفعها وأذهب رطوبتها. ومن علاج المثانة إذا اعتلت أن يطبخ
حليبا من لبن المعز، ثم يشربه سخنا بالغد وعلى الريق فإنه ينفع بإذن الله
من قروح المثانة، ومن قروح الكليتين والرئة، وقروح الأمعاء، ومن السعال
والسل، وطبخه على وجهين أحدهما في قدر ويحمى له الحصباء، أو الحديدة ثم
يجعل في اللبن فيغلي بها حتى يشق بعض لدونته. الثاني أن تأخذ مكيالا من
اللبن ومكيالا من الماء فتجمعهما في القدر، ثم توقد تحته بنار لينة حتى
يذهب الماء ويبقى اللبن، ثم يسقى منه المحتاج إليه بقدر حاجته. قال: ولبن
الضأن شبيه بلبن المعز في دوائه إلا أنه أغلظ وأسمن من لبن المعز. ومما
ينفع ما تحت السرة من المثانة والكليتين أكل الحبة الخضراء، وهي حب البطم،
وحب الضرو وإذا طاب واسود وهو جيد للمعدة وتذهب الحصاة وينفض البول ويدره
ويقطع حصره. ومما يصلح المثانة أكل التين الأخضر واليابس فإنه حار لدن وهو
يدر البول وينقي الفضول من المثانة ويلين الأورام الصلبة التي تكون في
الكبد والطحال ويفتح سددهما. ومما يصلح ما تحت السرة من المثانة والكليتين
شرب الرب الذي يصنع من عصير العنب حتى يذهب ثلثاه فإنه حار لين وهو جيد
للصدر والسعال، ويزيد في المني، وينزل البول، ويقطع حصره ويلين البطن. ومما
يصلح المثانة وينفعها أكل البطيخ فإنه بارد رطب لين ينقي الصدر والمثانة
وينزل البول والحيضة، وحبه جيد للصدر والسعال والكليتين والقرح الذي يكون
في المثانة إذا طبخ وشرب ماؤه. قال عبد الملك: ومثله أكل اللوز مما يصلح
المثانة، ويذيب الحصاة أكل اللوز وشرب سويقه فإنه معتدل وفيه شيء من
البرودة وهو ينزل البول ويقطع حصره، وينفع القولنج، ويقتل الدود في البطن،
وينفع من لدغ العقارب إذا أكل بالتين، أو بالتمر، أو بالعسل، ويشد الإنسان
حلوا كان أو مرا، والمر أقوى. ومما يصلحها أكل الصنوبر وأكل الفستق، وينفع
مما ينفع له اللوز إذا وضع على لدغ العقرب. ومما يصلح لها ولما ذكر معها
أكل النعنع وهو بلسان الأندلس المنتة، وينفع من الريح الغليظ التي تكون في
المعدة والأمعاء ويقطع القيء ويسكنه لطيب ريحه.
ومما ينفع المثانة أن
تيبس الورد ثم تدقه وتشربه بماء فاتر على الريق فإنه مجرب نافع إن شاء
الله. قال عبد الملك: ومما ينفع من قطر البول أن تأخذ وردا يابسا فتسحقه،
ثم تعجنه بدقيق الشعير مغربلا بالخل والعسل وتبسطه على خرقة وتضعه على
المثانة، وهي العانة، فإنه يقطع القطر بإذن الله. ومما ينفع من الخاصرة أو
الحصاة أن تأخذ أصول الحريق فتغسلها من ترابها وتقطعها تقطيع العجل، ثم
تلقيها في العسل النقي الطيب فتدعها فيه ثلاثة أيام، ثم تلعق منها كل غدوات
ثلاثة أيام على الريق ملعقة وما زدت من الأيام كان أنفع. ومما ينفع من
الخاصرة والحصاة أن تأخذ أصول القصب فتمزع قشره الأعلى ثم تيبسه في غير
الشمس ثم تدقه حتى يصير بمنزلة الفلفل وتغربله بغربال شعر، ثم تجعله ذرورا
على كل مرق أو مشوي أو بيضة. ومما ينفع من الخاصرة والحصاة أيضا رماد الضرو
يشرب بالزيت أو رماد الأصاص يشرب بالماء الساخن الساكب، أو لبن حليب يطبخ
بالرضف، ثم يعمد إلى مثله من الزيت فيسكبه عليه في حرارته فيخلطهما جميعا،
ثم يشربهما صاحب الحصاة، أو الخاصرة فكل واحد من الثلاثة نافع بإذن الله.
