أولاً: مفهوم التغذية الراجعة
حين يقوم الإنسان بسلوك ما، فإنه يرغب في معرفة آراء الآخرين للحصول على
وجهات نظرهم، وحين يقوم الطالب بعمل أو سلوك ما فإنه يرغب في معرفة مدى صحة
ما قام به، فقد يسأل زملاؤه، أو ينظر في عيونهم ووجودهم لمعرفة أثر هذا
السلوك عليهم، فالطالب يترقب ما سيقوله المعلم عن إجابته وهل هي صحيحة أم
خاطئة، يترقب تصحيح المعلم للإجابة، أو تصحيح المعلم لورقة الامتحان لكي
يرى مدى دقة إجابته أو صحتها.
فالتغذية الراجعة هي ما يتلقاه الطالب من تعليقات أو سلوكيات نتيجة لما قام به.
وقد تكون التغذية الراجعة جسدية أو بالغشارة الجسدية، حيث يقرأ الطالب ملامح وجه المعلم أو ابتسامته أو ملامح غضبه وانزعاجه.
ولا يدخل في باب التغذية الراجعة ما يقدمه المعلم من تعليمات وإرشادات عامة
مثل بدء العمل، فالتغذية الراجعة هي ما تأتي دائماً بعد قيام الطالب
بالسلوك أو العمل.
ثانياً: مصادر التغذية الراجعة:
يمكن أن يتلقى الطالب التغذية الراجعة من مصادر متعددة مثل المعلم أو
الزملاء الطلبة، وقد يرجع الطالب إلى معيار لفحص سلوكه مثل الرجوع إلى
الكتاب أو القاموس ليقارن إجابته بما ورد في هذه المراجع.
وقد تكون التغذية الراجعة ذاتية، بمعنى أن يتأمل الطالب نشاطاته وسلوكاته
ويحللها، ويتعرف إلى جوانب الضعف والقوة فيها كما يتلقى الطالب تغذية راجعة
من أهله في المنزل الذي غالباً ما يقدمون له ملاحظاتهم على ما قام به من
سلوك.
مصادر التغذية الراجعة:
1. المعلم.
2. الزملاء.
3. الكتاب أو مرجع علمي.
4. الطالب نفسه.
5. الأهل.
ومن المفيد أن تتعدد مصادر التغذية الراجعة لأن المصدر الفردي قد يقدم وجهة
نظر خاصة، بينما تتكامل وجهات النظر الصادرة عن مصادر متعددة. ومن هنا
يتحدث المربون عن تغذية راجعة 360 5 كما هو مبين في الرسم التالي:
تلاحظ من الشكل أن التغذية جاءت من مصادر متعددة، ولم تقتصر على وجهة
نظر فردية، فلكل مصدر منطلقات خاصة، فقد يعجب الطلبة بسلوك ما لا عجب به
الأهل.
وقد يعجب المعلم بسلوك ما لم يعجب الزملاء، فالمصادر المتعددة تقدم صورة أكثر تكاملاً يمكن أن تسهم في تحسين أداء الطلبة.
ثالثاً: لماذا يحتاج الطالب إلى تغذية راجعة؟
إن هدف التغذية الراجعة هو تعديل سلوك الطالب لتلافي نقاط الضعف التي
واجهها، وتأكيد الإيجابيات وتعزيزها، فالتغذية الراجعة هي أحد العناصر
الأساسية لنمو الدماغ وتعزيزها نحو الذكاء. (سوزان كوفاليك: 2004) فالطلبة
يحتاجون إلى تغذية قبلية وتغذية راجعة.
فالتغذية القبلية تقدم للطالب الشروط التي سيتم تنفيذ العمل، كما تحدد
مستوى الأداء ومستوى الإنجاز. وبعد أن يبدأ الطالب بالأداء يمكن أن يتلقى
التغذية الراجعة في أثناء قيامه بالعمل، أو بعد الانتهاء من العمل، لأن ذلك
يعتمد على الهدف من تقديم التغذية الراجعة.
ويمكن إجمال أهداف التغذية الراجعة بما يلي:
1- مساعدة الطالب على أن يمارس السلوك أو الأداء الصحيح قبل أن ينهي عمله،
فما يتلقاه من تغذية في أثناء قيامه بالعمل توجه سلوكه وأداه نحو إنجاز
جيد.
2- إعطاء الطالب فرصة ممارسة الأداء ثم مقارنته بالأداء الصحيح. فالطالب
حين يحل مسألة أو يجيب عن سؤال، فإن ما يتلقاه من تغذية راجعة بعد انتهائه
من العمل تعمل على تحسين أدائه وتعريفه بنقاط قوته وضعفه.
3- تجعل التغذية الراجعة الطالب متشوقاً لمعرفة أدائه ومعرفة نتائج جهوده،
خاصة إذا قدمت ومن مساعدة الطلبة على وضع المعايير الخاصة للحكم على
أعمالهم، بحيث يوجهوا أنفسهم ذاتياً.
استراتيجيات تقديم التغذية الراجعة:
إن أسلوب تقديم التغذية الراجعة يؤثر سلباً أو إيجاباً على الطلبة،
فالتغذية الراجعة غير المناسبة تولد مشاعر سلبية وحادة لدى الطلبة، ولذلك
فإن المهم أن نتحدث عن الاستراتيجيات الملائمة لتقديم تغذية راجعة
إيجابية.
1- التغذية الراجعة الفورية
مقابل التغذية الراجعة المؤجلة،
فلا يمكن أن يبقى الطالب منتظراً فترة طويلة حتى يطلع على نتائج أداءه،
ولا يجوز أصلاً أن تنتظر حتى النهاية ونقول للطالب كان أداؤه جيداً أو
ضعيفاً، إن المعلمين يمارسون كثيراً التغذية الراجعة غير الفورية، وهذا
يتضح في:
1. الانتظار
حتى نهاية العام لإصدار نتائج النجاح والرسوب.
2. عدم تصحيح أوراق الامتحان فوراً، وإعادتها الطلبة بعد فترة طويلة مما يفقده تأثيرها في آراء الطالب.
3. إهمال بعض السلوكيات السلبية.
4. مناقشة الطالب في السلوكيات السلبية بعد مرور فترة زمنية على حدوث مثل هذه السلوكيات.
2- التغذية الراجعة الوصفية مقابل التغذية الراجعة الحكمية DISCRIPTIVE NOT JUDGMEMTAL
ما يحتاج إليه الطالب هو وصف سلوك قام به أكثر مما يحتاج إليه إصدار حكم
على ما قام به، ولذلك كثير من المربين وعلماء النفس أن النقد والمدح كلاهما
ضار، وأن ما يحتاج إليه الطالب أن يفهم سلوكه ويوجه سلوكه نحو مبدأ أو
قاعدة سليمة.
مثال: أراد معلم أن يشكر طالب فقال له:
"إنك ساعدت زميلك، مما أثر على تحسين أدائه. شكراً لك".
لقد أوضح المعلم السلوك الجيد، وأوضح توافق سلوك الطالب مع معيار السلوك الجيد وهو المساعدة التي حققت تأثيراً واضحاً.
مثال على شكر خاطئ:
"شكراً لك قمت بعمل ممتاز"
لكن ما هو هذا العمل؟ لماذا كان ممتازاً؟ ستبقى الإجابات غامضة لدى الطالب
الذي تلقى هذه التغذية، ولدى بقية الطلبة. إن هناك من المربين من يعتقدون
أن من يمدح أو ينقد لا يرضى إلا نفسه، ولا يؤثر بالطالب الممدوح أو الذي
تلقى النقد.
إذن التغذية الراجعة يجب أن تكون وصفية مثل:
- حللت واجباتك بطريقة منظمة، مما يشير إلى التزامك بما اتفقنا عليه؟
- نظفت مقعدك بسرعة مما أتاح لك فرصة أن تقدم عملاً أنيقاً.
- عملت مع المجموعة بالتزام، مما ساعد المجموعة على إنهاء عملها.
- جلوسك بهدوء، وفر لنا جميعاً فرصة إنجاح النشاط.
3- التغذية الراجعة المستقبلية مقابل الماضوية Futurest not past concentrated
إن التغذية الراجعة التي تقتصر على تعزيز سلوك قام به الطالب في الماضي
قليلة الأثر، وغالباً ما تكون حكيمة: مدحاً أو نقداً وحق إن كانت وصفية فهي
تصف سلوكاً انتهى. وليس المطلوب من الطالب أن يكرر سلوكاً منتهياً بمقدار
ما يطور هذا السلوك مستقبلاً.
فالتغذية الراجعة المفيدة لا تكتفي بالتعليق على الماضي بل تمتد لتصل إلى تحسين هذا السلوك وتطويره.
مثال: حللت واجباتك بطريقة منظمة، وهذا يمكن أن يقودك إلى اختيار واجبات أكثر صلة بأنشطة تعاونية هادفة للتفكير.
نلاحظ أن المعلم لم يقف عند الماضي وهو حل الواجبات بطريقة منظمة بل حفز
الطالب وزملاءه على التوجه نحو تطوير هذه الطريقة المنظمة ليمارسوا أنشطة
تفكير تعاونية التغذية المستقبلية هي التي تهدف إلى التطوير لا مجرد قبول الواقع أو التعليق عليه.
4- التغذية الراجعة ليست تقيما أو حكماً Not – evaluative
لا تسمى التغذية تقيماً أو حكماً، فالحكم والتقويم يؤدي إلى الرفض أو إلى
الدفاع والتبرير ونحن لسنا في حاجة إلى إضعاف الطالب لكي يدافع عن نفسه،
ولا إزعاجه لكي يرفض ويبرر.
إن التغذية الراجعة سواء كانت من المعلم إلى الطالب، أو من أي مصدر إلى أي
شخص يجب أن تسعى إلى المراجعة والتطوير ووضع خطة للتحسين، وإن أي تغذية
راجعة مهددة، ناقدة لن تكون ذات نتائج إيجابية. فالمطلوب تغذية راجعة وصفية
غير مهددة.
ابحث عن كلمة أكثر عدالة فالتغذية الراجعة ليست تقييماً أو حكماً، إنها تحسين تطوير دعم، مراجعة، استثمار خطط مشتركة.
5- التغذية الراجعة التي تركز على الكل لا على الخطأ. Stress at all not on wrongs
يحاول بعض المعلمين أن يركزوا على الأخطاء باعتبار السلوكيات الصحيحة هي
السلوك الطبيعي، لذلك تشير الدراسات أن المعلمين يستخدمون عبارات سلبية
خمسة عشر ضعف العبارات الإيجابية التي يطلقونها مما يشير أنهم يركزون على
الأخطاء والعيوب.
إن هدف التغذية الراجعة زيادة الرضى وتنمية العلاقات وبناء الفريق، والبناء
على النجاحات والتغلب على الصعوبات. وليس بينها أهداف ساخرة أو محبطة.
يتحدث المعلمون بعبارات سلبية: تهم، نقد، سخرية أضعاف ما يتحدثون به من عبارات دعم وتشجيع.
6- لا تفقد هدفك. الهدف هو التعلم والتحسين والتطوير Learning and Improvement
إن خبرات الماضي والتعليق عليها يهدفان إلى التعلم من الماضي لتحسين
المستقبل، ومن هنا فإن هدف التغذية الراجعة الذي يجب أن يكون في ذهن المعلم
هو:
- تعريف الطالب بإمكاناته: الحالية والمستقبلية.
- الاستماع بعلاقات روابط تعلم إيجابية.
- التحسين والتعلم والتطوير.
وإن تحقيق هذه الأهداف الكبيرة يتطلب ما يلي:
أ- أن تقم تغذية دقيقة واضحة ولا تبقى في العموميات.
مثال: سلوكك غير ملائم هذه تغذية هامة، لن تخدم أحداً، لاحظأننا تحدثنا هنا بدقة عما قام به الطالب وعن أثر سلوك الطالب على زميله.
أهداف التغذية الراجعة:
- لا تقدم عموميات. كن دقيقاً.
- لا تضع نفس الأهداف للجميع.
- لا تعطي أهداهفك الأولوية نفسها.
- لا تضغط عليهم كي يغيروا.
- لا تهتم بأهدافك فقط.
ب- أن لا تضع نفس الأهداف لجميع الطلبة Appropriate for everyone وتطلب
منها أن يقوموا بنفس الآراء أو نفس الأداء وبنفس الطريقة، فالتغذية الراجعة
الإيجابية تتجاوب مع تمثيلات الطلبة وخياراتهم المفضلة، فالطالب الذي يرشك
جيداً قد لا يستطيع أن يجاري زميله في التغير الحركي ومن هنا لا نقارن بين
طالب وآخر.
مثال: انظر إلى الرسم الذي قام بها زميلك، هذا شيء رائع، بينما كان رسمك
مضحكاً!! إن التغذية الراجعة هذه لا أساس تربوي لها، فهناك من يرسم وهناك
من يتحرك أو يتأمل أو يتعاون ... فليس المطلوب نفس السلوك! دعهم يصلون إلى
أهدافهم بأساليب مختلفة.
ج- لا تعطي جميع أهدافك نفس الأولوية Rand your objective in order or
importance إن المعلمين يمتلكون مستويات من الأهداف، فهناك أهداف يجب أن
تنجز. ولذلك تركز التغذية الراجعة على تحقيق الأهداف الواجبة الضرورية.
فإذا كان المعلم بصدد تدريس المهارات الحياتية، فإن التغذية الراجعة حول
أولوية هامة، وعلى حساب أهداف أخرى غير ضرورية في هذه المرحلة. كالعمل
الفردي مثلاً. أولوياتك:
1- أهداف يجب أن تنجز.
2- أهداف يمكن أن تنجز.
3- أهداف يمكن تأجيلها.
د- لا تهتم بأهدافك فقط، فكر بأهداف الطلبة أيضاً You are not the only one
إن معايير السلوك التي ستقدم التغذية الراجعة يجب أن لا ترتبط برغبات
المعلم وطموحاته فقط، بل يتفق المعلم مع الطلبة على السلوكيات المطلوبة.
وعلى معايير الأداء المطلوب حتى يكونوا على وعي بما سيفعونه.
هـ- فكر كيف تساعدهم. لا تضغط عليهم. Don't press Think How you can help
التغذية الراجعة ليست سلاحاً بيد المعلم يستخدمها كما يريد ووقت يشاء، إن
تقديم التغذية الإيجابية بهدف التغيير يتطلب أن يكون المعلم واثقاً صبوراً
متسامحاً يعطي وقتاً كافياً دون إلحاح يقدم الإرشاد والمساعدة والتدريب،
يقدم النموذج السلوكي المطلوب.
إحداث التغيير لا يتم بالضبط أو النقد أو السخرية.
يحتاج الطالب إلى وقت كاف وكذلك التغيير لا يتم فجأة.
7- التغذية الراجعة تقدم للجميع ولا مركز على أحد بعينه Offer Feedback to everyone not to someone
يحتاج الطلبة إلى التغذية الراجعة، ولا يجوز إهمال الطلبة الذين يقومون
بالأداء الصحيح، والتركيز على الطلبة الذين يواجهون صعوبات أو بطيئي التعلم
وبنفس الوقت لا يجوز أن تركز التغذية الراجعة على المتفوقين وتهمل الضعاف،
فجميع الطلبة يشعرون بالحاجة إلى التغذية الراجعة، لأنهم بحاجة إلى معلم
عادل نزيه يشعرهم بأنهم يعيشون نفس الأوضاع.
8- لا تقيم الأداء فقط. قيم ظروف الأداء Look at the factors, not performance only
أن التغذية الراجعة يجب أن تكون شاملة، ونزيهة وعادلة. ولذلك قد يكون
الطالب حصل على علامة 60/100 أكثر استحقاقاً للتعليق الإيجابي من طالب حصل
على 80/100.
إن من المهم أن يقدم المعلم التغذية الراجعة لأداء تم في ظروف معينة،
فالطلب الذي يعيش في بيئة غير غنية بالمثيرات، أو الذي يدرس في منزل مزدحم
بالأفراد لا يستطيع لا تركز على الأداء وكأنه شيء منفصل عن الظروف التي تم فيها هذا الأداء.
أن ينجز نفس ما ينجزه طالب آخر يعيش ظروفاً جيدة.
فالتغذية الراجعة يجب أن تراعي جميع العوامل التي يعيشها الطالب وتؤثر على أدائه، ولا تطلب منه مستحيلات لا يستطيع تحقيقها.
9- لا تقدم التغذية الراجعة بأسلوب الفراشة بل بأسلوب النحلة Be bee butterfly not
تقدم التغذية الراجعة ضمن خطة لها أهدافها الواضحة، ولا تقدم عشوائياً أو
تنتقل من موضوع إلى آخر، بل تركز على الهدف حتى يتحقق، ولذلك يعلن المعلم
هدفه ويوجه الطلبة نحو الهدف، ويقدم لهم التغذية راجعة مرتبطة به. تنتقل الفراشة من زهرة إلى أخرى عشوائياً لكي تستمتع. بينما تبقى النحلة على الزهرة حتى تحقق كل هدفها.
فإذا كان هدف معلم الرياضيات هو تعليم مهارات هندسية معينة، لا يجوز أن
يشتت نفسه ليصحح أخطاء الطالب في الإملاء أو سلوكه في عدم إعطاء التعليم
لزميله .. أن هذا لا يعني أن المعلم ليس مسؤولاً عن كل ذلك، لكن عليه أن
يركز التغذية على هدف معين ومباشر.
10- قدم التغذية بأسلوب المحاور لا أسلوب المطرب أو العزف المنفرد Dialogue
not Monologue. إن التغذية الراجعة لا تنبع من السلطة الفوقية، وليست
توجيهات أبوية أو تربوية من طرف أكبر إلى طرف أصغر، فالتغذية الراجعة طريق
في اتجاهين: يقدم المعلم ويستمع الطالب، ويتحدث الطالب ويستمع المعلم، أو
يتحدثان معاً ويتحاوران للوصول إلى السلوك الصحيح.
مثال:
المعلم: كيف توصلت إلى هذه النتيجة؟ لماذا تقول ذلك؟
الطالب: فكرت في تشابه المثلثين.
المعلم: وهل المثلثان المتشابهان متكافئان؟
الطالب: نعم.
المعلم: ما رأيك بهذين المثلثين أنهما متشابهين في آن واحد مع أن أحدهما أكبر مساحة من الآخر بكثير.
الطالب: ربما. فلم أعرف الفرق.
لاحظ أن المعلم لم يبدأ بما يلي: هذا خطأ! أن عليك أن تصحح نفسه. (وهذا ما يسمى بالمونولوج) إنما زاد حواراً وتفاعلاً بين الطرفين.
11- لا تقد النقاش من خلال تقديم وجهات نظرك
سرعان ما يقدم المعلمون تعليقاتهم، فينقذون أو يمدحون سلوك الطالب. ويقدمون
له التوجيه والنصح أو اللوم والنقد دون أن يسمعوا من الطالب شيئاً.
فإذا كانت التغذية الراجعة دايلوجاً وليست مونولوجاً، فإن من المفروض أن
يبدأ الحوار بحديث الطالب والاستماع إلى طريقته في التفكير، والقيمة التي
وجهت سلوكه. التغذية الراجعة هي نقاش مشترك، يقود إلى نتيجة راشدة،
والقاعدة الذهبية هنا هي: دع الطالب يقدم وجهة نظره أولاً! مما يسمح له
بتبديد مخاوفه، زيادة تفاعله واستجابته.
المصيدة:
يقع المعلمون تحت إغراء بدء الحديث وإصدار الأحكام والتوجيه والإرشاد قبل أن يستمعوا إلى وجهة نظر الطالب.
12- قدم ثناء لا مدحاً متملقاً:
سبق أن قلنا أن المدح والذم ليسا عنصرين فاعلين، وأن المعلم يجب أن يستثمر
نجاحات الطالب في مواقف بعيدة عن المبالغة والتملق، إن كلمات مثل عظيم،
أبدعت، بطل قد تكون ملائمة لأطفال الروضة، ولكنها لا تعطي نفس الدلالات
لطالب المرحلة الأساسية العليا أو ما بعدها.
إن استثمار نجاحات الطلبة يجب أن يواجه إيجابياً
مثال:
أنا أوافق على ما ذكرت. هذه نقطة مهمة. هل يمكنك توضيحها؟
أنا معك تماماً في هذا الموضوع. ما الذي يمكنك عمله لاحقاً لاستكمال ما بدأنا!
احترم هذا الرأي. وأقدر قوتك بجانب زميلك. واصل ذلك.
هذا هو الثناء الذي يشعر الطالب بالأمن، وينمي إحساسه بالسلوك السوي.
13- تحدث عن سلوك لا عن شخص الطالب:
هل يحق للمعلم أن يقول للطالب أنت كسول! بشع المنظر! مغرور؟ هل تسهم مثل هذه الصفات في بناء شخصية الطالب؟
أن الصفات الشخصية حتى لو كانت صحيحة، لا فائدة من مواجهة الطالب بها، ومن
الأمثلة التي غالباً ما يستخدمها معلمون غير مؤهلين ما لي:
- أنت كسول مهمل.
- أنت مشاغب عدواني.
- أنت مغرور.
- صوتك خشن.
- هل نظرت إلى وجهك في المرآة؟
الصفات الشخصية ليست قابلة للتعديل بسهولة لذلك يركز المعلم المؤهل على تعديل السلوك لا الشخصية.
إننا بدلاً من التركيز على صفات الشخصية، نركز على السلوك، كما يظهر من الأمثلة التالية:
بدلاً من أنت كسول، نقول: يمكنك زيادة الاهتمام بواجباتك.
بدلاً من أنت مهمل، نقول: الاهتمام بالتفاصيل أكثر يمكن لأن يقودك إلى ما تريد.
بدلاً من مغرور نقول: زيادة الثقة بالنفس تتطلب المحافظة على احترام مشاعر الآخرين وهكذا ...
لا يحق النقاش للمعلمين التحدث عن شخصية الطالب، فليس من الذوق والأخلاق أن تركز على الصفات الشخصية.
14- تغذية راجعة مرنة غير مستفزة:
أن اختيار الألفاظ هام جداً في تعاملنا مع الآخرين سواء كانوا زملاء أم
آباء أم طلبة. فالكلمة هي التي تفتح الباب أو تغلقه. أن المعلم حين يقدم
تغذية راجعة فإنه يهدف دون شك إلى تحسين السلوك، لكن سوء اختيار الكلمات قد
يؤدي إلى نتائج معكوسة، وفيما يلي عدد من الأمثلة التي تستخدم عادة حتى
بحسن نية:
- ألا ترى؟
- ألم تسمع؟
- ألم تفهم؟
- ألم تع ذلك.
إننا تماماً كأننا نقول: إنك لا ترى! لا تسمع! لا تفهم! لا تعي.
لكي نحافظ على اتصال ناجح وتفاعل إيجابي فإننا يمكن أن نعيد صياغة هذه الأمثلة على النحو التالي:
بدلاً من ألا ترى؟ نقول: هناك طريقة أخرى لرؤية هذا الموقف.
وبدلاً من ألا تسمع؟ نقول: هناك وجهات نظر أخرى يمكن الاستماع إليها.
وهكذا ... فالكلمات والتعابير اللفظية أكثر تأثراً في نفوس الآخرين، صغاراً أم كباراً.
15- لا تستسلم:
كثيراً ما يشعر المعلمون بالإحباط، فالطلبة لا يتقبلون وجهات النظر دائماً. وقد يكون لدى الطلبة أسباب كافية للرفض فهم:
- قد يحبون السلوك الذي يقومون به، ولا يرغبون في تغييره.
- قد يرفضون ما نقول لأننا لم نوضحه لهم.
إننا في هذه الحالة نحتاج إلى إجراء تعديلات ولو بسيطة على مقترحاتنا،
ويمكن سحبها بالكامل أو تأجيلها، أو إعادة صياغتها، فالمطلوب أن تستمع
إليهم جيداً، وأن نعيدهم إلى ما نريد بطريقة إيجابية، وأبق حازماً واشرح
وجهة نظرك وبإمكانك العودة إلى ما تريد دائماً:
إن بإمكانك أن تفاوض الطلبة:
مثال:
- هل تستطيع أن تقول لماذا تشعر بأن هذا غير مناسب.
- ما الذي جعلك تشعر بذلك؟ هل لديك موانع؟
- ما الصعوبات التي تواجهك لو غيرت هذا السلوك؟
المهم أن تلجأ إلى السلطة والتهديد.
16- استخدم رسالة أنا بدلاً من رسالة أنت 1- message, not you – message
إن رسالة أنت – you – رسالة نستخدمها جميعاً في إيصال ما نريد، وفي تقديم
التغذية الراجعة، وهي رسالة يوجهها المعلم مباشرة إلى الطالب، طالباً منه
عمل شيء أو الكف عن عمل شيء.
وفيما يلي شيء
وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه الرسالة:
- أنت مهمل!
- أنت جيد!
- عليك بالاهتمام بواجباتك!
- لا تضيع وقتك سدى!
- اعمل ما أطلب منك!
رسالة أنت:
رسالة موجهة إلى الطالب تضم توجيهات، نقداً أوامر، مدحاً، ذماً، وهي غالباً ما تكون رسالة ناقصة.
إن هذه الرسائل هي عبارة عن توجيهات ووعظ وأوامر ونقد ومدح، لا توضح هذه
الرسائل أي مضمون، وقد لا يفهمها الطالب كما أرسلها المعلم لأنك حين تقول
للطالب أنت مهمل، لا يفهم سبب ذلك، وكثيراً ما يفاجئ الطلبة المعلمين
بقولهم: لماذا تقول هذا؟ ماذا فعلت أنا؟ إن رسالة أنا هي رسالة أكثر نضجاً
واكتمالاً لأنها تشرح للطالب أبعاداً هامة ومتكاملة. وفيما يلي بعض
الأمثلة.
بدلاً من أن تقول: أنت مهمل، نرسل رسالة أنا على النحو التالي:
"أشعر بالانزعاج حين لا تحل الواجبات في موعدها".
وذلك يعيقنا عن التقدم في إنهاء المنهج.
لاحظ في هذه الرسالة ما يلي:
رسالة أنا:
تتكون هذه الرسالة من ثلاثة عناصر هي:
1- شعور المعلم.
2- السلوك الذي سبب الشعور.
3- نتيجة استمرار هذا السلوك.
- عبر المعلم عن شعوره بالانزعاج، وقال بأنه منزعج ولم يقل بأن الطالب هو المزعج.
- حدد المعلم السبب الذي أزعجه وهو عدم حل الواجبات في موعدها.
- حدد نتائج هذا السلوك وآثاره فيما لو استمر.
إن رسالة أنا كاملة تحوي عناصر أساسية في الاتصال وتوضح للطالب الموقف
كاملاً، ولذلك غالباً ما تكون استجابة الطالب لهذه الرسالة إيجابية.
ومن المهم أن نحذر أن رسالة أنا تعبير عن شعور المعلم.
وأن المعلم لا يستطيع أن يعبر عن شعوره إلا إذا كان محترماً بين طلابه، وأن طلابه يأبهون بمشاعره.
ومن الأمثلة على رسالة أنا ما يلي:
- أشعر بالارتياح حين تتعاون مع زميلك، لأن ذلك سيدفعه إلى التقدم.
- أشعر بالألم حين تكثر حركات لا داعي لها، لأن ذلك يشتت انتباه زملائك.
- أشعر بخيبة الأمل حين لا تحل الواجبات، لأن ذلك يجعلنا نكرر الشرح ثانية.
- أشعر بالفرح حين تنهوا النشاط في الوقت المحدد، ذلك سيساعدنا على تعلم الدقة.
ما هي مصادر التغذية الراجعة في العملية التعليمية؟
لكي يتحقق النفع والفائدة المقصودة من وراء التغذية الراجعة،
يجب أن تكون من مصادر متعددة ومتنوعة، حيث أن السبب وراء ذلك أن المصدر
الشخصي يقوم على تقديم آراءه الخاصة، أما في تعدد وتنوع المصادر يؤدي إلى
تكامل وجهات النظر والأراء أيضاً، وهناك مجموعة عديدة من المصادر وتتمثل
هذه المصادر من خلال ما يلي:
- يتلقى الطلبة عملية التغذية الراجعة
من مصادر متعددة مثل: المدرس التربوي، رفاقه من الطلبة، أو قد يعود الطلبة
إلى الكتب والمراجع لكي يقوم على مقارنة إجابته بما هو مذكور ومطروح فيها.
- تكون التغذية الراجعة في غالبية الأحيان بشكل شخصي، ويعنى بذلك أن يتأمل الطلاب سلوكهم وأنشطتهم، وبعد ذلك يقوم على تحليلها، وبعدها يدرك الطلبة نقاط الضعف والخلل لديه ونقاط القوة أيضاً.
- يتلقى الأشخاص المتعلمون عملية التغذية الراجعة من طريق أسرته وعائلته، والتي تقدم له عن طريق مجموعة من الملاحظات على سلوكه أو أدائه.
ما هي أسس التغذية الراجعة في العملية التعليمية؟
هناك مجموعة من الأسس المتنوعة التي تمثل القاعدة أو الحجر الأساس الذي تبنى عليها عملية التغذية الراجعة أثناء العملية التعليمية والتربوية، وتكون الأساس للانطلاق إلى التنفيذ والتطبيق في حال توافرها في التغذية الراجعة، وتتمثل هذه الأسس من خلال ما يلي:
- النتائج: يقصد بهذا أن الطالب أنهى أو حقق المهمة أو العمل الذي اوكا إليه مهمة القيام على تنفيذه.
- البيئة: هو مكان حدوث النتائج بحيث يعمل على عكس المعلومات في الغرفة الصفية، ويعنى بذلك أن يقوم المدرس التربوي على لفت الانتباه إلى المعلومات المنعكسة.
- التغذية الراجعة: يعنى بها بأنها هي عبارة عن البيانات التي لها علاقة قوية وثيقة بالنتائج، يتم إرجاعها إلى الطلبة، حيث أنها عبارة عن البيانات يتم استقبالها وفهمها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق