الخميس، 25 مارس 2021

نشأة الكون ---موض ظلّ يثير فضول الأوساط العلمية لقرون عدّة.. غموض أشعل خيال العلماء وطار بهم إلى أقاصي المجرّات.. هذا الكون الواسع لا يعلم عنه البشر حتى الآن إلا أقلّ القليل.. القرآن الكريم.. الكتاب المدهش الذي لا ريب فيه.. أورد تفاصيل علمية دقيقة حول بداية الكون ونهايته.. مراحل تطوره ومستقبله ومصيره.

 

 


 

الكون.. ذلك المجهول!

غموض ظلّ يثير فضول الأوساط العلمية لقرون عدّة..

غموض أشعل خيال العلماء وطار بهم إلى أقاصي المجرّات..

هذا الكون الواسع لا يعلم عنه البشر حتى الآن إلا أقلّ القليل..

القرآن الكريم.. الكتاب المدهش الذي لا ريب فيه..

أورد تفاصيل علمية دقيقة حول بداية الكون ونهايته..

مراحل تطوره ومستقبله ومصيره..

أخبرنا أن السماء والأرض كانتا ملتصقتين!!

أخبرنا قبل أكثر من 1400 عام ما لم يصل إليه العلماء إلا حديثًا..

مسطّرًا ذلك كلّه في بضع آيات، من بينها هذه الآية الكريمة..

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء

وهكذا يخبرنا القرآن الكريم بصريح العبارة وقبل أربعة عشر قرنًا من الزمان كيف بدأ الكون، وكيف أن الأرض والسماء كانتا ملتصقتين ثم انفصل بعضهما عن بعض!

فهذه الحقيقة العلمية من كان يتخيلها أو يتصورها قبل قرن واحد فقط من الآن؟!

ومن كان سيعلمها لولا نشأة علم الكون الفيزيائي وتقدّمه تقدّمًا كبيرًا في استكشاف الكون خلال القرن الماضي، وامتلاكه الدليل المادي المحسوس لنشأة الكون، وإجابته عن تساؤلات مهمّة حول الكيفية التي بدأ بها هذا الكون؟

يخبرنا القرآن الكريم عن أمر غيبي ويجيب عن السؤال المطروح بشأن ولادة هذا الكون ونشأته إجابة واضحة وصريحة وهو أن الأرض والسماء كانتا أصلًا واحدًا ففصل الله بينهما. لقد ظل العقل البشري لما يزيد على ثلاثة عشر قرنًا عاجزًا تمام العجز عن معرفة هذه الحقيقة العلمية الباهرة. وظل البشر يتخبطون في تكهنات وأباطيل وخرافات حول نشأة هذا الكون، حتى تطورت المعارف والعلوم والتقنيات والمراصد لتصل بالإنسان إلى حقيقة أن السماوات والأرض كانتا رتقًا واحدًا!!

هذه السماء الجميلة، المزدانة بقناديلها المعلَّقة من نجوم وكواكب من يظن أنها كانت ملتحمة مع الأرض في لجّة الماضي السحيق، حيث لا فضاء بينهما؟! إن أثبت العلماء هذه الحقيقة العلمية مؤخرًا عن طريق ما يُسمى بالتحليل الطيفي، فقد سبقهم القرآن إليها منذ ما يزيد على 1400 عام. فقط في نهاية عشرينيات القرن الماضي توصل العلم إلى أن الكون كان كتلة واحدة ثم انفجر وتباعدت أجزاؤه التي تشكلت منها المجرات والنجوم والكواكب والأجرام السماوية الأخرى. فتأمّلوا الآية من جديد، أليس هذا هو نفسه حقيقة (الفتق الكوني) الذي تتحدث عنه هذه الآية، وهو أفضل تفسير توصل إليه العلماء بشأن نشأة الكون؟!

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء

هذه الآية تشير إلى كيفية نشأة الكون وبداية الخلق، حيث ظل علماء الفلك والفيزياء الفلكية يجاهدون لقرون من الزمن في تصور لحظة ميلاد هذا الكون ولم يتمكنوا من شيء من ذلك، وإنما توصلوا إلى نظرية الانفجار العظيم (Big Bang)، وهذه النظرية هي أكثر النظريات قبولًا في علم الكون الفيزيائي اليوم، نظرًا إلى استنادها إلى عدد من الحقائق المشاهدة.

وتتلخص فكرة هذه النظرية في أن الكون في بداية نشأته وقبل مليارات السنين كان جزءًا واحدًا وفي حالة حرارة شديدة الكثافة فانفجر وتمدد وبَرُد بسرعة فائقة، ومعظم الذرات التي نتجت من ذلك الانفجار العظيم كانت من الهيدروجين والهيليوم مع القليل من الليثيوم، ثم التأمت سحب عملاقة من تلك العناصر الأوّليّة بالجاذبية لتكوّن المجرات والنجوم التي نشاهدها اليوم.

تشير الحسابات الفيزيائية إلى أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر، وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة، وتلاشي كل من المكان والزمان، وتتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة، وهي ما أشار إليها القرآن بمرحلة (الرتق)، ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبرى تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم، وهو ما أشار إليه القرآن بمرحلة (الفتق) حيث تحول بهذا الانفجار إلى كرة من الإشعاع والجسيمات الأوّليّة أخذت في التمدد والبرودة بسرعات فائقة حتى تحولت إلى غلالة من الدخان الذي خلقت منه السماوات والأرض.

تُقدّم لنا نظرية الانفجار العظيم شرحًا وافيًا لمجموعة متعددة من الظواهر المشاهدة للكون من خلال المراصد العملاقة، بما في ذلك اكتشاف الخلفية الإشعاعية للكون المدرك، وتصوير الدخان الكوني على أطراف الجزء المدرك من الكون، واتساع المسافة بشكل مستمر بين المجرات، ما يؤكد أن هذه المجرات كانت في الماضي أقرب إلى بعضها بعضًا. 

وبهذا يقر أصحاب نظرية الانفجار العظيم بعدم أزلية الكون، وأن لهذا الكون بداية من نقطة الصفر أي من العدم، ثم انفصال الأرض عن السماء بعد أن كانتا شيئًا واحدًا، أي رتقًا، ومنذ ذلك الوقت لا يزال الكون يشهد توسعًا مستمرًا، وتباعدًا بين مجرّاته. وهذا ما يقوله القرآن الكريم ويؤكده في آية أخرى من آياته المعجزة:

وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات

في عام 1929 توصل عالم الفلك الأمريكي أدون هابل الذي كان يعمل في مرصد جبل ويلسون في كاليفورنيا إلى واحد من أعظم الاكتشافات في تاريخ علم الفلك، حيث رصد ولأوّل مرّة ابتعاد المجرات عن بعضها بعضًا بشكل مستمر وبسرعات هائلة، وأن الكون المدرك لا يزال مستمرًّا في توسعه ولم يصل بعد إلى الحد الحرج الذي سوف يؤدي إلى انهياره على ذاته، وانطوائه على نفسه من جديد، ما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والإحكام. وهذا الاكتشاف المهم يؤكد أن أجزاء هذا الكون كانت متقاربة جدًّا، أو ملتحمة مع بعضها بعضًا، في لحظة ما، وهو ما يعزز نظرية الانفجار العظيم. لأنك عندما تتخيّل هذه المجرات وهي تسير في الاتجاه المعاكس بسرعة هائلة، مقتربًا بعضها من بعض، وكلما اقتربت وتضامت ازدادت كتلتها فازدادت شدة جاذبيتها، وكلما ازدادت قوة الجاذبية ازداد التلاصق، حتى تتلاشى الفراغات بين النجوم المكونة للمجرات، ثم يزداد ضغط الجاذبية على النجوم نفسها، وهكذا يستمر الضغط حتى تكون كل المادة المكونة للكون في حجم الذرّة، ثم يستمر الضغط إلى ما لا نهاية له، فيقل الحجم إلى ما لا نهاية له، أي حتى يصير إلى العدم!

وفي عام 1964 اكتشف آرنو بينزياس وروبرت ويلسون الخلفية الإشعاعية للكون المدرك، ما أعطى دليلًا إضافيًّا يعزز نظرية الانفجار العظيم، وبذلك تم منحهما جائزة نوبل في الفيزياء عام 1978 نظرًا إلى هذا الاكتشاف العظيم، وأهميته في علم الكون الفيزيائي. وتفسّر نظرية الانفجار العظيم هذه الإشعاعات الكهرومغناطيسية التي يمكن التثبت من وجودها اليوم في كل مكان من الفضاء المدرك في هذا الكون. فعندما كان الكون صغيرا جدًّا وقبل الانفجار العظيم كان شديد الحرارة، وكان يملؤه دخان ساخن جدًّا موزع توزيعًا متساويًا في جميع أنحائه، حيث كانت مكونات ذلك الدخان من بلازما الهيدروجين، أي بروتونات وإلكترونات حرّة من شدة الحرارة وعظم الطاقة التي تحملها. وبدأ الكون يتمدد ويتسع فبدأت بذلك درجة حرارة البلازما في الانخفاض، إلى الحد الذي تستطيع فيه البروتونات الاتحاد مع الإلكترونات مكونة ذرات الهيدروجين.

ومرور الكون بمرحلة الدخان التي سادت أرجاءه بعد الانفجار العظيم يتوافق مع قوله تعالى:

ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) فصّلت

لقد عبّر القرآن الكريم عن حقيقة الكون بعد الانفجار العظيم بكلمة واحدة هي: (دُخَانٌ)، وهذه الكلمة وحدها تعبّر تعبيرًا علميًّا دقيقًا عن حقيقة تلك المرحلة من عمر الكون وتختصر جملًا وفقرات يكتبها العلماء اليوم للتعبير عن تلك المرحلة. ففي عام 1989 أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا (NASA) مركبة فضائية باسم (مستكشف الخلفية الكونية) وذلك لدراسة الخلفية الإشعاعية للكون من ارتفاع يبلغ ستمئة كيلومتر حول الأرض، حيث قامت تلك المركبة الفضائية بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج من عملية الانفجار العظيم على أطراف الجزء المدرك من الكون وعلى بعد عشرة مليارات سنة ضوئية، وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق السماوات والأرض.

وبما أن الانفجار يكون في العادة شيئًا مدمّرًا، فإن التسمية الدقيقة لهذه العملية ليست (الانفجار) وإنما هي (الفتق) كما جاءت في القرآن الكريم، لأن هذه العملية تمّت وفق توازنات وحسابات غاية في الدقة والإحكام، وبذلك فإن القوة التي أحدثت هذه العملية وخططت لها، لن تكون إلّا قوة عظيمة ما دامت قد أحدثت شيئًا عظيمًا! فلماذا إذًا لا يتساءل مكتشفو هذه النظرية عمّا قبل الانفجار؟ وعن محدث الانفجار؟ وعن موجد هذا الكون؟! وكيف يمكن لانفجار عشوائي أن يخلق كونًا منظّمًا بهذه الدقة الفائقة؟

أما مصير هذا الكون، فيتوقع العلماء أن سرعة توسع الكون تتباطأ مع الزمن، حيث تشير الحسابات الرياضية إلى أن التمدد بعد الانفجار العظيم كان بمعدلات أعلى بكثير مما هي عليه الآن، ومع تباطؤ سرعة التوسع ستتفوق قوة الجاذبية على قوة الدفع إلى الخارج فيؤدي ذلك إلى اندفاع المجرّات والمادة والطاقة نحو مركز مفترض للكون، فيبدأ الكون في الانكماش والانطواء على ذاته بسرعة هائلة، ويطوى معه كل من المكان والزمان، ويتجمع في نقطة واحدة متناهية في الصغر ويعود إلى الحالة الأولى التي بدأ منها، وهو ما يُعرف في علم الكون الفيزيائي بالانسحاق العظيم Big Crunch وهي عملية معاكسة لعملية الانفجار العظيم.

ويؤكد القرآن بوضوح صحة هذا السيناريو لنهاية الكون وذلك في الآية الكريمة:

يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) الأنبياء

من الأمور المعجزة حقًّا أن القرآن الكريم، الذي نزل قبل ألف وأربعمئة عام، سبق كل المعارف الإنسانية بالإشارة إلى أهم النظريات التي توصل إليها العلم الحديث في نشأة الكون ومصيره. ومن العجيب أن يجمع هذا الكتاب المعجز في سورة واحدة من سوره وهي سورة الأنبياء آيتين، الأولى تشير إلى بداية نشأة الكون والثانية تشير إلى زواله وفنائه!!

إن ما نقرؤه هنا عجيب ومذهل بكل المقاييس..

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء

وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (47) الذاريات

ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فصّلت

يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) الأنبياء

إنه لأمر مدهش للغاية أن تقرأ هذه الحقائق العلمية الدقيقة حول نشأة الكون وفنائه والمراحل التي مرّ بها في كتاب نزل قبل ما يزيد على أربعة عشر قرنًا من الزمان وفي عصر ساد فيه الجهل وشاعت فيه الخرافة والكهانة والتنجيم! وهذه الحقائق العلمية التي تصرّح بها هذه الآيات تعدّ صلب النظريات العلمية، بل وعمادها، لتفسير نشأة هذا الكون وفنائه! لا شكّ في أن حديث القرآن عن المادة، وعن الرتق والفتق، والدخان، والتوسع، والطي، دقيق ومتناهٍ في الإشارة والبيان!

هنا ألا يحق لنا أن نتوقّف ونسأل: من هو مصدر هذه الآيات ذات الحقائق الكونية المذهلة؟ ألم يثبت العلم اليوم بشكل حاسم لا ينتابه الشك أن أصل الكون كان على شكل كتلة غازية (دخان)، وأن هذه الكتلة كانت تشكل وحدة نوعية متصلة ببعضها بعضًا وملتحمة (رتق)، تعرّضت فيما بعد لقوّة هائلة أدت إلى انفصالها وتعددها، وها هو الكون ما زال يتوسع تحت وطأة الانفجار العظيم! هذه الآيات وحدها تكفي للتسليم بأن هذا القرآن وحي من الله خالق هذا الكون والمحيط بأسراره!

بل ويذهب القرآن العظيم إلى أبعد من ذلك، ويقرر أن الذين سيكتشفون هذه الحقائق الكونية هم المكذبون بهذا القرآن، وهم الذين سيرونها أوّلًا، فتأمّل ماذا تقول هذه الآية:

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) فصّلت

وهكذا تنص هذه الآية على أن المكذبين بهذا القرآن هم من سيكتشفون هذه الحقائق الكونية، وهم من سيرونها، وليس المسلمون، وهذا إعجاز غيبي مذهل للقرآن الكريم في تحديد من سيرى هذه الحقائق ويكتشفها. وفي اكتشافات المكذبين بهذا القرآن لهذه الحقائق العلمية والكونية في الآفاق وفي النفس البشرية، وحديث القرآن عنها بدقة علمية مذهلة، أكبر دليل على صدق هذا القرآن، وأنه كلام الله لا ريب. ولو كان هذا القرآن من تأليف مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-، كما يزعمون، لنسبَ هذه الاكتشافات العظيمة لنفسه، أو للمسلمين من بعده، فلماذا ينسبها للمكذبين بهذا القرآن؟؟

هذا عن الإعجاز العلمي والغيبي في القرآن الكريم فماذا عن الإعجاز العددي؟

هذا ما سوف نتناوله من خلال ما تبقّى من هذا المشهد.. فتأمّلوا الآية من جديد:

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء

تأمّلوا أوّل كلمة في هذه الآية (أَوَلَمْ)..

إنها الكلمة رقم 300 من بداية سورة الأنبياء!

الآن تأمّلوا رقم الآية نفسها 30

بل الأمر أعجب من ذلك فتأمّلوا أحرف الكلمة نفسها..

الحرف

أ

و

ل

م

المجموع

ترتيبه الهجائي

1

27

23

24

75

تكراره في الآية

19

6

8

6

39

المجموع

20

33

31

30

114

 

وكما هو واضح أمامكم الآن..

أحرف الكلمة الأولى (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية 39 مرّة!

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَوَلَمْ) = 75

مجموع العددين 39 + 75 يساوي 114، وهذا هو عدد سور القرآن!

ما رأيكم في هذه الحقائق الرقمية الدامغة؟

ولكن هل لفت نظركم شيء؟

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَوَلَمْ) = 75

كلمة (أَوَلَمْ) هي الكلمة رقم 300 من بداية سورة الأنبياء!

والعدد 300 يساوي 75 × 4

75 هو مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَوَلَمْ)!

4 هو عدد أحرف كلمة (أَوَلَمْ) نفسها!

روابط رقمية قرآنية مذهلة!

بل الأمر أعجب من ذلك بكثير فتأمّلوا كلمة (أَوَلَمْ) نفسها..

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَوَلَمْ) يساوي 75، أي 5 × 5 × 3

كلمة (أَوَلَمْ) هي الكلمة رقم 300 من بداية سورة الأنبياء، ويساوي 5 × 5 × 12

كلمة (أَوَلَمْ) هي الكلمة رقم 875 من نهاية سورة الأنبياء، ويساوي 5 × 5 × 5 × 7

كلمة (أَوَلَمْ) هي الكلمة رقم 875 من نهاية سورة الأنبياء، ويساوي 5 × 5 × 35

35 هو تكرار كلمة (أَوَلَمْ) نفسها في القرآن!

الآن تأمّلوا أوّل آية في القرآن تبدأ بكلمة (أَوَلَمْ) نفسها..

أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100) الأعراف

وكما هو واضح أمامكم فإن الآية رقمها 100، وهذا العدد = 5 × 5 × 4

كلمة (أَوَلَمْ) هي الكلمة رقم 1625 من بداية سورة الأعراف، ويساوي 5 × 5 × 5 × 13

 

إليكم الأعجب..

تأمّلوا هذه الآيات الأربع..

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل

لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3) الأنبياء

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور

إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) الحجرات

أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية الأولى 35 مرّة!

أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية الثانية 35 مرّة!

أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية الثالثة 35 مرّة!

أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية الرابعة 35 مرّة!

النقاط على حروف الآية الأولى عددها 35 نقطة!

النقاط على حروف الآية الثانية عددها 35 نقطة!

النقاط على حروف الآية الثالثة عددها 35 نقطة!

النقاط على حروف الآية الرابعة عددها 35 نقطة!

العجب بل كل العجب أن مجموع أرقام هذه الآيات الأربع = 149

149 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 35

العدد 149 نفسه يساوي 114 + 35

114 هو عدد سور القرآن الكريم!

35 هو تكرار كلمة (أَوَلَمْ) نفسها في القرآن!

ما رأيكم في هذه الحقائق الرقمية الدامغة؟!

 

مزيد من التأكيد..

تأمّلوا أطول آية في القرآن..

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ منْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) البقرة

حرف الألف تكرّر في هذه الآية 108 مرّات.

حرف الواو تكرّر في هذه الآية 40 مرّة.

حرف اللام تكرّر في هذه الآية 66 مرّة.

حرف الميم تكرّر في هذه الآية 31 مرّة.

هذه هي أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في هذه الآية 245 مرّة!

والعدد 245 يساوي 35 × 7

35 هو تكرار كلمة (أَوَلَمْ) نفسها في القرآن!

7 هو ترتيب سورة الأعراف حيث وردت أول آية تبدأ بكلمة (أَوَلَمْ)!

 

مزيد من التأكيد..

تأمّلوا هاتين الآيتين من سورتي البقرة والنساء..

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228) البقرة

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127) النساء

الآية الأولى عدد كلماتها 40 كلمة.

الآية الثانية عدد كلماتها 40 كلمة.

أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية الأولى 75 مرّة!

أحرف كلمة (أَوَلَمْ) تكرّرت في الآية الثانية 75 مرّة!

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف كلمة (أَوَلَمْ) = 75

مجموع رقمي الآيتين = 355

مجموع حروف الآيتين = 355 حرفًا.

الآية الأولى ترتيبها العام من بداية المصحف رقم 235

الآية الثانية ترتيبها العام من بداية المصحف رقم 620

الفرق بين الترتيب العام للآيتين 385، وهذا العدد = 35 × 11

35 هو تكرار كلمة (أَوَلَمْ) نفسها في القرآن!

 

مزيد من العجائب..

تأمّلوا الآية التي افتتحنا بها هذا المشهد..

أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء

تأمّلوا كيف تتساءل هذه الآية بتعجّب: (أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)؟

لفظ (أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) لم يرد في القرآن إلا في خاتمة هذه الآية فقط!

ونحن أيضًا نتساءل كما تتساءل الآية: أَفَلَا يُؤْمِنُونَ؟!

برغم كل هذه الحقائق الرقمية والعلمية الدامغة، أفلا يؤمنون؟!

تأمّلوا أحرف (أفلا يؤمنون)..

حرف الألف تكرّر في هذه الآية 19 مرّة.

حرف الفاء تكرّر في هذه الآية 4 مرّات.

حرف اللام تكرّر في هذه الآية 8 مرّات.

حرف الألف تكرّر في هذه الآية 19 مرّة.

حرف الياء تكرّر في هذه الآية 5 مرّات.

الهمزة على الواو وردت في هذه الآية مرّة واحدة.

حرف الميم تكرّر في هذه الآية 6 مرّات.

حرف النون تكرّر في هذه الآية 8 مرّات.

حرف الواو تكرّر في هذه الآية 6 مرّات.

حرف النون تكرّر في هذه الآية 8 مرّات.

هذه هي أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية 84 مرّة!

والعدد 84 يساوي 12 × 7

12 هو عدد حروف شهادة التوحيد (لا إله إلا الله)!

12 هو عدد حروف شهادة الحق (مُحمَّد رسول الله)!

7 هو عدد كلمات شهادة الإسلام (لا إله إلا الله مُحمَّد رسول الله)!

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية 84 مرّة!

وكما هو واضح أمامكم فإن الآية نفسها رقمها 30

وحاصل جمع العددين = 114، وهذا هو عدد سور القرآن!

ولا نزال نتساءل كما تتساءل الآية: أفلا يؤمنون؟!

 

مزيد من العجائب..

هذه هي أوّل آية في القرآن تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 84 مرّة..

وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) البقرة

هذه الآية ترتيبها العام من بداية المصحف رقم 21

هذه هي أوّل آية في القرآن عدد حروفها 73 حرفًا..

73 عدد أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 21

ولفظ (أفلا يؤمنون) لم يرد إلا في سورة الأنبياء فقط وترتيبها رقم 21

وهذه هي آخر آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 84 مرّة..

سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد

هذه الآية وكما هو واضح أمامكم رقمها 21

مجموع حروف الآيتين 181 حرفًا، وهذا العدد أوّليّ ترتيبه رقم 42، ويساوي 21 + 21

ولا تنسوا أن تنتبهوا إلى أن العدد 84 يساوي 42 + 42

الآن وبعد كل هذه الحقائق الرقمية الدامغة، أفلا يؤمنون؟!

 

توقّفوا وتأمّلوا..

لفظ (أفلا يؤمنون) ورد في سورة الأنبياء فقط وترتيبها رقم 21

لفظ (أفلا يؤمنون) ورد في خاتمة الآية رقم 30 من سورة الأنبياء..

وأحرف لفظ (أفلا يؤمنون) تكرّرت في هذه الآية نفسها 84 مرّة.

أوّل آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 84 مرّة ترتيبها رقم 21 من بداية المصحف!

أوّل آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 84 مرّة هي أوّل آية عدد حروفها 73 حرفًا!

والعدد 73 أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 21

وآخر آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 84 مرّة رقمها 21

وفي جميع الأحوال فإن العدد 84 يساوي 21 × 4

العجيب أن مجموع حروف الآيتين 181 حرفًا..

والعدد 181 أوّليّ ترتيبه في قائمة الأعداد الأوّليّة رقم 42، ويساوي 21 + 21

هذه حقائق رقمية دامغة غير قابلة للنقاش!

ولا يزال السؤال يقرع عقول المكذبين: أفلا يؤمنون؟!

 

مزيد من التأكيد..

لفظ (أفلا يؤمنون) ورد في خاتمة الآية رقم 30 من سورة الأنبياء..

وأحرف لفظ (أفلا يؤمنون) تكرّرت في هذه الآية نفسها 84 مرّة.

الآن تأمّلوا أوّل آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 30 مرّة..

خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) البقرة

وتأمّلوا آخر آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 30 مرّة..

إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) الأعلى

الآية الأولى رقمها 7

والآية الثانية رقمها 7

الآية الأولى هي أوّل آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 30 مرّة.

الآية الثانية هي آخر آية تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 30 مرّة.

العجيب أن مجموع كلمات الآيتين = 21 كلمة!

والأعجب منه أن مجموع حروف الآيتين = 84 حرفًا!

والعدد 84 يساوي 21 × 4

والعدد 21 يساوي 7 × 3

فهل بعد هذا كلّه عاقل يكذب بهذا القرآن؟

 

مزيد من التأكيد..

تأمّلوا هاتين الآيتين من سورتي فصّلت والبيّنة..

وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصّلت

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) البيّنة

الآية الأولى عدد حروفها 42 حرفًا..

الآية الثانية عدد حروفها 42 حرفًا..

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية الأولى 42 مرّة!

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية الثانية 42 مرّة!

العجيب أن مجموع رقمي هاتين الآيتين يساوي 42

وأنتم تعلمون أن العدد 84 يساوي 42 + 42

والسؤال يعيد نفسه: أفلا يؤمنون؟!

 

مزيد من التأكيد..

لفظ (أفلا يؤمنون) ورد في سورة الأنبياء فقط وترتيبها رقم 21

لفظ (أفلا يؤمنون) ورد في خاتمة الآية رقم 30 من سورة الأنبياء..

وأحرف لفظ (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية نفسها 84 مرّة، ويساوي 21 × 4

تأمّلوا جيِّدًا العدد 21 مضروبًا في الرقم 4

انطلاقًا من هذه الحقائق تأمّلوا هذه الآيات الأربع..

وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) الحجر

وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) فاطر

إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (21) النبأ

مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) التكوير

الآية الأولى رقمها 21

الآية الثانية رقمها 21

الآية الثالثة رقمها 21

الآية الرابعة رقمها 21

الآية الأولى عدد حروفها 42 حرفًا، وتكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 42 مرّة!

الآية الثانية عدد حروفها 16 حرفًا، وتكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 16 مرّة!

الآية الثالثة عدد حروفها 16 حرفًا، وتكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 16 مرّة!

الآية الرابعة عدد حروفها 10 أحرف، وتكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) فيها 10 مرّات!

مجموع أرقام هذه الآيات الأربع = 84

ومجموع حروف هذه الآيات الأربع = 84 حرفًا.

وأحرف لفظ (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآيات الأربع نفسها 84 مرّة!

والعدد 84 يساوي 21 × 4

21 هو رقم كل آية من هذه الآيات الأربع!

4 هو عدد الآيات نفسها!

تأمّلوا هذا المنطق الرقمي العجيب!

 

مزيد من التأكيد..

تأمّلوا هذه الآيات الأربع..

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) المائدة

وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) يوسف

وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) الإسراء

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (21) غافر

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية الأولى 114 مرّة!

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية الثانية 114 مرّة!

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية الثالثة 114 مرّة!

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآية الرابعة 114 مرّة!

أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآيات الأربع 456 مرّة، ويساوي 114 × 4

العجيب أن مجموع حروف الآيات الأربع 456 حرفًا، ويساوي 114 × 4

ومجموع النقاط على حروف هذه الآيات الأربع 228 نقطة، ويساوي 114 × 2

والأعجب من ذلك كلّه أن مجموع أرقام هذه الآيات الأربع = 174

تعلمون أن 114 هو عدد سور القرآن فهل تعلمون إلى ماذا يشير العدد 174؟

ما هي علاقة هذا العدد بلفظ (أفلا يؤمنون)؟!

إليكم الإجابة التي لا أظن أن أحدًا يمكن أن يتوقعها..

حرف الألف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 1

حرف الفاء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 20

حرف اللام ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 23

حرف الألف ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 1

حرف الياء ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 28

الهمزة على الواو ليست من الحروف الهجائية فترتيبها 0

حرف الميم ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 24

حرف النون ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 25

حرف الواو ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 27

حرف النون ترتيبه في قائمة الحروف الهجائية رقم 25

هذه هي أحرف (أفلا يؤمنون) ومجموع ترتيبها الهجائي = 174

وهذا هو مجموع أرقام الآيات الأربع!

ولم تعرف العرب الترتيب الهجائي إلا بعد عقود من انقضاء نزول القرآن!

 

مزيد من التأكيد..

مجموع الترتيب الهجائي لأحرف (أفلا يؤمنون) = 174

بناءً على هذه الحقيقة تأمّلوا أوّل آيتين تحملان الرقم 174

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) البقرة

فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران

الآية الأولى هي أوّل آية في القرآن رقمها 174

والآية الثانية هي ثاني آية في القرآن رقمها 174

الآن تأمّلوا كيف تكرّرت أحرف (أفلا يؤمنون) في الآيتين..

حرف الألف تكرّر في الآيتين 31 مرّة.

حرف الفاء تكرّر في الآيتين 4 مرّات.

حرف اللام تكرّر في الآيتين 29 مرّة.

حرف الألف تكرّر في الآيتين 31 مرّة.

حرف الياء تكرّر في الآيتين 14 مرّة.

الهمزة على الواو لم ترد في أي من الآيتين.

حرف الميم تكرّر في الآيتين 19 مرّة.

حرف النون تكرّر في الآيتين 14 مرّة.

حرف الواو تكرّر في الآيتين 18 مرّة.

حرف النون تكرّر في الآيتين 14 مرّة.

هذه هي أحرف (أفلا يؤمنون) تكرّرت في الآيتين 174 مرّة!

فهل بعد كل هذه التجلِّيات المدهشة للأرقام تبقَّت مساحة لمنكري هذا القرآن؟!

وهل ما زالوا يعتقدون بأن هذا القرآن من تأليف مُحمَّد -صلى الله عليه وسلّم-؟!

أفلا يتفكّرون معنا في هذا المشهد القرآني العجيب! أفلا يؤمنون!

هل يسلّم الإنسان عقله للجنون بيديه ويصدّق أن كل هذا الإعجاز يستطيعه إنسان؟!!

من يقول ذلك هو بالتأكيد يكذب على نفسه.. بنفسه!!

-------------------------------------

أهم المصادر:

أوّلًا: القرآن الكريم؛ مصحف المدينة المنوّرة برواية حفص عن عاصم (وكلماته بحسب قواعد الإملاء الحديثة).

 

ثانيًا: المصادر الأخرى:

  • أحمد، يوسف الحاج (2007)؛ موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ دمشق: مكتبة ابن حجر.
  • الخضر، أسامة علي (2011)؛ القرآن والكون من الانفجار العظيم إلى الانسحاق العظيم؛ بيروت: المكتبة العصرية.
  • الدمرداش، صبري (2010)؛ للكون إله: قراءة في كتاب الله المنظور والمسطور؛ الكويت: مكتبة المنار الإسلامية.
  • الصوفي، ماهر أحمد (2012)؛ الموسوعة الكونية الكبرى؛ بيروت: المكتبة العصرية.
  • النابلسي، محمد راتب (2013)؛ موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: آيات الله في الآفاق؛ عمّان: الفرسان للنشر والتوزيع.
  • النعيمي، حميد مجول (2000)؛ الكون وأسراره في آيات القرآن الكريم؛ بيروت: الدار العربية للعلوم.
  • النجار، زغلول راغب محمد (2009)؛ من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم 1- 3؛ القاهرة: مؤسسة الشروق الدولية.

 

ثالثًا: المصادر الأجنبية:

Beiser, Arthur, concepts of modern physics, McGraw-Hill New York, 1987, page 12.

Harwit, Martin, Astrophysical concepts, John Wiley and Sons, New York, 1973.

Padmanabhan, T. (1998).  "After the first three minutes the story of our universe", Cambridge University Press, United Kingdom

الاعجاز العلمى لنشاة الكون من القران الكريم

 


إخوتي الأكارم، لنبحث معاً في اللفظ الأدق والأليق ببلاغة القرآن الكريم، هل من الأفضل أن نقول: ” الانفجار الكوني العظيم ” أم : ” الانفتاق الكوني العظيم ” ؟

وحتى تتكون الصورة واضحة… لنقرأ هذه الشبهة التي أثارها أحد اللادينيين ويُدعى: الختيار..

” آية اخرى لا يمل الاعجازيون من تكرارها كالببغاوات ايضا:

{أَوَ لَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30].

يدعي هواة الاعجاز أن وجه الإعجاز في الآية القرآنية هو تقريرها بأن نشأة الكون بدأت إثر الانفجار العظيم (ويربطونه بكلمة الفتق) بعد أن كانا كتلة واحدة (رتقا).

أولا…لنرى [الصواب: لنرَ] المعنى اللغوي لكلمة رتقا..

جاء في لسان العرب[1]: (رتْقاً): الرَّتْقُ ضدّ الفتْقُ. وقال ابن سيده: الرَّتْقُ إلحام الفتْقِ وإصلاحه، رتَقَه يرتُقُه ويرتِقُه رتقاً، فارتتق أي التَأَم.

إذن كلمة رتقا تفيد كون السماء والأرض كتلة واحدة..

أما كلمة فتق: (ففتقناهما): الفتقُ خلاف الرتق، فتقه يفتقُّه فتقاً: شقه. الفتق: انفلاق الصبح.

ومن القاموس المحيط[2]: (فَتَقَهُ): شَقَّهُ كَفَتَّقَهُ فَتَفَتَّقَ وانْفَتَقَ، ومَفْتَقُ القَميصِ مَشَقُّهُ.

إذن كلمة الفتق تعني الشق…

وهناك العديد من الروايات التي أوردها المفسرون في المراد بالرتق والفتق… ومن أغلبها يتضح لنا أن المراد من القول في هذه الاية هو كون السماء والارض كتلة واحدة ثم تم فتقهما (شقهما). وبعض المعاني الأخرى التي تصلح لتأويل الاية:[3]

باختصار لهذا كله.. “كانتا رتقا ففتقناهما” تفيد كون السماء والأرض كتلة واحدة أو جسما واحدا ففتقمها (أي قسمها) الله الى قسمين. ويدعي الإعجازيون أن هذا يتفق مع نظرية الانفجار الكبير -التي أقسم أنهم لم يقرأوا عنها يوما- في أن الأرض والسماء كان كتلة ثم تم الانفصال بينهما بالانفجار!!! هل تنطبق هذه الرؤية مع نظرية الانفجار الكبير؟؟

قطعا لا تنطبق لسببين:

أولا: كلمة الفتق تعني لغويا الشقّ لا أرى فيها أي سيرة[4]عن حدوث “انفجار” من قريب أو من بعيد؛ فالشقّ ليس تفجيرا، ولا يوجد ذرة اتصال بين المعنيين كما رأينا في المعاجم، فالشق هو مثل ما يحدث عندما تشق قطعة قماش مثلا، وهذا لا علاقة له بما حدث في الانفجار الكبير إطلاقا.

ثانيا: اذا ربطنا لفظ “كانتا رتقا” في الآية بما قبل البيج بانج فهذا أيضا لا علاقة له بما تقوله نظرية الانفجار الكبير إطلاقا؛ لأن نظرية الانفجار الكبير تنص على عدم وجود أي نوع من المادة أو الكتلة قبل حدوث الانفجار؛ لأن المادة جاءت الى الوجود مع الانفجار نفسه، بل لا يوجد شيء أسمه “قبل البيج بانج” أساسا. هذا قول فاسد، اذ ليس هناك “فترة وقتية ” من قبل ال planck time  قابلة لتطبيق القوانين الفيزيائية عليها، مفهوم “الفترة الزمنية” قبل حدوث البيج بانج لا معنى له؛ فالوقت مرتبط بالمكان وجاء في حيّز الوجود اصطلاحي “متى وأين” للزمان مع ظهور “المكان” الى حيّز الوجود أي مع البيج بانج، و نفس الشيء بالنسبة إلى المادة أو الكتلة، فلم يكن لها وجود الا مع حدوث الانفجار.

أي ليس هناك “رتق” قبل حدوث الانفجار ولا غيره.[5]

و فوق كل هذا…لا أعرف حقيقة كيف يأتي مسلمون يحاولون الاستناد الى البيج بانج لاثبات قرآنهم. 

سؤال: هل ظهور الكون طبقا للبيج بانج تتماشى مع الخلق كما يراه القرآن والسنة؟ هل خلق جزء من الكون بشكل منفصل في فترة لوحدها (الارض) ثم عندما تنتهي هذه الفترة يبدأ خلق جزء آخر بشكل منفصل لوحده في يومين (السماء) ثم يعود الى الجزء الاول “ليظبطه” {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } (سورة النازعات 30) في يومين آخرين هل تستوي هذه الرؤية مع الكوزمولوجي الخاص بالبيج بانج !!! “.

{ وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } (سورة الذاريات 47)

حيث يقول الإعجازيون أن هذه الاية أخبرت بحقيقة التوسع الكوني !!!

ذهبت لأرى ما تقوله المعاجم حول المعنى اللغوي لهذه الكلمة “موسع” -بدون تشديد السين-:

المحيط: أوْسَعَ يُوسِعُ إِيسَاعاً: صار ذا سعه وغِنى.

“محيط المحيط”: وأوسع الرجل إيساعًا صار ذا سعةٍ وغنًى. ومنهُ في سورة الذاريات: (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) أي أغنياءُ قادرون.

و يتفق معهم أيضا القاموس المحيط حول هذا المعنى اللغوي: وقوله (وإنَّا لَمُوسِعُونَ): أغْنياءُ قادِرُونَ[6].
ففي الاية يقول الله عن نفسه: أنه ذو سعة (قدرة) وغنى، ولا علاقة لها اطلاقا بالتوسع الكوني!!”.

الرد على الشبهة :

1. نشوء الكون:

تحرير محل النزاع: يقول إن “فتق” ليس من معانيها ” فجَّر”.

وجواب ذلك أن العرب تعرف ذلك، ولا يضرنا أنه لا يعرفه.

 تقول العرب: انفتاق الصبح، وتعني به انفجاره (ومنه سمي الفجر بهذا الاسم)[7].

بل إن ذلك يُعَد من أشهر التشبيهات التي عرفها العرب.

قال أبو هلال العسكري[8]: ” ومن غريب ما قيل في الصبح، من الشعر القديم قول ذي الرمة ـ وقد أجمع الناس على أنه أحسن العرب تشبيهاً ـ:

وقد لاحَ للساري الذي كمل السُّرى         على أخرياتِ الليلِ فتقٌ مُشَهَّرُ

وهذا أحسن تشبيه أكمله “.

وورد في قصة استشهاد سعد بن معاذ رضي الله عنهعن جابر : “.. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمْ، انْفَتَقَ عِرْقُهُ فَمَاتَ “.[9]

بينما في رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها، زيادة في دعاء سعد قبيل استشهاده: “.. وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا، وَاجْعَلْ مَوْتَتِي فِيهَا. فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ..”.[10]

فعبَّر جابر عن الانفتاق بالانفجار، وبه عبَّرت عائشة ـ راوية الحديث رضي الله عنها، ولا يشك بفصاحتهما -رضي الله عنهما- أحد.

ويمكن القول: إن الانفتاق مرحلة سابقة للانفجار، كما أن تفجر النبع من الصخر يسبقه انفتاق وتشقق الصخر.

وانفجار القنبلة يسبقه تشقق سطحها الخارجي.. الخ. فلا انفجار بلا انفتاق (تصدع وانشقاق).

وانفتاق الجرح، جاء قبيل لحظات من انفجاره. فبين الانفجار والانفتاق عموم وخصوص[11]. ومن ثم ينتفي القول بالترادف بين معاني لفظي الانفتاق والانفجار. وهو يليق بجلال القرآن الكريم والأمر الإلهي بملاحظة دقة التعبير القرآني، وتدبر بديع نظمه المعجز.

وذلك كما يلي:

بداية: كان لنظرية الانفجار -الأصوب: ” الانفتاق ” كما سيتبين قريباً- الكوني أثر كبير في إيمان كثير من الملحدين بوجود خالق للكون، سبق هذا الانفجار ودبر أمره.

فقد كانت نظرية الملحدين أن الكون أزلي غير حادث، والمادة أزلية غير قابلة للاستحداث أو الفناء؛ ليهربوا من الإجابة عن السؤال الأهم: من الذي أحدثه، وما هي القوة التي ستفنيه؟[12]

قال الفيلسوف الملحد (أنطوني فلوف): ” يقولون: إن الاعتراف يفيد الإنسان من الناحية النفسية، وأنا سأدلي باعتراف: إن أنموذج الانفجار الكبير شيء محرج جداً بالنسبة للملحدين، لأن العلم أثبت فكرة دافعت عنها الكتب الدينية.. فكرة أن للكون بداية “.

ويقول العالم (دونيس ساكيما) وكان من أشد أنصار نظرية (الكون المستقر): ” لم أدافع عن نظرية الكون المستقر لكونها صحيحة، بل لرغبتي في كونها صحيحة، ولكن بعد أن تراكمت الأدلة، فقد تبين أن اللعبة قد انتهت، وأنه يجب ترك نظرية الكون المستقر جانباً “.

ويستدل العالم البريطاني (فرد هويل): ” كل انفجار يشتت المادة ويبعثرها دون نظام، ولكن هذا الانفجار الكبير عمل العكس، بشكل محفوف بالأسرار، إذ عمل على جمع المادة معاً لتشكيل المجرات “.

كل هذه الأقوال لعلماء الفلك الغربيين تؤيد الحكمة من التعبير القرآني البالغ النهاية في الدقة؛ فذكر القرآن الكريم: ” الفتق ” ولم يذكر ” الانفجار”، فالانفجار عشوائي ويوزع شظاياه مبعثرة، بينما الفتق عملية تصديع وتشقق منظمة بشكل بديع محكم.

فالخياط حينما يقوم بفتق قطعة القماش يقوم بذلك بكل عناية، بينما شظايا القنبلة المتفجرة تتناثر بلا نظام!

ولذلك -من باب الدقة العلمية- يرى الباحث أن الأصوب القول: ” الانفتاق الكوني ” بدلاً من: ” الانفجار الكوني “.

هو ليس انفجار -كأي انفجار- بل هو انفتاق بنظام بديع محكم، جاء من عند خالق الكون العظيم.

وسبحان منزل القرآن !

2. توسع الكون:

” الواو والسين والعين: كلمةٌ تدلُّ على خلافِ الضِّيق والعُسْر “.[13]  فاللفظ في حقيقته يدل على خلاف الضيق.

وبهذا يكون معنى ” موسعون ” عكس ” مضيقون “. تقول: وَسَّعْتُ الشيءَ فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ، أي صار واسِعاً.[14]

والأصل حمل اللفظ على حقيقته؛ إلا إن وجد مسوغ لحمله على المجاز.

فـ ” وَسِعَ الشيء: لم يضق عنه.. لا يسعك أن تفعل كذا، أي: لا يجوز لك؛ لأن الجائز موَسَّع غير مضيَّق. هذا الإناء يسع عشرين لتراً “.[15]

أما عند استعمالها على سبيل المجاز والكناية فمعلوم أن قولك ” رجل ذو سعة ” كناية عن غناه.

” فرس واسع القدمين ” كناية عن السرعة… وهكذا.

وهنا -برأي دعاة وجود إعجاز علمي في الآية الكريمة- لا مسوغ لحمل لفظ (موسعون) على المجاز، فتبقى على حقيقتها. كقولك: وسعت ثوبي، توسعوا في المجالس..

ولا مانع من إرادة المعنيين معاً، بل ذلك من التوسع في المعنى، وهو قمة البلاغة.

وفي نهاية الرد على هذه الشبهة، ينبغي شكر اللاديني (الختيار) الذي أقرّ -بعد أن أعمى الله بصيرته- بعدم وجود مادة قبل الانفتاق الكوني، وبهذا يقطع بعدم أزلية الكون، فلا بد للكون موجِد سبق إنشاء مادته، هو الخالق العظيم الواحد سبحانه وتعالى.

وصدق فيه قول الشاعر:

يُصيبُ وَما يَدري وَيُخطي وَما دَرى       وَكَيفَ يَكونُ النَّوْكُ إِلّا كَذالِكا [16]

وسبحان الله العلي العظيم !

مراحل نشأة الإعجاز التأثيري وتطوره

  


مراحل نشأة الإعجاز التأثيري وتطوره:
ـ المرحلة الأولى: مرحلة النشأة:
تتصل نشأة هذا الوجه الإعجازي للقرآن بنزول القرآن الكريم نفسه اتصالاً مباشراً، وذلك لما يلي:
أولاً: أمر الله سبحانه وتعالى ـ في كتابه بالحرص على إسماع المشركين القرآن الكريم، ليكون ذلك عوناً على دعوتهم للإسلام، قال ابن حجر: «ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز، لم يقدر أحد على معارضته بعد تحديهم بذلك، قال تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) ». فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه، ولا يكون حجة إلا وهو معجزة والمعجزة لابدّ لها من أثر فيمن تعجزه، إما تصديقاً أو تكذيباً.
ثانياً: ما ورد في كتب السيرة والتفسير وأغلب الكتب التي تتناول قضية الإعجاز عن لجوء رسول الله (ص) لإعجاز القرآن التأثيري كوسيلة أساسية من أسس الدعوة للإسلام وظهور أثر هذه الوسيلة الفعال في كل من استعملت معه، إما قبولاً واعتناقاً للإسلام، أو نفوراً وإعراضاً عنه، أو إقراراً بإعجاز القرآن في حاله.
ثالثاً: إن الإعجاز التأثيري في هذه المرحلة ـ وهي مرحلة النشأة الأولى ـ يتمثل في الممارسة والسلوك العملي للإعجاز نفسه، دون التأليف فيه، أو وضع قواعد أو أصول له، وإنما تدل الشواهد الكثيرة على ممارسته في حياة المسلمين.
وبعد قرنين من الزمان ـ وفي أوائل القرن الثالث الهجري ـ أشار الجاحظ (ت 255) في كتابه (البيان والتبيين) ـ من خلال حديثه عن الإعجاز البلاغي للقرآن ـ إشارات خاطفة للإعجاز التأثيري، وكذلك فعل الرماني في منتصف القرن الرابع ت 386.
ـ المرحلة الثانية: مرحلة التأصيل العلمي للإعجاز التأثيري:
سنقف في هذه المرحلة مع عدد من العلماء القدامى والمحدثين، ممن تحدثوا عن الإعجاز التأثيري: فمن العلماء القدامى: (الخطابي، والجرجاني، وابن القيم(
.
ومن العلماء المحدثين: (د. عبد الكريم الخطيب الإمام/ محمد الغزالي).
1 ـ الخطابي: (أبو سيلمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي ـ ت 388هـ)
يبدأ الخطابي رسالته (بيان إعجاز القرآن) بالاعتراف بتعذر معرفة وجه الإعجاز في القرآن، ومعرفة الأمر في الوقوف على كيفيته، ثم بدأ في ذكر وجوه الإعجاز فحددها. وفي نهاية رسالته عاد الخطابي إلى تأكيد رأيه في الإعجاز القرآني، وذلك باختياره الإعجاز التأثيري كأهم وجه من وجوه الإعجاز. فقال: (قلت: في إعجاز القرآن وجه آخر، ذهب عنه الناس، فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ من آحادهم، وذلك صنيعه بالقلوب، وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاماً غير القرآن ـ منظوماً ولا منثوراً ـ إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، ومن الروعة والمهابة في أخرى ما يخلص منه إليه، تستبشر به النفوس، وتنشرح له الصدور، حتى إذا أخذت حظها منه، عادت إليه مرتاعة قد عراها الوجيب والقلق، وتغشاها الخوف والفرق، تقشعر منه الجلود، وتنزعج له القلوب، يحول بين النفس ومضمراتها وعقائدها الراسخة فيها، فكم من عدو للرسول (ص) من رجال العرب وفتاكها أقبلوا يريدون اغتياله وقتله، فسمعوا آيات من القرآن فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته، ويدخلوا في دينه، وصارت عدواتهم موالاة، وكفرهم إيماناً.
خرج عمر بن الخطاب (رض) يريد رسول الله (ص) ويعمد إلى قتله، فسار إلى دار أخته وهي تقرأ (سورة طه)، فلما وقع في سمعه لم يلبث أن آمن.
وبعث الملأ من قريش عتبة بن ربيعة إلى رسول الله (ص) ليوقفوه على أمور أرسلوه بها، فقرأ عليه رسول الله (ص) آيات من (حم السجدة) فلما أقبل عتبة وأبصره الملأ من قريش قالوا: أقبل أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. ولما قرأ رسول الله (ص) القرآن في الموسم على النفر الذين حضروه من الأنصار آمنوا، وعادوا إلى المدينة فأظهروا الدين بها، فلم يبق بيت من بيوت الأنصار إلا وفيه قرآن. وقد روي عن بعضهم أنه قال: فتحت الأمصار بالسيوف، وفتحت المدينة بالقرآن.
ولما سمعته الجن لم تتمالك أن قالت: (إنّا سمعنا قرآناً عجباً * يهدي إلى الرشد فآمنّا به)،ومصداق ما وصفناه في أمر القرآن في قوله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله)، وقوله تعالى: (الله نزّل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)،وغير ذلك في آي ذوات عدد منه، وذلك لمن ألقى السمع وهو شهيد، وهو من عظيم آياته، ودلائل معجزاته.
2 ـ الإعجاز التأثيري عند عبد القاهر الجرجاني (ت 473هـ):
نبه الدكتور محمد بركات أبو علي إلى مسألة هامة في بحثنا هذا، وهي: تأثر عبد القاهر بسلفه الخطابي في نظرته لإعجاز القرآن. يقول الدكتور محمد بركات: (مما تميز به الخطابي: أنه أبرز وجهاً للإعجاز، وهو الأثر النفسي، وأصبح هذا الرأي أساساً من أسس نظرية عبدا لقاهر في النظم في كتبه وكتب بعض المعاصرين في الأدب…).
وذكر بعض الباحثين: أن عبد القاهر الجرجاني كان يعتمد على ذوقه الوجداني في حديثه عن إعجاز القرآن، وعرضه لموقف البلاغيين، وكيف أنهم انشغلوا بقضية اللفظ والمعنى، حتى وصلوا في التقسيم والتبويب إلى درجة من التعقيد لا تطاق، ولم يستثن منهم سوى عبدالقاهر، لأنه تذوق النص القرآني، وتفاعل وتأثر به تاثراً واضحاً.
والدكتور عبد الكريم الخطيب عندما تعرض لموقف عبد القاهر من قضية الإعجاز فقال عنه: )إن عبد القاهر لم يتحدث عن الإعجاز حديثاً مباشراً، وإنما جعل وجه الإعجاز عنده يقوم على الذوق الوجداني). وقال أيضاً: (ولو لم يكن لعبد القاهر فضل هنا إلا أنه دفع عن البلاغة هذا المفهوم الخاطئ الذي كان يذهب مذاهب الجدل اللفظي البعيد عن الذوق الجمالي والجائر على حظ العاطفة والوجدان منها ـ لو لم يكن له إلا هذا لكان ذلك فضلاً كبير يعرف له، ونستطيع أن نستنبط من هذه الأقوال: أن عبد القاهر كان له رأي في مسألة الإعجاز التأثيري. وقد حاولت البحث فيما تحدث به عن هذا الوجه فوجدته عندما حاول التدليل على عجز العرب أمام القرآن، وذلك من خلال أقوالهم، وذكر أمثلة ثلاثة، هي:
أ ـ حديث الوليد بن المغيرة. وذكر فيه قوله عن القرآن: (والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة، وما أنتم بقائلين من هذا شيئاً إلا عرف أنه باطل).
ب ـ حديث عتبة بن ربيعة: وذكر فيه قوله عن القرآن أيضاً: (إني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، وما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة).

ج ـ حديث إسلام أبي ذكر وأخيه أنيس، وقوله عن القرآن كلاماً قريباً من هذا.
وهذه الأمثلة الثلاثة التي ساقها الجرجاني يدلل بها على حال العرب العاجزة أمام القرآن لتدل على أنه يرى الإعجاز التأثيري من أهم وجوه الإعجاز القرآني. وذلك من وجهين:
1 ـ إن كل مَن تحدث عن إعجاز القرآن من السابقين له أو اللاحقين عليه وأشار إلى هذا الوجه إشارة واضحة ـ كالخطابي ـ مثلاً ـ ، أو غير واضحة ـ كالباقلاني ـ إلا واستشهد بها، لدلالتها على مدى أثر القرآن في نفس من سمعه أو قرأه.
2 ـ إن بعض الشواهد القرآنية التي ذكرها عبد القاهر في حديث عن النظم ـ كوجه للإعجاز القرآني ـ قد حللها تحليلاً يبرز من خلاله مدى الأثر النفسي على مَن يقرؤها أو يسمعها. وإليك بعضها، لترى صدق ما ذهبنا إليه.
يقول عبد القاهر في قوله تعالى: (وجعلوا لله شركاء الجن … ): ليس بخاف أن لتقدم الشركاء حسناً وروعة. ومأخذاً في القلوب. أنت لا تجد شيئاً منه إذا أخرت فقلت: (وجعلوا الجن شركاء لله) وإنك لترى حالك حال مَن نقل عن الصورة المبهجة. والمنظر الرائق، والحسن الباهر، إلى الشيء الغفل، الذي لا تحظى منه بكثير طائل. ولا تصير النفس به إلى حاصل.
وفي مثال آخر يقول عند قوله تعالى: (ولتجدنهم أحرص الناس على حياة): (وإذا أنت راجعت نفسك، وأذكيت حسك، وجدت لهذا التنكير، وإن قيل: (على حياة) ولم يقل (على الحياة) حسناً وروعة، ولطف موقع، لا يقادر قدره، وتجدك تعدم هذا التعريف وتخرج عن الأريحية والأنس إلى خلافهما).
3 ـ وأخيراً فقد جعل عبد القاهر وجه الإعجاز القرآني في نظمه، وجعل النظم علة من أهم علل التأثير في النص القرآني في سامعه وقارئه، يقول الجرجاني: (ومَن هذا الذي يرضى من نفسه أن يزعم أن البرهان الذي بان لهم ـ أي للعرب ـ والأمر الذي بهرهم، والهيبة التي ملأت صدورهم، والروعة التي دخلت عليهم فأزعجتهم حتى قالوا: (إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر) إنما كان لشيء راعهم من موقع حركاته، ومن ترتيبه وبيان سكناته، أو الفواصل في أواخر آياته؟ من أين تليق هذه الصفة وهذا التشبيه بذلك؟ أم ترى أن ابن مسعود، حين قال في صفة القرآن: (لا يتفه ولا يتشان)!، وقال: إذا وقعت في ال. حم) وقعت في روضات دمثات أتأنق فيهن)، قال ذلك من أجل أوزان الكلمات، ومن أجل الفواصل في أخريات الآيات؟
3 ـ ابن قيم الجوزية (ت 751هـ ) ورأيه في الإعجاز التأثيري:
في كتابه (الفوائد) شرح ابن القيم مسألة تأثير القرآن على سامعه وقارئه فقال: (إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور مَن يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله، قال تعالى: (إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)، وذلك أن تمام التأثير لما كان موقوفاً على مؤثر مقتض ومحل قابل وشرط لحصول الأثر وانتفاء المانع الذي يمنع منه، تضمنت الآية بيان ذلك كله بأوجز لفظ وأبينه، وأدله على المراد. فقوله (إن في ذلك لذكرى) إشارة إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا، وهذا هو المؤثر، وقوله: (من كان له قلب) فهذا هو المحل القابل، والمراد به القلب الحي الذي يعقل عن الله، كما قال تعالى: (إن هو إلا ذكر وقرآن مبين * لينذر مَن كان حياً). أي حي القلب. وقوله تعالى: (أو ألقى السمع وهو شهيد) أي وجَّه سمعه وأصغى حاسة سمعه، إلى ما يقال له، وهذا شرط التأثير بالكلام. وقوله: (وهو شهيد) أي شاهد القلب، حاضراً غير غائب. قال ابن قتيبة: استمع كتاب الله وهو شاهد القلب والفهم، ليس بغافل ولا ساه، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقل ما يقال له، والنظر فيه وتأمله.
فإذا حصل المؤثر، وهو القرآن، والمحل القابل وهو القلب الحي، ووجد الشرط وهو الإصغاء، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر، حصل الأثر، وهو الانتفاع بالذكر.
ثم يقول: (فإن قيل: إذا كان التأثير إنما يتم بمجموع هذه الأشياء، فما وجه دخول أداة (أو) في قوله تعالى: (أو ألقى السمع)، والموضع موضع واو الجمع، لا موضع (أو) التي هي لأحد الشيئين؟ قيل: هذا سؤال جيد. والجواب عنه أن يقال: خرج الكلام (بأو) باعتبار حال المخاطب المدعو، فإن من الناس مَن يكون حي القلب واعيه، تام الفطرة، فإذا فكر بقلبه وجال بفكره دله قلبه وعقله على صحة القرآن، وأنه من الحق، وشهد قلبه بما أخبر القرآن، فكان ورود القرآن على قلبه نوراً على نور الفطرة، وهذا وصف الذين قال فيهم القرآن: (ويرى الذين أُوتوا العلم الذي أُنزل إليك من ربك هو الحق).
4 ـ الدكتور عبد الكريم الخطيب ورأيه في الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم:
يقول الدكتور الخطيب: (إن كلمات القرآن التي كانت على فم الناس، كان لها رحلة إلى الملأ الأعلى من الأرض إلى السماء من أفواه الناس إلى عالم الروح، والحق والنور، وهناك في هذا العالم ـ عالم الروح والحق والنور ـ عاشت تلك الكلمات دهراً طويلاً بين ملائكة، وولدان، وحور، فنفضت عليها هذه الحياة الجديدة روحاً من روحها، وجلالاً من جلالها، ونوراً من نورها، حتى إذا أذن لها الحكيم الخبير أن تعود أدراجها إلى الأرض وتلقى بأفواه الناس مرة أخرى، وتطرق أسماعهم، وتتصل بعقولهم وقلوبهم، لم ينكروا شيئاً من وجودها، وإن سرى إليهم من هذا الوجود ما يخطف الأبصار ويخلب الألباب، فالمؤمنون في شوق متجدد معه. وفي خير متصل منه، وفي عطاء موصول من ثمره، كلما مدوا أيديهم إليه قطفوا من أدبه أدباً عالياً، ومن علمه علماً نافعاً، ومن شريعته ديناً قيماً، وغير المؤمنين في عجب من أمره ودهش. يتناولونه بألسنة حداد، ويرمونه بسهام مسنونة، وبكيد عظيم. فما يصل إليه من كيدهم شيء).
إن العبارة السابقة يحاول فيها الخطيب ن يضع أيدينا على هذا السر الذي جعل لكلمات القرآن على مَن يسمعه من الأثر الواضح ما لا نجده مما نسمعه من كلام آخر، فكلمات القرآن قد رحلت إلى الملأ الأعلى حيناً من الزمن، أعطاها هذا الرحيل سراً يخطف الأبصار، ويخلب الألباب، ويجعل المؤمنين به في شوق دائم لسماعه، وغير المؤمنين في عجب ودهش من أمره.
ويقول الدكتور الخطيب ـ معلقاً على كلام الإمام الخطابي عن الإعجاز التأثيري للقرآن، والذي سبق لنا ذكره، والذي أثبتنا أنه وجه إعجاز القرآن عنده ـ : (وهذا الوجه من وجوه الإعجاز هو ـ فيما ترى ـ المعجزة القائمة في القرآن أبداً، الحاضرة في كل حين، وهي التي تسع الناس جميعاً، عالمهم وجاهلهم، عربيهم وأعجميهم، إنسهم وجنهم (قل أوحى إليَّ أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً)
.
ويعقب على قول السكاكي: (اعلم أن الإعجاز يدرك، ولا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن، تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة. وكما يدرك طيب النغم العارض للصوت، ولا يدرك تحصيله لغير ذي الفطرة السليمة) ـ بقوله ـ : (وما يقول السكاكي عن إعجاز القرآن ـ هنا ـ هو مقطع القول كله في هذا الأمر، إذ ليس الإعجاز الذي رآه الناس إلا روعة تملكهم، وإلا جلالاً يحيط بهم، وما كان لكلام أن يصور حقيقة الروعة، أو يمسك مواقع الجلال، إنها معان تدرك، تستشعر، ولا توصف! ولهذا فإن الناس مع القرآن على منازل ودرجات وحظوظ… ).
كان حديث الدكتور عن الإعجاز يرتكز بصورة أساسية على ما يحدثه القرآن من أثر في النفوس، كما رأينا ذلك واضحاً في مقارنته بين أثر كلام البشر وكلمات القرآن على النفوس البشرية المؤمنة بالقرآن، والمنكرة له على سواء.
إن آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، ومواقف الصحابة. بل وما في واقع الحياة البشرية في عصرنا الحالي وكل ما ذكره الدكتور تثبت وترصد مظاهر هذا الوجه من وجوه الإعجاز في حياة البشر وتؤكد اختياره له.
إن الدكتور ذهب إلى أكثر من الاختيار لوجه الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما أخذ يبين مزايا هذا الوجه دون سواه، فهذا الوجه يمتاز عن سائر وجوه الإعجاز بأنه:
أ ـ المعجزة القائمة في كل حين.
ب ـ أنها تسع الناس جميعاً عالمهم وجاهلهم.
ج ـ أنها تسعهم بكل لغاتهم، عربيهم وعجميهم.
د ـ أنها لا تقتصر على الإنس وحدهم، بل وتسع الجن أيضاً.
5 ـ الشيخ/ محمد الغزالي السقا (ت 1416هـ ) ورأيه في الإعجاز التأثيري:
في كتابه (نظرات في القرآن) يعقد الشيخ/ الغزالي فصلاً كاملاً عن الإعجاز في القرآن الكريم، ويرى فيه أن إعجاز القرآن يبرز في وجوه ثلاثة: الإعجاز النفسي، والإعجاز العلمي، والإعجاز البياني.
ويمكن أن نفهم حديث الإمام الغزالي عن الإعجاز النفسي ـ التأثيري في رأينا ـ متمثلاً في نقاط أربع:
1 ـ مكانة الإعجاز التأثيري.
2 ـ تأثير القرآن في المؤمن والكافر.
3 ـ من وسائل تأثير القرآن: تقديم الدليل المفحم على كل شبهة ـ تلوين الحديث ـ تصريف الأمثال، قهر برودة الإلف، تعرية النفوس، التغلب على مشاعر الملل.
4 ـ موانع التأثر بالقرآن.
وحديث إمامنا عن الإعجاز النفسي (التأثيري) أتى مرسلاً، دالاً على سجية مؤلفه، يحمل في طواياه هذه النقاط السابقة التي حاولت استخلاصها من حديثه العذب الذي لا غنى لباحث في إعجاز القرآن عن مطالعته والارتواء من نبعه الفياض. ونتلمس النقطة الأولى أول حديث الإمام عن الإعجاز النفسي، فبعد أن يتحدث عما يعرض له القرآن من عقائد دينية وأحكام تشريعية، وحقائق علمية يقول:
(قد تجد في القرآن حقيقة مفردة، ولكن هذه الحقيقة تظهر في ألف ثوب، وتتوزع تحت عناوين شتى، كما تذوق السكر في عشرات الطعوم والفواكه، وهذا التكرار مقصود، وإن لم تزد به الحقيقة العلمية في مفهومها. ذلك أن الغرض ليس تقرير الحقيقة فقط، بل بناء الأفكار والمشاعر، والتقاط مؤلفه آخر ما تختلقه اللجاجة من شبهات وتعلات، ثم الكر عليها بالحجج الدامغة، حتى تبقى النفس وليس أمامها مفر من الخضوع لمفهومها للحق والاستكانة لله. وعندي أن قدراً من إعجاز القرآن الكريم يرجع إلى هذا… ).
تلك هي مكانة الإعجاز التأثيري عند الإمام، فإن كان للقرآن الكريم وجوه إعجاز أخرى غير أنها لا تصل في قدرها وأهميتها إلى الإعجاز التأثيري للقرآن الكريم في نفس الانسان. ولكن هل يتأثر كل انسان بالقرآن؟ أم يقتصر هذا التأثير على المؤمنين به؟ ويرد أمامنا على هذا التساؤل بما يؤكد مكانة الإعجاز التأثيري بين وجوه الإعجاز، وعدم اقتصاره على نفس انسانية دون أخرى، فيقول:
(فما أظن امرءاً سليم الفكر والضمير يتلو القرآن أو يستمع إليه ثم يزعم أنه لم يتأثر به. قد تقول: ولم يتأثر به؟ والجواب: إنه ما من هاجس يعرض للنفس الانسانية من ناحية الحقائق الدينية ـ إلا ويعرض له القرآن بالهداية وسداد التوجيه. ما أكثر ما يفر المرء من نفسه، وما أكثر الذين يمضون في سبل الحياة هائمين على وجوههم. ما تمسكهم بالدنيا إلا ضرورات المادة فحسب.
إن القرآن الكريم بأسلوبه الفريد يرد الصواب إلى أولئك جميعاً، وكأنه عرف ضائقة كل ذي ضيق، وزلة كل ذي زلل، ثم تكفل بإزاحتها كلها، كما يعرف الراعي أين تأهت خرافه. فهو يجمعها من هنا وهناك لا يغيب عن بصره ولا عن عطفه واحد منهم.
وذلك سر التعميم في قوله عزوجل: (ولقد صرّفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل) حتى الذين يكذبون بالقرآن ويرفضون الاعتراف بأنه من عند الله. إنهم يقضون منه مثلما يقف الماجن أمام أب ثاكل، قد لا ينخلع من مجونه الغالب عليه، ولكنه يؤخذ فترة ما يصدق العاطفة الباكية. أو مثلما يقف الخلي أمام خطيب يهدر بالصدق، ويحدث العميان عن اليقين الذي يرى ولا يرون، إنه قد يرجع مستهزئاً، ولكنه يرجع بغير النفس التي جاء بها.
والمنكرون من هذا النوع لا يطعمون في التأثير النفساني للقرآن الكريم، كما أن العميان لا يطعنون في قيمة الأشعة. ولذا يقول الله عزوجل: (الله نزّل أحسن الحديث)، وبذلك يكون الشيخ قد تناول النقطة الثانية التي يتأكد من خلالها إعجاز القرآن التأثيري في المؤمنين والكافرين به على سواء. وفي النقطة الثالثة يبرز الإمام في بعض أسرار التأثير القرآني في الإنسان فيقول:
(إن القرآن يملك على الإنسان نفسه بالوسيلة الوحيدة التي تقهر تفوقه في الجدل، أي بتقديم الدليل المفحم لكل شبهة، وتسليط البرهان القاهر على كل حجة)فالنكوص عن الإيمان بعد قراءة القرآن يكون كفراً عن تجاهل لا عن جهل، ومن تقصير لا من قصور. والجدل آفة نفسية وعقلية معاً، والنشاط الذهني للمجادل يمده حراك نفسي خفي، قلما يهدأ بسهولة. وجماهير البشر لديها من أسباب الجدل ما يفوق الحصر، ذلك أنهم يرتبطون بما ألفوا أنفسهم عليه من أديان وآراء ومذاهب ارتباطاً شديداً، ويصعب عليهم الإحساس بأنهم وآباءهم كانوا في ضلال ـ مثلاً ـ ، فإذا جاءت رسالة عامة تمزق الغشاوات عن العيون وتكشف للناس ما لم يكونوا يعرفون. فلا تستغربن ما تلقى من الإنكار والتوقف، أو التكذيب والمعارضة. وأسلوب القرآن في استلال الجفوة من النفس، إلقاء الصواب في الفكر، أوفى على الغاية في هذا المضمار. ذلك أنه لون حديثه للسامعين تلويناً يمزج بين إيقاظ العقل والضمير معاً، ثم تابع سوقه متابعة إن أفلت المرء منها أولاً لم يفلت آخراً. وذلك هو تصريف الأمثال للناس.
إنه أحاطه بسلسلة من المغريات المنوعة، لا معدى له من الركون إلى إحداها، أو معالجة القلوب المغلقة بمفاتيح شتى، لابدّ أن يستسلم القفل عنه واحد منها. وتراكيب القرآن ـ التي تنتهي حتماً بهذه النتيجة ـ تستحق التأمل الطويل. ولسنا هنا بصدد الكلام عن بلاغتها، بل بصدد البحث عن المعاني التي تألفت منها، فكان من اجتماعها هذا الأثر الساحر».
ويستكمل الشيخ/ الغزالي بيانه عن وسائل القرآن التي تسبب التأثير في النفس الإنسانية فيقول:
إن طبيعة هذا القرآن لا تلبث أن تقهر برودة الإلف، وطول المعرفة، فتتعرى أمامه النفوس، وتنسلخ من تكلفها وتصنعها، وتنزعج من ذهولها وركودها، وتجد نفسها أمام الله ـ جل شأنه ـ يحيطها ويناقشها، ويعلمها ويؤدبها، فما تستطيع أمام صوت الحق المستعلن العميق إلا أن تخشع وتصيخ ثم يقول:
وكما قهر القرآن نوازع الجدل في الإنسان وسكن لجاجته، تغلب على مشاعر الملل فيه، وأمده بنشاط لا ينفد. والجدل غير الملل، هذا تحرك ذهني، قد يجسد الأوهام، ويحولها إلى حقائق، وهذا موات عاطفي، قد يجمد المشاعر، فما تكاد تتأثر بأخطر الحقائق، وكثير من الناس يصلون في حياتهم العادية إلى هذه المنزلة من الركود العاطفي، فنجد لديهم بروداً غريباً بإزاء المثيرات العاصفة، لا عن ثبات وجلادة، بل عن موت قلوبهم، وشلل حواسهم.
والقرآن الكريم ـ في تحدثه للنفس الإنسانية ـ حارب هذا الملل وأقصاه عنها إقصاء، وعمل على تجديد حياتهم بين الحين والحين، حتى إنه ليمكنها أن تستقبل في كل يوم ميلاداً جديداً. (وكذلك أنزلناه قرآناً عربياً وصرّفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكراً).
ومن وسائل القرآن التأثيرية: الترغيب والترهيب. يقول الغزالي:
(والشعور بالرغبة والرهبة والرقة تعمرك وأنت تستمع إلى قصص الأولين والآخرين تروى بلسان الحق، ثم يتبعها فيض من المواعظ والحكم، والمغازي والعبر، تقشعر منه الجلود).
موانع تأثر النفس البشرية بالقرآن والانفعال به:
وأخيراً فإننا نستطيع أن نلتقط من كلام الشيخ/ الغزالي بعض رؤاه العلمية العميقة التي يكشف من خلالها موانع تأثر النفوس البشرية بالقرآن والانفعال به، وهو ما أشرنا إليه سابقاً في النقطة الرابعة، يقول الغزالي فيما يؤكد هذه النقطة:
إن إلفك للشيء قد يخفي ما فيه من أسرار، ويصرفك عن اكتشافها. وكثيراً ما تتلو آيات القرآن مثلما تتصفح آلاف الوجوه في الطريق، ملامح نراها، قد تكون دميمة، قود تكون وسيمة، تمر أشكالها بالعين، فما تثبت على أحدها إلا قليلاً وفي ذهول، لأن المرء مشغول ـ بشأنه الخاص ـعن دراسة القدرة العليا في نسج هذه العيون، وغرس هذه الرؤوس، وصوغ تلك الشفاه، وإحكام ما تنفرج عنه من سنان، وما تؤدي إليه من أجهزة دوارة، لا تقف لحظة، إننا نقرأ القرآن فيحجبنا ـ ابتداء ـ عن رؤية إعجازه: أنه كلام من جنس ما نعرف، وحروف من جنس ما ننطق، فنمضي في القراءة دون حس كامل بالحقيقة.
فالشيخ/ الغزالي قد جعل وجه الإعجاز النفسي (التأثيري عندنا) مقدماً على وجوه الإعجاز جميعاً، وعلى وجه الإعجاز البياني الذي كان يتصدر وجوه الإعجاز عند السابقين غالباً، وقد عرضت من كلام الغزالي نفسه ما يربط بين الوجهين رباطاً وثيقاً، بل ويجعل الإعجاز البياني ـ في رأيي ـ هو المقدمة للإعجاز التأثيري، لكن اهتمام الغزالي بالإعجاز التأثيري جعله يضعه في هذه المكانة، يقدمه بها على سواه.