السبت، 26 فبراير 2022

إدارة الصراعات في حياتنا اليومية

 

إدارة الصراعات في حياتنا اليومية

 

الخلاف بين الناس جزء من طبيعة البشر؛ فلا يوجد شخصان مهما كان توافقهما يعيشان دون حدوث خلافات في الرأي بينهما؛ يقول الله عز وجل: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119].

 

وحينما يحدث الخلاف بين الأشخاص قد يتطور الموقف ليولد الصراع، وقد يتحول سلوك بعضهم إلى العدوان، وهنالك آخرون يكونون في الظاهر هادئين، ولكن داخلهم يمور غضبًا، وقد يقوم بعضهم بعقاب البعض، أو الاعتداء بالفعل أو القول، وأحيانًا بالصمت.

 

والصراع أمرٌ ملازم لطبيعة الخلاف وخصائص المختلفين، وفي سيكولوجية سلوك الجماعات أنه بمجرد تكوُّن الجماعة وتنافسها يظهر الصراع بشكل تلقائي، نتيجة للاختلافات فيما بين الأفراد.

 

وأسباب الصراعات الأولية غالبًا تنشأ من الخلافات حول:

تحديد الأهداف.

أو وسائل تحقيق الأهداف.

أو توزيع المسؤوليات.

أو وضع القواعد المنظمة للسلوك.

 

والخلاف بين الناس أمرٌ طبيعي، وجِبلَّة إنسانية، وهو كما قال ابن الوردي:

ليسَ يخلو المرءُ مِنْ ضدٍّ ولَو ♦♦♦ حاولَ العُزلةَ في راسِ الجبَلْ

 

لكن هذا الخلاف قد تُحوله مشاعرُ الكراهية والبُغض والخوف والإعراض والأخلاق الصِّدامية إلى صراع بين الأفراد، وقد يتطور ليكون عائقًا في الحياة اليومية..

 

هل الصراع شرٌّ؟

الصراع أمر وارد في جوانب الحياة المختلفة، ينتج عن الاختلافات في الآراء، لكن الصراع في نظر الكثيرين اكتسب سمعة سيئة، مما جعل رأي الكثيرين أنهم ينبغي أن يتجنبوه.

 

لكن هذا السلوك - في الغالب - يؤدي إلى مزيد من الصراعات الداخلية، بمعنى أنه كلما تجنب الفرد الصراعات مع الآخرين، استثار صراعًا داخليًّا في نفسه، ومزيدًا من مشاعر الإحباط، وأحيانًا مشاعر الدونية والعجز.

 

لذلك فإن علماء النفس يتفقون بشكل عام على أنه يُفضل أن يقوم الأشخاص بالكشف عن صراعاتهم مع الآخرين، وحلها بلباقة، مما يجعل ذلك ينعكس إيجابًا على تنمية علاقات متينة وإيجابية بيننا وبين الآخرين..وأتذكر هنا المثل الشعبي الشائع: (ما محبة إلا بعد عداوة).

 

لماذا علينا أن نحسم الصراعات؟

حتى لا نتأثر نحن داخليًّا فعلينا أن نحسم الصراعات مع الآخرين بشكل كامل وبطريقة سليمة؛ لأن الصراع الخارجي مع الأشخاص الآخرين غير المحسوم يؤدي إلى صراع نفسي داخلي مزعج ومقلق، وهذه حقيقة يجب ألا تغيبَ عن بالنا...وبخاصة أنها قد تتطور لينتج عنها نوع من المرض النفسي..ولنتجنب الدخول في صراعات جديدة علينا أن نفهم ما هي الظروف التي تتسبب في حدوث الصراعات بين الناس..

 

أسباب الصراعات عمليًّا بين الأفراد:

1 - ضعف التواصل وعدم الوضوح بين الأفراد يؤدي إلى الشك وعدم الثقة.

2 - التناقض في الشخصيات وطريقة التفكير قد يكون سببًا في بعض الأحيان.

3 - عدم فهم الفرد لدوره، والفرق بينه وبين أدوار الآخرين.

4 - اختلاف المبادئ والقيم بين الأشخاص يؤدي إلى الصراع.

5 - عدم توافق الأهداف أو تناقض الحاجات يؤدي إلى الصراع.

6 - اختلاف الأفكار حول كيفية تحقيق الأهداف المشتركة.

7 - العداوات بين الأفراد والشكوك والخوف من بعضهم البعض قد تتسبب في الصراع.

 

وحينما تحدث الظروف والأسباب التي تنشئ الصراعات بين الأفراد تختلف ردات فعلهم لأسباب كثيرة جدًّا، ويتضح هنا أثر قوة الشخصية والثقة في النفس والتجارب السابقة التي يمتلكها الفرد، ويتبع الأفراد لذلك عدة إستراتيجيات وطرق للتعامل مع الصراعات التي تواجههم..

 

الإستراتيجيات الشائعة لإدارة الصراع بين الناس:

1 - التجنُّب:

وتتضمن الانسحاب من موقف الصراع، ويتعمد الفرد فيها تجاهله وتجنبه بدلاً من التعامل معه..

 

وهذه الطريقة جيدة حينما يكون الأمر تافهًا، أو عندما تتوقع ضررًا أكبر من المنفعة في حال المواجهة، أو حينما يكون الحصول على رغباتك أقل مما يؤدي لإشباعها، أو حينما يصعُبُ التواصل بشكل كافٍ مع الشخص المعنيِّ، أو حينما تكون بحاجة إلى جمع معلومات أكبرَ حول الموضوع.

 

2 - التسوية والمصالحة:

وتعني الوصول إلى حل وسط بين المتخالفين عن طريق التفاوض، على أن يستعدَّ كل طرَف لتقديم بعض التنازلات.

وفيها إشباع جزئي لحاجات كل طرف من أطراف النزاع.

 

وهي مناسبة حينما لا يكون ممكنًا الحصول على حل مثالي يرضي جميع الأطراف، أو حين يكون الوقت غير كافٍ، أو حينما يكون جميع الأطراف بنفس الدرجة من القوة، أو حينما يكون هنالك حاجة للتوصل إلى حل مؤقت لمشكلة معقَّدة.

 

3 - الهيمنة:

وتعني حلَّ الصراع عن طريق استخدام السلطة الرسمية، أو مكانتك الشخصية..مثل تلك الأوامر التي يصدرها الأب لابنه، ويجبره على امتثالها، أو مثل قرار رئيس القسم لمرؤوسيه..

 

وهذا يكون مناسبًا عندما تكون الحاجة ملحَّة لاتخاذ إجراء سريع لا يحتمل التأجيل، ولا يحظى بالقبول، من أجل ضمان مكاسبَ على المدى البعيد.

 

4 - التعاون:

وهذا يعني تحديدَ أسباب الصراع، والبحث عن حلول تحقِّق منفعة مشتركة..

 

وهذا مناسب جدًّا عند الرغبة في الحصول على قرارات عالية الجودة والكفاءة، وعندما تكون الأمور مهمة بدرجة لا تسمح بتقديم تنازلات، أو الأخذ بحل وسط.

 

5 - الإيثار:

وفي هذه الإستراتيجية يكون هنالك استعداد للتضحية، بحيث يقدِّم أحد الأطراف اهتماماتِ الطرَف الآخر على رغباته ومصالحه..

 

وأفضل مثال هنا ما يفعَله بعض الأزواج عندما ينشب صراع فيما بينهم..

وكذلك ما يفعله بعض الأبناء حينما يتنازلون عن رغباتهم في سبيل والديهم، أو العكس..

 

وهذا ملائم جدًّا حينما يكون الأمر أكثرَ أهمية للطرف الآخر.

أو حينما ترغب في تقليل الخسائر لأدنى درجة ممكنة، حين تكون كِفَّة الطرف الآخر راجحةً على كِفتك.

 

أو حينما يكون الانسجام بين الطرفين ذا أهمية بالغة.

متى عليك أن تستخدم أسلوب الحَسْم؟

 

يتبع الناس في سلوكهم التفاعلي مع الآخرين أحد ثلاثة أساليب: السلوك السلبي - السلوك العدواني - أسلوب الحسم:

1 - السلوك السلبي، ويتضمن:

الاستسلام لمطالب الآخرين.

عدم تعبيره عن مشاعره وآرائه بوضوح وصراحة.

تقديم الكثير من الاعتذارات.

 

وهذا السلوك السلبي يعطي رسالة دونية "بأني لست على نفس قدرك من الأهمية".

وهدف هذا السلوك السلبي هو إرضاء الآخرين، وتجنُّب الصراع..

 

وكثيرون يتصرفون بشكل سلبي حينما يتلقَّوْن تهديدات من الآخرين، ويعجِزون عن قول: "لا".

ويؤدي السلوك السلبي غالبًا إلى ضغوط انفعالية - وإحباطات - وغضب..وقد يؤدي إلى تدمير تقدير الذات.

 

2 - السلوك العُدْواني، ويتضمن:

تجاهل حقوق الآخرين.

وإلقاء اللوم عليهم، وعزو المشكلات إليهم.

وتوجيه تهديدات لهم.

وتوجيه هجوم لفظي عليهم.

والسخرية منهم.

 

وهذا السلوك العدواني يوصل رسالة استعلاء وتكبُّر: "أنا مهم، أما أنت فغير مهم".

وهدف السلوك العدواني هو السيطرة على الآخرين وإذلالهم.

ويؤدي هذا النوع من السلوك إلى تفاقم التوتر والضغوط،ويعُوق من نمو العلاقات القائمة على المودة والثقة.

 

3 - أسلوب الحَسْم:

يعني الذود عن حقوقنا، والتعبير عن مشاعرنا وأفكارنا وآرائنا بطريقة مباشرة وأمينة وملائمة، وبدون انتهاك لحقوق الآخرين.

 

وخصائص الحسم السليم أربعة:

الدفاع عن حقوقنا الشخصية.

التعبير عن مشاعرنا بطريقة واضحة وأمينة.

احترام حقوق ومشاعر الآخرين.

القدرة على أن نقول: "لا" حينما لا نرغب أن نقوم بشيء ما.

 

"10" أفكار لإدارة الصراعات بين الأفراد بنجاح:

1 - تخيُّر الوقت والمكان الملائمين لمواجهة شخص ما، وتجنُّب مناقشة الصراع في مكان عام، أو في حضور أشخاص غير مَعنيِّين بالأمر.

 

2 - خطِّط لمناقشتك بعناية، وفكِّر فيما تريد أن تقوله، والكيفية التي ستقوله بها.

 

3 - تدرَّبْ على فن الإصغاء، وركِّز في كلام الطرف الآخر، ولا تستعجل بالكلام، ولا تفكِّر أثناء كلامه بالرد، بل استمع ما يقوله جيدًا؛ لتفهم ما وراء الكلمات التي يقولها، وراقِبْ جيدًا لغتَه الجسدية أثناء الحوار.

 

4 - تحدَّث بهدوء عن المشكلة دون لوم أو إهانة للطرَف الآخر..وإياك أن تستخدم السخريَّة أو التهديد أو الشتم؛ فهي تَزيدُ في المشكلة، ولا تحُلُّها.

 

5 - ابحَثْ عن بدائلَ لحل الصراع، وأتِحْ مجالًا للطرف الآخر لحفظ ماء وجهه، وكن متفتح العقل.

 

6 - ركِّز في عباراتك على ضمير المتحدث "أنا"، الذي يصف موقفك ومشاعرك الشخصية، مثل: أنا أشعر بأنك انتقصت من قدري حينما انتقدتني أمام الآخرين.

 

ولا تقل: أنت لم تراعِ شعوري حينما انتقدتني أمام الآخرين؛ وذلك لأن ضمير المخاطب سيدفع الطرف الآخر لاتخاذ موقف دفاعيٍّ.

 

7 - كن أمينًا، وتأمَّل ما أخطأت فيه، واعترِفْ به.

 

8 - أوضِحْ بدقة مشاعرَك، وابتعد عن العبارات الفضفاضة أو المتذمرة، بدون توضيح سبب واضح يفهمه الطرف الآخر..

 

فقل مثلًا: لقد شعرت بخيبة أمل لأنك لم تنجِزْ ما اتفقنا عليه.

ولا تستخدم عبارات غامضة، مثل: أنت شخص لا يعتمد عليه.

 

وقل: لقد أخفقتَ في الوفاء بالموعد المحدد أكثر من مرة معي..ولا تقل: أنت شخص يفتقر إلى الصدق والمهنية..

 

9 - ابحَثْ عن هدف أو أمر مهم وجذاب مشترك بين الطرفين لتنطلق منه في الحل..

 

10 - افصل دائمًا بين الحقائق وبين وجهات النظر..وقُمْ بوصف الحدَث المتسبِّب في الصراع بدقة وموضوعية، وبدون تحيُّز.

 

وختامًا، تذكَّر أن الخلاف طبيعة بشرية، لا يمكن أن يخلو منها مجتمع، أو جماعة صغيرة أو كبيرة، وأنها قد تحدُثُ في أي وقت وحين، تستوعب هذا جيدًا، فإن ردة فعلك ستكون أكثر تعقلاً في التعامل معها وإدارتها، وستعمل جيدًا على ألا تكون أنت سببًا للخلاف، أو محدِثًا للصراع، وهذا في حدِّ ذاته يعتبر مكسبًا لك..وقد عدَّ نبينا صلى الله عليه وسلم من محاسن الأعمال أن: ((تكف شرَّك عن الناس؛ فإنها صدقة منك على نفسك)).

 

والله - عز وجل - بيَّن أن الإصلاح بين الناس فضيلةٌ، قليلٌ من يفعلها: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

 

ولله الأمر من قبلُ ومن بعدُ.

كتبه: خالد بن محمد الشهري

إدارة الصراعات في حياتنا اليومية

 

بحث عن إدارة الصراع

مفهوم الصراع

يشير مفهوم الصراع إلى الخلاف، أو عدم الانسجام بين الفرد ونفسه، أو مع الآخرين نتيجةً لاختلاف الآراء والاتجاهات، مما يخلق لدى الفرد ردود فعل فسيولوجية للتغلب على الضغط العصبي والنفسي،[١] كما يحدث الصراع نتيجةً للإختلافات العرقية أو السياسية وغيرها من التصنيفات.[٢] ويمكن حصر الصراع إلى ثلاثة فئات: صراع داخلي، صراع داخل المجموعة، وصراع تنظيمي.[١]

وقد حددت العديد من الدراسات العناصر المُتنازع عليها، ومن أهم هذه العناصر:[٣]

مواضيع قد تهمك

بواسطة
  • الموارد: قد يحدث الصراع على ثروات ما كالغذاء، ومصادر الطاقة.
  • السلطة: يحدث الصراع في كثير من الأحيان على أساليب توزيع الحكم بين الأفراد، وعملية صنع القرار.
  • الهوية والقيم: ويُقصد بالهوية انتماءات الأطراف الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، أما القيم فتتمثل بالإيديولوجية والدين عند لأفراد.


أنواع الصراع

تتعدد أنواع الصراع، ومنها:[٣]

  • الصراع السلميّ، من خلال العديد من الآليات يُمكن تحويل الصراع إلى صراع سلمي، ومن هذه الآليات، الدساتير والقوانين، وتتسم بأنها قد تكون رسمية، أو غير رسمية قابعة في النظام الاجتماعي والفردي.
  • الصراع العنيف، إذ يتحول النزاع من سلمي إلى عنيف عندما تحاول الأطراف المتنازعة السيطرة على الآخر، وتدمير إمكانيات وقدرات الطرف المخالف.


مستويات الصراع

فيما يأتي عرض مبسط لمستويات الصراع:[٣]

  • التناغم: تتسم العلاقات بين الأطراف في حالة التناغم بالتعاطف، وعدم وجود صراعات على أرض الواقع.
  • السلام الدائم: يبذل كل طرف في مستوى التناغم جهده لتحقيق مصالحه من خلال الوسائل السلمية والمؤسسية، وبالتالي لا حاجة لوجود العنف.
  • السلام الثابت: يتميز هذا المستوى بوجود القيم والأهداف المختلفة بين أطراف الصراع إلا أن ذلك لا يُقابل بالعنف من أطراف الصراع.
  • السلام غير الثابت: يشهد هذا المستوى توترًا واضحًا بين الأطراف، كما يبدأ العنف بالظهور بمستويات متفاوتة.
  • الأزمة: يأخذ صراع الأزمة منحى المواجهة الفعلية بين الأطراف، ومن خطورة الأزمة بأنها قد تتسبب في حروب أهلية داخل البلد، وانهيار القانون ونظام الحكم.
  • الحرب: تعدّ الحرب أعلى مستوى من مستويات النزاع، ويحدث في الحرب مواجهات مسلحة بين أطراف الصراع ليتحول من نزاع إلى حرب شاملة.


أدوات تحليل الصراع

من أدوات تحليل الصراع:[٤]

  • عجلة الصراع: تحتوي عجلة الصراع على ستة أبعاد لتحليل النزاع، ومنها: الديناميكيات، والفواعل، الأسباب وغيرها من الأبعاد.
  • شجرة الصراع: تُبين شجرة الصراع الطريقة التي تُربط بها قضايا الصراع المختلفة مع العوامل الديناميكية والبنيوية.
  • خريطة الصراع: يُمكن وضع خريطة للصراع، إذ تركز هذه الخريطة على الفواعل والعلاقات التي تربط بينها.


مفهوم إدارة الصراع

يشير مفهوم إدارة الصراع إلى قدرة الفرد أو المنظمة على التقليل من حدة حجم الصراع، وتطويعه إلى ما فيه مصلحة المنظمة، وتحقيق أهدافها، وذلك من خلال إيجاد سُبل متطورة لمعالجة الصراع الموجود وتحويل نتائجه إلى نتائج إيجابية لصالح المنظمة، ويمكن الاعتماد على عدة أساليب في إدارة الصراع بدءًا من تجنب الصراع، وحتى تحقيق المنفعة منه.[٥]


طرق إدارة الصراع

تعدّ العديد من الأساليب المناسبة لإداراة الصراع تختلف بحسب اختلاف نوع الصراع، ويمكن تصنيفها إلى عدة إستراتيجيات على النحو الآتي:[٦]

  • إستراتيجية إدارة الصراع بين الأفراد
    • إستراتيجة خسارة جميع أطراف الصراع.
    • إستراتيجية يكسب فيها طرف على حساب الآخر.
    • إستراتيجية يكسب فيها جميع أطراف الصراع.
  • إستراتيجية إدارة صراع المنظمات:
    • إستراتيجية التجنب: يشير مفهوم التجنب في إدارة الصراع إلى التغاضي عن وجود صراع داخل المنظمة من خلال عدة أساليب منها، الإهمال لتتغير الأمور بطريقة ايجابية بعد فترة زمنية، الفصل بين الأفراد من خلال فصل المجموعات المتصارعة عن بعضها داخل المنظمة.
    • إستراتجية استخدام القوة: وهذا الأسلوب يُعتمد في الحالات الطارئة فقط من خلال السلطات العليا.
    • إستراتيجية المواجهة: وتعتمد هذه الإستراتيجية على حل الصراع من خلال النقاش وتبادل وجهات النظر.
  • إستراتيجية إدارة الصراع في العمل: غالبًا ما يحدث صراع العمل بين الأقسام والإدارات إما على الموارد التنظيمية، أو لتناقض الأهداف بين الطرفين، أو حتى لتحقيق مصالح شخصية، ومن أهم طرق إدارة الصراع في العمل:[٧]
    • اللجوء للقوانين واللوائح التنظيمية الخاصة بمكان العمل.
    • اللجوء إلى الإدارة العليا في حال تعثر حل الصراع من خلال القوانين واللوائح.
    • تعيين مسؤول خاص للتواصل بين الإدارات خاصة في الحالات التي يتكرر فيها الصراع.
    • يُعدّ التفاوض واحدًا من أساليب إدارة الصراع في العمل، وهو منقسم لقسمين، التفاوض غير المتكافئ، وفيه يُحقق أحد الأطراف أكبر قدر من مصالحه وأهدافه على حساب الطرف الآخر، أما القسم الآخر، فهو التفاوض التعاوني، وفيه التركيز على حل الصراع، إذ يكسب الطرفان معًا.


الخطوط العريضة لإدارة الصراع

يمكن تقسيم الخطوط العريضة لإدارة الصراع إلى ما يأتي:

  • التحليل: ويعني تحليل الوضع من خلال:[٨]
    • الإقرار أولًا بوجود الصراع.
    • تحليل ماهية الصراع وخلفيته.
    • إنشاء دراسة حول طرق حل الصراعات المشابهة للصرع القائم سابقًا.
  • الاتصال: ويشير ذلك إلى:
    • التواصل مع جميع الأطراف المعنية.
    • الاستماع لجميع الأطراف وطرح الأسئلة عند الحاجة.
    • فتح المجال للاخرين للتعبير عن آرائهم.
    • الحفاظ على موضوعية الحوار، وتقديم المعلومات والحقائق.
  • التفاوض واجراء التعديلات اللازمة: فمن خلال التفاوض يمكن تحويل المصالح المتعارضة بين الأطراف إلى رغبات مشتركة بينهم، وبالتالي إدخال التعديلات اللازمة لحل الصراع بين الأطراف بما يضمن تعزيز كافة التوافقات التي وُصل إليها.


خطوات عامة لإدارة الصراع

من خطوات إدارة الصراع:[١]

  • أن يأخذ الفرد أو الجماعة على عاتقه مسؤولية التعامل مع الصراع.
  • اكتشاف المشكلة الحقيقية ونقاشها.
  • وضع خطة للعمل وحل الصراع.
  • المتابعة والتنفيذ.
  • الاتصاف بالمرونة في السلوك.


مراحل حل الصراع وتسويته

يمر حل الصراع بعدة مراحل موضحة على الشكل الآتي:[٩]

  • خلق بيئة إيجابية واختيار الوقت المناسب لبدء عملية التفاوض.
  • تحليل أسباب الصراع، وسماع الآراء الأخرى حول الصراع.
  • البحث عن الحلول.
  • تقييم جميع الحلول المطروحة واختيار حل مناسب لجميع الأطراف.
  •  

التدريب أهمية قصوى

 https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=155&idto=228&bk_no=59& 

تعول على التدريب أهمية قصوى في:

  • الترشيد المالي.
  • حسن إدارة الوقت.
  • عدم إهدار الجهد.

ومن هذا الأساس فلقد انطلقت النداءات المتتالية بضرورة تكثيف تدريب العاملين  على أسس الإدارة وعلى المهارات المتخصصة الأخرى التي يتعين معرفتها ومع أن هناك برامج تدريبية تنفذها بعض الجهات وتتفاوت في جودتها إلا أن العمل الجماعي المنظم يكون بلا شك أجدى وأنفع وأدوم وأحرى بتحقيق الهدف  ولتعميم الفائدة من الصالح من هذه التجارب فإنه يتعين إيجاد عمل جماعي يعنى بتدريب العاملين في الجهات العامة. والتدريب من حيث الأصل يعد تدخلاً إدارياً لتحقيق أهداف تصبو إليها الجهة العامة  لذا كان لزاماً أن ينطلق من المبادئ الأساسية للعملية الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجيه ومتابعة.

ولا يمكن أن يحقق الهدف إلا بعد جمع المعلومات الأساسية عن الجهة العامة من جهة وجمع المعلومات عن العاملين والعمل الذي يقومون به من جهة أخرى وبالتالي يمكن إعداد البرامج التدريبية المناسبة لتحسين الوضع والارتقاء بالمستوى ولتوجيه برامج التدريب الوجهة المفيدة يلزم أن تقوم الجهات العامة  بتلمس مواطن الخلل في أدائها ومقارنة ذلك بمستويات الأداء المستهدفة حتى يمكن تخطيط برامج التدريب وإعدادها لردم الهوة بين المستويين. بعد ذلك يتعين على مخططي برامج التدريب أن لا يغفلوا عن موضوع فرض نفسه واستحوذ على جل اهتمام المشتغلين بتخطيط القوى العاملة ألا وهو تحويل التدريب أي مقدار ما يتحول من مهارات التدريب إلى واقع عملي تستفيد منه جهة المتدرب وبحث في هذا السياق القدر الهائل من الهدر الذي يصرف على برامج التدريب دون تحقيق الأهداف المرجوة من تدريب المتدربين.

هي في الواقع مقدمات لإعادة إجراء الأعمال الأمر الذي يتطلب بذل جهود إضافية كان من المقرر أن توجه لإنجاز أعمال جديدة لمستفيدين آخرين.

يحاول المهتمون بمفهوم التدريب أن يميزوا بين تدريب القوى البشرية وبين تنمية تلك القوى، فيحدد بعضهم مفهوم التدريب على أنه نقل مهارات معينة إلى المتدربين وتوجيههم لإتقان تلك المهارات إلى مستوى أداء مقبول ، أما التنمية فيحددونها على أنها تطوير المهارات للعاملين في مؤسسة ما، ليكونوا أكثر تهيؤا لقبول تحديات مهامهم أو وظائف جديدة أوكلت إليهم.

هناك تعاريف متعددة للتدريب، تختلف باختلاف المفاهيم التي لدى قائلها، وبنوع التدريب وأهدافه، ومن المهم في محاولة الكشف عن تعريف واضح للتدريب أن ننطلق من الحقائق التالية:

  1. الاختلاف الواضح بين كل من مفهوم التعليم والتدريب، من حيث الأهداف والأساليب وطرق التقييم.
  2. أن التدريب يتنوع من حيث المجال، ومن حيث الهدف، فهناك تدريب فني، تدريب إداري، تدريب عسكري، إلى غير ذلك من الأنواع  وكل من هذه الأنواع تنقسم بدوره إلى تقسيمات خاصة.
  3. أن التدريب - وإن اختلف عن التعليم- فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلغي التقديم النظري، وليس هناك ممارسة أو تطبيق لا تستند إلى المعرفة.

ويتبع للحقيقة السابقة أن نقل أثر التدريب وترجمته إلى تطبيق أو سلوك هو المعيار الحقيقي لقياس مدى تحقيق أهداف التدريب، فالموظف الذي يلتحق ببرنامج تدريبي يظل بعد انتهاء البرنامج بحاجة إلى الميدان العملي حتى نتمكن من معرفة جدوى التدريب لأن أهداف التدريب السلوكية المحددة تعني أهمية وجود معايير لقياس أداء الموظف وتقييمه، قبل الحكم على الموظف أو على البرنامج بالنجاح أو الفشل.

مجموعة تعاريف لمفهوم التدريب: 

  • ويعرف التدريب: بأنه يعني ذلك الجهد المنظم والمخطط لتزويد العاملين في الجهاز التعليمي بمعارف معينة وتحسين مهاراتهم وقدراتهم وتطويرها، وتغيير سلوكهم واتجاهاتهم بشكل إيجابي بناء، وهو عملية منظمة ومستمرة ترمي إلى تحسين أداء العاملين في العمل، ليكون أداءً فعالاً لتحقيق نتائج معينة يتطلبها ذلك العمل من خلال قيام الموظف أو المعلم بأعمال ومهمات معينة تتفق وسياسات وإجراءات وظروف المؤسسة التعليمية التي يعمل بها ذلك الموظف أو المعلم .
  • يعرف التدريب كذلك بأنه: عملية تهدف لإكساب المعارف والخبرات التي يحتاج إليها الإنسان، وتحصيل المعلومات التي تنقصه، والاتجاهات الصالحة للعمل والسلطة، والأنماط السلوكية والمهارات الملائمة، والعادات اللازمة من اجل رفع مستوى كفايته في الأداء.   
  • يعرف التدريب على أنه: جهد نظامي متكامل مستمر يهدف إلى إثراء أو تنمية معرفة الفرد ومهارته وسلوكه لأداء عمله بدرجة عالية من الكفاءة والفاعلية.
  • وعرف التدريب أيضاً أنه: عملية منتظمة ومستمرة خلال حياة الفرد تهدف إلى تعزيز قدرة الفرد على تحقيق مستوى عال في أدائه ونموه المهني، يتم ذلك من خلال إكسابه معلومات ومهارات واتجاهات مرتبطة بمجال عمله أو تخصصه.
  • ويعرف التدريب بأنه: " نشاط مخطط يهدف لتنمية القدرات والمهارات الفنية والسلوكية للأفراد العاملين لتمكينهم من أداء فاعل ومثمر يؤدي لبلوغ أهدافهم الشخصية وأهداف المنظمة بأعلى كفاءة ممكنة
  • ومن تعريفات التدريب بأنه: عملية منظمة مستمرة محورها الفرد تهدف إلى أحداث تغيرات محددة سلوكية وفنية وذهنية، لمقابلة احتياجات محددة حالياً أو مستقبلياً، يتطلبها الفرد والعمل الذي يؤديه والمنظمة التي يعمل فيها.
  • ويعرف التدريب بأنه: "الجهود الإدارية أو التنظيمية التي تهدف إلى تحسين قدرة الإنسان على أداء عمل معين أو القيام بدور محدد في المنظمة التي يعمل بها ".
  • والتدريب كذلك هو: تزويد الفرد بالأساليب والخبرات والاتجاهات العلمية والعملية السليمة اللازمة لاستخدام المعارف والمهارات الحالية التي يمتلكها أو الجديدة التي يكتسبها بما يمكنه من تقديم أفضل أداء ممكن في وظيفته الحالية، ويعده للقيام بالمهام الوظيفية المستقبلية وفق مخطط علمي لاحتياجاته التدريبية.

فمن خلال التعرض لتعريف التدريب نستطيع إدراك أن:

  1. التدريب نشاط إنساني.
  2. التدريب نشاط مخطط له ومقصود.
  3. التدريب يهدف إلى إحداث تغييرات في جوانب مختارة لدى المتدربين.
  4. التدريب ليس هدفاً في حد ذاته  وإنما هو عملية منظمة تستهدف تحسين وتنمية قدرات واستعدادات الأفراد، بما ينعكس أثره على زيادة أهداف المنظمة المحققة.
  5. أن التدريب هو الوسيلة الأهم التي تؤدي إلى تنمية وتحسين الكفاية الإنتاجية للمنظمات.
  6. أن التدريب من أفضل مجالات الاستثمار في الإنسان.
  7. أن التدريب عملية مستقبلية.
إقرأ أيضاً: 3 طرق لزيادة نقل المعرفة والمعلومات أثناء التدريب

1. أهداف التدريب:

يهدف التدريب عموماً إلى النهوض بالعنصر البشري العامل في جميع القطاعات  وعلى كافة المستويات وإعداده الإعداد الملائم للقيام بدورة وأداء مهامه بكفاءة عالية تختلف الأهداف باختلاف البرنامج التدريبي، ولكن هناك أهداف عامة أساسية منها:

  1. تنمية مهارات التفكير التأملي لدى المتدربين وقدراتهم البحثية من خلال بحوث العمل أو المشاغل والدورات التدريبية    
  2. إيجاد صف ثان مؤهل يمكن الاعتماد عليه في تفويض السلطة وتحقيق لا مركزية الأداء، وفي الحلول محل القيادة التي تتقاعد أو تنتقل لمواقع أخرى.
  3. الإسهام في إعادة التوازن النوعي والعددي لهيكل العمالة. فإذا حدث فائض في العمالة في تخصص أو قطاع معين، يمكن من خلال التدريب التحويلي – تأهيلهم لتخصص أو تخصصات أخرى حيث يسد بهم العجز فيها..
  4. تنمية وعي المتدربين بالمستجدات التربوية وتفهم التوجهات الحديثة والأسس التي قامت عليها.
  5. الاستفادة من خبرات ومعارف ومهارات المصادر البشرية في تطوير وتنمية معارف ومهارات العاملين في الميدان التربوي.
  6. تعريف المتدربين بأدوارهم المختلفة وتزويدهم بالمعارف والمهارات التي تمكنهم من أداء تلك الأدوار بفاعلية وكفاءة.
  7. إتاحة الفرص أمام المتدربين لتفهم العلاقة الوثيقة بين النظرية والتطبيق في التربية والتعليم.
  8. تنمية الوعي لدى المتدربين بالحاجة إلى تقبل التغيير والاستعداد له، وبذل الجهد لوضع التغيرات التربوية موضع الاختبار والتجربة والإسهام في عملية التطوير والتجديد.

شاهد بالفيديو: أهداف التدريب.

 

2. أهمية التدريب: 

إن عملية التدريب لا يمكن أن تخلق الإنسان الواعي، المتفتح، ولكنها فرصة ذهبية تتاح للأفراد للانتقال بهم من مستواهم الحالي إلى مستوى أفضل، وترجع أهمية التدريب إلى المزايا العديدة التي نحصل عليها من ورائه ويكتسب التدريب أهمية بالغة في الإدارة المعاصرة، استجابة لمتغيرات في بيئة المنظمة الداخلية والخارجية فمع التقدم التكنولوجي ستظهر وظائف واحتياجات تدريبية جديدة، تبرز معها أهمية التدريب والتي من بينها:

  1. يعمل التدريب على إدارة الآلات والمعدات المستخدمة في المنظمة الحكومية بكفاءة، ويقلل من تكلفة صيانتها.
  2. تحقيق الذات وتنمية المسار الوظيفي للموظفين الذين يمتلكون عنصر الطموح.
  3. التكيف مع المتغيرات التقنية في مجال الإدارة حتى تحافظ المنظمة على مستوى من الأداء يحقق رضا المستفيدين من خدماتها.
  4. تحقيق احتياجات المنظمة من القوى البشرية واختصار الوقت اللازم لأداء العمل بفاعلية.
  5. استخدام التدريب كأسلوب من أساليب التحفيز والترقية والجدارة.
  6. عادة ما تكون الخبرات المتاحة لكثير من العاملين في المنظمات الحكومية، قد تم اكتسابها منذ زمن بعيد وبالتالي لابد من إعادة تدريبهم باستمرار.
  7. إحداث تغييرات إيجابية في سلوكهم واتجاهاتهم، وإكسابهم المعرفة الجديدة، وتنمية قدراتهم وصقل مهاراتهم، والتأثير في اتجاهاتهم وتعديل أفكارهم، وتطوير العادات والأساليب التي يستخدمونها للنجاح والتفوق في العمل.
إقرأ أيضاً: كيف أنجح في إيضاح أهميَّة التعليم والتدريب ضمن شركتي؟

3. الحاجة إلى التدريب:

يعد التدريب في عالم المجتمعات والمؤسسات المعاصرة هو أداة التنمية ووسيلتها كما أنه الأداة التي إذا أحسن استثمارها وتوظيفها تمكنت من تحقيق الكفاءة والكفاية في الأداء والإنتاج، وقد أظهرت نتائج العديد من الأبحاث  أن للتدريب دوراً أساسياً في نمو الثقافة والحضارة عامة وتبرز أهمية ذلك باعتباره أساس كل تعلم وتطوير وتنمية للعنصر البشري ومن ثم تقدم المجتمع وبنائه.

وعن طريق التدريب يستمر الإعداد للمهنة طالما أن متطلباتها متغيرة بتأثير عوامل عدة كالانفجار المعرفي المتمثل في التقدم التقني في جميع مجالات الحياة وكذلك سهولة تدفق المعلومات من مجتمع إلى آخر ومن حضارة إلى أخرى، وأن التدريب أثناء الخدمة هو الأساس الذي يحقق تنمية العاملين بصفة مستمرة بشكل يضمن القيام بمهامهم ومسؤولياتهم وواجباتهم بالشكل الذي يتناسب مع مستجدات أعمالهم التي لم تكن موجودة حين الإعداد قبل الخدمة، فالتدريب  يقدم معرفة جديدة، ويضيف معلومات متنوعة، ويعطي مهارات وقدرات ويؤثر على الاتجاهات، ويعدل الأفكار ويغير السلوك ويطور العادات والأساليب.

وتبرز الحاجة إلى التدريب أثناء الخدمة في النقاط الآتية:

  • أن التدريب أثناء الخدمة يهيئ الفرصة أمام المتدرب لاكتساب المعارف ومهارات جديدة في مجال عمله
  • أن التدريب أثناء الخدمة يساعد على تغيير الاتجاهات واكتساب اتجاهات إيجابية تجاه المهنة مما يؤدي إلى رفع الروح المعنوية وزيادة الإنتاجية في العمل.
  • إطلاع المتدربين على كل ما هو جديد في مجال أداء المهنة.
  • زيادة روح الانتماء لدى المتدربين تجاه مؤسساتهم لشعورهم أنهم العنصر الأهم في تطوير إنتاجيتها.
  • إن التدريب أثناء الخدمة يكسب المتدرب أفاقاً جديدة في مجال ممارسة المهنة وذلك من خلال تبصيره بمشكلات المهنة وتحدياتها وأسبابها أو كيفية التخلص منها،أو التقليل من آثارها على أداء العمل.

ID=179

فصل في الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم

 

[ ص: 269 ] فصل في الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى بيت المقدس ، ثم عروجه من هناك إلى السماوات ، وما رأى هنالك من الآيات

ذكر ابن عساكر أحاديث الإسراء في أوائل البعثة ، وأما ابن إسحاق فذكرها في هذا الموطن بعد البعثة بنحو من عشر سنين . وروى البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري أنه قال : أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل خروجه إلى المدينة بسنة . قال : وكذلك ذكره ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة . ثم روى عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير عن أسباط بن نصر عن إسماعيل السدي أنه قال : فرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس ببيت المقدس ليلة أسري به ، قبل مهاجره بستة عشر شهرا . فعلى قول السدي يكون الإسراء في شهر ذي القعدة ، وعلى [ ص: 270 ] قول الزهري وعروة يكون في ربيع الأول .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا عثمان عن سعيد بن مينا عن جابر وابن عباس قالا : ولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفيل ، يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وفيه بعث ، وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر وفيه مات . فيه انقطاع . وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي في " سيرته " ، وقد أورد حديثا لا يصح سنده ، ذكرناه في " فضائل شهر رجب " ، أن الإسراء كان ليلة السابع والعشرين من رجب . والله أعلم . ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من شهر رجب ، وهي ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة ، ولا أصل لذلك . والله أعلم . وينشد بعضهم في ذلك


ليلة الجمعة عرج بالنبي ليلة الجمعة أول رجب

وهذا الشعر عليه ركاكة ، وإنما ذكرناه استشهادا لمن يقول به . وقد ذكرنا الأحاديث الواردة في ذلك مستقصاة ، عند قوله تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير [ الإسراء : 1 ] فلتكتب من هناك على ما هي عليه من الأسانيد والعزو والكلام عليها ، ومعها ، ففيها مقنع وكفاية . ولله الحمد والمنة .

[ ص: 271 ] ولنذكر ملخص كلام ابن إسحاق رحمه الله ، فإنه قال بعد ذكر ما تقدم من الفصول : ثم أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس من إيلياء ، وقد فشا الإسلام بمكة ، في قريش وفي القبائل كلها ، قال : وكان من الحديث فيما بلغني عن مسراه - صلى الله عليه وسلم - عن ابن مسعود وأبي سعيد وعائشة ، ومعاوية وأم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنهم والحسن بن أبي الحسن وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم ما اجتمع في هذا الحديث ، كل يحدث عنه بعض ما ذكر لي من أمره وكان في مسراه - صلى الله عليه وسلم - وما ذكر لي منه بلاء وتمحيص ، وأمر من أمر الله ، في قدرته وسلطانه ، فيه عبرة لأولي الألباب ، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق ، وكان من أمر الله على يقين ، فأسري به كيف شاء ، وكما شاء ، ليريه من آياته ما أراد ، حتى عاين ما عاين من أمره ، وسلطانه العظيم ، وقدرته التي يصنع بها ما يريد ، فكان عبد الله بن مسعود فيما بلغني ، يقول : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبراق ، وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله ، تضع حافرها في منتهى طرفها ، فحمل عليها ، ثم خرج به صاحبه ، يرى الآيات فيما بين السماء والأرض ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى ، في نفر من الأنبياء ، قد جمعوا له ، فصلى بهم ، ثم أتي بثلاثة آنية ; من لبن ، وخمر ، وماء . فذكر أنه شرب إناء اللبن ، " فقال لي جبريل : هديت وهديت أمتك " .

[ ص: 272 ] وذكر ابن إسحاق في سياق الحسن البصري مرسلا . ، أن جبريل أيقظه ، ثم خرج به إلى باب المسجد الحرام ، فأركبه البراق ، وهو " دابة أبيض ، بين البغل والحمار ، وفي فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه ، يضع حافره في منتهى طرفه ، ثم حملني عليه ، ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته " .

قلت : وفي الحديث ، وهو عن قتادة فيما ذكره ابن إسحاق ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد ركوب البراق ، شمس به ، فوضع جبريل يده على معرفته ، ثم قال : ألا تستحي يا براق مما تصنع ! فوالله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه . قال : فاستحى حتى ارفض عرقا ، ثم قر حتى ركبته . قال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومضى معه جبريل حتى انتهى به إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى ، في نفر من الأنبياء ، فأمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بهم . ثم ذكر اختياره إناء اللبن على إناء الخمر ، وقول جبريل له : هديت وهديت أمتك ، وحرمت عليكم الخمر . قال : ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فأصبح يخبر قريشا بذلك ، فذكر أنه كذبه أكثر الناس ، وارتدت طائفة بعد إسلامها ، [ ص: 273 ] وبادر الصديق إلى التصديق وقال : إني لأصدقه في خبر السماء بكرة وعشية ، أفلا أصدقه في بيت المقدس ! وذكر أن الصديق سأله عن صفة بيت المقدس ، فذكرها له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قال : فيومئذ سمي أبو بكر الصديق . قال الحسن : وأنزل الله في ذلك : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا [ الإسراء : 60 ] الآية .

وذكر ابن إسحاق فيما بلغه عن أم هانئ ، أنها قالت : ما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من بيتي ، نام عندي تلك الليلة بعد ما صلى العشاء الآخرة ، فلما كان قبيل الفجر أهبنا ، فلما صلى الصبح وصلينا معه ، قال : " يا أم هانئ ، لقد صليت معكم العشاء الآخرة في هذا الوادي ، ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ، ثم قد صليت الغداة معكم الآن كما ترين " . ثم قام ليخرج فأخذت بطرف ردائه ، فقلت : يا نبي الله ، لا تحدث بهذا الحديث الناس ، فيكذبوك ويؤذوك . قال : " والله لأحدثنهموه " . فأخبرهم فكذبوه ، فقال : " وآية ذلك ، أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا ، فأنفرهم حس الدابة ، فند لهم بعير ، فدللتهم عليه وأنا موجه إلى الشام ، ثم أقبلت [ ص: 274 ] حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان ، فوجدت القوم نياما ، ولهم إناء فيه ماء ، قد غطوا عليه بشيء ، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ، ثم غطيت عليه كما كان ، وآية ذلك ، أن عيرهم يصوب الآن من ثنية التنعيم البيضاء ، يقدمها جمل أورق عليه غرارتان ، إحداهما سوداء والأخرى برقاء . قالت : فابتدر القوم الثنية ، فلم يلقهم أول من الجمل الذي وصف لهم ، وسألوهم عن الإناء وعن البعير فأخبروهم ، كما ذكر صلوات الله وسلامه عليه

وذكر يونس بن بكير عن أسباط عن إسماعيل السدي أن الشمس كادت أن تغرب قبل أن يقدم ذلك العير ، فدعا الله ، عز وجل ، فحبسها حتى قدموا كما وصف لهم . قال : فلم تحتبس الشمس على أحد إلا عليه ذلك اليوم ، وعلى يوشع بن نون . رواه البيهقي .

قال ابن إسحاق : وأخبرني من لا أتهم ، عن أبي سعيد قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لما فرغت مما كان في بيت المقدس أتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر ، [ ص: 275 ] فأصعدني فيه صاحبي ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء ، يقال له : باب الحفظة . عليه ملك من الملائكة يقال له : إسماعيل . تحت يده اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك " . قال : يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو [ المدثر : 31 ] ثم ذكر بقية الحديث ، وهو مطول جدا ، وقد سقناه بإسناده ولفظه بكماله في " التفسير " وتكلمنا عليه ; فإنه من غرائب الأحاديث ، وفي إسناده ضعف ، وكذا في سياق حديث أم هانئ ; فإن الثابت في " الصحيحين " ، من رواية شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس أن الإسراء كان من المسجد من عند الحجر . وفي سياقه غرابة أيضا من وجوه ، قد تكلمنا عليها هناك ، ومنها قوله : وذلك قبل أن يوحى إليه . والجواب أن مجيئهم أول مرة كان قبل أن يوحى إليه ، فكانت تلك الليلة ولم يكن فيها شيء ، ثم جاءه الملائكة ليلة أخرى ولم يقل في ذلك : وذلك قبل أن يوحى إليه . بل جاءه بعد ما أوحي إليه ، فكان الإسراء قطعا بعد [ ص: 276 ] الإيحاء ; إما بقليل كما زعمه طائفة ، أو بكثير نحو من عشر سنين ، كما زعمه آخرون ، وهو الأظهر ، وغسل صدره تلك الليلة قبل الإسراء غسلا ثانيا ، أو ثالثا ، على قول ; لأنه مطلوب إلى الملأ الأعلى والحضرة الإلهية . ثم ركب البراق رفعة له وتعظيما وتكريما ، فلما جاء بيت المقدس ربطه بالحلقة التي كانت تربط بها الأنبياء ، ثم دخل بيت المقدس فصلى في قبلته تحية المسجد . وأنكر حذيفة رضي الله عنه دخوله إلى بيت المقدس وربطه الدابة وصلاته فيه . وهذا غريب ، والنص المثبت مقدم على النافي . ثم اختلفوا في اجتماعه بالأنبياء وصلاته بهم ; أكان قبل عروجه إلى السماء كما دل عليه ما تقدم ، أو بعد نزوله منها . كما دل عليه بعض السياقات ، وهو أنسب ، كما سنذكره على قولين . فالله أعلم . وقيل : إن صلاته بالأنبياء كانت في السماء . وهكذا تخيره من الآنية اللبن والخمر والماء ; هل كانت ببيت المقدس ، كما تقدم ، أو في السماء ، كما ثبت في الحديث الصحيح .

والمقصود أنه - صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من أمر بيت المقدس نصب له المعراج ، وهو السلم ، فصعد فيه إلى السماء ، ولم يكن الصعود على البراق ، كما قد يتوهمه بعض الناس ، بل كان البراق مربوطا على باب مسجد بيت المقدس ; ليرجع عليه إلى مكة ، فصعد من سماء إلى سماء في المعراج حتى جاوز السابعة ، وكلما جاء سماء ، تلقته منها مقربوها ، ومن فيها من أكابر الملائكة والأنبياء ، [ ص: 277 ] وذكر أعيان من رآه من المرسلين ; كآدم في سماء الدنيا ، ويحيى وعيسى في الثانية ، وإدريس في الرابعة ، وموسى في السادسة ، على الصحيح ، وإبراهيم في السابعة مسندا ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، يتعبدون فيه صلاة وطوافا ، ثم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة ، ثم جاوز مراتبهم كلهم ، حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام ، ورفعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - سدرة المنتهى ، وإذا ورقها كآذان الفيلة ، ونبقها كقلال هجر ، وغشيها عند ذلك أمور عظيمة ; ألوان متعددة باهرة ، وركبتها الملائكة مثل الغربان على الشجر كثرة ، وفراش من ذهب ، وغشيها من نور الرب جل جلاله ، ورأى هناك جبريل ، عليه السلام ، له ستمائة جناح ما بين كل جناحين كما بين السماء والأرض ، وهو الذي يقول الله تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى [ النجم : 13 - 17 ] أي : ما زاغ يمينا ولا شمالا ، ولا ارتفع عن المكان الذي حد له النظر إليه ، وهذا هو الثبات العظيم ، والأدب الكريم ، وهذه الرؤيا الثانية لجبريل عليه السلام ، على الصفة التي خلقه الله تعالى عليها ، كما نقله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو [ ص: 278 ] ذر وعائشة ، رضي الله عنهم أجمعين . والأولى هي قوله تعالى : علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى [ النجم : 5 - 10 ] وكان ذلك بالأبطح تدلى جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سادا عظم خلقه ما بين السماء والأرض ، حتى كان بينه وبينه قاب قوسين أو أدنى ، هذا هو الصحيح في " التفسير " كما دل عليه كلام أكابر الصحابة المتقدم ذكرهم رضي الله عنهم . فأما قول شريك عن أنس في حديث الإسراء : ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى . فقد يكون من فهم الراوي فأقحمه في الحديث . والله أعلم . وإن كان محفوظا ، فليس بتفسير للآية الكريمة ، بل هو شيء آخر غير ما دلت عليه الآية الكريمة . والله أعلم .

وفرض الله سبحانه وتعالى ، على عبده محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى أمته الصلوات ليلتئذ ، خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، ثم لم يزل يختلف بين موسى وبين ربه عز وجل . حتى وضعها الرب جل جلاله ، وله الحمد والمنة ، إلى خمس . وقال : " هي خمس وهي خمسون : الحسنة بعشر أمثالها " . فحصل له التكليم من الرب عز وجل ليلتئذ ، وأئمة السنة كالمطبقين على هذا ، واختلفوا في الرؤية ; فقال بعضهم : رآه بفؤاده مرتين . قاله ابن عباس [ ص: 279 ] وطائفة ، وأطلق ابن عباس وغيره الرؤية ، وهو محمول على التقييد . وممن أطلق الرؤية أبو هريرة وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما ، وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين ، واختاره ابن جرير وبالغ فيه ، وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين . وممن نص على الرؤية بعيني رأسه : الشيخ أبو الحسن الأشعري فيما نقله السهيلي عنه ، واختاره الشيخ أبو زكريا النووي في " فتاويه " . وقالت طائفة : لم يقع ذلك ; لحديث أبي ذر في " صحيح مسلم " ، قلت : يا رسول الله ، هل رأيت ربك ؟ فقال : " نور أنى أراه " وفي رواية : " رأيت نورا " . قالوا : ولم يمكن رؤية الباقي بالعين الفانية ، ولهذا قال الله تعالى لموسى فيما روي في بعض الكتب الإلهية : يا موسى ، إنه لا يراني حي إلا مات ، ولا يابس إلا تدهده . والخلاف في هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف . والله أعلم .

ثم هبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس ، والظاهر أن الأنبياء هبطوا معه [ ص: 280 ] تكريما له وتعظيما ، عند رجوعه من الحضرة الإلهية العظيمة ، كما هي عادة الوافدين ; لا يجتمعون بأحد قبل الذي طلبوا إليه ، ولهذا كان كلما مر على واحد منهم ، يقول له جبريل عند مقدم ذاك للسلام عليه : هذا فلان ، فسلم عليه . فلو كان قد اجتمع بهم قبل صعوده ، لما احتاج إلى تعرف بهم مرة ثانية ، ومما يدل على ذلك ، أنه قال : " فلما حانت الصلاة أممتهم " . ولم يحن وقت إذ ذاك إلا صلاة الفجر فتقدمهم إماما بهم عن أمر جبريل فيما يرويه عن ربه عز وجل فاستفاد بعضهم من هذا ، أن الإمام الأعظم يقدم في الإمامة على رب المنزل ; حيث كان بيت المقدس محلتهم ودار إقامتهم ثم خرج منه فركب البراق ، وعاد إلى مكة فأصبح بها ، وهو في غاية الثبات والسكينة والوقار ، وقد عاين في تلك الليلة من الآيات والأمور التي لو رآها أو بعضها غيره ، لأصبح مندهشا أو طائش العقل ، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - أصبح واجما ، أي ساكنا ، يخشى إن بدأ فأخبر قومه بما رأى ، أن يبادروا إلى تكذيبه ، فتلطف بإخبارهم أولا بأنه جاء بيت المقدس في تلك الليلة ، وذلك أن أبا جهل لعنه الله ، رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الحرام ، وهو جالس واجم ، فقال له : هل من خبر ؟ فقال : " نعم " . فقال : وما هو ؟ فقال : " إني أسري بي الليلة إلى بيت المقدس " . قال : إلى بيت المقدس ؟ ! قال : " نعم " . قال : أرأيت إن دعوت قومك لك لتخبرهم ، أتخبرهم بما أخبرتني به ؟ قال : " نعم " . فأراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك ، وأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمعهم ليخبرهم ذلك ويبلغهم ، فقال أبو جهل : هيا معشر قريش . فاجتمعوا من أنديتهم ، فقال : أخبر قومك بما أخبرتني به . فقص عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى ، [ ص: 281 ] وأنه جاء بيت المقدس هذه الليلة وصلى فيه ، فمن بين مصفق ، وبين مصفر ، تكذيبا له واستبعادا لخبره ، وطار الخبر بمكة ، وجاء الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه ، فأخبروه أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - يقول كذا وكذا . فقال : إنكم تكذبون عليه . فقالوا : والله إنه ليقوله . فقال : إن كان قاله فلقد صدق . ثم جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحوله مشركو قريش ، فسأله عن ذلك فأخبره ، فاستعلمه عن صفات بيت المقدس ; ليسمع المشركون ويعلموا صدقه فيما أخبرهم به . وفي " الصحيح " أن المشركين هم الذين سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك . قال : " فجعلت أخبرهم عن آياته ، فالتبس علي بعض الشيء ، فجلى الله لي بيت المقدس ، حتى جعلت أنظر إليه دون دار عقيل وأنعته لهم " . فقالوا : أما الصفة فقد أصاب .

وذكر ابن إسحاق ما تقدم من إخباره لهم بمروره بعيرهم ، وما كان من شربه ماءهم . فأقام الله عليهم الحجة ، واستنارت لهم المحجة ، فآمن من آمن على يقين من ربه ، وكفر من كفر بعد قيام الحجة عليه ، كما قال الله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس [ الإسراء : 60 ] أي ; اختبارا لهم وامتحانا . قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وهذا مذهب جمهور السلف والخلف ، من أن الإسراء كان ببدنه وروحه صلوات الله وسلامه عليه ، كما دل على ذلك ظاهر السياقات من ركوبه وصعوده في [ ص: 282 ] المعراج ، وغير ذلك ; ولهذا قال تعالى : سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى [ الإسراء : 1 ] والتسبيح إنما يكون عند الآيات العظيمة الخارقة ، فدل على أنه بالروح والجسد ، والعبد عبارة عنهما ، وأيضا فلو كان مناما لما بادر كفار قريش إلى التكذيب به والاستبعاد له ، إذ ليس في ذلك كبير أمر ، فدل على أنه أخبرهم بأنه أسري به يقظة لا مناما .

وقوله في حديث شريك عن أنس : " ثم استيقظت فإذا أنا في الحجر " . معدود في غلطات شريك أو محمول على أن الانتقال من حال إلى حال يسمى يقظة ، كما سيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها ، حين ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف فكذبوه . قال " فرجعت مهموما ، فلم استفق إلا بقرن الثعالب " . وفي حديث أبي أسيد حين جاء بابنه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحنكه ، فوضعه على فخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشتغل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديث مع الناس ، فرفع أبو أسيد ابنه ، ثم استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يجد الصبي ، فسأل عنه ، فقالوا : رفع . فسماه المنذر وهذا الحمل أحسن من التغليط . والله أعلم .

وقد حكى ابن إسحاق فقال : حدثني بعض آل أبي بكر عن عائشة أم المؤمنين ، أنها كانت تقول : ما فقد جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الله أسرى [ ص: 283 ] بروحه قال : وحدثني يعقوب بن عتبة أن معاوية كان إذا سئل عن مسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : كانت رؤيا من الله صادقة .

قال ابن إسحاق فلم ينكر ذلك من قولهما ; لقول الحسن : إن هذه الآية نزلت في ذلك وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ، وكما قال إبراهيم عليه السلام : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك [ الصافات : 102 ] وفي الحديث : تنام عيني وقلبي يقظان

قال ابن إسحاق : فالله أعلم أي ذلك كان قد جاءه ، وعاين فيه ما عاين من أمر الله تعالى ، على أي حاليه كان ، نائما أو يقظان ، كل ذلك حق وصدق .

قلت : وقد توقف ابن إسحاق في ذلك ، وجوز كلا من الأمرين من حيث الجملة ، ولكن الذي لا يشك فيه ولا يتمارى ، أنه كان يقظان لا محالة ; لما تقدم ، وليس مقتضى كلام عائشة رضي الله عنها أن جسده - صلى الله عليه وسلم - ما فقد ، وإنما كان الإسراء بروحه ، أن يكون ذلك مناما كما فهمه ابن إسحاق بل قد يكون وقع الإسراء بروحه حقيقة ، وهو يقظان لا نائم ، وركب البراق ، وجاء بيت المقدس ، وصعد السماوات ، وعاين ما عاين ، حقيقة [ ص: 284 ] ويقظة لا مناما ، لعل هذا مراد عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، ومراد من تابعها على ذلك ، لا ما فهمه ابن إسحاق من أنهم أرادوا بذلك المنام . والله أعلم .

تنبيه : ونحن لا ننكر وقوع منام قبل الإسراء ، طبق ما وقع بعد ذلك ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، وقد تقدم مثل ذلك في حديث بدء الوحي ، أنه رأى مثل ما وقع له يقظة ، مناما قبله ، ليكون ذلك من باب الإرهاص والتوطئة والتثبيت والإيناس . والله أعلم .

ثم قد اختلف العلماء في أن الإسراء والمعراج هل كانا في ليلة واحدة ، أو كل في ليلة على حدة ؟ فمنهم من يزعم أن الإسراء في اليقظة ، والمعراج في المنام . وقد حكى المهلب بن أبي صفرة في " شرحه البخاري " عن طائفة ، أنهم ذهبوا إلى أن الإسراء مرتان ، مرة بروحه مناما ، ومرة ببدنه وروحه يقظة . وقد حكاه الحافظ أبو القاسم السهيلي عن شيخه أبي بكر بن العربي الفقيه المالكي . وهذا القول يجمع الأحاديث ; فإن في حديث شريك عن أنس : وذلك فيما يرى قلبه ، وتنام عيناه ولا ينام قلبه ، وقال في آخره : " ثم استيقظت ، فإذا أنا في الحجر " . وهذا منام ، ودل غيره على اليقظة . ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضا ، حتى قال بعضهم : إنها أربع إسراءات . وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة . وقد حاول الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله ، [ ص: 285 ] أن يوفق بين اختلاف ما وقع في روايات حديث الإسراء بالجمع بالتعدد ، فجعل ثلاث إسراءات ، مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق ، ومرة من مكة إلى السماوات على البراق أيضا ، لحديث حذيفة ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السماوات .

فنقول : إن كان إنما حمله على القول بهذه الثلاث اختلاف الروايات ، فقد اختلف لفظ الحديث في ذلك على أكثر من هذه الثلاث صفات ، ومن أراد الوقوف على ذلك ، فلينظر فيما جمعناه مستقصى في كتابنا " التفسير " عند قوله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ، وإن كان إنما حمله ، أن التقسيم انحصر في ثلاث صفات بالنسبة إلى بيت المقدس وإلى السماوات ، فلا يلزم من الحصر العقلي الوقوع كذلك في الخارج إلا بدليل ، والله أعلم .

والعجب أن الإمام أبا عبد الله البخاري رحمه الله ، ذكر الإسراء بعد ذكره موت أبي طالب فوافق ابن إسحاق في ذكره المعراج في أواخر الأمر ، وخالفه في ذكره بعد موت أبي طالب وابن إسحاق أخر ذكر موت أبي طالب على الإسراء . فالله أعلم أي ذلك كان .

والمقصود أن البخاري فرق بين الإسراء وبين المعراج ، فبوب لكل منهما بابا على حدة ، فقال : باب حديث الإسراء وقول الله سبحانه وتعالى : [ ص: 286 ] سبحان الذي أسرى بعبده ليلا حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : سمعت جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لما كذبتني قريش ، كنت في الحجر ، فجلى الله لي بيت المقدس ، فطفقت أخبرهم عن آياته ، وأنا أنظر إليه " . وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث الزهري عن أبي سلمة عن جابر به . ورواه مسلم والنسائي من حديث عبد الله بن الفضل عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحوه .

ثم قال البخاري : باب حديث المعراج : حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثهم عن ليلة أسري به قال : " بينما أنا في الحطيم وربما قال : في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فقد قال : وسمعته يقول : فشق ما بين هذه إلى هذه " . فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به ؟ قال : من ثغرة نحره إلى شعرته . وسمعته يقول : من قصه [ ص: 287 ] إلى شعرته . " فاستخرج قلبي ، ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا ، فغسل قلبي ، ثم حشي ، ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل ، وفوق الحمار أبيض " . فقال له الجارود : وهو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس : نعم . يضع خطوه عند أقصى طرفه ، فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . ففتح ، فلما خلصت ، فإذا فيها آدم . فقال : هذا أبوك آدم ، فسلم عليه . فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : " مرحبا بالابن الصالح ، والنبي الصالح " ثم صعد بي إلى السماء الثانية ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . ففتح ، فلما خلصت ، إذا يحيى وعيسى ، وهما ابنا خالة ، قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما . فسلمت فردا ، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . ففتح فلما خلصت إذا يوسف ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قال : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا إدريس قال : هذا إدريس فسلم عليه . فسلمت فرد ، ثم قال : مرحبا بالأخ [ ص: 288 ] الصالح ، والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا هارون ، قال : هذا هارون ، فسلم عليه . فسلمت عليه فرد ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة ، فاستفتح فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه . فسلمت عليه ، فرد ، ثم قال : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . فلما تجاوزت بكى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : أبكي ; لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي . ثم صعد بي إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل . قيل : ومن معك ؟ قال : محمد . قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قيل : مرحبا به ، فنعم المجيء جاء . فلما خلصت فإذا إبراهيم ، قال : هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه . فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم رفعت لي سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ، قال : هذه سدرة المنتهى ، وإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ، ونهران باطنان . فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات . ثم رفع لي البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فأخذت [ ص: 289 ] اللبن ، فقال : هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك . ثم فرضت علي الصلوات خمسين صلاة كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني والله قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك . فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال مثله . فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فقال مثله ، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ فقلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسأله التخفيف لأمتك . قال : سألت ربي حتى استحييت ، ولكن أرضى وأسلم . قال : فلما جاوزت ناداني مناد : أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي " . هكذا روى البخاري هذا الحديث هاهنا ، وقد رواه في مواضع أخر من " صحيحه " ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة . ورويناه من حديث أنس بن مالك عن أبي بن كعب ومن حديث أنس عن أبي ذر ومن طرق [ ص: 290 ] كثيرة عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقد ذكرنا ذلك مستقصى بطرقه وألفاظه في التفسير . ولم يقع في هذا السياق ذكر بيت المقدس وكان بعض الرواة يحذف بعض الخبر للعلم به ، أو ينساه أو يذكر ما هو الأهم عنده ، أو يبسط تارة فيسوقه كله ، وتارة يحدث مخاطبه بما هو الأنفع له . ومن جعل كل رواية إسراء على حدة - كما تقدم عن بعضهم - فقد أبعد جدا ; وذلك أن كل السياقات فيها السلام على الأنبياء ، وفي كل منها تعريفه بهم . وفي كلها يفرض عليه الصلوات ، فكيف يمكن أن يدعى تعدد ذلك ؟ هذا في غاية البعد والاستحالة ، والله أعلم .

ثم قال البخاري : حدثنا الحميدي حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال : هي رؤيا عين ، أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به إلى بيت المقدس ، والشجرة الملعونة في القرآن قال : هي شجرة الزقوم .

التالي السابق


تفسير الأية

ترجمة العلم

عناوين الشجرة

تخريج الحديث


[ ص: 185 ] تفسير سورة الإسراء هذه السورة مكية ، إلا ثلاث آيات : قوله - عز وجل - وإن كادوا ليستفزونك حين جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفد ثقيف ، وحين قالت اليهود : ليست هذه بأرض الأنبياء . وقوله - عز وجل - : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق وقوله - تعالى - إن ربك أحاط بالناس الآية . وقال مقاتل : وقوله - عز وجل - إن الذين أوتوا العلم من قبله الآية . وقال ابن مسعود - رضي الله عنه - في بني إسرائيل والكهف ومريم : إنهن من العتاق الأول ، وهن من تلادي ; يريد من قديم كسبه .

بسم الله الحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير فيه ثمان مسائل :

الأولى : قوله تعالى : سبحان سبحان اسم موضوع موضع المصدر ، وهو غير متمكن ; لأنه لا يجري بوجوه الإعراب ، ولا تدخل عليه الألف واللام ، ولم يجر منه فعل ، ولم ينصرف لأن في آخره

  • قصة الإسراء والمعراج كاملة بالتفصيل

     

    قصة الإسراء والمعراج كاملة بالتفصيل الممل

    قصة الإسراء والمعراج كاملة بالتفصيل الممل، موقع مقال دوت كوم mqaall.com يحدثكم اليوم عنه، حيث أن رحلة الإسراء والمعراج من الحقائق والمعجزات إسلامية بحث عدد كبير من الفقهاء في تحديد زمن الرحلة ولكن بدون فائدة ولكن فرض علينا أن نؤمن بهذه المعجزة ونتعرف على تفصيلها.

    محتويات المقال [ عرض ]

    تعريــف الإسراء والمعراج

    • معنى الإسراء يوم ذهاب رسول الله علية أفضل الصلاة والسلام مع جبريل عليه أفضل السلام.
    • أثناء الليل من البيت الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس بفلسطين.
    • تم نقله على ناقة البراق، ومعني المعراج صعود رسول الله عليه الصلاة والسلام من مسجد الأقصى إلى السماوات العلى.
    • ذكرت هذه القصة في القرآن الكريم والسنة النبوية، وشهد بها صحابة الرسول.

    ولا يفوتك قراءة مقالنا عن: قصة الإسراء والمعراج مكتوبة مختصرة

    سبب رحلة الإسراء والمعراج

    • رحلة الإسراء والمعراج لها أكثر من سبب، أول سبب لها تقليل الشعور بالآلام وأحزان نبي الله علية أفضل الصلاة والسلام.
    • بسبب الضرر الذي لحق به من قومه، كما كان تكريم له وإعلاء لذاته، بالإضافة لمعرفة مكانته ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى.
      • فبعد ذلك بدء بداية جديدة من الدعوة، كما أن هذه الرحلة كانت تكريمًا وفضلًا كبيرًا لرسول الله صلي الله علية وسلم.
      • وتخفيفًا له عما شاهده من قومه من أذى واعترض لدعوته قال تعالى «ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيما».
      • بينما كانت الرحلة لمشاهدة رسول الله صلى الله عليه من آيات الله سبحانه وتعالى التي لها عظمة كبيرة، قال تعالى «لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا».
    • كما ذكر في القرآن الكريم عن الإسراء والمعراج قال الله تعالى « لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى».
      • تشجيع على استمرار مواجهة صعوبات الدعوة التي تلحق به، وقد شاهد رسول الله صلي الله علية وسلم الجنة والنار وأشياء غير ذلك.

    توقيت رحلة الإسراء والمعراج

    • تختلف تفسير علماء في معرفة توقيت رحلة الإسراء والمعراج وقد ذكر أرخه الزهري.
      • أن تمت الرحلة قبل الهجرة إلى المدينة بعام، وحدث بعد رحلة رسول الله صلي الله علية وسلم.
    • من الطائف والصعوبات والمعاناة التي واجها في هذه الرحلة، وذكر أنها حدثت في ٢٧ من شهر رجب من العام الثانية عشر للبعثة.

    قصة الإسراء والمعراج كاملة بالتفصيل الممل

    • ذكر الإمام البخاري في صحيحه تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج، كان رسول الله صلي الله علية وسلم.
      • مستلقي على ظهره في منزل أم هاني، فنفتح سقف المنزل، وظهر منه ملكين على شكل بشر.
      • ونقلوا نبي الله علية الصلاة والسلام إلى الحطيم عند ماء زمزم، ثم قاموا بشق صدر الرسول وغسله بماء زمزم.
      • ومتلائمة بالإيمان والحكمة، ليكون ذلك تهيئ له للأمور التي سوف يشاهدها، واستعداد لنبي الله من الاتجاه الروحاني.
    • بعد ذلك أتى جبريل عليه أفضل السلام، لرسول الله ناقة البراق، وشكلها يكون أصغر من الفرس وأكبر من الحمار.
    • تثبت حافرها عند نهاية طرفها، بمعنى تثبت خطواتها فتصل إلى مد بصرها.
    • فعند ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، تحرك من عليها ولم يثبت حتى تحدث إليه جبريل عليه أفضل السلام.
    • وقال له أن يثبت فلم يلمسها أو يركبها أحد خير منه، فثبت ولم يتحرك نبي الله صلى الله عليه وسلم.
    • ولكن تصبب عرقه الشريف، بعد ذلك تحركت بهم إلى بيت المقدس، وبعد ذلك عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم وجبريل إلى السماء الدنيا.
      • الشهداء أرواح الشهداء على جهة اليمين، وأرواح الأشقياء عن اليسار.
    • ثم ذهب وصعد إلى السماء الثانية فشاهد بها سيدنا يحيى وعيسى عليهم أفضل الصلاة والسلام.
    • فقام بسلام عليهم، ثم ذهب وصعد إلى السماء الثالثة وشاهد بها سيدنا يوسف عليه أفضل السلام.
    • بعد ذلك صعد للسماء الرابعة شاهد إدريس علية السلام، وصعد للسماء الخامسة وشاهد هارون عليه السلام.
    • وفي السماء السادسة شاهد موسى عليه السلام، وشاهد سيدنا إبراهيم في السماء السابعة.
    • وجميع الأنبياء قاموا بتسليم على رسول الله ويشهدون بنبوته، ثم ذهب وصعد إلى سدرة المنتهى، والبيت المعمور.
    • بعد ذلك صعد فوق السماء السبع، وتحدث إلى الله عز وجل، وفرض عليه الصلاة وكانت 50 فرض.
    • ونزل إلى سماء سبع قابل سيدنا إبراهيم وقال له على الصلاة فقال له كثير على عبادك فرجع إلى الله وطلب تقليل العدد وفضل نبي الله يرجع حتي أصبح 5 فروض الذي نقوم بها الآن.
    • وعرض على نبي الله اللبن والخمر، فشرب اللبن وشاهد النبي الجنة والنار وما يحدث بها.

    ولا تتردد في زيارة مقالنا عن: ليلة الإسراء والمعراج بالتفصيل

    الهدف من رحلة الإسراء والمعراج

    من أهداف المعبرة من رحلة الإسراء والمعراج ومنها كتالي:

    • بعد ما واجه النبي أذى شديد من أهل الطائف وكان ناس غير قابلين لدعوته وقابل صد منهم.
    • فأكرمه الله تعالى برحلة الإسراء والمعراج تعويض له ما واجهه من أذي.
      • وعوضه الله عوض كبير بعد منعه من دخول مسجد الحرام، ففتح أبواب السماء له ورحب أهل جنة به.
    • مواساة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حزنه بموت زوجته خديجة رضي الله عنها، وعمه أبي طالب.
    • امتحان الناس عبر وضوح الصادق من الكاذب لأن السفر لبيت المقدس يأخذ فترة ٦٠ يوم ذهاب وعودة، عندما صدق أبو بكر نبي الله من ذلك الحين.
    • يطلق علي أبو بكر الصديق رضي الله عنه لتصديق نبي الله لرحلة الإسراء والمعراج.
    • ظهور صدق رسول الله بعد وصفه لقومه ما يعجز بشر وصفة عما شاهده في رحلة الإسراء والمعراج

    دروس مستفادة من رحلة الإسراء والمعراج

    رحلة الإسراء والمعراج لها العديد من الدروس المستفادة والعبر ومنها كتالي:

    • الله عز وجل دائمًا بجانب عبادة يعطيهم المنح بعد كل أزمة يوجهونها، فهي سنة الله عز وجل في عباده ترتيب شؤونهم.
      • فنبي الله صلي الله علية وسلم بعد مشاهد عقوبات متعددة من قومه كالاستهزاء به وتكذيبه.
    • أكرمه الله عز وجل برحلة الإسراء والمعراج، تكريم وعظمة مكانة نبي الله صلى الله عليه وسلم عند الله.
    • مالك الكون فقد اختاره وخصه برحلة الإسراء والمعراج فشاهد العديد من آيات الله العظام.
    • المسجد الأقصى والمسجد والبيت الحرام عظم الله عز وجل مكانتهم في الإسلام، وجعل الصلاة فيهم تفوق بالأجر عن الصلاة في أي مسجد آخر.
    • توضيح عظمة وأهمية الصلاة فلقد فرضت في السماء، لها مكانة وعظمة كبيرة عند الله.

    موقف المشركين في رحلة الإسراء والمعراج

    • حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رحلة الإسراء والمعراج للمشركين فلم يصدقوا قالوا عليه كاذب.
      • ولكن عند سماع أبو بكر الصديق رضي الله عليه برحلة صدقه قبل السماع من رسول الله؛ لذلك أطلق عليه أبو بكر الصديق لصديقة الدائم لحديث نبي الله.
    • وقال أبو بكر الصديق إن كان النبيّ يقول ذلك فقد صدق، بعد ذلك ذهب رسول الله وطلب منه وصف البيت المقدس.
    • وقال له أن المشركين من طلبوا منه، فقام نبي الله بوصف بيت المقدس بعد جلاه الله سبحانه وتعالي له.

    كما يمكنك التعرف على: موقف المشركين من الإسراء والمعراج

    في نهاية مقالنا لقد قدمنا قصة الإسراء والمعراج كاملة بالتفصيل الممل وقد تعرفنا تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج وتوقيت الذي حدثت به بالإضافة إلى الهدف من الرحلة تعويض نبي الله عن مشاهد من أذى من تكذيب قومه له.