ومما ينفع من الحصاة ويخرج النفخة أن تسحق الحرف، ثم تسقيه إياه بماء وعسل
على الريق وكذلك تسقيه السنبل بعد سحقه بماء فاتر، وكذلك طبخ أصل السوسن
بالزيت ثم تشربه نافع منهما وكذلك شرب زريعة الثوم بماء فاتر نافع منهما.
ومما ينفع الحصاة أن يطبخ أطراف الإكليل بماء وعسل أو رب طيب، ثم تشرب منه
بقدر شريكه على الريق. ومما ينفع المثانة ويصلحها ويذهب الحصاة الكرفس وهو
مثل النعنع في حرارته، وينفع ورقه إذا أكل رطبا من المعدة، ومن الكبد
الباردة، وينفع عصير ورقه من الحمى النافض وحبه أقوى وأحر من ورقه، وفيه من
الدواء ما في ورقه. ومما ينفع من الخاصرة أن تدق ورق الكرنب حسنا، ثم تعصر
من مائه قدر كأس ويجعل من الرب مثله، ثم يشربه في الحمام أو في قصرية.
ومما ينفع منها أن تأخذ وزن درهمين من الشب اليماني فتسحقه ناعما ثم تشربه
به في ماء سكب غداوة خميس على الريق فإنه نافع بإذن الله. ومما ينفع ويدبغ
المثانة ويغلظها ويدر البول منها أكل الرمان بشحمه، وأكل القسطل والبلوط
نيا ومشويا، وأكله مشويا أفضل من أكله نيا. وقد يصنع منهما أو من أحدهما
سويق كسويق اللوز، ويشرب بالعسل، أو بالسكر فيصلح به المثانة. وقد يطبخ
بالماء بعد نزع قشره، ثم يشرب مائه فيصلح المثانة ويدبغها. ومما ينفع من
ورم الخصى أن تأخذ السلق فترضه حسنا وتعجنه بالعسل، ثم تقصبه عليه. ومما
ينفع منه أيضا أن تغطيه برغوة الماء. ومما ينفع من وجع الشرج أن يكثر من
أكل اللوز، ويشرب سويقه وأن يسحق الحرف ويخلط بشيء من دقيق، ثم تعجنه بالخل
السخن، وتجعل منه لصوقا فتركبه على الشرج. قال عبد الملك: ومما ينفع من
وجع الصلب والوركين أن تأخذ قضبان الزرجون فتقطعها، ثم تحفر في الأرض حفرة
فتلقي ذلك الزرجون فيها، ثم تشعلها نارا ثم ترشها فإذا افترت فخذ تبن
الشعير فغطها به حسنا، ثم اطرح عليها كساء من صوف، ثم ادهن الذي به وجع
الصلب والوركين بزيت، ثم أضجعه على الكساء في الحفرة وغطه حتى يعرق فإنه
يرقه بإذن الله. ومما ينفع من وجع الركبة أن تأخذ من ورق التين، ومن ورق
الجوز فتسحقه حسنا بشحم اللوز، ثم تعصبه عليها في يوم حار يوكأ به أو تأخذ
بعر تيس فحل فتعجنه بالخل، ثم تجعله على خرقة وهي فاتر، ثم تعصبه على
الركبة أو تأخذ أصل الحريق فيدق حسنا، ثم يلقى في زيت ويعصب على الركبة
والورك أو تفعل بأطراف الأصاص مثل ذلك، أو يعجن خثي البقر بخل حاذق، ثم
يعصبها على الركبة والورك فكل ذلك نافع بإذن الله. ومما ينفع من وجع الصلب
حيث كان أن تدهنه بزيت طبخ الشبة، أو يدق البلشاقية بورقها وتعصبها عليه أو
تأخذ أصل السوسن فترضه بورقه، وتستخرج ماءه فتعجنه بلباب الخبز، ثم تعصبه
عليه. ومما ينفع من وجع القدمين أن تر ض الرجلة، ثم تعصبها عليه، أو تأخذ
فرث شاة سخونة فتدخل فيه قدميك فإنه نافع بإذن الله.
.ما جاء في السحر وعلاجه:
وعن محمد بن المنكدر أن امرأة قالت لعائشة: يا أم المؤمنين، هل علي من جناح أقيد جملي؟ فقالت: اخرجوا عني الساحرة. ثم أمرت بمكانها فصب عليه ماء وملح. قال عبد الملك: تعني بقولها أقيد جملي أن تسحر زوجها: وكانت عائشة تأمر بدفن الأظفار والشعر، ودم المحاجم مخافة أن يسحر فيه. وروت عمرة أن عائشة رضي الله عنها كانت برت جارية لها ثم إن عائشة اشتكت بعد ذلك ما شاء الله. ثم دخل عليها رجل سندي فقال: إنك مطبوبة. قالت: ومن طبني؟ قال: امرأة من نعتها كذا وكذا. فوصفها لها في حجرها صبي قد بال عليها. قالت عائشة: أي فلانة، لجارية كانت تخدمها. فوجدتها عند جيران لها وفي حجرها صبي قد بال فلما غسلت بول صبيها جاءت فقالت لها عائشة: سحرتني؟ قالت: نعم. قالت: ولم؟ قالت: أحببت العتق. قالت عائشة: أحببت العتق والله لا تعتقين أبدا. ثم أمرت عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكها فباعها. قالت عائشة: ثم ابتع بثمنها رقبة حتى اعتقها ففعل. قالت عمرة: فلبث ما شاء الله من الزمان، ثم إنها رأت في المنام أن تغتسل من ثلاث آبار يمد بعضها بعضا فإنك تشفين. قالت عمرة: فدخل على عائشة ابن أخيها وعبد الرحمن بن سعيد بن زرارة فذكرت عائشة لهما ذلك فانطلقا إلى قباء فوجدا آبارا ثلاثا يمد بعضها بعضا فاستقيا من كل بئر ثلاثة سحب حتى ملأ السحب من جميعهن، ثم أتوا به عائشة فاغتسلت به فشفيت. وكانت عائشة تأمر المسحور أن يستقبل جرية الماء فيغطس فيه رأسه سبع مرات. وقالت عائشة: من استقبل جرية الماء النهري فغطس فيه رأسه إحدى وعشرين مرة، ثم يغيره في عامه ذلك سحر. وروي أن بنات لبيد بن أعصم اليهودي سحرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتكى شكية شديدة حتى خيف عليه، ومكث أربعين يوما في شكايته وقد تغير جسمه ودهنه وخامره النسيان، فأتاه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد أنت مطبوب، يعني مسحور. قال: «ومن طبني؟» قال: بنات لبيد بن أعصم اليهودي. قال: «وفيما؟» قال: في خف طلع ذلك. قال: «وأين وضعته؟» قال: في راعوفة بئر ذروان. قال: «فما دوائه. يا جبريل؟» قال: تنزع ماء البئر حتى تبدوا الراعوفة فتستخرج من تحتها. وكانت البئر في بني بياضة من الأنصار فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم لاستخراج ذلك من البئر وأحضر لذلك أبا بكر وعمر فنزعوا الماء فوجدوه قد تغير كهيئة ماء الحناء، ثم استخرجوا الخف من تحت الراعوفة فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدوا في عقدا معقدا ونزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين فقال له: اقرأ يا محمد! فقال: «وما أقرأ؟» قال: اقرأ: {قل أعوذ برب الفلق} [الفلق: 1]. فكل ما قرأ آية انحلت عقدة إلى آخر المعوذتين. فبرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح. وقال صلوات الله عليه: «ما تعوذت بمثلها». ثم أمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسانا فبال على العقد والخف، ثم أحرقا بالنار، وألقيا بعد احتراقهما في حفرة وواروهما بالتراب، ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببنات لبيد بن أعصم فاعترفن بما عملن، وكن ثلاثا أو أربعا. قال عبد الملك: والخف حيث يكون الطلع، ثم يذهب الطلع ويبقى موضعه فهو من الخف، والراعوفة الصخرة التي تكون في أسفل البئر يجلس عليها عند تنقيتها. وسئل يحيى بن سعيد عن العبد أبق فيعقد بغير سحر فيغمى عليه الطريق ويمتنع من البول والخلا فيشتد ذلك عليه فيرجع إلى أهله فقال: رأيت كثيرا ممن أدركنا يكره ذلك كراهية شديدة وينهي عنه. قال عبد الملك: هو من السحر ما هو، ولا يحل فعله.
ما جاء في العين:
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق تستنزل الجمل القدر والرجل القبر». وروي عنه عليه السلام: «العين تغلي القدور وتملأ القبور». وسئل صلى الله عليه وسلم هل يضر الغبط؟ فقال: «نعم كما يضر السحر». وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العين حق، ولو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين». وقال صلى الله عليه وسلم: «العين حق يحضرها الشيطان وحسد ابن آدم». وعن ابن عباس في قول يعقوب لبنيه: {يا بني لا تدخلوا من باب واحد} [يوسف: 67] الآية.
قال: خاف عليهم العين عند اجتماعهم وقوله: {ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم} إلى قوله: {قضاها} [يوسف: 68]، وتلك الحاجة خوف العين عليهم وقد علم أن ذلك لا يغني عنهم من قضاء الله وقدره شيئا وهو قوله: {وإنه لذو علم لما علمنه} [يوسف: 68] يعني علمه بذلك.
.ما جاء في النشرة من العين وغيرها:
قالت عائشة: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغسلنا من سبع قرب من سبع إناء وهو مريض وجماعة من الصحابة لم يكونوا يرون بها بأسا. وكان سعيد بن المسيب لا يرى بها بأسا. وقد سئل عنها مالك والثوري فقالا: كل النشرة لا تضر من وطن عليها فلا بأس بها. قال عبد الملك: ولا بأس بها على كل حال ضرت أو لم تضر ولا تعدو أن تكون نشرة وليس يعلمها من عملها لتضر أحدا إنما يعملها لتنفع من ينتشر بها. وسئل عنها عطا بن أبي رباح فكره نشر الأطباء وقال: إنهم يعقدون فيها العقد. وأما شيء تصنعه لنفسك فلا بأس به. وعن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينفع بإذن الله من البرص والجنون والجذام والسعال والبطن والحمى والنفس إذا كتبت أن تكتب بزعفران أو عسل أو مشق: أعوذ بكلمات الله التامات وأسمائه كلها عامة من شر السامة والعامة ومن شر العين اللامة ومن شر حاسد إذا حسد ومن شر أبي قترة وما ولد». ثلاثة وثلاثون من الملائكة أتوا ربهم فقالوا: وصب أصيبا بأرضنا. فقال: خذوا أتربة من أرضكم فامسحوا بوصبكم رقية محمد لا يفلح من كتمها أبدا. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى فأتاه أصحابه يعوذونه فقال: «إن جبريل أتاني فرقاني فأرجو الله أن يكون قد عافاني». قالوا: وما رقاك به، يا رسول الله؟ قال: «بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من كل حاسد وعين الله يشفيك». قال مرثد : دخلت الحمام فرأى علي بن مسلم الخولاني كتابا معلقا فأدخل يده في الخيط فقطعه، ثم قال: يا ابن أخي أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك من نفس نافس وعين عاين وحسد حاسد.
.ما جاء في رقية القرحة والنملة:
واتخذوا عليها صفدا ثم تكتب فاتحة الكاتب وثلاث آيات من أول البقرة: {وإلهكم إله واحد لا إله} إلى: {يعقلون} [البقرة: 163- 164] وآية الكرسي، وآيتين بعدها إلى: {خلدون} [البقرة: 257] وخاتمة سورة البقرة: {لله ما في السماوات وما في الأرض} [البقرة: 284] حتى يختم، ومن آل عمران وعشرا من آخرها، وأول آية من النساء، وأول آية من المائدة، وأول آية من الأنعام، وأول آية من الأعراف وأخرى في صدرها: {إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض} إلى: {المحسنين} [الأعراف: 54- 56]، وآية يونس: {قال موسى ما جئتم به السحر} إلى: {المفسدين} [يونس: 81]، وآية في طه: {وألق ما في يمينك} [طه: 69] إلى آخر الآية، وعشر من أول الصافات، وخاتمة سورة الحشر من قوله: {لو أنزلنا هذا القرآن} [الحشر: 21]، {قل هو الله أحد} [الإخلاص: 1]، والمعوذتين، تكتب في إناء نظيف أو عجفة زجاج، ثم تغسله ثلاث، ثم يشرب منه ثلاث حسي، ويتوضأ منه كوضوئه للصلاة والوضوء الطهر، ويصب على رأسه وصدره منه، ثم يصلي ركعتين يستشفي الله. يفعل ذلك ثلاثة أيام.
.ما جاء في الرقية من العين:
.ما جاء في الرقية من لدغ العقرب:
.ما جاء في الرقية من الرعاف:
.ما جاء في الرقية من وجع الأسنان:
.ما جاء في رقية عرق النساء:
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إن بي عرق النساء وقد أردت قطعه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقطعه وقل: اللهم رب كل شيء وخالق كل شيء ومليك كل شيء وإله كل شيء خلقتني وخلقت عرق النساء بي فلا تسلطه علي بأذى ولا تسلطني عليه بقطع اشف فأنت الشافي لا شافي له إلا أنت». وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في ألية الشاة السوداء شفاء من عرق النساء تذاب ويدهن بها ثم يشرب منها على الريق».
ما جاء في رقية الفرس إذا اعتل واستصعب:
وعن
شقيق قال: كنا جلوسا عند ابن مسعود إذا جاءت جارية أعرابية وسيدها جالس في
القوم فقالت له: ما يجلسك قم فابتغ راقيا فإن فلانا مر بفرسك فعاينه فهو
يدور كأنه فلك.
فقال له ابن مسعود: لا تبتغ راقيا قم على فرسك فانفث في
منخره الأيمن أربع مرات، وفي الأيسر ثلاث مرات ثم قل: بسم الله لا بأس أذهب
البأس رب الناس اشف وأنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت. فما برحنا حتى جاء
الرجل فقال: قد فعلت الذي أمرتني فما برحت حتى رأيته أكل وبال. وعن ابن
عباس أنه قال: إذا استصعب عليك دابتك فاقرأ في أذنيها هذه الآية: {أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون} [آل عمران: 83].
.ما جاء في تعويذ المعتوه:
.جامع الرقى والسنة فيها:
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرقى يقول: «أذهب البأس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شافي إلا أنت». قالت عائشة: فعلمنا هذه الرقية من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أرقيها. وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث. قالت: فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وامسح عنه بيده رجاء بركتها. وشكا عثمان بن أبي العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجع كان به قد كان يهلكه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «امسحه بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد». قال: ففعلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر بها أهلي وغيرهم. وروي أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على عائشة رضي الله عنها وهي تشتكي ويهودية ترقيها فقال أبو بكر: ارقها بكتاب الله. وعوف بن مالك قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في الرقي؟ قال: «اعرضوا علي رقاكم فإنه لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك». وكان صلى الله عليه وسلم يأمر الإنسان إذا اشتكى شيئا منه أن ينفث عليه ثم يقول: «بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد فيك» سبع مرات ويمسح عليه في ذلك بيده اليمنى.
وعن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل: «بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذي عين». وكان يرقي أصحابه صلى الله عليه وسلم يوم أحد: «بسم الله شفاء الحي الحميد من كل حسد أو حديد أو حجر طريد اللهم اشف ما بعبدك إنه لا شافي إلا أنت». وروي أن خالد بن الوليد اشتكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقا كان يجده من الليل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون». وقالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى عضوا مسح عليه بيمينه، ثم قال: «أذهب البأس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما». قالت: فلما مرض ذهبت لأصنع كما كان يصنع فجعلت أمسح بيمينه رجاء بركتها فانتزع يده مني. ثم قال: «اللهم اغفر لي واجعلني في الرفيق الأعلى» ثم قبض صلوات الله عليه. وعن محمد بن علي في الرجل الوجيع يقول: أقسمت عليك يا وجع بالذي اتخذ إبراهيم خليلا، وكلم موسى تكليما، واتخذ محمدا صفيا وحبيبا، وجعل عيسى بن مريم روحه وكلمته ألا سكنت عن فلان وذهبت عن فلان كما هربت النار عن إبراهيم، فإنه يشفى بإذن الله. قال عبد الملك: وقد سئل مالك عن الرقي بالحديد والملح فكره ذلك.
.ما جاء في الأخذ على الرقية وأشباهها:
قالت عائشة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التمائم. قالت عائشة: وليست التمائم ما تعلق بعد نزول البلاء إنما التمائم ما تعلق قبل نزول البلاء لتدفع به مقادير الله تعالى. وسئل ربيعة عن المرأة تعلق الحرز لكي تحبل أو لئلا تحبل فكرهه ورآه من التمائم وكره لها أيضا أن تشرب الشيء يمنع الحبل خيفة أن يقتل ما في الرحم. وسئل أيضا ربيعة عن علاج المريض بلبن الشاة السوداء أو لبن البقرة السوداء أو لبن امرأة من أول بطن فلم ير بذلك بأس. قال عبد الملك: وأما ما علق على الصحيح، أو المريض، أو الصبيان، أو غيرهم من كتاب الله مثل الحرزة ولحا الشجر أو رقية بغير ذكر الله أو ما أشبه ذلك فذلك من التمائم. وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شعب من الشرك وما كان من ذكر الله فليس من التمائم وقد أجازه أهل العلم. وكان مجاهد يكتب التعاويذ للصبيان ويعلقها عليهم. وسئل مالك عنه فلم ير به بأسا وكره العقد في الخيط الذي يربط به ذلك الكتاب. وسئل أيضا عن الرجل يكتب للرجل الشيء من القرآن في حامة من زجاج، ثم يغسله بالماء والعسل، أو بالماء وحده ويسقيه إياه فلم ير به بأسا. وكان علي بن أبي طالب يقول: إن هذه الرقى التي يرقى بها والتي تكتب والتي تعلق ليست بشيء إلا من علق المواثيق التي أخذ سليمان بن داوود على هوام الأرض. انتهى الكتاب هنا مختصر مجروف الأسانيد يسهل تناوله على القارئ. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله صلاة دائمة إلى يوم الدين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الملك الحق المبين المنزه عن اتخاذ الصاحبة والبنين. لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين. وسلام على عباده الذين اصطفى توسلنا إليك يا الله بجاه سيدنا ومولانا محمد المصطفى وأصحابه الخلفاء أن يرزقنا توبة وحسن الوفاء والهداية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق