الخميس، 1 أبريل 2021

القرآن الكريم هو كتاب الله المسطور، والكون كتاب الله المنظور، ويأتي الكتاب المسطور بالأدلة المطلقة على أن الكون خلقه الله بدقة متناهية واتزان دقيق، وحظي علم الفلك بعنايته وباهتمام الإسلام وأهله، فأورد القرآن عدداً وافراً من الآيات المتعلقة بالكون والفلك وان كان المقصود منها الهداية فهي تشير وتؤكد عظم هذا الخلق، فقد وردت


 القرآن الكريم هو كتاب الله المسطور، والكون كتاب الله المنظور، ويأتي الكتاب المسطور بالأدلة المطلقة على أن الكون خلقه الله بدقة متناهية واتزان دقيق، وحظي علم الفلك بعنايته وباهتمام الإسلام وأهله، فأورد القرآن عدداً وافراً من الآيات المتعلقة بالكون والفلك وان كان المقصود منها الهداية فهي تشير وتؤكد عظم هذا الخلق، فقد وردت المفردات الفلكية وظواهرها في عشرات بل مئات الآيات من الكتاب المحفوظ فذكرت السماء 310 مرات والشمس 33 مرة والقمر 27 مرة والنجم 13 مرة والأرض 339 مرة. بالإضافة إلى تسمية بعض السور بمفردات كونية مثل القمر والنجم والشمس والمعارج والتكوير والانفطار والبروج والانشقاق، مع أن القرآن ليس كتاباً علمياً لكنه يزخر بأساسيات العلوم كلها ويدعو الى تدبر آياته وفهم معانيه، ويبقى السؤال الذي شغل عقول وتفكير الكثيرين من الباحثين والعلماء المتخصصين وحتى الناس العاديين، كيف بدأ خلق هذا الكون الشاسع؟ والإجابة بعيداً عن الخرافات والتصورات الخيالية في عقول الناس حول نشأة الكون قبل آلاف الآلاف من السنين ومحاولات الفلاسفة النظرية، تأتي الحقائق أو المحاولات العلمية إذ عرض العالم البلجيكي «جورج لوميتر» في عام 1927 نظرية «الانفجار العظيم» التي تقول إن الكون كان في بدء نشأته كتلة غازية عظيمة الكثافة واللمعان والحرارة ثم بتأثير الضغط الهائل من شدة حرارتها حدث انفجار عظيم فتق الكتلة الغازية بأجزائها في كل اتجاه فتكونت مع مرور الوقت الكواكب والنجوم والمجرات. موجات راديو في عام 1964 تم اكتشاف موجات راديو منبعثة من جميع أرجاء الكون سميت بالنور الآتي من الأزمنة السحيقة ومن بقايا الانفجار العظيم. وأكدت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» في عام 1989 نظرية الانفجار العظيم، وسمي ذلك كله باكتشاف القرن العشرين، لكن رغم صحة هذه الحقيقة إلا أن الدكتور حسني حمدان الدسوقي - استاذ الجيولوجيا وعلوم الأرض في جامعة المنصورة المصرية يقول إن من روائع الإعجاز العلمي في القرآن الكريم أن نجد تاريخ الكون منذ مولده وحتى نهايته مسطراً في ثماني آيات في الكتاب المكنون. ويضيف: «ستظل إشارات القرآن حول حقائق خلق السماوات والأرض منارات تهدي العلماء الى التأريخ الكوني فهماً صحيحاً وتضم تلك هذه الآيات، آية تتحدث عن مولد السماوات والارض او الكون وهي قوله تعالى: «أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون» -سورة الانبياء الآية 30. كما تشير آية أخرى إلى اتساع السماء وهي قوله تعالى: «والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون» - سورة الذاريات الآية 47، بينما فصلت أربع آيات ثلاث مراحل لتطور السماوات والأرض وهي قوله تعالى : «قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له اندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين واوحى في كل سماء امرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم» - سورة فصلت الآيات من 9 - 12. وأخيراً آيتان تصفان نهاية الأرض بالقبض والسماوات بالطيّ هما قوله تعالى: «وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون» - سورة الزمر الآية 67، وقوله سبحانه «يوم نطوي السماء كطيّ السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين» - سورة الانبياء الآية 104. وتمثل تلك الايات الثماني دررا يجب ان تتحلى بها علوم الفلك والكون، وغاية سعي العلماء ان يكتشفوا سر تلك الآيات ولذلك يجب ان تتصدر هذه الآيات المباركات اي حديث عن الكون وتاريخه ولو فطن علماء الكون لجعلوا منها مرشداً لهم في أبحاثهم. دقة الألفاظ يؤكد الدسوقي أنه مهما تقدمت علوم الكونيات والفلك بأنواعها المختلفة فلن تصل إلى الحقائق المطلقة في خلق السماوات والأرض بل جاءت هذه المفردات الكونية أكثر دقة في الإشارات القرآنية مثل اتساع السماء وليس اتساع الكون، وفتق الرتق وليس الانفجار العظيم، وطي السماء وليس الانسحاق العظيم، إلى غير ذلك من المفردات مثل بناء السماء وحبكها ورجعها، فالمفردات العلمية ليست دقيقة بالقدر الكافي مقارنة بمفردات القرآن التي تعبر عن الحقائق المطلقة لأشياء لم ير الناس خلقها، بالإضافة إلى أن مفردات القرآن في هذا الشأن تصحح للعلماء ما اختلفوا فيه وتفتح أمامهم نافذة على علوم المستقبل في علوم تأريخ الكون والفلك.. فتساؤلات من أين أتى الكون؟ والى اين يذهب وكيف ينتهي؟ وما حالة الكون بين البداية والنهاية؟ لا تجد إجابة في الأوساط العلمية وتبدو أسئلة عسيرة وصعبة، الا ان القرآن الكريم يورد الإجابة الحقيقية والشافية عندما يؤكد ان البداية هي فتق الرتق ومولد السماوات والأرض، وان اصلهما الدخان، وان اتساع السماء صفة ملازمة للكون ومراحل الخلق ثلاث. ويشير إلى أنه قد جاء في مختصر التفاسير أن أصل الكون في كتاب الله رتق فتقه الله يقول الحق تبارك وتعالى :«أولم ير الذين كفروا ان السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما» . فقال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة يعني انها كانت شيئاً واحداً ملتصقتين ففصل الله بينهما بالهواء، وهذا الرأي لا يبعد كثيراً عن رأي فريق من العلماء يرى أن الكون بدأ متجانساً. ويرى أن العلم عليه أن يصحح مساره مسترشداً بحقيقة «فتق الرتق» والرتق أي الملتئم المنضم، مؤكداً أن المسلم لا يسعه إلا أن يعجب بفقه علماء القرآن حينما يقرأ تفسيراتهم للآية السابقة ويدرك مدى توافق آراء علماء الفلك بأجهزتهم الحديثة ومناظيرهم المتطورة وسفنهم الفضائية مع آراء المفسرين لكلمات الله تعالى، إذن فالرتق هو الشيء المضموم المسدود المجمع والفتق عكسه، وهذا التفسير يدل على أن السماء والأرض كانتا شيئاً واحداً متصلاً ومن عناصر واحدة وقد فصل الله بينهما فانتثرتا في الفضاء، ورفع السماء بلا عمد، وربط أجزائها وحفظ اتزانها في مواقعها. ويؤكد القرآن الكريم في مواضع كثيرة على أن هذا الكون بمجراته ونجومه وكواكبه وأقماره زمامه في يد خالقه ونواميس الحركة والحياة فيه من تدبير الخالق العظيم الواحد الذي يقول للشيء كن فيكون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق