التفاوض
مفهومه ،
شروطه ،
ومبادئه
مقدمة
يعد التفاوض علماً قائماً بذاته رغم ما تربطه بالعلوم الاجتماعية الأخرى من
علاقات وطيدة والتي تقوم على البناء والتفاعل ، وقد أصبح التفاوض ضرورة
حتمية في شتى مناحي الحياة ، سواء بين الأفراد أو بين الدول وبين الشعوب.
إنك لتجد التفاوض بشكل دائم في حياتك اليومية إما بما تشاهده أو بما تسمعه
أو بما تفعله، فالأمم والحكومات تتفاوض والأفراد يتفاوضون من خلال علاقاتهم
الشخصية أو من خلال تنظيماتهم، أو من خلال النقابات العمالية ، والتجار
والمقاولون يتفاوضون ، عملاء التسويق والمبيعات يتفاوضون ، إن الأزواج
يتفاوضون حول الأمور المنزلية ، والآباء يتفاوضون مع أبنائهم حول الأمور
الدراسية وتتفاوض الدول للحد من الأسلحة النووية والمرشح يتفاوض مع ناخبيه .
إذاً فان التفاوض أمر حتمي ولعله المخرج أو المنفذ الوحيد لمعالجة قضية ما
و/أو الوصول الى اتفاق ما ، تتعرض هذه الدورة لإعطاء فكرة قد تكون شاملة
الى حد ما لمتطلبات ومراحل العملية التفاوضية، وسوف تجد تدرجا مفاهيميا
علميا ، وعمليا ، ليس فقط لتقرأ وتستوضح أصول التفاوض أو ما عليك أن تتحلى
به من صفات كشخص مفاوض ؛ بل لتَعْلَم بما لديك من صفات تنمّيها أو صفات
جديدة تكتسبها، وبالتالي تعمل على التدرب عليها مراراً حتى تكتسب مهارات
الأصول التفاوضية .
تشمل الدورة على إعطاء توضيح لكل من مفهوم التفاوض ، وما هي الشروط الواجب
معرفتها قبل البدء بالتخطيط لعملية التفاوض ، كما تتعرض الدورة لتلك
النشاطات (الاستراتيجيات والتكتيكات) الممارسَة في العملية التفاوضية، وقد
ارتأينا هذه التسمية (النشاطات التفاوضية) وذلك لتداخل المفاهيم مع بعضها
البعض وما يهمنا هو معرفة تلك النشاطات الممارسة في العملية التفاوضية بغض
النظر كان اسمها سياسة أو استراتيجية أو تكتيك حيث تداخل تلك النشاطات مع
بعضها البعض مفاهيميا وعمليا.
وأخيرا وليس آخرا نتمنى لك التوفيق خلال إبحارك معنا في هذه الجولة التي
نتمنى أن تكون مفيدة لك وتصل من خلالها إلى الشط الصحيح الذي ترغب في
الوصول إليه .
مفهوم التفاوض :
التفاوض هو موقف تعبيري حركي قائم بين طرفين أو أكثر حول قضية ما , يتم
من خلاله عرض وتبادل وتقريب ومواءمة وتكييف وجهات النظر ، واستخدام كافة
أساليب الإقناع للحفاظ على المصالح القائمة أو الحصول على منفعة جديدة
بإجبار الخصم على القيام بعمل معين أو الإقلاع عن عمل معين في إطار علاقة
الارتباط بين أطراف العملية التفاوضية تجاه أنفسهم أو تجاه الغير .
من خلال التعريف السابق يمكننا ملاحظة العناصر الأربعة للتفاوض ، والتي
نقدم فيما يلي شرحاً موجزاً لها يبين أهم خصائص كل عنصر من هذه العناصر ،
والشكل التالي يوضح لنا أن العلاقة بين عناصر التفاوض هي علاقة ترابطية
تكاملية ...
عناصر التفاوض :
#أ- الموقف التفاوضي :
يعد التفاوض وكما يظهر من خلال التعريف السابق موقفاً ديناميكياً , يقوم
على الحركة والفعل ورد الفعل إيجاباً و سلباً , تأثراً وتأثيراً , وهو موقف
تعبيري , فأنت تستخدم فيه اللفظ والكلمة , والإشارة , والجملة , والعبارة ,
على أن يكون استخداماً دقيقاً , ونستخدم من خلاله كافة مهارات وقدرات
العقل البشري , والتفاوض هو موقف مرن يتطلب أن يكون لديك تكيفاً سريعاً مع
المتغيرات المحيطة .
#ب- أطراف التفاوض
في العادة فإن التفاوض يتم بين طرفين , وقد يتسع ليشمل أكثر وذلك حسب تشابك
المصالح وتعارضها بين الأطراف التفاوضية فعلاً وبين الأطراف التي ترى أنها
متأثرة بنتيجة ومجريات وتطور القضية التفاوضية أو بما يجري لدى وداخل كل
طرف مفاوض .
وبالتالي يمكن القول أن هنالك أطراف مباشرة في العملية التفاوضية وهي
الأطراف التي تجلس فعلاً إلى مائدة المفاوضات ، وأطراف غير مباشرة وهي
الأطراف التي تشكل قوى ضاغطة لاعتبارات المصلحة أو التي لها علاقة قريبة
أو بعيدة بعملية التفاوض, والتي يمكن أن تقوم بدور مؤثر بالسلب أو بالإيجاب
على تطوير وسير العملية التفاوضية وعلى نتائجها , ولكنها لا تجلس إلى
مائدة المفاوضات بل تتوارى وراء الكواليس وتشرف على إدارة مسرح التفاوض
وتلقين بعض أطراف العملية التفاوضية .
#ج- القضية التفاوضية :
التفاوض أياً كان نوعه , لا بد أن يدور حول قضية معينة وقد تكون قضية
إنسانية عامة , أو قضية شخصية , أو قضية اجتماعية , أو اقتصادية , أو
سياسية , أو أخلاقية…الخ .
ومن خلال القضية التفاوضية يتحدد الهدف التفاوضي وغرض كل مرحلة من مراحل
التفاوض , كذلك تتحدد النقاط والأجزاء والعناصر التي يتعين تناولها في كل
مرحلة والتكتيكات والأدوات والإستراتيجيات المتعين استخدامها وتوزيع
الأدوار على الفريق التفاوضي .
ومعرفة القضية التفاوضية تمكنك من تحـديد الإطار الذي يجب ان تدور في نطاقه
المفاوضات , وبالتالي تمثل هذه العناصر سياجاً لا تتعداه النقاشات
والمحاورات التفاوضية , وبالتالي لا تخرج النقاشـات خارج ذلك الإطار إلا
إذا كان الخروج عن الإطار هدفاً من قبلك لتجميع القضية أو إرباك الطرف
الآخر وكشفه أو تعريته أو افقاده الأمل أو إجباره مقتنعاً أو يائساً , أو
لدفع الطرف الآخر على القيام بتصرف أهوج يفقده الاحترام , ويكون دافعاً إلى
نسف العمل التفاوضي بالكامل إلى الأبد أو لفترة طويلة يتم خلالها تغيير
القضية التفاوضية بمهارة وتخطيط واعي ودقيق يتضمن برامج زمنية محددة
الأهداف لإفقاد الخصم مقومات النجاح , وتعبّر القضية التفاوضية في جوهرها
عن مصلحة أو منفعة أو رابطة أو علاقة .
#د- الهدف التفاوضي :
إن أي عملية تفاوضية لا بد لها من هدف أساسي تسعى إلى تحقيقه وتوضع من أجله
الخطط والسياسات , وتستخدم الأدوات والتكتيكات وبناءً على الهدف التفاوضي
يتم قياس مدى تقدم الجهود التفاوضية في جلسات التفاوض وتعمل الحسابات
الدقيقة , وتجري التحليلات العميقة لكل خطوة وكل تكتيك استخدم ، وقياس مدى
سلامته أو نجاحه وفقاً للقرب أو البعد عن تحقيق الهدف, ومن ثم يتم تقييم
كل مرحلة من المراحل وتستبدل الأدوات والتكتيكات التفاوضية , بل والمفاوضون
أنفسهم بناءً على تقدمهم وبراعتهم في كسب الجولات التفاوضية , واقترابهم
من تحقيق الهدف .
وبناءً على ما تقدم يجب التفرقة بين التفاوض والأعمال الأخرى التي تنشأ
إلى حد معين مع العمل التفاوضي , ولكنها لا تعد تفاوضاً, وأهم هذه الأعمال:
1- التعاون : والذي يعد محصلة للتفاوض , فهو يقوم على اتفاق بين الطرفين
أو أكثر تربطهما صداقة مشتركة ومصلحة واحدة للقيام بعمل معين لتحقيق منفعة
معينة, ويفترض التعاون قدر من المساواة في الحقوق وانسجام في المصالح
والفوائد بين أطرافه ، و إدراك وتفهم كامل لدور كل منهم وإمكانياته ومشاكله
ورغباته ومن ثم يكون التعاون ثمرة التفاوض.
2- الصراع : يقوم الصراع على تعارض المصالح والرغبات وتنازع الحقوق
والواجبات وعدم تقبل أي طرف لوجهة نظر الآخر ورفضها وعدم إحترامها .
3- المساومة : تعتبر المساومة أحد الأدوات التفاوضية وليس كل التفاوض فالمساومة هي أسلوب لتخفيض ثمن سلعة معينة على سبيل المثال .
4- المقايضة : وهي عملية تنازل مقابل تنازل ، أو خدمة أو سلعة مقابل خدمة أو سلعة أخرى .
5- التحكيم : هو وسيلة لفض نزاع بين طرفين أو أكثر باللجوء إلى طرف آخر ترتضيه الأطراف المتنازعة ويقبلون حكمه.
6- التنازل : قرار يتخذه أحد الأطراف في القضية أو الصراع أو النـزاع بالقبول لآراء وجهات النظر ومطالب الطرف الآخر.
شروط التفاوض :
لكي يتم اللجوء إلى التفاوض فلا بد من وجود عدد من الشروط الواجب توافرها في العملية التفاوضية وهي :
1- حاجة كل طرف إلى الآخر :
البائع المشتري
العمال صاحب العمل
المصدّر المستورد
ومن خلال تلك العلاقات التبادلية تظهر لدينا الخلافات والنـزاعات ولكن كلا
الطرفين يرغبان في الوصول إلى اتفاق مشترك ومقبول من خلال الجلوس والحوار
المتبادل ومحاولة التوفيق بين الاتجاهات ووجهات النظر , وكلاهما يفضل هذا
الأسلوب على غيره, كالمحاكم أو العنف أوالصراع المسلح بين الدول أو
الإضرابات ولا يمكن تصور قيام مفاوضات بين أطراف لا توجد بينهما علاقة أو
مشاكل من نوع ما .
2- وجود خلافات أو نزاعات على المصالح :
فالتفاوض مرتبط بوجود الخلافات أو النـزاع بين عدد من الأطراف ، سواء
الأصدقاء في المدرسة ، بين البائع والمشتري ، أو بين الدول ، وغيرها من
الأطراف .
3- وجود تكافؤ نسبي في القوة بين الأطراف :
أو عدم وجود فارق كبير بين القوى المتاحة للأطراف , وهذا يعني أن هنالك
فرصة للحلول الوسطى , فليس بمقدور كل طرف أن يحصل على ما يريد , أما في
حالة التفاوت الكبير في ميزان القوى بين الأطراف فمن المتوقع حدوث عقم في
عملية التفاوض .
4- توافر الرغبة لدى الأطراف لحل الخلافات والنازعات :
من خلال القناعة بأن السبيل الأفضل لحل النـزاع هو التفاوض ، وأن أي أسلوب
آخر سيكون مرهقاً وباهظ التكاليف والمخاطر ، وأن المفاوضات الناجحة هي التي
تتمخض عن نوعين من النتائج المرغوبة : الأولى موضوعية ، والثانية
سيكولوجية ...
فالأولى تمثل أولوية تلائم كل طرف من الأطراف المتفاوضة , مع إعطاء تضحيات
معقولة ومقبولة ، فمثلاً إذا كانت الأولوية الهامة للمشتري تتمثل في عنصر
الوقت , وأولوية البائع تتمثل في السعر , فهنا قد يمثل الاتفاق الجيد سعراً
أعلى للبائع , وتسليماً أسرع للمشتري , وعلى العكس فإن المشتري قد يخفي
عامل ضغط الوقت ويفاوض بصراحة وشراسة حول السعر , وبعد الوصول إلى خصم
مناسب فإن البائع قد يكون غير قادر أو غير راغب في التسليم الفوري , وعلى
ذلك فإن التشدد في التفاوض في الواقع يكلف كلا الطرفين كثيراً , وهنا تتضح
أهمية أن يقوم كل طرف بتحديد أولوياته , ثم يحاول استكشاف أولويات الطرف
الآخر.
أما النتائج السيكولوجية : فتعني أن كل طرف لا بد أن يشعر بالرضى حول
الاتفاق, بأن يشعر أنه خرج من المفاوضات كاسباً , والشعور بالرضى لا يشمل
فقط نتائج الاتفاق , ولكن يشمل أيضاً الطرق والأساليب التي بمقتضاها يتم
الوصول إلى الاتفاق .
مبادئ التفاوض :
هناك مجموعة من المبادئ التفاوضية التي يجب أن يتحلى بها كل مفاوض ناجح
وحريص بشكل عام , وهي مبادئ تتصل بفن العمل التفاوضي بكافة جوانبه ، وهذه
المبادئ تعتبر من أهم أساسيات العمل التفاوضي لحاجة المفاوض لها في جميع
الأوقات ، سواء خلال عمليات التفاوض أو قبلها أو بعدها ، والتحلي بهذه
المبادئ يجعلك متأهباً بشكل دائم ويبعد عنك خسائر المباغتة في مفاوضاتك
بشكل عام ، فاحرص على تعلمها والتحلي بها والتدرب عليها لتنمية مهاراتك في
شتى المجالات التفاوضية ، ومن هذه المبادئ :
1-لا تكن متطرفاً في مواقفك , وأحرص على المصالح :
إن مسألة الصداقة والعداء في الحياة الإنسانية سواء بين الأفراد أو
الجماعات أو الدول هي مسألة ظرفية بحتة , فلا الصداقة دائمة ولا العداء
دائم ولكن هنالك دائماً توجد مصالح ، لذا عليك دائماً أن تكسب صداقات جديدة
, أو أن تحسّن عداءات قائمة بتحويلها إلى أطراف محايدة أو صديقة إن استطعت
.
2-كن مستعداً للتفاوض في أي وقت :
وعلى هذا الأساس يتطلب أن يكون المفاوض على إلمام كامل بكافة المتغيرات
التي تؤثر على القضية التفاوضية , وعلى سير عملية التفاوض , وعلى الأطراف
المباشرة وغير المباشرة ممن لهم مصلحة في القضية التفاوضية , خاصة فيما
يتعلق بعناصر القوة والضعف لدى هؤلاء الأطراف حتى يمكن التفاوض معهم
بنجاح ، وهكذا تكون قادراً على الجلوس إلى مائدة المفاوضات في أسرع وقت وفي
أي وقت .
3- لا تتفاوض أبداً دون أن تكون مستعداً :
وهذا المبدأ يؤكد على المبدأ السابق , فإن لم تكن مستعداً للجلوس فلا تعلن
عن ذلك أبداً , ولكن حاول ان تضع شروطاً وعقبات تحول دون جلوسك في ذلك
الوقت إلى مائدة المفاوضات , وعندها أعمل على تنمية قدراتك وحفز مهاراتك عن
طريق التدريب النظري والعملي ، وإذا أجبرت على التفاوض مع الآخر دون
استعداد , فتعامل بتكتيكات كسب الوقت والإرضاء حتى يتسنى لك الاستعداد
الكافي .
4-لا تضعف موقفك بافشاء أسرارك :
لكي لا تعطي فرصة للطرف الآخر لمعرفة مواطن ضعفك وبالتالي استغلالها , ويجب
عليك أن لا تبوح بما لديك من أسرار أو معلومات حتى إلى أقرب أصدقائك ,
فالطرف الآخر يريد أن يحصل على معلومات بأي ثمن , فلا تمنحه تلك الفرصة بأن
تفشي سراً إلى طرف قد يرضخ أمام المغريات , أو تكون قضيتك التفاوضية غير
مهمة كثيراً بالنسبة له .
5- لا تقلل من قدرة الآخرين :
إنك قد تجد في كثير من الأحيان الطرف الآخر مستخدماً إستراتيجية الضعف أو
الفقر أو قلة الحيلة بهدف استدرار العطف وخداعك و/أو التواضع وعدم التكبر
من قبيل الوازع الديني ، لذا لا تستهن بالخصم أياً كان سلوكه أو لباسه ,
أشعره دائماً أنه موضع حفاوة وتقدير و إكبار.
6-عليك أن تؤمن بصدق و عدالة القضية التفاوضية :
عليك أن تكون مؤمناً بعدالة وصدق قضيتك ومشروعية مطالبك وأن لك الحق
الطبيعي في تحقيق أهدافك من التفاوض , وبالتالي تتوفر لديك الرغبة والإصرار
على النجاح , ومن وجهة أخرى يمثل هذا الإيمان حاجزاً يجعلك ترفض أي محاولة
للضغط أو الابتزاز , أو الإغراء .
7-إقتنع برأيك قبل إقناع الآخرين به :
حاول أن تناقش الآراء بينك وبين نفسك أولاً , فإن أقتنعت بصحة وسلامة آرائك
كان سهلاً عليك إقناع الآخرين بها بالمنطق السليم والحجة القوية التي
استندت إليها في آرائك , وإذا كان الرأي غير مقع بالنسبة لك فمن الصعب عليك
إقناع الطرف الآخر به .
8-تفاوض من مركز قوة :
إن قوتك في العملية التفاوضية هي أمر نسبي تحكمي و إدراكي في الوقت نفسه ,
فالمفاوض الناجح هو من يحول كافة نقاط التفاوض إلى عناصر قوة بالنسبة له ,
بل أن نقاط التي يحسبها الآخرين نقاط ضعف , تستطيع بما لديك من خبرة وقدرة
أن تحولها إلى نقاط قوة وتستطيع من خلالها التفاوض بنجاح وفاعلية الكبرى ،
وتنبه إلى نقاط الجذب و إلى نقاط الضعف لاستخدامها وفقاً لمدى القدرة على
الإستفادة منها في توجيه سير المفاوضات وكسب الجولات التفاوضية .
9- حلل ومن ثم قرر بناءاً على الوقائع والأحداث الحقيقية وليس بناء على التمنيات :
عليك أن تفهم المواقف التفاوضية للطرف الآخر على أسس واقعية لتحديد
العوامل المتغيرة وتلك التي لها صفة الثبات و تأثيرها المتبادل على الموقف
التفاوضي , ومن ثم يمكنك وضع إستراتيجيتك المناسبة , وسياساتك المثلى
وتكتيكاتك الفعّالة و أن تكسب الجولات التفاوضية .
10-حاول تهيئة الطرف الآخر وإعداده نفسياً لتقبل الإقناع بالرأي الذي تتبناه :
وهذا يتضمن مجموعة من التكتيكات أهمها:
أن تردد اسم من تحاوره بمزيد من الاحترام أثناء الحديث معه وإشعاره بأهميته .
اشعر الطرف الآخر بأهمية آرائه .
إبدي إهتماماً بالهوايات , والموضوعات التي تهم الطرف الآخر .
تجنب توجيه النقد والمناقشات غير المجدية مع الطرف الآخر .
إمتدح تفوقه وتميزه ونجاحه و أنك استفدت من أساليب هذا النجاح .
فالإنسان يكون أكثر إستعداداً لقبول وجهة نظر وآراء من يؤيدونه أو يعاملونه
باحترام , على أن لا يكون هذا مبالغاً فيه أو يشعر معه الطرف الآخر بأنه
مجرد فخ منصوب له أو أنه تملق زائف .
ماذا أريد من عملية التفاوض ؟
هل أعرف ما يحتاجه الآخرين ؟
من أين أحصل على المعلومات ؟
ما هو مقدار القوة الذي أتمتع به ؟
أين ومتى أقوم بعملية التفاوض ؟
كيف تسير عملية المفاوضات ؟
ماذا أفعل عندما تبدأ المفاوضات ؟
وللإجابة على هذه التساؤلات عليك اتباع الخطوات التي يطرحها هذا الجزء من الدورة والتي تطرح لك تصوراً شاملاً للطريق التي عليك السير بها .
إن إدارة العملية التفاوضية بشكل فعّال وناجح تجعل من الضروري القيام بالإعداد والتخطيط الجيد لهذه العملية ، حيث أن التخطيط الجيد يساعدنا على تحديد أهدافنا , وتحديد الأساليب والوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف , والتنبؤ بالمستقبل وأحداثه , ومن ثم الاستعداد له لتجنب المفاجآت والأزمات .
وأيضا من الضروري أن لا يتم التعامل مع العمـل التفاوضي على أنه حدث طارئ أو مفاجئ ، فالإعداد أو التخطيط هو المرشد والموجه الحقيقي للأداء التفاوضي ,حيث يساعد على تحديد الأهداف المرغوب تحقيقها من التفاوض , وتوفير المعرفة الكافية لنا حول الطرف الآخر وأوضاعه وتوقعاته , وتحديد ما يجب القيام به أو ما لا يجب القيام به أثناء الجلسة التفاوضية, وتحديد الإستراتيجيات التي سوف يتم استخدامها أثناء التفاوض وغيرها من الجوانب التي تساعد على نجاح المفاوضات ، وبالرغم من أهمية التخطيط والإعداد للتفاوض , إلا أننا نجد في الحياة العملية العديد من الممارسين لا يقومون بذلك قبل دخولهم المفاوضات , أو لا يخصصون الوقت الكافي للقيام بالتخطيط والإعداد الجيد .
إن أهمية الإعداد والتخطيط الجيد لعملية التفاوض تنبع من خلال العديد من الأسباب ومن بينها :
1. أن التفاوض نشاط إنساني يتم من خلاله الآخرين لتحقيق أهداف مرغوبة , ومن ثم فإن الإعداد والتخطيط لهذا النشاط يعتبر من الأساسيات الضرورية لزيادة فعالية أدائه
2. الإعداد والتخطيط للتفاوض يحتاج الوقت الكافي حتى يمكن إنجاز المهام المطلوبة بكفاءة عالية، مثال ذلك : أن توفير المعلومات عن الطرف الآخر يحتاج لوقت كافي لإنجاز هذه المهمة بكفاءة .
3. الإعداد والتخطيط الجيد للتفاوض يستوجب ضرورة تحديد المسائل أو الجوانب الأساسية والمفيدة التي تساعد على نجاح المفاوضات , ومن ثم التركيز عليها بما يضمن حسن استغلال الوقت المخصص لهذه المرحلة من مراحل إدارة الأداء التفاوضي.
خطوات الإعداد للعملية التفاوضية :
هناك العديد من المجالات والمسائل التي يمكن أن تشملها عملية الإعداد والتخطيط الجيد لأي نوع من أنواع التفاوض ، وبشكل عام لا يمكن حصر هذه المجالات نظراً لاختلاف طبيعة وظروف كل عملية من عمليات التفاوض عن الأخرى ، وهنا فإننا نقدم لك مجموعة من الخطوات الأساسية التي يجب على المفاوض أخذها بعين الإعتبار عند البدء بعمليته التفاوضية .
أولاً : تحديد موضوعات وقضايا التفاوض :
لكل نوع من المفاوضات قضية أو مسألة يتم التفاوض حولها ( مثال ذلك مشكلة أراضى محتله في حالات التفاوض السياسي , أو صفقة بيعة في حالة التفاوض التجاري, أو قرض في حالة التفاوض المالي أو الاقتصادي سواء على مستوى البنوك المحلية أو الدولية) ، ولعل من المنطقي أن تكون الخطوة الأولى والأساسية في عملية الإعداد والتخطيط الجيد للتفاوض هي تحديد ودراسة وتشخيص القضية أو المسألة موضوع التفاوض ، ويتم ذلك من خلال مجموعة من الاعتبارات من بينها :
1- تحديد أهداف الأطراف ذات العلاقة بعملية التفاوض .
2- تقدير أطراف التفاوض لأوجه القوة ونقاط الضعف لديها .
3- تحديد الإطار العام للمعالم والأبعاد التي تدور حولها عملية التفاوض .
4- تحديد الموضوعات والقضايا التي تشملها عملية التفاوض وعناصر كل موضوع منها .
كما تختلف عمليات التفاوض باختلاف طبيعة كل قضية أو عملية من هذه العمليات ، وذلك تبعاً لعدد من الاعتبارات من بينها :
1- نطاق القضية التفاوضية وامكانية تحديدها بسهولة .
2- مدى فصل أو ربط القضايا المختلفة معاً وسهولة أو صعوبة الفصل .
3- المرونة في قضايا التفاوض ومدى امتلاك كل طرف من أطراف التفاوض لها .
4- سهولة أو صعوبة تسلسل خطوات تحديد القضايا محل التفاوض .
ثانياً : تحديد أهداف التفاوض :
بعد التحديد الدقيق والدراسة والتشخيص لنطاق وعناصر قضية أو مسألة التفاوض فإنه من الضروري تحديد الأهداف المرغوب تحقيقها من وراء المفاوضات ، إذ يعتبر تحديد أهداف عملية التفاوض الخطوة الأساسية في نجاحها ، ولكن عند تحديد أهداف التفاوض لابد من التأكد من أنها تؤدي إلى تحقيق الجوانب والشروط التالية :
• الوضوح وسهولة الفهم وعدم الغموض .
• مرونة الأهداف وقابليتها للتحقيق والمراجعة وأن تكون بعيدة عن الجمود .
• اشراك المفاوضين بتحديد الأهداف واقناعهم بها .
• أن يتم التعامل مع الأهداف في ضوء الظروف الفعلية والامكانيات الحالية وبواقعية .
• أن يتم ترتيب الأهداف حسب اولوية الرغبة في تحقيقها .
• أن تكون قابلة للقياس الكمي ما أمكن حتى يمكن قياس التقدم في تحقيقها .
• الارتباط بفترة زمنية محددة لتنفيذ الأهداف .
• المحافظة على سرية الأهداف وعدم اشاعتها .
ثالثاً : دراسة وتجهيز البيانات وتوفير المعلومات :
إن توفر المعلومات والبيانات بشكل جيد لدى المفاوض تجعل موقعه التفاوضي أكبر ، لأنها تمده بأسلحة فعّالة يمكنه استخدامها خلال المفاوضات ، ويمكن التفريق بين البيانات والمعلومات على النحو التالي :
• البيانات : هي تعبيرات عن حقائق خام حول مواقف أو أحداث فعلية في البيئة المحيطة لمتخذ القرار , وهي في حد ذاتها ليست ذات دلالات معينة يمكن استخدامها في عملية اتخاذ القرارات .
• المعلومات : هي بيانات تتعلق بحقائق ومواقف معينة تم وضعها في محتوى ذو معنى لمتلقيها بحيث يضفي عليها قيمة لأنه يتأثر بها, أو لأنها تحقق منفعة معينة. والمعلومات هي مخرجات يتم الحصول عليها نتيجة تشغيل البيانات ، وطبقاً للرؤية الإدارية فإن المعلومات هي عبارة عن البيانات التي تم وضعها في إطار ذو معنى ودلالة وفائدة , والتي تم توفيرها للمستقبل الذي سوف يستخدمها في صنع القرارات .
ويجب أن تتصف المعلومات الجيدة بالتزامن ، الدقة : الصحة أو الخلو من الأمراض ، إمكانية التعبير الكمي ، إمكانية التحقق ، إمكانية الحصول عليها ، الخلو من التحيز ، الشمولية ، الملائمة ، والوضوح ، و يمكن تقسيم أنواع البيانات المطلوب تجهيزها في أي عملية تفاوض إلى ما يلي:
بيانات عن المفاوض نفسه
بيانات عن الموقف والظروف المحيطة
بيانات تفصيلية عن قضايا التفاوض
بيانات عن الطرف الآخر
رابعاً : تقييم المركز التفاوضي :
إن الإعداد والتخطيط الجيد لعملية التفاوض تستوجب أن يقوم المفاوض بتقييم مركزه أو وضعه التفاوضي , وذلك بالمقارنة بمركز ووضع الطرف الآخر ، و عملية التقييم المطلوب القيام بها يجب أن تركز على الجوانب التالية :
• مجالات القوة التي يتميز بها المفاوض .
• مجالات الضعف التي يعاني منها المفاوض .
• مدى الحاجة للتفاوض .
• التأييد أو المعارضة من جانب الأطراف الأخرى ذات الاهتمام بالقضية .
• الفترة الزمنية المتاحة للوصول إلى حل أو اتفاق .
• الآثار المتوقعة لعدم حل المشكلة أو الوصول إلى اتفاق في الأجل الطويل .
وعند معرفة المفاوض لهذه العناصر بشكل مميز فإنه يحصن نفسه ويعرف مقدار وحجم قوته ، وبالتالي اختيار اسلوب التفاوض الذي يتناسب ومركزه التفاوضي قوةً وضعفاً .
خامساً : إختيار المفاوض أو الفريق التفاوضي :
عند اختيار من يقوم بعملية التفاوض فلابد من التأكد من تحليه بالمهارات الأساسية التي تجعل منه مفاوضاً ناجحاً يقوم بما أوكل به من مهام تفاوضيه على أكمل وجه .
هذا ويمكن أن تتم عملية التفاوض من خلال فرد واحد يمثل جهة أطراف التفاوض أو من خلال فريق عمل يتم أختياره بناءً على مجموعة من الأسس ، ولكل من الأسلوبين العديد من المزايا والمساوىء التي تميزها عن بعضها ، ويتوفق اختيار أحد هذين الاسلوبين بناء على مجموعة من الاعتبارات من بينها .
• التكلفة المترتبة على اختيار أحد الأسلوبين والعائد من ورائهما .
• المهارات التي تحتاجها عملية التفاوض ومدى احتياج فرد واحد أو فريق تفاوض لتنفيذها .
• أهمية موضوع التفاوض ومدى خطورة نتائجه .
سادساً : اختيار مكان التفاوض :
ويدخل ضمن أنشطة الإعداد والتخطيط للتفاوض اختيار المكان الذي سوف تتم فيه عملية التفاوض ، وهنا نجد أن هناك ثلاثة بدائل متاحة للمفاوضة عند اختيار المكان المناسب للتفاوض وذلك بالنسبة للطرفين ، البديل الأول ويتمثل في اختيار مكان المفاوض نفسه , والبديل الثاني يتمثل في اختيار مكان الطرف الآخر , والبديل الأخير يتمثل في اختيار مكان محايد .
والمفاضلة بين البدائل المختلفة الممكنة للمكان المناسب للتفاوض يجب أن تتم في ضوء بعض المعايير الموضوعية , والتي في مقدمتها ما يلي :
• طبيعة وخصائص الموقف التفاوضي .
• القوة النسبية التي يتمتع بها كل طرف في التفاوض.
• المسافة بين الأطراف المتفاوضة.
• سهولة الوصول إليه.
• الإمكانيات المتاحة.
• التسهيلات والتجهيزات المطلوبة للتفاوض.
• اعتبارات الأمن .
سابعاً : تحديد وقت التفاوض :
ومن الجوانب الهامة أيضا ً عند الإعداد للتفاوض الوقت ,حيث يجب أن يتم دراسة الأبعاد التالية :
تحديد الوقت المناسب لبدأ عملية التفاوض وذلك في ضوء رغبات الأطراف المختلفة .
تقدير الفترة الزمنية التي سوف تخصص لعملية التفاوض .
الجدول الزمني لسير عملية التفاوض في ضوء الفترة الزمنية المخططة .
وتختلف اتجاهات أطراف التفاوض وأساليبهم في تحديد الأزمنة والتوقيتات الملائمة للتفاوض على ضوء استراتيجياتهم وتكتيكاتهم في استثمار عنصري الزمن والتوقيت .
ثامناً : التخطيط المبدئي لأجندة التفاوض :
في هذه المرحلة من الإعداد والتخطيط للتفاوض يتم وضع تصور لأجنده التفاوض والذي يجب أن يراعى فيها أن تتضمن مايلي:
• القضية / القضايا التي سوف تكون موضع التفاوض.
• عناصر أو أجزاء القضية وأولوية كل منها عند العرض.
• أهداف التفاوض.
• نماذج التنازلات.
• الجدول الزمني لسير عملية التفاوض.
• فترات الاستراحة.
• موضوعات جانبية سيتم مناقشتها في الأوقات غير الرسمية.
تاسعً : الإعداد والتحضير للجلسة الافتتاحية :
يجب العناية عند الإعداد والتخطيط للمفاوضات بالجلسة الافتتاحية وبالتالي التحضير لها , حيث أنها تتميز بالآتي:
• من خلالها يتكون ما يعرف بالانطباع الأول.
• تمثل فرصة للتعارف الأولى والترحيب.
• ما يدور فيها سيؤثر سلباً إلى حد كبير على سير العمل واستمرار التفاوض .
• تعكس النوايا .
• تهيئ الجو المناسب لعملية التفاوض .
وعند التحضير للجلسة الافتتاحية يجب مراعاة ما يلي :
• البدء بالتعارف والترحيب بالطرف الآخر و إقامة الود معه .
• بناء الثقة في الدقائق الأولى .
• إضفاء الأهمية على الجلسة المزمع عقدها .
• التنويه بالحرص على نجاح عملية التفاوض وتحقيق المصلحة المشتركة .
• إمكانية إقامة حفل بسيط وأخذ صور تذكارية إن أمكن .
عاشراً : تصور مبدئي لسيناريو المفاوضات :
عند الإعداد للتفاوض يمكن وضع تصور مبدئي لسير المفاوضات أو ما يطلق عليه (سيناريو للتفاوض) ، ويتضمن هذا السيناريو الجوانب المقترحة التالية :
• تصور مبدئي للجلسة الافتتاحية : من الذي يبدأ الحديث ؟ وكيف ؟ وماهي الفترة الزمنية المناسبة لذلك ؟
• أسلوب بدء التفاوض وكيفية عرض القضية أو بعض جوانبها .
• توقعات بشأن سلوك الطرف الآخر وردود أفعاله .
• كيفية التصرف في المواقف المفاجئة أو غير المتوقعة .
• الاستراتيجية الرئيسية التي سيتم التعامل بها مع الطرف الآخر .
• التكتيكات التي سيتم إتباعها .
• كيفية التصرف في حالة الفشل في الوصول إلى اتفاق .
وأخيراً : هذه هي الخطوات الرئيسية لعملية الاعداد والتخطيط للمسار التفاوضي لأي نشاط يحتاج إليه ، إلا أن هناك مجموعة أخرى من الأمور يجب أخذها بعين الأعتبار ومن بينها : -
1 – أختيار لغة التفاوض : حيث أن هناك أهمية كبرى لهذه الخطوة في حال المفاوضين متعددى اللغات ، إذ لا بد من تحديد لغة رئيسية يتم الرجوع إليها ولذا عليك محاولة جعل لغتك هي لغة التفاوض .
2 – ترتيبات الاتصال : وهي خطوة سابقة لعملية تحديد مكان وكيفية اللقاء ، حيث يتفق الطرفان على هذه الاجراءات .
3 – تحديد البدائل : إذ عليك تحديد عدد من البدائل أو الخطط البديلة التي يمكن التحول إليها عند الحاجة وحسب تطورات الموقف التفاوضي .
4 – التدريب والاستعداد : حيث يمكن أن تقوم بعمليات تدريبية استعداداً لعملية التفاوض سواء من خلال أسلوب تمثيل الأدوار أو العصف الذهني أو غيرها من الأساليب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق