الأحد، 29 أغسطس 2021

نَشْأَةُ الكَوْنِ بينَ النَّظَرِيَّةِ العِلْمِيَّةِ والقُرْآنِ

 نَشْأَةُ الكَوْنِ بينَ النَّظَرِيَّةِ العِلْمِيَّةِ والقُرْآنِ
بقلم الدكتور/ علي محمّد علي عيد جابر
(قسم العلوم-شعبة الفيزياء- بالكليَّة )

image
يعتقد الكثير أن الكون هو ما نرى من نجوم وكواكب والأقمار التي تدور حولها, أو هو النجوم التي نراها في السماء كل ليلة. إن الكون أعظم من ذلك وأكبر وستدرك ذلك عندما تعلم أن شمسنا ما هي إلا نجم واحد من آلاف الملايين من النجوم في مجرتنا والتي تسمى درب التبانة والتي يبلغ قطرها 30000 بارسيك (البارسيك وحدة فلكية = 3,262 سنة ضوئية, والسنة الضوئية تساوي 9.5 تريليون كيلومتر). وتقع الشمس والمجموعة الشمسية بما فيها الأرض التي نعيش عليها على بعد 10000 بارسيك من مركز المجرة. وستدرك قدرة الخالق العظيم عندما تعلم أن هذه المجرة ما هي إلا نقطة ماء في محيط أو حبة رمل في صحراء الكرة الأرضية. فمجرتنا هي جزء من عنقود مجري يسمى المجموعة المحلية يبلغ قطره عشرات الملايين من السنين الضوئية،وهي بالتالي جزء من عناقيد مجرية أكبر. ربما يرى البعض أن الفلكيين يستطيعون رؤية هذا الكون الفسيح عبر تلسكوباتهم الضوئية أو الراديوية أو التي وضعت فوق أقمار صناعية خارج الكرة الأرضية, لا بل لم يستطع الفلكيون أو غيرهم سوى رؤية ما يُعتَقد أنه جزء ضئيل من هذا الكون، وذلك لأن لكل عين ترى أفق لا تستطيع رؤية ما بعده. وهذا يسري على جميع الأجهزة التي يستخدمها الفلكيون وهو ما يسمى بأفق الحدث, بل إن النظريات العلمية الموجودة أيضا لها أفق يسمى أفق الجسيمات. وإن مانراه إلى الآن برغم التكنولوجيا المتقدمة هو جزء قليل من السماء الدنيا يقدر بقطر يبلغ 36 ألف مليون سنة ضوئية, وصدق الله العظيم إذ يقول (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39)) [الحاقة38].
وعندما تنظر في الكون تستشعر عظمة الخالق حين ترى ملايين المجرات فيها مليارات النجوم التي تختلف في أعمارها وفي أاحجامها ودرجات حرارتها ودرجات لمعانها وفي تركيبها الكيميائي وفي دورات حياتها فمنها النجوم العادية المفردة والمزدوجة والعماليق الحمر والنجوم الزرقاء والقزمة البيضاء والبنية والسوداء والمتغيرة ومنها المستعرة وفوق المستعرة والنجوم النيوترونية والنابضة وغير النابضة ومنها النجوم الخانســــــة الكانســــة (الثقوب السوداء) , -ولنا معها وقفة في مقال آخر-.
image
وغيرها مما يتخلق باستمرار من الدخان الكوني المسمي بالسدم الغبارية. ولهذه النجوم دورات حياة تبدأ بالميلاد داخل السدم ثم الطفولة والشباب والكهولة والموت بالانفجار والعودة مرة أخرى إلى مادة الدخان الكوني.
image
وكل مانراه في صفحة السماء هو جزء من السماء الدنيا التي وصفها الخالق تبارك وتعالي بقولة : (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ ۖ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ) [الملك 5]. ويضم الكون المنظور حوالي المئة ألف مليون مجرة وكل منها تحوي على الأقل مئة ألف مليون نجم وكل هذا لايشكل سوى 10% من الكتلة المفترضة للكون. وعند إضافة مادة ما بين النجوم ومادة ما بين المجرات والأشعة الكونية تصل كتلة الكون إلى 25 % من كتلة الكون الحقيقي أما الباقي فتعود إلى مايسمى المادة السوداء أو القاتمة وهي معتمة لايمكن رؤيتها . وكما يقول بعض العلماء هي المادة البدائية (الأولية) التي خلق منها الكون. وبذلك ندرك عظمة الخالق وصدق الله العظيم حيث قال : (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [غافر 57], ومن هنا نتساءل كيف خلق الله هذا الكون وصوره ـ حيث قال: (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ۚ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [العنكبوت 20], ونحن هنا نحاول فهم عظمة الخالق في خلقه ولا نحاول إثبات صحة القرآن وهو صحيح وثابت لا يتغير وهو هداية للناس في كل مكان وزمان وسيجدون فيه ما يتطلبه كل عصر, بينما النظريات العلمية متغيرة قابلة للصواب والخطأ وليس هناك نظرية كاملة تحكم كل الظواهر الموجودة والتي سوف نجدها مستقبلا. ولكننا من وقت لآخر نحصل على نظرية تشكك فيما قبلها وتحاول إثبات الجديد وتكون عاجزة عن الإجابة عن كل التساؤلات. والنظرية تكون جيدة إذا كانت تفي بمطلبين اثنين:
يجب أن توصف توصيفا مضبوطا طائفة كثيرة من المشاهدات على أساس من نموذج يحوي فحسب عناصر تعسفية معدودة . ويجب أن تضع تنبؤات محددة عن نتائج المشاهدات في المستقبل. وأي نظرية فيزيقية هي دائما مؤقتة بمعنى إنها فرض وحسب, فإنك لا تستطيع قط أن تتيقن من أنه في المرة التالية لن تتناقض النتيجة مع النظرية، وأنَّ النظرية الجيدة تتميز بحقيقة أنها تضع عددا من التنبؤات يمكن من حيث المبدأ إثباتها أو دحضها بالمشاهدة .
وفي المرات التي تتفق التجربة مع التنبؤات فإن النظرية تبقى وتزيد من ثقتنا فيها وإن حدث أن وجدت مشاهدة جديدة متعارضة فعلينا أن نعدِّل من النظرية أو نتركها .
ونحن نرى أنه منذ خلق الإنسان وإلى الآن وهو يبحث عن ماهية هذا الكون وكيف خلق، ويوجد العديد من النظريات والنماذج الكونية لتفسير حركة الكون وبدايته ويتساءل البعض هل الكون له بداية ونهاية وهل له حدود مكانية معينة.
ولقد بدأ تفسير الكون بالعديد من القصص حول أن الكون محمول على ظهر سلحفاة, و أخرى تقول إن الكون كله داخل الكرة الأرضية، وغيرها من الأساطير القديمة . وعندما نتناول ذلك الموضوع من وجهة نظر العلم الحديث نجد أن هناك نماذج عديدة لدراسة الكون بدأت بعد ظهور نظرية النسبية العامة لاينشتاين وكلها تعتمد على مبادئ هذه النظرية.
وأهم هذه النظريات : نظرية استقرار المجال: وهي أنه أثناء تحرك المجرات مبتعدة إحداها عن الأخرى تتكون باستمرار مجرات جديدة في الفراغات التي بينها وذلك من مادة جديدة تخلق باستمرار وهكذا فإن الكون سيبدو تقريبا متماثلا في كل الأوقات وعند كل نقاط المكان. ولذلك تم تعديل النظرية النسبية بحيث تسمح بخلق متواصل للمادة وهو ما يسمى أحيانا بالثابت الإلهي في هذه النظرية إلا ان المعدل المستخدم هو من البطئ بحيث إنه لا يتعارض والتجربة.
ولقد تنبأت بأن عدد المجرات أو المادة المماثلة في أي حجم معين في الفضاء ينبغي أن يكون نفس العدد في أي مكان وأي زمان تنظر فيه للكون. ولكن مسح الفضاء الخارجي بواسطة الموجات الراديوية بينت أنَّ معظم مصادر الراديو لابد وأن تقع خارج مجرتنا وأنه يوجد من المصادر الضعيفة ما هو أكثر من المصادر القوية وأن المصادر القوية هي الأقرب من المصادر الضعيفة وهذا يعني أننا في المركز من منطقة هائلة من الكون المصادر فيها أقل من أي مكان آخر . وبذلك تتناقض التنبؤات مع المشاهدة.
وبما أن هذه النظرية تقول بأن الكون ساكن وهو لا نهائي في الزمان والمكان, فهي تؤكد فكرة أن المادة أزلية والكون أزلي وهي الفكرة السائدة لدى الملحدين عن عدم وجود خالق لهذا الكون وأنه لا يمكن خلق المادة من العدم كما لا يمكن إفناء المادة. على الرغم من أن أبسط المشاهدات الفلكية وهي : أن مادة الشمس لو كانت أزلية لما كانت الشمس تشع حتى الآن , تضحض هذا الادعاء إلا أن بعضهم ما زال يدافع عن هذه النظرية. نظرية الانفجار الكبير :
image
كيف بدأ الكون؟ يقول بعض علماء الفلك بأن الكون بدأ بانفجار كبير وعند حدوث هذا الانفجار كانت تحكم الكون أربع قوى تفككت فيما بعد ، وهي قوة الجاذبية والقوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة والقوية والأفضل هنا أن نسميها مجالات بدلا من قوى. وتلك القوى هي التي تشغل بال معظم علماء الفيزياء والفلك لتوحيدها بشتى الطرق ولنا فيها وقفة في مقال آخر حيث إنها تعد مجال تخصصي ولي فيها وجهة نظر سوف نعرضها فيما بعد.
إن اختلاف هذه الأجرام السماوية من حيث التركيب والنوع هي من إبداع الله ومن مصدر واحد, وإن الخلق عن طريق نقطة واحدة هي من معجزاته وعند انفجار هذه النقطة تكونت سحابة من الدخان تكون منها ما نراه الآن من مجرات ونجوم وكواكب وغير ذلك.
وقد اشتمل القرآن الكريم على آيات كثيرة تتحدث عن نشأة الكون وتطوره، منها قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء:30]. ومعنى رتقًا: الجمع واللم ؛ أي كانتا جسمًا واحدًا، ففتقناهما: الانتشار. وقوله (اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)) [فصلت:11، 12]. و قوله تعالى (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)) [الملك:3،4].
image
والنظرية الاقرب لهذا التفسير هي نظرية الانفجار الكبير. فقبل بدء الكون لم يكن للزمان وجود وبدأ منذ لحظة الانفجار.
فكما قال الإمام الغزالي: إن الكون حادث وإنه لم يكن قبله زمان, فالزمان والمكان بدأ بعد خلق الكون لأن الزمن مرتبط بالحركة. حيث كان الكون صغيرا بما لا نهاية لصغره وكثيفا كثافة لا متناهية, ولذلك يفترض أن يكون الكون المبكر بالغ السخونة والكثافة وأنه كان يتوهج بالحرارة حتى البياض وأن الإشعاع ينبغي أن يكون باقيا فيما حولنا إلا أن حرارته قد هبطت إلى درجات معدودة تحسب فوق الصفر المطلق (- 273°م). وأيضا تنبأت النظرية بأن الكون يتمدد منذ لحظة الانفجار وحتى الآن ويعني ذلك أن الضوء ينبغي أن يكون ذا إزاحة حمراء إلى حد عظيم بحيث إنه سيظهر لنا الآن كإشعاع من موجات الميكروويف (وفكرة الكون المتمدد غير الساكن نشأت مع صاحب نظرية النسبية اينشتاين حتى إنه أسماه الخطأ الأكبر في حياتي وهو ما يسمى بالثابت الكوني) وكانت من أهم تنبؤات العصر الحديث و لقد تحققت على يد هابل في 1929 بمشاهد تعد علامة طريق وهي إنك حيثما وجهت بصرك تجد المجرات البعيدة تتحرك بسرعة بعيدا عنا وتعني أن الكون يتمدد ويعني ذلك أن الأجسام كانت في الأوقات السابقة أكثر اقترابا معا أي أنها كانت منذ عشرين ألف مليون سنة كانت كلها في نفس المكان بالضبط وبالتالي فإن كثافة الكون وقتها كانت لا متناهية.
وفي 1965 تم اكتشاف موجات الإشعاع الخلفية (الميكروويف) وحرارتها تعادل 2,7° كلفن. وهذه الموجات تشبة موجات الضوء و لكن ترددها عشرة آلاف مليون موجة في الثانية فقط.
image
ويعتقد العلماء إن الكون وقت الانفجار نفسه يكون حجمه صفرا وبهذا يكون ساخنا على نحو لا متناه ولكن إذ يتمدد الكون فإن حرارة الإشعاع تقل. وبعد الانفجار بثانية واحدة تكون الحرارة قد هبطت لما يقرب من عشرة آلاف مليون درجة وهي درجات الحرارة الموجودة في انفجارات القنبلة الهيدروجينية ويكون ما يحتوي عليه الكون عندئذ هو في الغالب كواركات وبروتونات ونيوترونات وفوتونات ومضادات الجسيمات وبعد ذلك ومع استمرار الكون في التمدد والحرارة في الانخفاض, وبعد مائة ثانية من الانفجار تصبح الحرارة ألف مليون درجة وهي درجة حرارة باطن النجم ويتكون بذلك عناصر أخرى غير الهليوم. وبعد ساعات من الانفجار يتوقف إنتاج الهليوم والعناصر الأخرى. وبعد ذلك يستمر الكون في التمدد وتتكون السدم والمجرات والنجوم والكواكب. وتتوالى الأحداث ونرى أن ماحدث في الثواني الأولى أكثر مما حدث في مليارات السنوات التالية.

وسوف نلخص نموذج خلق الكون طبقا لنظرية الانفجار الكبير كالتالي:
بدأ الكون في 10-43 من الثانية عند قطر 10-33 سم في التضخم بكثافة متناهية وتمدد مستمر مع برودة في درجة الحرارة وحدث ترابط بين النيوترونات والبروتونات عند 10-11 من الثانية و بذلك اختفت المجالات الأربعة التي كانت تحكم الكون وتترك المجال للجسيمات بالتفكك.
image
وعند الزمن 10-9 ثانية أصبحت درجة الحرارة ( 10 أس 15) كلفن وأصبحت الجسيمات المسيطرة هي الكواركات واللبتونات والفوتونات وبعد ذلك ومع استمرار برودة الكون اتحدت الكواركات والنيوترونات والتي بدورها اتحدت لتشكيل نوى الذرات فيما بعد. وعند درجة حرارة (10 أس 9) كلفن والزمن بضعة دقائق بردت البروتونات والنيوترونات بما فيه الكفاية وشكلا زوجا يدعى الديتريوم وتجمعا معا لتكوين نوى الهيليوم. وكل ذلك حدث في الثلاث دقائق الأولى من بداية الكون ثم بدأت الامور تسير ببطء شديد وظل الكون غارقا في الإشعاعات لعشرات الملايين من السنين . بعد الدقائق الثلاث الأولى تكونت النوى وتولدت الذرات الأولى بعد ثلاثمائة ألف سنة وانخفضت درجة الحرارة إلى 3000 كلفن مما سمح لذرات الهيدروجين بالظهور والبقاء. وعند درجة الحرارة هذه كان من الممكن للنواة أن تمسك بالالكترون لتكوين الذرة حيث إن درجات الحرارة العالية تمنع تكوين الذرات. ثم تجمعت الذرات مكونة سدم غازية تطورت بعد ذلك لتصبح نجوما وأصبح الضوء ينطلق لسنوات ضوئية دون امتصاص. حيث إنه في السابق لم تكن الرؤية ممكنة نتيجة امتصاص الضوء وعدم رصده لأن الكون كان شبيها بضباب كثيف. وتولدت العناصر الثقيلة بعد مليارات السنين نتيجة انصهار ذرات الهيدروجين والهيليوم داخل السدم الغبارية. ثم تشكلت المجرات من مجموعة النجوم وبعد مرور السنين تكونت الكواكب من تلك العناصر الثقيلة.
ولقد تنبأت هذه النظرية بأربعة تنبؤات تم تأكيدها بالأرصاد وهي :
1- الكون يكبر ويتسع والمجرات تتباعد بسرعة متزايدة كلما ابتعدت عن بعضها البعض, وهذا يؤكد فرضية أنها كانت مجتمعة في مكان واحد سابقا ويقدر عمرها بحوالي 15 مليار سنة ، وهو ما أكده هابل في سنة 1929 .
2- ربع كتلة الكون الكلية من الهيليوم الذي تشكل أثناء الدقائق الأولى لخلق الكون وهي الكمية التي تتفق مع الأرصاد.
3- وجود أشعة الخلفية الكونية وهي الأشعة المتبقية منذ الانفجار الكبير إلى الآن وتقدر بحوالي 3 درجات كلفن . وهو ما تم اكتشافه سنة 1965 بواسطة بنزياس وولسون وتؤكد أن الإشعاع والمادة كانتا في عهد من العهود في حالة توازن ثم تغلبت المادة على الإشعاع عند نقطة تحول معينة.
4- عمر النجوم القديمة يتراوح ما بين 12 – 15 مليار سنة. ولقد تم العثور على غيوم عمرها 15 مليار سنة وأن عمر الارض 13,5 مليار سنة.
فبعد الأدلة العلمية التي ساندت نظرية الانفجار الكبير نجد أن بعض أنصار نظرية الاستقرار يعترفون بفشل نظريتهم, فكما يقول الفيلسوف أنطوني فلوف إن نموذج الانفجار الكبير شيء محرج جدا بالنسبة للملحدين لأن العلم أثبت فكرة دافعت الكتب الدينية وهي فكرة أن للكون بداية. إن طبيعة الانفجار الكبير يضيف دليلا على أن الكون خلق بتقدير دقيق و نظام رائع. وذلك لأن أي انفجار يؤدي إلى تخريب وهدم خاصة انفجار كبير كهذا لكننا نرى الكون منسق ومنظم بعكس ما نتوقعه من انفجار عشوائي. ولذلك قال فريد هويل - أثناء محاضرة له بتريستا أثناء دراستي بها- نحن نعلم أن كل انفجار يشتت المادة ويبعثرها دون نظام ولكن الانفجار الكبير قام بعكس ذلك بشكل محفوف بالأسرار ؛ إذ قام بجمع المادة معا لتشكيل الكون الذي نراه.
وأيضا يقول ستيفن هاوكينج إن سرعة توسع الكون سرعة حرجة إلى درجة أنها لو كانت في الثانية الأولى من الانفجار أقل من جزء واحد من مليون مليار جزء لانهار الكون حول نفسه قبل أن يصل إلى وضعه الحالي. وهذا ما جعل بول ديفيز يقول إنه من الصعب جدا إنكار أن قوة عاقلة ومدركة قامت بإنشاء هذا الكون المستند إلى حسابات دقيقة لأن التغيرات الرقمية الحساسة والموجودة في أسس الموازنات في الكون دليل قوي على وجود تصميم دقيق في نطاق الكون.
و يقول جورج كيرنشتاين إنه كلما دققنا الأدلة واجهتنا على الدوام الحقيقة نفسها وهي أن هناك قوة عاقلة فوق الطبيعة تدخلت في نشوء الكون.
ونحن نردد ما قاله الله في محكم آياته: (قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [إبراهيم 10], (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت 53].
وهناك نماذج تدرس تمدد الكون وأخرى انكماش الكون بعد تمدده والعودة إلى نقطة الانسحاق الكبير وأخرى تقول إن الكون سوف يتمدد إلى ما لا نهاية. وهناك العديد من التساؤلات التي مازال علماء الكون يحاولون تفسيرها ، ومن أهمها هل الكون له نهاية وهل سيستمر هكذا في التمدد إلى الأبد. أم أنه سوف ينكمش على نفسه ويعود لنقطة البدء, وهو ما نسميه الانسحاق الكبير.
ومن هذه النماذج الكونية العديدة نموذج فريدمان والذي يعطي ثلاثة احتمالات للكون وهي: الكون المفتوح والمستمر والمغلق. فإن كان التوسع الكوني بالمقدار الذي تستطيع به المجرات الهرب من قوة الجاذبية فإن التوسع سيستمر دون توقف وذا يسمى بنموذج الكون المفتوح أو المستمر, أما إن كانت سرعة الكون أقل من سرعة الهروب فإن توسع الكون سيقف بعد مدة ويبدأ الكون في الانكماش مرة أخرى وهذا يسمى نموذج الكون المغلق. فسرعة الهروب من الجاذبية تعتمد على كثافة الكون, فإذا كانت كثافة الكون الحرجة تبلغ 7,5 ×10-30جم/سم3 لأمكن للجاذبية التغلب على قوة توسع الكون. ولكن كما ذكرنا سابقًا نحن لا نعلم سوى25% من كتلة الكون المنظور.
وتعني هذه النماذج أنه في حالة عدم تغلب الجاذبية على التوسع الكوني فسيبقى الكون في توسع دائم وإلى الأبد . ولكن هذا الكون سوف يستنفذ طاقته مع مرور الوقت والتوسع، وبذلك يمثل مقبرة هائلة متسعة لا أثر للحياة فيها. أو تستطيع الجاذبية التغلب على التوسع الكوني ويبدأ الكون في الترتجع إلى الوراء وينكمش على نفسه بفعل الجاذبية حتى يرجع ويتركز في نقطة واحدة صغيرة وهذا يعني فناء الكون قبل الوصول إلى نقطة الصفر بوقت كبير وتسمى هذه العملية بعملية الانسحاق الكبير . إذًا تعددت الأسباب والموت واحد. وتؤكد هذه النماذج على وجود نهاية للكون كما أكد نموذج الكون الكبير على وجود بداية للكون .
و لكن البعض منا لا يؤمنون بوجود بداية ونهاية للكون ، لذلك اقترحوا نظرية اخرى تسمى نظرية النموذج المتذبذب وهي تقول إن الكون يتسع منذ الأزل (الانفجار الكبير) ثم ينكمش على نفسه ثم يتسع مرة أخرى بانفجار كبير آخر ........ وهكذا. إذًا فهناك كون أزلي لا بداية ولا نهاية له. ولكن هذا النموذج فشل بسرعة لأنه لم يستطع الإجابة على أبسط القوانين الفيزيقية وهي الانتروبيا التي تقول بأنه أثناء عملية التحول هناك قسم من الطاقة يتحول إلى شكل غير قابل للاستفادة منه. وأثناء عملية الانكماش لا توجد هناك طاقة قابلة للاستفادة منها . إذًا لا توجد طاقة يمكنها القيام بعملية تحوّل .
وقد طرح القرآن الكريم عملية الاتساع هذه بقوله تعالى ( وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) [الذريات:47].
ونهاية الكون بما يسمى الانسحاق الكبير في قوله تعالى (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) [الأنبياء:104].
وهكذا يتضح أن من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم الإعجاز العلمي وخاصة في علم الكون ونؤكد هنا أن الله سبحانه وتعالى ما جاء بهذا النوع من الإعجاز إلا ليؤكد عظمة القرآن ويؤكد صدق رسالة رسوله محمد ص.

وإلى هنا لا يسعنا إلا أن نقول : (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [طه114] .


المراجع:
1- النسبية العامة، فوستر ونايتنجل، 1995 دار شبرنجر للنشر.
2- الموسوعة الفلكية، فايجرت وتسمرمان، ترجمة د.عبدالقوي ذكي عياد، 2002 الهيئة المصرية العامة للكتاب.
3- مشاكل الثابت الكوني، موفات، gr-qc 0312115 معهد الفيزياء النظرية- ووترلو- كندا.
4- مشروع COBE-HUBBLE ناسا- أمريكا.

بحث علمي جديد يؤكد: تطابق كامل بين العلم والقرآن في نظرية بداية الكون

 

بحث علمي جديد يؤكد: تطابق كامل بين العلم والقرآن في نظرية بداية الكون

فتق السماوات والأرض بين العلم والقرآن كان موضوع البحث العلمي الذي أعده د.حسن الدسوقي حمامة استاذ الجيولوجيا بجامعة المنصورة. في البداية يقول الباحث ان المعوذتين أي سورتي الفلق والناس احتفى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فور نزولهما وقال: أنزلت هذه الليلة آيات لم أر مثلهم قط.. قل أعوذ برب الفلق.. وقل أعوذ برب الناس. وقد ورد في تفسير كلمة الفلق أنه الصبح والخلق وكل ما انفلق عن جميع ما خلق من الحيوان والصبح والحب والنوى وقيل هو اسم في جهنم. ولاختيار المعنى الدقيق نشير إلى نظرية الانفجار العظيم التي تفسر كيفية نشوء الكون في الوقت الذي لم تكن هناك مجرات ولا مجموعة شمسية. ويمكن ترجمة اسم النظرية بلغة القرآن لتكون بمعنى فتق الرتق. ويتلخص فحوى النظرية أنه منذ 15 - 18 بليون سنة كان الكون متجانسا حيث كانت كتلة العالم وطاقته منضغطة في مكان واحد، ذات حجم صغير بالمقارنة بحجمها الحالي.. والآن تتركز هذه المادة في المجرات التي تتجمع في مجموعات يوجد بينها فراغ شاسع ويفترض الفلكيون أن الكون الحالي يفقد خاصية التجانس. وإن كان هذا الانفجار قد وقع حقا - كما تصوره العلماء - فإنه يمثل انفجارا غير عادي.. وربما كان يمثل الفلق الفريد الذي انبثقت منه المادة والطاقة والفراغ إلى الوجود من عدم بقدرة الله.. ويتوقع الفلكيون أن درجة الحرارة عند لحظة الانفجار الفلق قاربت المئة بليون درجة. وقد هبطت بعد الثانية الأولى من الانفجار الرهيب إلى 10 ملايين درجة.. حيث كانت مادة الكون ممثلة بطاقة اشعاع والكترونات ثم هبطت درجة الحرارة إلى بليون درجة بعد 4 دقائق من لحظة الفلق.. ثم أخذ الكون يبرد ويتسع رويدا رويدا خلال المليون سنة التي أعقبت لحظة الفلق. ثم أذن الله لعالمنا في الوجود على شكله الحالي بعد أن هبطت درجة الحرارة إلى عدة آلاف حيث تسبح المجرات مبتعدة عن بعضها البعض. الفلق هو بداية الخلق بعد كل ذلك.. نستطيع أن نقول كم كان حبر الأمة عبد الله بن عباس موفقا حينما فسر كلمة الفلق بالخلق. فأساس الخلق كما رأينا بدأ منذ هذا الانفجار العظيم. وكم كان أيضا كعب الاحبار ملهما عندما قال إن الفلق واد في جهنم، فهكذا كانت درجة الحرارة عند لحظة الفلق 100 مليون درجة والآن تتضح أمامنا الحكمة الكبرى من الاستعاذة برب الفلق.. وصدق الله العظيم إذ يقول «قل أعوذ برب الفلق». وحينما تحدث القرآن الكريم عن هذه اللحظة الرهيبة في حياة الكون قال «ألم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون». وهكذا عبر القرآن الكريم عن تلك البداية بالرتق والفتق والرتق: هو السد وهو ضد الفتق. وقد فسرت الآية على عدة وجوه.. ففسرها بعض العلماء على ان السماوات والأرض كانتا شيئا واحدا ملتصقتين ففصل الله بينهما. وجعل السماوات سبعا والأرض سبعا. وفسرها آخرون بأن السماوات كانت مؤلفة من طبقة واحدة ففتقها الله فجعلها سبع سماوات.. وكذلك الأرضون كانت طبقة واحدة ففتقها الله وجعلها سبعا. ورأت جماعة ثالثة من العلماء أن السماوات كانت رتقا لا تمطر.. والأرض كانت رتقا لا تنبت فتق الله السماء بالمطر والأرض بالنبات وتتفق نظرية الانفجار العظيم مع الرأي الأول. وماذا عن نهاية الكون؟ يتصور الفلكيون وضعين للكون مستقبلا.. الوضع الأول هو العودة إلى البدء حيث تصبح جاذبية الكون كافية لتجميع المجرات وينهار النظام الكوني الحالي. ويعود إلى حالته الأولى.. ثم يتسع بعد ذلك، ثم يعود بعد ذلك إلى وضعه الأصلى.. وهلم جرا.. والوضع الثاني هو الوضع المتسع دائما وأبدا.. حيث تصير جاذبية الكون غير كافية وتستمر المجرات في الانفصال إلى ثقب بارد. وأخيرا ينتهي الكون. وبما أن الخيار بين التوقعين قد ترك مفتوحا فإننا نرى أن الكون يتسع ولكنه لا محالة معاد إلى سيرته الأولى.. كما يقول الله تعالى «كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين».. وصدق الله العظيم إذ يقول: «ألم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون». السماوات السبع وقال الباحث ان السماء وردت في القرآن الكريم بمعان متعددة منها السحاب كما في قوله تعالى: «أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها» والمطر كما في قوله تعالى «يرسل السماء عليكم مدرارا».. وسقف البيت كما في قوله «من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء».. والقضاء كما في قوله تعالى «الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله».. والوجهة كما في قوله تعالى «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها». والسماوات السبع من المسائل التي لم يوفق الله الناس لمعرفة حقيقتها على وجه لا اعتراض عليه. والواجب على المسلم أن يثبت السماوات كما أثبتها القرآن.. والسماء في لغة العرب كل ما يعلو غيره.. وقد وصفت السماء في القرآن الكريم بأنها جنس السماوات السبع.. مرفوعة، موسعة، موضع الرزق والبركات، وتحوي الصيب والرجز والكسف، وذات الرجع، ملئت حرسا وشهبا - الخ. والسماوات سبع كما جاءت بذلك نصوص القرآن في مواضع كثيرة. «تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن» ومن التفسيرات الجانحة تفسير السماوات السبع على أنها الكواكب السبعة السيارة.. وذلك لأن عددها اليوم تسعة. وقد ورد في السنة أن عدد السماوات سبع وكذا الأرضون سبع. لكننا نؤكد أن السماوات السبع والأرضين السبع لا تزال غيبا بالنسبة للعلم.. وما يعرف منها بالنسبة لنا هو ما يتعلق بمعلوماتنا غير الكاملة عن كوكب الأرض الذي نعيش عليه. ونحن لا نعرف علما بشريا لدلنا على مواقع وماهية الأرضين الأخرى غير كوكب الأرض الذي نعيش عليه. والبشر لا يستطيعون أن ينفذوا من أقطار السماوات والأرض إلا بسلطان الله كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعراج. ولكن السنة النبوية تخبرنا بأشياء تتعلق بأبعاد ومواقع السماوات السبع والأرضين السبع ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال: بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما هذا؟ فقالوا الله ورسوله أعلم. قال: هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه قال: هل تدرون ما فوقكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم: قال: فإنها الرقيع.. سقف محفوظه وموج مكفوف.. ثم قال: هل تدرون كم بينكم وبينها؟ قالوا:الله ورسوله أعلم.. قال: بينكم وبينها خمسمئة عام.. ثم قال: هل تدرون ما فوق ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن فوق ذلك سماءين بعد ما بينهما مسيرة خمسمئة عام.. ثم قال كذلك حتى عد سبع سماوات ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض إلى آخر الحديث الشريف الطويل. القاهرة- السيد أبو داود: د. حسن الدسوقي حماقة

السبت، 21 أغسطس 2021

الملحد ودعوى أن قوانين الكون قد أنشأت الكون

 

الملحد ودعوى أن قوانين الكون قد أنشأت الكون



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وعلى أصحابه الغرِّ الميامين، وعلى من اتَّبعَهم بإحسان إلى يوم الدين.


وبعد:

فقد انتشَر في عصرنا مرَضُ الإلحاد، وهو أحدُ الأمراض الفكريَّة الفتّاكة؛ إذ يَفتِك بالإيمان ويُعمي الحواسَّ عن أدلة وجود الخالق الرحمن، وتجد المريضَ يجادل في البديهيَّات، ويجمع بين النقيضين ويفرِّق بين المتماثلَين، ويجعل من الظنِّ علمًا ومن العلم جهلاً، ومن الحق باطلاً ومن الباطل حقًّا.

 

ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهلُ بالدين وضعفُ العقيدة واليقين، والاسترسالُ في الوساوس الكفريَّة، والسماعُ والقراءة لشبهات أهل الإلحاد، دون أن يكون لدى الإنسان علمٌ شرعيٌّ مؤصَّل.

 

وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلاَّ أقوال بلا دليل، وادعاءاتٌ بلا مستند، ورغم ضعفها وبطلانها فإنَّها قد تؤثر في بعض المسلمين؛ لقلَّة العلم وازدياد الجهل بالدين؛ ولذلك كان لا بد من كشف شبهات ومغالَطات ودعاوى أهل الإلحاد، شبهة تلو الأخرى، ومغالطةً تلو مغالطة، ودعوى تلو دعوى؛ حتى لا ينخدع أحدٌ بكلامهم وشُبههم.

 

وفي هذا المقال سنَتناول بإذن الله نقضَ دعوى الكثير من الملاحدة أنَّ قوانين الكون قد أنشأَت الكون، ونقض دعوى بعض الملاحدة أن بسبَب وجود قانون كقانون الجاذبيَّة فإن الكون يمكِنُه وسيُمكنه خلقُ نفسه من العدم، ونقْضَ قول بعضهم: نشأة الكون لم تكن سوى عواقِبَ حتميةٍ لقوانين الفيزياء، ولم يكن الكونُ بحاجة إلى إله يُشعِل فتيلاً ما لخلقه، وعلى ما يزعمون: الفيزياء الحديثة تَنفي وجود خالق للكون.

 

ما هي القوانين الفيزيائية؟

قبل بيان بطلان دعوى أنَّ قوانين الكون قد أنشأت الكون لا بد أن نعرف: ما هي القوانين الفيزيائية؟ فالحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره.

 

والقوانين الفيزيائية عبارةٌ عن وصفٍ لظاهرة فيزيائيَّة معيَّنة، أو سلوك معين للمادَّة، يتكرَّر تحت نفس الظروف في صورة معادلات وثوابتَ يتمُّ استنباطها من خلال دراسة تلك الظواهر، أو السلوكيات للمادة.


وتكون هذه القوانين عادةً عبارة عن استنتاجات تستَنِد إلى تجاربَ عِلمية تمَّت على مرِّ فترة زمنية طويلة، فأصبحَت مقبولةً بشكل عام ضِمن المجتمع العلمي.


وجود قانون يدل على وجود مقنِّن له

من البديهيات أن وجود قانونٍ ما، يدل على وجود مقنِّن واضعٍ لهذا القانون، سنَّ هذا القانون، وواضعُ القانون (الفاعل) لا بد أن يَسبق القانونَ (المفعول)، والكون الذي نعيش فيه محكومٌ بقوانينَ، فلا بد أن يكون لها من قنَّنها وسنَّها، فمن الذي فرض هذه القوانينَ على الكون وسنَّها؟

 

من الذي فرض قوانين الكون على الكون؟

بما أن أيَّ قانون لا بد له من مقنِّن سنَّه فمن الذي فرض قوانين الكون على الكون؟

والجواب: الذي سنَّ هذه القوانين التي تحكم الكون إمَّا أن يكون الكونَ نفسه، أو القوانين نفسها، أو شيء آخر خارجعن الكون.


وإن قالوا: الكون نفسه فمُقتضى قولهم أنَّ الكون يحرك نفسَه بنفسه، ولا يمكن أن يكون الشيءُ بعينه محرِّكًا لنفسه، وإلا لزم وجودُه قبل نفسه، وهذا محال.


وإن قالوا: من سن القوانينَ القوانينُ نفسُها فهذا تصويرٌ للقوانين علىأنها محرِّك، وهذا فاسد؛ لأن القوانين مجرد وصفِ سلوكٍ لظاهرة في الكون، يتكرر تحت نفس الظروف.

 

وإما أن يكون مَن سن القوانين شيءٌ خارج عن الكون، فهذا إثباتٌ لشيء خارج عن الكون، ونحن نقول: إنه الله.

 

العلم يعرفنا كيف تعمل الأشياء، وليس لماذا تعمل ومن الذي عَمِلها؟

مما ينبغي معرفته أنَّ العلم يعرفنا كيف تعمل الأشياء، وليس: لماذا تعمل الأشياء؟ ومن الذي عملها؟ أي: يعرِّفنا آليَّة عمل الأشياء، وطريقة عملها، ولا يفسِّر العلم لنا: لماذا تعمل الأشياء؟ ومَن الذي جعَلها تعمل بهذه الطريقة؟

 

فلا يبحث العلمُ عن الفاعل، بل يبحث عن الفعل، ولا يبحث عن الحادث، بل يبحث عن الحدَث، ولا يبحث عن موجِد القوانين، بل يبحث عن القوانين نفسها.

 

إدراك كيفية عمل الشيء لا ينفي وجود مسبب للشيء

مما ينبغي معرفته أنَّ إدراك كيفية عمل الشيء لا يَنفي وجود مسبِّب للشيء؛ فليس معنى أني عرفت كيف تطير الطائرة أنَّ الطائرة ليس لها مخترع ومصمِّم؛ فأنا أعلم أن للطائرة مخترعًا ومصممًا، وقد اخترع الطائرةَ الأخوان رايت - أورفيل وويلبر - وآلية عمل الطائرة لا تَنفي وجود مخترع للطائرة، ولا تنفي وجود مصمِّم للطائرة.


وليس معنى أني عرفت كيف تعمل السيارة المعتمِدة على البنزين أنَّ السيارة المعتمدة على البنزين ليس لها مخترع ومصمِّم؛ فأنا أعلم أن للسيارة المعتمدة على البنزين مخترعًا ومصممًا، ومخترع السيارة المعتمدة على البنزين هو كارل فريدريش بنز، وآلية عمل السيارة المعتمِدة على البنزين لا تَنفي وجود مخترع للسيارة المعتمدة على البنزين، ولا تنفي وجود مصمم لها.


وليس معنى أني عرفت كيف يعمل المصباحُ الكهربائي أن المصباح الكهربائيَّ ليس له مخترع ومصمم، فأنا أعلم أن للمصباح الكهربائي مخترعًا ومصممًا، ومخترع المصباح الكهربائي هو توماس ألفا إديسون، وآلية عمل المصباح الكهربائيِّ لا تنفي وجود مخترع للمصباح ومصمم له.


ومِن هنا نستنتج أيضًا أنه ليس معنى أن العلماء قد عرَفوا كيف نشأ الكون، وأسبابَ نشأة الكون، وعرَفوا الآليات التي يعمل بها الكون: أن الكون ليس له موجِد، وليس له مصمِّم، وليس له مسبب سبَّب أسباب نشأته، والقول بأن معرفة العلماء كيف نشأ الكون، والآليات التي يعمل بها الكون، يُغني عن البحث عن موجدٍ للكون، ويُغني عن البحث عن سبب وجود الكون - قولٌ غير صحيح؛ إذ فيه خلطٌ بين آلية نشأة الكون، وموجِد الكون، ومسبب الكون.


ويقول الشيخ عبدالرحمن بن حَبَنَّكَة الميداني: "قد يعَضُّ الكلب الحجَر الذي رآه يتَّجه نحوه ليصيبه، أما الإنسان المفكِّر فإنه يبحث عن الذي رَمى الحجر نحوه بقصدٍ، فإذا عرَفه واستبان أنه قد قصَد قتله أو إيذاءه حاول أن ينتَقِم منه؛ دفاعًا عن نفسه، ولم يفكر بالانتقام من الحجر مطلقًا.


وهنا نقول: إن الماديِّين الذين يقفون عند الأسباب الماديَّة للظواهر الكونية التي يتجلَّى فيها القصد، ولا يبحثون عن السبب الحقيقي، مع أن هذه الأسبابَ تحتاج هي أنفسها إلى أسباب تفسِّر ظاهراتها وتعلِّل حدوثها، إنما يفكرون بمثل دماغ الحيوان الذي يعَضُّ الحجر الذي قُذف عليه"[1].

 

إيجاد تفسير لظاهرة من الظواهر ليس معناه استبعادَ سبب الظاهرة

مما ينبغي معرفته أن إيجاد تفسير لظاهرة من الظواهر ليس معناه استبعاد سبب الظاهرة، والإقرارَ بوجود ظاهرة لا يُلغي وجود سبب لها، كما أن الإقرار بالفعل لا يُلغي وجود فاعل، وعلى سبيل المثال: لو وقعَت جريمة من الجرائم فتفسير كيفيَّة وقوعها لا يُغني عن وجوب البحث عن فاعلٍ لهذه الجريمة.

 

والعلماء يكشفون لنا عن الكيفية التي يعمَل الكونُ بها، هم يكشفون لنا كيف تعمل القوانين في الأشياء، ونحن نريد إجابةً عن موجد الكون، وموجِدِ القوانين التي تَحكمه[2].

 

لا يمكن لقوانين الطبيعة أن تنتج شيئًا للوجود

لا يمكن لقوانين الطبيعة أن تُنتج شيئًا للوجود، ولا يمكن لقوانين الطبيعة أن تنتج حدَثًا من الأحداث، بل غاية قوانين الطبيعة وصفُ العلاقة بين أحداثٍ معينة بعدما أوجدَتها الأسباب، ومَن يعتقد أن القوانين تستطيع أن تسبب شيئًا من الأشياء، كمن يعتقد أن القوانين الحِسابيَّة يمكن أن توجد مالاً، وكمن يعتقد أن القوانين التي تعمل بها السيارة يمكن أن تخلق السيارة أو تُسير السيارة دون الحاجة لمن يقودها، وهذا قول في غاية السخف والسقوط.

 

بطلان دعوى أن توافر الظروف لنشأة الكون أدى لنشأة الكون دون الحاجة لمسبب

القول بأن توافر الظروف لنشأة الكون أدَّى لنشأة الكون دون الحاجة لمسبِّب، والقول بأن توافر الظروف لنشأة الكون كافٍ لنشأة الكون، فلم يكن الكون بحاجة إلى إله يُشعل فتيلاً ما لخلقه - قولٌ في غاية السخف والسقوط، وهو كمن يقول: توافُر الظروف لحدوث الجريمة أدَّى لحدوث الجريمة، وعليه فليس للجريمة مرتكب!

 

لا تعارض بين وجود تفسير لنشأة الكون وبين وجود منشئ للكون

لا تعارض بين وجود تفسير لنشأة الكون وبين وجود منشئ للكون، كما لا تعارُض بين مخترع الشيء وآلية عمل الشيء، ووجود حدثٍ لا يَنفي وجود محدِث له، بل يؤكد على وجوده.

 

ولا تعارض بين وجود قوانينَ تتحكم في عمل الكون، وبين وجود خالق للكون؛ فالله يدير الكون من خلال قوانينَ قد سنَّها للكون، ولا يدير الكونَ بالمعجزات، وهذا لا يمنع من التدخل الإلهي المباشر في بعض الأحيان؛ فالله خالق القوانين، وإذا شاء أن تُعطَّل عطَّلَها.

 

والاعتقاد بوجود الله وأنه مسبِّب الأسباب وأنه خالق القوانين الفيزيائية، لا يَعني الاستغناء عن الأسباب الطبيعية أو التمرُّدَ على شيء مِن حقائق العلم الصحيح، وإنَّما هو اعتقادٌ بأن الله هو المسبب لهذه الأسباب الطبيعيَّة، ومسبب لهذه القوانين الفيزيائية، وحتى لو سلَّمنا جدلاً أن العلم وصل إلى معرفة كل الأسباب الطبيعية وكل القوانين التي تدير الكون، فهذا لا ينفي وجود الخالق، بل هذه الأسباب الطبيعية وهذه القوانين دالَّة على موجدٍ لها؛ فكل سبب له مسبب، وكل قانون له مقنن، والله عز وجل مسبب هذه الأسباب الطبيعيَّة، وخالق هذه القوانين.

 

قانون الجاذبية وُلد بعد نشأة الكون فكيف يكون سببًا لنشأة الكون؟

مما ينبغي معرفته أن قانون الجاذبية وُلد بعد نشأة الكون؛ فبعد وقوع الانفجار العظيم، وانخفاض درجةِ حرارة الكون بشكل مُتوالٍ، وُلدت الجاذبية التي حالَت دون تبعثُر نواتج الانفجار العظيم، وعليه كيف تكون الجاذبية سببًا لنشأة الكون، وهي قد وُلدت بعد وجود الكون؟!!

 

هل الفيزياء الحديثة تنفي وجود خالق للكون؟

انتشر بينَ الملاحدة مقولةُ: الفيزياء الحديثة تنفي وجودَ خالق للكون، وهذا إن دلَّ فإنما يدل على قلَّة علم هؤلاء الملاحدة، وضحالة مستواهم الثقافي؛ إذ وجود الله من القضايا الإيمانية الغيبية، والقضايا الإيمانية الغيبية لا تُدرَك بالتجارب ولا المختبرات، والعلم المادِّي لا يتدخل في القضايا الإيمانية الغيبية، والعلم الحديث كله لا يملك دليلاً صحيحًا واحدًا يستطيع أن يُثبت عدم وجود خالق للكون، بل الكون شاهد على وجوده سبحانه.

 

هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

 

مراجع المقال:

1- خرافة الإلحاد؛ د. عمرو شريف.

2- كيف بدأ الخلق؛ د. عمرو شريف.

3- العقيدة في الله؛ د. عمر سليمان الأشقر.

4- الشرك في القديم والحديث؛ الشيخ أبو بكر محمد زكريا.

5- كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة؛ الشيخ عبدالرحمن حسن حبنَّكة الميداني.

أغرب عشر نظريات في علم الكون

أغرب عشر نظريات في علم الكون

يعتبر علم الكون واحدًا من أكثر حقول العلم إبداعًا وتحييرًا. في هذه الفقرة الحصرية يمكنك أن تستكشف بعض أغرب الأفكار العلمية في هذا المجال.

 

 البرانات المتشابكة – Clashing branes


هل يمكن لكوننا أن يكون عبارة عن غشاءٍ طافٍ ضمن فضاء بأبعاد أعلى، يقوم بشكلٍ متكرر بالتحطم ضمن كونٍ مجاور؟

تنص إحدى نتائج نظرية الأوتار (String theory)، والتي تُعرف بعالم البران (braneworld)، على وجود أبعاد إضافية كبيرة للفضاء، ففي الوقت الذي يُمكن فيه للجاذبية أن تتنقل بين تلك الأبعاد، فإننا نظل مرتبطين بالكون "البراني" الخاص بنا والذي يتمتع بثلاثة أبعاد فقط. عمل نيل توروك (Neil Turok)، من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، وبول ستاينهارد (Paul Steinhardt)، من جامعة برينستون في نيويورك، على استنباط كيفية نشوء الانفجار العظيم (Big Bang) عندما قام كوننا بالتصادم بشكلٍ عنيف مع كونٍ آخر. تتكرر هذه التصادمات وتقوم بإنتاج انفجار عظيم جديد الآن، كما في كل وقتٍ آخر –لذلك، إذا كان نموذج الكون الدوري (cyclic universe) صحيحًا، فيمكن للكون أن يكون خالدًا.

 

 الأكوان المتطورة – Evolving universes


عندما يتم ضغط المادة إلى كثافاتٍ شديدة ضمن مركز ثقب أسود، قد ترتد من جديد إلى الخلف، فتخلق كونًا طفلاً جديدًا. كما من المحتمل أن تختلف قوانين الفيزياء في الكون الوليد قليلاً وبشكلٍ عشوائي عن الكون الأب –لذلك يمكن القول أنّ الأكوان تتطور، وهو ما يقترحه لي سمولين (Lee Smolin)، من معهد المحيط في واترلو، بكندا. إن الأكوان التي تحتوي الكثير من الثقوب السوداء، لديها الكثير من الأطفال بحيث أنّها تقوم في النهاية بالهيمنة على التوزع الموجود في الأكوان المتعددة. أما إذا كنّا نعيش في كونٍ نموذجي، فينبغي عليه أن يتميز بثوابت وقوانين فيزيائية، تقوم بأمثَلة إنتاج الثقوب السوداء. ألا أنه غير معروف حتى الآن، إن كان كوننا يتناسب مع هذا الأمر أم لا.

 

 الزمكان فائق الميوعة – Superfluid space-time


إحدى أكثر النظريات الجديدة غرابةً في علم الكون، هي تلك التي تنص على أنَّ الزمكان في الواقع عبارة عن مادة فائقة الميوعة (superfluid substance)، تقوم بالجريان كما تتمتع بعامل لزوجة قيمته الصفر. فوفقاً للفيزيائي باول مازور (Pawel Mazur) من جامعة كارولينا الجنوبية، وجورج شابلين (George Chapline) من مختبر لورانس ليفرمور الموجود في جامعة كاليفورنيا: "إذا كان الكون يقوم بالدوران، فالزمكان فائق الميوعة سيتشتت ضمن دوامات". يفترض مازور أن كوننا قد وُلد ضمن نجمٍ منهار، حيث قام التجمع المكون من المادة النجمية والفضاء فائق الميوعة بقذف الطاقة المظلمة، وهي قوة التنافر المسؤولة عن تسارع توسع الكون.

 

 الكون المعتدل – Goldilocks universe.


لماذا يتمتع الكون بالخواص المناسبة تماماً للسماح بنشوء الحياة؟ ببراعة قليلة وبوجود القليل من الثوابت الفيزيائية، سنصل في النهاية إلى عدم وجود النجوم أو المادة، أو أنَّ الكون لن يستمر لفترة أطول من غمضة عين!

تكمن إحدى الأجوبة على ذلك في المبدأ الإنساني (anthropic principle) التالي: على الكون الذي نراه أن يكون قادرًا على دعم الحياة أو أننا ببساطة لن نكون موجودين لنتمكن من رصده.

حصلت هذه الفكرة مؤخرًا على بعض القوة، لأنَّ نظرية التضخم (inflation theory) تقترح إمكانية وجود عدد لانهائي من الأكوان، وتُلمح نظرية الأوتار (string theory) إلى أنه: من المحتمل أن تتمتع هذه الأكوان بمجالٍ كبير من الاختلافات الموجودة في خواصها وقوانينها الفيزيائية، لكنَّ العديد من الفيزيائيين يرفض المبدأ الإنساني باعتباره غير علمي، لأنَّه لا يُعطينا أي تنبؤات قابلة للاختبار.

 

• ديناميكا نيوتن المعدل MOND – Modified Newtonian Dynamics


قد لا تكون المادة المظلمة عبارة عن "شيء" –أو ربّما تكون مجرد اسم مُضلل لسلوكٍ غريب للجاذبية. تقول النظرية، التي تُعرف بـ MOND (ديناميكا نيوتن المعدل)، أن الجاذبية لا تتلاشى بنفس السرعة التي تتنبأ بها النظريات الحالية. يُمكن لهذه الجاذبية الأقوى أن تلعب الدور الذي تلعبه المادة المظلمة، لتمسك بالمجرات والعناقيد معاً، التي لولا ذلك كانت ستبتعد عن بعضها البعض. كما أن هناك صيغة جديدة من MOND، تتفق مع النسبية، أشعلت من جديد الاهتمام بهذه الفكرة على الرغم أنه من الممكن ألا تتفق مع نمط البقع الموجودة في الخلفية الكونية الميكروية.

 

 الشبح الكوني – Cosmic ghost


هناك ثلاثة ألغاز في علم الكون الحديث يمكن وضعها في إطار الوجود الشبحي. فبعد القيام بتعديل على نظرية اينشتاين في النسبية العامة، وجد فريقٌ من الفيزيائيين مادة غريبة ظهرت نتيجةً لنظريتهم الجديدة؛ هذه المادة هي التكاثف الشبحي (ghost condensate).

يُمكن لهذه المادة أن تُنتجَ ثقالة تنافرية، وبالتالي تقود التضخم الكوني الذي حصل عند الانفجار العظيم، إلا أنها في وقتٍ لاحق قد تقوم بتوليد تسارع أكثر اعتدالاً، وهو الذي تمَّ إرجاعه إلى المادة المظلمة. بالإضافة إلى أنه إذا تكتلت هذه المواد الغريبة معاً، فيُمكن لها أن تُشكل المادة المظلمة.

 

 إنّه كونٌ صغير – It’s a small universe


يُوجد في نمط البقع الموجودة في الخلفية الكونية الميكروية خللٌ مريب: هناك، وبشكلٍ مفاجئ، بضعة بقع كبيرة. إحدى التفسيرات المحتملة لذلك، هي أنَّ الكون صغير –صغير إلى درجة أنّه إذا قمنا بالعودة إلى الزمن الذي أُنتجت فيه الخلفية الميكروية، لا يمكن له أبدًا حتى أن يحتوي هذه البقع الكبيرة. وإذا كان ذلك صحيحًا، فعلى الفضاء أن ينحني حول نفسه بطريقةٍ ما. أما أكثر الاقتراحات غرابة، فهي تلك التي تنص على أنَّ للكون شكلٌ مشابه للقمع، حيث توجد نهاية ضيقة وأخرى واسعة، تماماً كبوق الترومبيت. سيؤدي انحناء الفضاء المتقوس للخلف في هذا النموذج أيضاً إلى تمدد أي من البقع الميكروية الأصغر، وتحولها من الشكل الدائري إلى شكلٍ شبه بيضوي، أي كالشكل الذي تمَّ رصده في الواقع.

 

 الضوء السريع – Fast Light


لماذا تبدو الجوانب المتعاكسة من الكون متماثلة؟ إنّها أحجية، لأن طرفي الكون الرصدي اليومَ، لا يمكن أبداً أن يكونا على اتصال. حتى مع العودة إلى لحظة الانفجار العظيم عندما كانت هذه المناطق أقرب إلى بعضها البعض، لم يتوفر الوقت الكافي من أجل أن يقوم الضوء، أو أي شيء آخر، بالتحرك من طرفٍ إلى آخر. لم يكن هناك وقتٌ كافٍ من أجل أن تتجانس درجات الحرارة والكثافة، كما هي الحالة اليوم. تنص أحد الحلول لهذه المسألة، على أنَّ الضوء كان يتحرك عند سرعات أكبر بكثير من سرعته الحالية، لكن هذا يترتب عنه القيام بإصلاحٍ وتغيير جذري لنظرية اينشتاين في النسبية.

 

النيوترينوهات العقيمة – Sterile neutrinos


قد تكون المادة المظلمة مؤلفة من جسيمات مراوغة جداً –النيوترينوهات العقيمة. هذه الجسيمات عبارة عن الأشقاء الافتراضيين الأثقل للنيوترينوهات العادية، تتفاعل مع المادة الأخرى عبر قوة الجاذبية فقط –ما يجعل من اكتشافهم أمراً مستحيلاً. لكن من الممكن أن تتمتع هذه الجسيمات بالخواص المناسبة لتُصبح مادة مظلمة "دافئة"، تقوم بالاهتزاز عند سرعات تصل إلى حوالي بضعة كيلومترات في الثانية الواحدة لتشكل بالتالي تكتلات مادة مظلمة أكبر قليلاً، وهي تلك التي تمَّ رصدها في المراقبات الحالية. ومن المحتمل أيضًا أن النيوترينوهات العقيمة قد ساعدت كلاً من النجوم، والثقوب السوداء، على التشكل في المراحل المبكرة من عمر الكون، وقامت بإعطاء الدفعات اللازمة من أجل جعل النجوم النترونية تقوم بالدوران مسرعةً حول مجرتنا.

 

 في المصفوفة – In the Matrix


ماذا إن كان كوننا غير حقيقيًا؟ ادعى الفيلسوف نيك بوستروم (Nick Bostrom) أنه من المحتمل أننا نعيش داخل عملية محاكاة حاسوبية. بافتراض وجود إمكانية لمحاكاة الوعي، فمن المحتمل أن تحاول حضارات مستقبلية القيام بذلك، وللعديد من المرات أيضًا. عندها ستكون مُعظم الأكوان الملحوظة أكوانًا تمت محاكاتها –إذاً، هناك احتمال بأن نكون ضمن إحداها. وفي هذه الحالة، قد تكون كل تلك الشذوذات الغريبة، مثل المادة المظلمة والطاقة المظلمة، ببساطة عبارة عن قطع وُضعت كي تقوم بحماية التناقض المبكر الموجود في محاكاتنا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك
جميع الحقوق محفوظة © ناسا بالعربي، 2021
برمجة وتطوير: D4A.ME

بحث عن نظريات نشأة الكون والإنفجار الكوني

بحث عن نظريات نشأة الكون والإنفجار الكوني

بحث عن نظريات نشأة الكون الإنفجار الكوني، منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض وهو يتساءل عن أصل الأشياء وأسباب تكوينها وكيفية صنعها، وأحد الأسئلة الهامة والقديمة التي تشغل العقل هو مسألة أصل الكون.

وكانت هناك العديد من الأفكار والآراء، وبعضها خرافات وبعضها الآخر أصبح أفكارًا غير واقعية وبعض النظريات قديمة، أما النظرية الحديثة التي تشرح أصل الكون، والتي كانت شائعة بين العلماء، ويمكنكم متابعة المزيد عن بحث عن نظريات نشأة الكون الإنفجار الكوني من خلال موقع مقال.

محتويات المقال [ عرض ]

مقدمة بحث عن بحث عن نظريات نشأة الكون الإنفجار الكوني

انشغل العلماء منذ الالاف السنين بالنظريات الكونية، و كيف و متى تكون الكون و إليك عزيزي القارئ بعض من نظريات نشأة الكون، و الانفجار الكوني.

هي نظرية الإنفجار الكبير، النظرية التي تشرح أصل النظام الشمسي هي النظرية السديمية، وهو جزء من نظرية الإنفجار الكبير، أما بالنسبة لظهور القمر، وهو أمر مهم بالنسبة لنا لأنه هو المرؤوس الوحيد للأرض.

هناك العديد من النظريات التي حاولت شرح أصله، ولكن الأبرز والأكثر حداثة ومقبولة في المجتمع العلمي هو النظرية من الإصطدام

الانفجار العظيم قبل 15 مليار سنة وقع حادث كوني عندما تم ضغط الكون كله في جزيء عند نقطة واحدة، لقبها العلماء بأسم “الذرة البدائية” أو “الحساء الكوني”، وأن حجم هذه النقطة كان صفراً وكانت كتلته بلا حدود، أي أن الكون كان طاقة نقية، ويمكن تلخيص الصيغة النهائية للنظرية على النحو التالي:

منذ 15 بليون سنة كان هناك انفجار ضخم في ذرة بدائية تحتوي على مجموع المادة والطاقة. في اللحظات الأولى للانفجار الضخم، ارتفعت درجة الحرارة إلى عدة تريليونات، حيث تم إنشاء الذرات، وهذه الأجزاء خلقت الذرات، ذرات الهيدروجين والهيليوم.

وكانت هذه الذرات تتألف من الغبار الكوني الذي شكل المجرات فيما بعد.

ثم شكلت النجوم والكواكب وما زالت في هذه الأثناء، كان الكون لا يزال في حالة توسع وتوسع، وبالتالي فإن الانفجار الكبير لم يؤد فقط إلى ظهور جزيئات ذرية جديدة، بل إلى وجود مفاهيم الزمان والمكان كان من المستحيل التحدث عنه قبل المادة.

نظرية الزمكان فائق الميوعة

تفترض نظرية الزمكان فائق الميوعة أن الكون قد ولد من إنهيار نجم كبير، وأن مجموعة المواد النجمية المنفجرة من النجم، و المكان فائق الميوعة الناتجتين عن الإنهيار قد تسببا معاً فى إنتاج المادة السوداء.

وهذه هي القوة المحفزة لتسارع وتمدد الكون الذي نعرفه فى وقتنا هذا، حيث أن الزمكان فائق الميوعة من النظريات الغريبة و الجديدة فى علم الكون، و تفترض هذه النظرية أن الزمان و المكان كلاهما فى الأصل مواد ذات ميوعة كبيرة.

و هذه الميوعة الفائقة تعني أن المادة تتصرف مثل السوائل فى خصائصها، ولكن فى ظل درجة لزوجة تصل إلى تحت الصفر، بحيث تظهر قدرتها على الحركة الذاتية، وتتحدى بشكل واضح وقوى الجاذبية والتوتر السطحي، بحيث أنهم يتدفقون بدون التعرض لأي قوى احتكاك خارجية.

ثم تفترض أن فى حالة دوران الكون فإن هذه المواد أى المكان والزمان سوف تتناثر فى شكل دوامات حلزونية مختلفة، بحيث تصبح هذه الدوامات بذوراً لهياكل مجرات مختلفة و جديدة.

شاهد ايضًا : بحث عن وظائف الهيكل العظمي بالتفصيل

 نظرية الأكوان المتطورة

و تعتمد هذه النظرية نظرية الأكوان المتطورة على أن عندما يتم ضغط المادة، حتى تصل إلى كثافات مرتفعة للغاية فى مركز أي ثقب أسود، فقد ترتد هذه المادة مرة ثانية كرد فعل طبيعي للقوة الكبيرة المؤثرة عليها، محدثة كوناً صغيراً جداً و جديدًا للغاية.

وهذه القوانين الفيزيائية قد تختلف قليلاً وبشكل عشوائي فى الكون الجديد عن الكون الأب أو الكون القديم، وهو ما يثبت تطور الأكوان بصورة كبيرة، و هذا ما ذكره العالم “Lee Smolin” فى بحث تم نشره.

وأضاف هذا العالم أن الأكوان التي تنتج ثقوباً سوداء كثيرة ستنتج أكواناً صغيرة أكثر وأكثر، بحيث تقوم فى النهاية بالسيطرة على التوزيع الموجود فى الأكوان المتعددة، فلو كنا نعيش فى كون مماثل.

فيجب علينا أن يكون لدينا كمية وفيرة من القوانين الفيزيائية والثوابت والمتغيرات ما يتماشى مع نظرية إنتاج الثقوب السوداء للأكوان المختلفة، ولكن ليس من المعروف بعد إن كان هذا الكون الذى نعيش فيه يناسب تلك النظرية أم لا يناسبها.

نظرية الشبح الكوني

فقد خيل للعلماء أن هناك شبحاً كونياً عجيباً وراء نشأة الكون، وهناك 3 ألغاز في علم الكون الحديث يمكن وضعها فى منهج وفى إطار محدد، وهي نظرية الشبح، فبعد التعديل على النظرية النسبية العامة “لأينشتاين” وجد مجموعة من العلماء الفيزيائيين مادة غريبة تظهر عبر نظريتهم الجديدة أطلقوا عليها:

Ghost Condensate وهذه المادة يمكنها إنتاج جاذبية عكسية كبيرة تقود التضخم الكوني، و الذى حدث عند الإنفجار الكبير وسبب تمدد الكون، ولاحقاً أنتجت أيضاً الطاقة السوداء بصورة كبيرة، بالإضافة إلى أنه إذا تكتلت تلك المواد بخلطها معاً يمكنها أن تكون هذه المادة السوداء.

شاهد ايضًا : بحث عن حرب أكتوبر المجيدة 1973 word

نظرية الضوء السريع

حيث يسأل الكثير من الناس لماذا تبدو الجوانب المتعاكسة للكون متشابهة بشكل كبير جداً، وهذا اللغز يعتبر لغزاً غريباً بدرجة كبيرة، لأن أطراف الكون الذي نعرفه في يومنا هذا لا يمكن أن تكون قد سبق لها الاتصال مع بعضها البعض ابداً، وذلك من قبل.

ليصبح هذا التشابه بشكل منطقي بصورة كبيرة، حتى بالعودة إلى بداية اللحظات بعد الانفجار العظيم، عندما كانت تلك المناطق أقرب إلى بعضها البعض.

و قبل أن يتوسع الكون ويبعد بين المناطق و المنازل، وبين الشوارع و الحواري المختلفة، حيث أنه لم يكن عندها هناك وقت كافي للضوء المباشر، أو أي تسهيلات تسهل عملية للإنتقال من منطقة إلى منطقة أخرى بعيدة كانت أم قريبة جداً، حيث أنه لم يكن هناك وقتاً للحرارة أو الكثافة لتهدأ أو لتتزن.

وبالرغم من ذلك، فقد أصبحت متزنة بشكل كبير، وتوزع بالتساوي، و أحد الحلول لهذا اللغز هو أن الضوء فى ذلك الوقت كان يتحرك بسرعة أكبر بكثير من سرعته الحالية، ولكن هذا سيتطلب تغييراً جذرياً وكبيراً النسبية أينشتاين التي نعرفها وما يترتب عليها من نتائج ظهرت مؤخراً.

شاهد ايضًا : بحث عن تقييم الأثر البيئي للمشروعات الصغيرة والكبيرة

نظرية البرينات المتشابكة

تشرح النظرية هذه النظرية، نظرية البرينات المتشابكة كيف أن الإنفجار العظيم قد نتج عن إصطدام كوننا الذي نعيش فيه بكون آخر غريب، ثم تكررت هذه الاصطدامات بين الأكوان المختلفة.

ونتج عن ذلك إنفجارات عظيمة كثيرة حدثت على مر الزمان، و إن كان هذا الإفتراض صحيحاً فهذا يعني أن الكون سيكون خالداً وليس له نهاية ابداً مهما جري.

ما هي مجرة درب التبانة

ففي عصر الظنون والأفكار المتضاربة، كان يظن العلماء عندما كانوا يقومون بالبحوث والنظريات الخاصة بالكون أن مجرة درب التبانة هي المجرة التي تعتبر أساس تكوين الكون في البداية ولكن بعد نظريات كثيرة توصلوا إلى أنها بعد الانفجار العظيم ابتعدت عن الكون ولم تكن هي الجزء الأساسي لتكوينه.

في نهاية بحث عن نظريات نشأة الكون الإنفجار الكوني، يمكننا أن نسأل  العلماء هل من الممكن أن يكون كوننا عبارة عن غشاء يطفو فى فضاء خارجي ذو أبعاد أكثر من الأبعاد المتعارف عليها.

و حسب نظرية فرعية مشتقة من نظرية الأوتار الشهيرة والتي تسمي braneworld فيوجد العديد من الأبعاد في الفضاء الخارجي.

و فى حين يمكن للجاذبية أن تصل لتلك الأبعاد بسهولة إلا أننا محبوسين داخل كوننا أو ما يسمى بال brane الخاص بنا بأبعاده الثلاثة المعروفة.

و ال brane تعريفه، هو كيان يحتوي على عدة أبعاد، فى نظرية الأوتار، و يكون متكوناً من وتر واحد، وفى حالة كوننا هذا ويحتوي على ثلاثة أبعاد مختلفة.

الاثنين، 16 أغسطس 2021

تعريف التنمر

 

يوجد في مجتمعاتنا الكثير من العادات السيئة والخاطئة، بعضها تناقلناها جراء الانفتاح العالمي؛ وأخرى نتجت عن مؤسسة كاملة من التربية غير المتوازنة. يُعتبر التنمر أحد هذه العادات، والتي نلاحظها بشكل يومي بل وأصبحت عند البعض كالشهيق والزفير. إذن، ما تعريف التنمر؟ ما أنواعه وأسبابه وآثاره؟ وهل يوجد طُرُق يمكننا من خلالها إيقاف المتنمّر؟ تابع المقال التالي.

تعريف التنمر

التنمر هو إساءة استخدام الشخص (المتنمّر) لسلطته أو نفوذه في علاقاته مع الآخرين، من خلال السلوكيات اللفظية أو الجسدية، بمعنى آخر؛ ينطوي فعل التنمر على تسلّط فرد على فرد آخر بحجة أنه يمتلك الأفضلية سواء في البنية أو الشخصية أو مجال العمل أو غيرها، إذ يتخيل المتنمر نفسه إنسانًا قويًا بهذا الفعل. وهكذا، يأخذ التنمر عدة أشكال:

  1. التنمّر السري: غير الواضح، وهنا لا يشعرك الشخص المتنمر بأنه كذلك، بل يتنمر عليك خفيةً، ربما بين الأصدقاء أو غيرهم. وقد يُظهر لك بعض التصرّفات التي تقلل من شأنك مثل الهمس للآخرين عليك، أو الإيماء باليد، أو التجاهل.
  2. التنمّر العلني: ويأخذ هذا النوع عدة أشكال سنصنّفها في فقرة أنواع التنمر.
  3. التنمّر اللحظي: التنمّر اللحظي يحدث في أي لحظة، أي لا يكون المقصود من هذا الفعل شخصٌ بعين ذاته؛ بل فقط إظهار هذه العادة السيئة وإخراجها للجميع. كمثال، التنمّر على المارّة في الشارع.
  4. التنمّر بعيد المدى: وهذا التنمّر المتكرر والذي يكون غايته الأذية الواضحة للشخص، سواء نفسيًا أو غير ذلك. كمثال أيضًا، إخفاء سجلات رقمية أو صور تخص شخص ما، والتنمر عليه وتهديده بها أو بنشرها.

يحدث التنمر بصورة عديدة في حياتنا وليس فقط داخل المدارس، إلا أنه حادثة متكررة بشكل خاص بين طلاب المدارس، وتحولت بسبب تضخمها الهائل؛ إلى قضية نفسية يجب حلها لأنها توقِع ضحيتها في مشاكل نفسية ربما لن يخرج منها حتى بعد البلوغ. 1

أنواع التنمر

يحدث التنمر في روتين حياتنا بصور عديدة أبرزها:

  • التنمر اللّفظي: أي توجيه لشخص آخر كلمات مهينة ومسيئة تقلل من شأنه أمام الآخرين أو تجعله يشعر بالعيب تجاه أمرٍ ما لا يصح أصلًا أن يشعر بالخزي بسببه، ويحدث فعل التنمر الكلامي عندما يتطفل إنسان على إنسان آخر بهذه الكلمات، دون أن تقوم الضحية باستفزازه أو التفاعل معه بأي طريقة.
  • التنمر الاجتماعي: تنمر على مستوى أكبر وأضخم، قليل منا قد يدرك أن أفعال عديدة تنطوي تحت دائرة هذا التنمر، ومن الأمثلة عليها أن تطلب من الآخرين أن لا يكونوا ودودين أو أصدقاء مع شخص معين، أو إحراج شخص ما أمام أعين الناس أو بث الشائعات المغرضة عن شخص أو الإساءة لسمعة شخص ما.
  • التنمر البدني: وهو تنمر عبر الإيذاء الجسدي للضحية بأنواع مختلفة من الضرب والإساءة أو جعل شخص يتعثر عن قصد أو دفعه، كما ويشير هذا التنمر إلى كسر أشياء تخص شخص ما فقط لإزعاجه والتكبر عليه، والقيام بإيماءات مهينة ومسيئة.
  • التنمر الإلكتروني: التنمر نفسه لكن من وراء شاشة، وباستخدام الإنترنت أو الهاتف أو غيره من المنتجات الإلكترونية الشائعة، حيث يقوم صاحب هذا الفعل بكتابة تعليقات مهينة أو مستفزة أو تطبيق كافة أنواع التنمر السابقة (عدا الملموس بلا شك) داخل شبكة الإنترنت، أي التقليل من شأن شخص ما أو تشويه سمعته أو الافتراء عليه وما إلى ذلك.2

أسباب التنمر

عندما ننظر لمفتعلي هذه التصرفات فسوف تشتعل فينا رغبة لكرههم أو الانتقام منهم بطريقة أو بأخرى، ولكن في الحقيقة من يقوم بهذا الفعل هو نفسه ضحية لمشاكل نفسية يخفيها عن الجميع ويعكسها على حياته عبر الإساءة للآخرين.

  • حسب ما أثبتت بعض الدراسات النفسية، يعكس الناس المتنمرون مشاكلهم النفسية على الآخرين، ذلك لأنهم يريدون أن يظهروا بمظهر معين أمام عين العوام، ولكنهم في الحقيقة ليسوا كذلك.
  • العادة الأكثر انتشارًا لإظهار التنمر، هي التخلص من تأنيب الضمير وعدم الرضا عن النفس عبر تدنيس حياة الآخرين وتخفيضها إلى مستوى حياتهم كي يشعر الشخص ببعض الراحة والاطمئنان لأنه ليس “الوحيد” من يعاني من مشاكله، وهذا في الحقيقة مشكلة أخرى جرى تناقلها بسبب كتمها في كافة المجتمعات، وحلها يبدأ بالإدراك البسيط أنها مجرد مشكلة يمكن العمل على حلها ثم الشعور بالقناعة لما قُدِّر على الإنسان وبعدها الانطلاق من هناك..
  • وأظهرت نتيجة استفتاء بمشاركة الكثير من الناس، أن من يقوم بفعل التنمر لا يمضي وقتٍ كافٍ مع أسرته، وآخرون من يعترفون بوجود مشاكل عائلية بشكل يومي في بيوتهم، وآخرون من تحدثوا عن تعرضهم لتجارب قاسية وحزينة مثل انهيار عائلتهم أو وفاة شخص ما (بعضهم انعكست هذه الأفعال على حياته الواقعية بعد تأثره لوفاة حيوان أليف في المنزل، دليل على أن هؤلاء الناس لديهم من العاطفة ما لا تتوقعه)، وللأسف يؤكد الاستفتاء نفسه بأن الأشخاص الذين كانوا ضحية التنمر، قد يتحولوا أنفسهم إلى متنمرين على الآخرين.3

هذا وتشير مصادر أخرى إلى أن التنمر يحدث بسبب مشاكل شخصية بحتة:

  • شعور الإنسان بعدم الأمان والضعف، ويكون الإنسان غير راضي عن نفسه ولذلك أحيانًا يسيء للآخرين كي يكونوا بمستواه النفسي كما ذكرنا في الأعلى.
  • الرغبة بالتسلط أو التحكم في حياة الآخرين، وهي رغبة تنبع من أسباب عديدة، أحيانًا تكون بسبب عدم امتلاك هذا الإنسان لأي رأي أو سلطة منطقية في منزله.
  • المكافأة التي يحصل عليها المتنمر، لأنه للأسف يحصل في النهاية على ما يريده من الطرف المتلقي لهذا الفعل.4

آثار التنمّر

علينا أن نتخلص من هذه الأفعال في حياتنا والمساعدة على القضاء عليها، لأنها تترك في الضحايا هذه الآثار:

  • الشكوى من مشاكل صحية.
  • الكآبة والقلق (زيادة احتمال إصابة بالرهاب الاجتماعي).
  • نمو مشاعر متزايدة من الوحدة والحزن.
  • تغير في نمط النوم والأكل.
  • قلة الاهتمام في نشاطات كانت ممتعة في السابق.
  • هذه المشاكل السابقة قد تستمر بالوجود حتى بعد الوصول إلى سن البلوغ.
  • الانخفاض في الأداء المدرسي أو الجامعي، وانخفاض في معدل أداء الطالب في الامتحانات، وهنالك احتمال كبير أن يُفضِل طالب المدرسة الابتعاد عن الدخول إليها بالكامل أو التغيب عنها كثيرًا.
  • يوجد حالات نادرة يشعر فيها من يتعرض للتنمر برغبة الانتقام العنيف، وهو ما حدث في بعض المدارس خلال التسعينات، وقد انتشرت وقتها حوادث إطلاق نار في المدارس تبين أن العديد منها سببه تعرض المجرم إلى التنمر.
  • من يشهد فعل التنمر لشخص آخر، قد تظهر عليه آثار هو الآخر مثل زيادة في رغبة التدخين وشرب الكحول واستخدام المخدرات (في المجتمعات الغربية أكثر من غيرها)، وقد يرغبون هم أيضًا بعدم الذهاب إلى المدرسة أو قد يعانون من مشاكل نفسية عقلية مثل الكآبة أو القلق المستمر.

من الخاطئ اعتبار التنمر سبب رئيسي لانتحار المراهقين، فلأجل اتخاذ قرار خطير مثل هذا، لا يمر الإنسان بتجربة مزعجة مثل هذه فقط، بل هنالك عوامل عديدة تؤثر عليها بشدة لأخذه إلى هذا المطاف، ولكن بشكل عام يبقى التنمر مشكلة لا يستهان بها في حياتنا اليومية.5

طُرُق التعامل مع الشخص المتنمِّر

يجب عليك اتباع هذه الخطوات، أو لنقُل يجب أن تتحلّى ببعضها، في حال واجهك شخص متنمر:

  • كن واثقًا بنفسك دائمًا: لا تدع مَن أمامك يشعر بأنك لا تستحق احترامه، مهما يكن، بل ابقى واثقًا من نفسك ومن أجوبتك وتصرفاتك، واجعله يشعر بذلك، أي في حال بدأ بالتنمر، من الأفضل أن تردّ عليه بلغة التهذيب والاحترام، فهو بذلك سيفقد الأمل في تهديمك.
  • حاول أن تكون شخصًا اجتماعيًا: يعمل المتنمر على جعل ضحيته تشعر بالوحدة، وعندما يكون لديك علاقات اجتماعية قوية، فمن الصعب أن يؤثر عليك شخص غايته جعلك تشعر بالفشل.
  • كُن حازمًا ولطيفًا في نفس الوقت: لا تدع مجالًا للمتنمر بأن يستفزّك أو أن يتحداك، اكتفِ بلغة بسيطة وهادئة أثناء كلامك. لا تنسَ أنك إذا واجهته بالمثل، فأنت شخص متنمر مثله.
  • بناء حدود شخصية: يجب عليك بناء حدود مع أي إنسان في حياتك، عندما يعرف كلٌ حدّه؛ لن يتجرّأ على تجاوزه.
  • حاول أن تكون بديهيًا وسريعًا في التفكير، وباردًا في الإجابة: أي عندما تشعر بأن الشخص أمامك يحاول تدريجيًا التنمر عليك وإثارة غضبك، فكّر بسرعة فيما ستقوله، ولكن من جانب آخر، ارجع خطوتين إلى الوراء، ودافع عن نفسك بلُطف وببرودة كما قلنا، أنت بذلك تمتص غضبك وتُشعل النار في المتنمر

التنمر

 التنمر هو شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجه من قبل فرد أو مجموعة نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف (في الغالب جسديا)، وهو من الأفعال المتكررة على مر الزمن والتي تنطوي على خلل (قد يكون حقيقيا أو متصورا) في ميزان القوى بالنسبة للطفل ذي القوة الأكبر أو بالنسبة لمجموعة تهاجم مجموعة أخرى أقل منها في القوة. فالتنمر عادة يكون بأشكال مختلفة؛ قد يكون لفظيا أو جسديا أو حتى بالإيماءات، يمكن أن يكون التنمر عن طريق التحرش الفعلي والاعتداء البدني، أو غيرها من أساليب الإكراه الأكثر دهاء مثل التلاعب. يمكن تعريف التنمر بطرق مختلفة وكثيرة. وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة ليس لديها حالياً تعريف قانوني للتنمر ، إلا أن بعض الولايات الأمريكية تملك قوانين ضدها. عادة ما يستخدم التنمر في إجبار الآخرين عن طريق الخوف أو التهديد. يمكن الحد من التنمر عن طريق تعليم الأطفال المهارات الاجتماعية للتفاعل الناجح مع العالم. وسوف يساعدهم ذلك على أن يكونوا أشخاصا بالغين منتجين عندما يتعاملون مع بعض الناس المزعجين.

يشار إلى المتنمر أيضاً في المدارس وأماكن العمل بالقرين المزعج.

غالباً ما يوصف التنمر في كثير من الأحيان على أنه شكل من أشكال المضايقات التي يرتكبها المسيء الذي يمتلك قوة بدنية أو اجتماعية وهيمنة أكثر من الضحية. أحياناً يشار إلى ضحية التنمر على أنها هدف. يمكن أن يكون التحرش لفظيا وجسديا أو نفسيا. في بعض الأحيان، يختار المتنمرون أشخاصا أكبر أو أصغر من حجمهم. ويؤذي المتنمرون الأشخاص لفظيا وجسديا. وهناك أسباب كثيرة لذلك. وأحدها أن المتنمرين أنفسهم كانوا ضحية التنمر

(مثل، الطفل المتنمر الذي يساء إليه في المنزل، أو المتنمرين البالغين الذين تعرضوا للإساءة من جانب زملائهم).

بدأت العديد من البرامج بمكافحة التنمر في المدارس باستخدام المتحدثين الترويجيين. ينقسم التنمر إلى ثلاثة أنواع— التنمر اللفظي، التنمر الجسدي، والتنمر العاطفي.

عرّف الباحث النرويجي دان أولويس التنمر على أنه تعرض شخص بشكل متكرر وعلى مدار الوقت إلى الأفعال السلبية من جانب واحد أو أكثر من الأشخاص الآخرين." وعرف العمل السلبي على أنه '"عندما يتعمد شخص إصابة أو إزعاج راحة شخص آخر، من خلال الاتصال الجسدي، أو من خلال الكلمات أو بطرق أخرى."

انظر أيضا مراجع برنامج أولويس لمكافحة التنمر في جامعة كليمسون.

يمكن أن يحدث التنمر في أي مكان تتفاعل فيه البشر مع بعضها البعض. ويشمل ذلك المدارسوأماكن العمل والمنازل والأحياء. بل هو سبب شائع من أسباب الهجرة. يمكن أن يوجد التنمر بين الفئات الاجتماعية والطبقات الاجتماعية وحتى بين البلدان (انظر الشوفينية).69

التعريف

التنمّر في المدرسة.

التنمر هو سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسديا أو نفسيا. يتميز التنمر بتصرف فردي بطرق معينة من أجل اكتساب السلطة على حساب شخص آخر.

يمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمرا التنابز بالألقاب، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، أو الاستبعاد من النشاطات، أو من المناسبات الاجتماعية، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه. يمكن أن يتصرف المتنمرين بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه. ويمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل.

يقترح مركز الولايات المتحدة الوطني لإحصاءات التعليم أنه يمكن تقسيم التنمر إلى فئتين:

  • تنمر مباشر
  • تنمر غير مباشر والذي يُعرف أيضاً باسم العدوان الاجتماعي.
ويقول روس أن التنمر يتضمن قدراً كبيراً من العدوان الجسدي مثل الدفع والنغز، ورمي الأشياء، والصفع، والخنق، واللكم والركل والضرب والطعن، وشد الشعر، والخدش، والعض.

كما أشار إلى أن العدوان الاجتماعي أو التنمر غير المباشر يتميز بتهديد الضحية بالعزل الاجتماعي. وتتحقق هذه العزلة من خلال مجموعة واسعة من الأساليب، بما في ذلك نشر الشائعات، ورفض الاختلاط مع الضحية، والتنمر على الأشخاص الآخرين الذين يختلطون مع الضحية، ونقد أسلوب الضحية في الملبس وغيرها من العلامات الاجتماعية الملحوظة (مثل عرق الضحية، والدين، والعجز، إلخ).

وضع روس عام (1998)

الخطوط العريضة للأشكال الأخرى للتنمر غير المباشر التي تعتبر أكثر تعقيدا وتكون في أغلب الوقت لفظية، مثل التنابز بالألقاب، والمعاملة الصامتة، ومجادلة الآخرين حتى الاستسلام، والتلاعب، والشائعات المختلقة والأكاذيب والتحديق، والقهقهة والضحك على الضحية، وقول كلمات محددة تثير رد فعل من حدث سابق، والاستهزاء. وتم إصدار قانون مكافحة التنمر عند الأطفال عام 2003 لمساعدة الأطفال الذين كانوا ضحايا هذا النوع من التنمر عن طريق بحث ونشر مهارات التأقلم.

آثار التنمر

التنمر البدني في المدرسة، كما هو مبين في الفيلم ربيكا فتاة مزرعة صني بروك.

يمكن أن تكون آثار التنمر خطيرة جداً، بل ومن الممكن أن تؤدي إلى الوفاة. وتقول موناى أومور الحاصلة على الدكتوراه في مركز مكافحة التنمر، كلية ترينيتي في دبلن، أن "هناك هيكل نامي من الأبحاث توضح أن الأفراد، سواء كانوا أطفال أو بالغين والذين يتعرضون باستمرار للسلوك التعسفي، يكونون معرضين لخطر الأمراض المتعلقة بالضغط النفسي والتي من الممكن في بعض الأحيان أن تؤدي إلى الانتحار".

يمكن أن يعاني ضحايا التنمر من مشاكل عاطفية وسلوكية على المدى الطويل. حيث قد يسبب التنمر الشعور بالوحدة، والاكتئاب والقلق وتؤدي إلى تدني تقدير الذات، وزيادة التعرض للمرض.

قال المؤتمر الوطني للمجالس التشريعية للدولة:

"في عام 2002، بين تقرير صادر عن وكالة الاستخبارات المركزية إلى أن التنمر لعب دورا هاما في إطلاق النار في العديد من المدارس، وينبغي بذل الجهود للقضاء على هذا السلوك العدواني."

الانتحار

هناك رابط قوي بين التنمر والانتحار. حيث أدى [3] التنمر إلى العديد من حالات الانتحار كل عام. ويقدر أن ما بين 15 و 25 طفلا ينتحرون سنويا في بريطانيا وحدها لأنهم يتعرضون للمضايقات.

خصائص المتنمرين

تشير البحوث إلى أن المتنمرين البالغين يكون لهم شخصيات استبدادية، جنبًا إلى جنب مع حاجة قوية للسيطرة أو الهيمنة. وقيل أيضا أن وجهات نظر المرؤوسين يمكن أن تكون عامل خطر عليهم بشكل خاص.أظهرت مزيد من الدراسات أنه رغم أن الحسد والاستياء قد يكونان دافعين للتسلط، فلا تتوفر الأدلة التي تشير إلى أن المتنمرين يعانون من أي نقص في تقدير الذات (حيث ظهرت نتائج متساوية عن الموضوع، فالمتنمرون عادة ما يكونون متكبرين ونرجسيين). ومع ذلك، يمكن أيضا أن يستخدم التنمر كأداة لإخفاء العار أو القلق أو لتعزيز احترام الذات: عن طريق إهانة الآخرين، حيث يشعر المسيء نفسه/ نفسها بالسلطة.حدد الباحثون عوامل أخرى، مثل الاكتئاب واضطراب الشخصية وكذلك سرعة الغضب واستخدام القوة، والإدمان على السلوكيات العدوانية، وسوء فهم أفعال الآخرين على أنها معادية، والقلق على الحفاظ على صورة الذات، والانخراط في أعمال الهوس أو العنف.قد يكون التنمر أيضا نوع من "التقليد" في الأماكن التي تشعر فيها الفئة العمرية الأكبر أو المرتبة الأعلى انها متفوقة عن المراتب الأقل، مثل الجيش الروسي حيث عادة ما يتنمر المجندون في سنتهم الدراسية الثانية على مجندي المرحلة الأولى.

ويُقترح غالبا أن السلوك العدواني له أصل في الطفولة:

"إذا لم يتم التصدي للسلوك العدواني في الطفولة، فهناك خطر أن يصبح سلوكا اعتياديا. وفي الواقع، هناك أدلة بحثية، تشير إلى أن التنمر خلال مرحلة الطفولة تضع الأطفال في خطر السلوك الإجرامي والعنف المنزلي في مرحلة البلوغ.

ليس من الضروري أن ينطوي التنمر على الإجرام أو العنف الجسدي. فعلى سبيل المثال، غالبًا ما يعمل التنمر من خلال الإيذاء النفسي أو الإساءة اللفظية.[بحث أصلي؟] وفي كثير من الأحيان يمكن ربط التنمر بعصابات الشوارع، وخاصة في المدرسة.[بحث أصلي؟]

قد يكون المتنمرون هم أنفسهم كانوا ضحايا للتنمر.

تاريخ التنمر

عادة ما تلفت أشكال العنف الكبيرة مثل الاعتداء والقتل انتباه وسائل الاعلام، ولكن المستويات القليلة من العنف مثل التحرش، بدأت فقط في السنوات الأخيرة أن تكون محط اهتمام الباحثين، والآباء وأولياء الأمور ورموز السلطة (ويتد & دوبر، 2005).

تم التعرف على التحرش في السنوات الأخيرة فقط وتم تسجيله على أنه جريمة منفصلة ومميزة، ولكن هناك حالات موثقة جيداً والتي قد تم تسجيلها تحت سياق آخر. يحتوي المجلد الخامس من تقويم [نيوجيت]

على مثال واحد على الأقل والذي تم فيه اتهام كل من الكسندر وود والكسندر ويليسلي ليث الحاصلين على منحة إيتون، بقتل وذبح آشلي كوبر في 28 فبراير 1825 في حادث يمكن وصفه الآن بلا شك أنه "حادث مميت غامض"

ويحتوي تقويم نيوجيت على العديد من الأمثلة الأخرى التي، وإن لم تكن متميزة، يمكن أن تعتبر مؤشرا على حالات التنمر.

أنواع التنمر

التنمر في المدارس

أقرت بعض الولايات في الولايات المتحدة بعض القوانين لمعالجة التحرش في المدارس.

يحدث التنمر في كافة أنحاء المدرسة. فيمكن أن يحدث في أي جزء تقريباً داخل أو حول محيط مبنى المدرسة، وعلى الرغم من ذلك فأنه يحدث في أكثر الأحيان في قاعات التربية البدنية، أو الاستراحة، أو المداخل، أو الحمامات، أو في حافلة المدرسة وأماكن انتظار الحافلات، والفئات التي تتطلب فريق عمل أو جماعات الأنشطة المدرسية. أحياناً ما يكون التنمر في المدارس من مجموعة من الطلاب لديهم القدرة على عزل أحد الطلبة بوجه خاص ويكتسبوا ولاء بعض المتفرجين الذين يريدون تجنب أن يصبحوا هم الضحية التالية. ويقوم هؤلاء المتنمرون بتخويف واستنزاف قوة هدفهم قبل الاعتداء عليهم جسدياً. غالباً ما فالأشخاص الذين يمكن اعتبارهم أهداف معرضة للتنمر في المدرسة هم التلاميذ الذين يعتبرون في الغالب غريبي الأطوار أو مختلفين عن باقي زملائهم، مما يجعل تعاملهم مع الموقف أصعب.

يقوم بعض الأطفال بالتنمر لأنهم بقوا معزولين لفترة من الزمن ولديهم رغبة ملحة في الانتماء، ولكنهم لا يمتلكون المهارات الاجتماعية للاحتفاظ بالأصدقاء بشكل فعال (انظر الرفض الاجتماعي).

"عندما تكون تعيسا، فأنت تحتاج إلى شيء أكثر بؤسا منك". ولعل هذا يفسر التصرفات السلبية تجاه الآخرين. قد يتنمر طالب واحد أو مجموعة طلاب على طالب آخر أو مجموعة طلاب، ويمكن أن يشارك المارة أو يتفرجون، وفي أغلب الأحيان يكون هذا بسبب خوفهم من أن يصبحوا الضحية التالية، ومع ذلك، هناك بعض البحوث تشير إلى أن نسبة كبيرة من أطفال المدارس "الطبيعيين" لا يجوز تقييمهم على أساس العنف المدرسي (إقدام الطالب على إيذاء طالب آخر)، على أنهم سلبيون أو غير مقبولين كما يفعل البالغون بوجه عام، بل وربما يستمد المتعة من ذلك. وبالتالي لا يرون سبباً في التوقف عن ذلك طالما أن ذلك يجلب لهم السعادة إلى مستوى معين.ويمكن أن يكون التنمر أيضا ناتجا عن المعلمين ونظام المدرسة نفسها: هناك تفاوت في القوة الكامنة في النظام والتي يمكنها بسهولة أن تهيئ للإساءات الخفية أو السرية (العدوان العلائقي أو العدوان السلبي)، أو الإهانة، أو الاستبعاد – حتى مع الحفاظ على التزام علني على سياسة مناهضة للترهيبتعتبر ظاهرة إطلاق النار في المدارس من الظواهر المتعلقة بالتنمر والتي لفتت كم هائل من انتباه الأوساط الإعلامية. توصلت التحقيقات التي قام بها جهاز المخابرات الأمريكي أن أكثر من ثلثي حالات المهاجمين في حوادث إطلاق النار في المدرسة "شعروا بالاضطهاد والمضايقات والتهديدات والاعتداءات، أو تم جرحهم من قبل الآخرين قبل الحادث" ورفضوا قبول فكرة أن مطلقين النار في المدرسة هم أشخاص "وحيدون" وتغيروا فجأة". وهناك ملاحظة أخرى: "من الواضح أن ليس كل طفل يتم التنمر عليه في المدرسة يمثل خطورة للعنف المستهدف في المدارس"، وينص تقرير التحقيقات على أن "تعرض عدد من المهاجمين للتنمر والتحرش لفترة كبيرة وبشدة. وفي هذه الحالات، يبدو أن تجربة التنمر تلعب دورا رئيسيا في تحفيز الهجوم في المدرسة". كما يلاحظ في التقرير أنه "في عدد من الحالات، يصف المهاجمين الذين تعرضوا للتنمر تجربتهم على أنها تقترب من التعذيب". وخلص التقرير إلى أن "هذا التنمر الذي لعب دوراً رئيسياً في عدد من عمليات إطلاق النار في المدارس هذه يجب أن يدعم بقوة الجهود المستمرة لمكافحة التنمر في المدارس الأمريكية". انظر أيضا

تم تأسيس برامج مكافحة التنمر لتعليم التعاون بين الطلاب، وكذلك تدريب المشرفين الزملاء في أساليب التدخل وتسوية النزاعات، بوصفه شكلا من أشكال دعم الزملاء.

يمتلك الضحايا الأمريكيون وأسرهم حق الرجوع القانوني، مثل دعوى ضد المدرسة أو معلم لفشلهم في منع التمييز على نحو ملائم سواء على أساس الجنس أو العرق، أو غيرها من انتهاكات الحقوق المدنية. ويمكن لطلاب التعليم الخاص الذين يقعون ضحايا التنمر أن يرفعوا دعوى على المدرسة أو مجلس إدارة المدرسة تحت إشراف ADA أو القسم 504. وبالإضافة إلى ذلك، يقيم بعض ضحايا إطلاق النار في المدارس دعاوى قضائية ضد كل من أسر القتلة والمدارس.

التنمر في أماكن العمل

وفقا لمعهد التنمر في أماكن العمل والمآسي فإن التنمر يعتبر "فعل سيء متكرر ضارة بالصحة، وإساءة لفظية، أو سلوك تهديدي ومهين وترهيبي، أو التخريب الذي يتداخل مع العمل أو مزيج من هذه العناصر الثلاثة".

وتظهر الإحصاءات أن معدل التنمر أكبر 3 مرات من التمييز غير القانوني، وعلى الأقل أكبر 1600 مرة من العنف في أماكن العمل. كما تظهر الإحصاءات أيضاً انه في حين أن موظف واحد من بين 10,000 موظف يكون ضحية للعنف في العمل، فهذا يعني أن هناك واحدا من بين كل ستة موظفين في العمل يواجهون التنمر في أماكن. تعتبر التنمر أقل شيوعاً من التحرش الجنسي ولكن ليس أقل من الإساءة اللفظية التي تتكرر أكثر من التنمر.

وخلافا عن شكل التنمر في المدارس الذي يتعلق أكثر بالإيذاء الجسدي، فإن التنمر في العمل غالباً ما يحدث داخل القواعد المؤسسة والسياسات للمنظمة والمجتمع. وليس بالضرورة أن تكون هذه الأعمال غير قانونية، وربما حتى لا تكون ضد أنظمة الشركة، ومع ذلك تكون الأضرار التي لحقت بالموظف المستهدف وللروح المعنوية لمكان العمل واضحة.

يسمى التنمر باسم المهاجمة، ولا سيما عندما يرتكب من قبل مجموعة في مكان العمل، ويمكن أيضا أن يعرف في الأوساط السياسية بـ"الاغتيال الوظيفي".

تنمر الإنترنت

وفقا للمعلم الكندي بيل بيلسي، فإن تنمر الإنترنت هو:

«الذي يستعين بالمعلومات وتقنيات الاتصالات مثل الرسائل الإلكترونية والهواتف المحمولة والرسائل النصية والفورية ومواقع الإنترنت الشخصية التشهيرية والمدونات والألعاب على الإنترنت ليدعموا تصرفا عدائيا يتسم بالتكرار التعمد من قبل فرد أو مجموعة، ويهدف لإيذاء الأخرين» –  Cyberbullying: An Emerging Threat to the Always On Generation
يمكن للمتنمرين أن ينشئوا مدونات لترهيب الضحايا على مستوى العالم.

التنمر السياسي

تحدث الشوفينية عندما يفرض بلد ما إرادته على بلد آخر. ويتم هذا عادة مع القوة أو التهديد العسكري. ومع التهديدات، فإنه من الشائع أن يكون ذلك لضمان أن المساعدات والمنح لن يتم منحها لدولة أصغر أو أن الدولة الأصغر لن يُسمح لها بالانضمام إلى منظمة التجارة. غالباً مايكون الفساد السياسي، والانقلاب، الكليبتوقراطية هي الحلول والردود لتعرض البلاد للتنمر.

التنمر العسكري

في عام 2000، عرفت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة (MOD) التنمر على النحو التالي: "... استخدام القوة الجسدية أو إساءة استعمال السلطة لتخويف أو إيذاء الآخرين، أو لإقرار العقوبات غير المشروعة." ويشير استعراض لعدد من الوفيات الناجمة عن الانتحار في ثكنة بر الملكية، ديبكتد أعطاه نيكولاس بليك المستشار الملكي إلى أنه بالرغم من وجود ثقافة التنمر خلال منتصف إلى أواخر التسعينات إلا أن العديد من القضايا جري تناولها كنتيجة لاستعراض تدريب الدفاع.] يناقش البعض بأن هذا السلوك ينبغي السماح به بسبب وجود توافق في آراء الأكاديمية العامة وهو ان "التجنيد" يختلف عن غيره من المهن. حيث أن الجنود المتوقع أنهم يعرضوا حياتهم للخطر، وفقا لها، يجب عليهم تطوير قوتهم الجسدية والروحية لتقبل التنمر.في بعض البلدان، تم فرض طقوس العقاب الشديد بين المجندين بل والإشادة بها بمثابة طقوس العبور حيث تبني الشخصية والمتانة؛ في حين أن في بلدان أخرى، يمكن أن يكون التنمر المنظم لمجندين من الرتب الأدنى، أو الشباب أو الضعفاء بدنياً، يتم التشجيع عليها من قبل السياسة العسكرية، إما ضمنيا أو صراحة (انظر ديدوفشينا). أيضا، ففي الجيش الروسي عادة ما يكون هناك مجندون أكبر سنا أو أكثر خبرة يمارسون الإساءات كالركل واللكم على الجنود الأقل خبرة.

المقالب

المقلب هو في غالب الأحيان اختبار شعائري والذي قد يكون على شكل تحرش أو إساءة أو سوء المعاملة مع طلب أداء بعض المهام التي لا معنى لها؛ أحياناً كوسيلة للانضمام في مجموعة اجتماعية. ويمكن أن يشير المعنى إما إلى الممارسات البدنية (أحياناً عنيفة) أو العقلية (ربما مهينة). وهي تعتبر مسألة ذاتية حيث يتم رسم خط فاصل بين المقلب الطبيعي (مسيء إلى حد ما)، وطقس المرور المجرد، وهناك منطقة وسطى حيث يتداخل خلالها الجانبان، وحتى الإساءات الضارة التي لا ينبغي أن تكون مقبولة إن تم قبولها كرهاً (حوادث خطيرة ولكن يمكن تفاديها لا تزال تحدث، حتى الإساءة المتعمدة مع حدوث عواقب طبية خطيرة مماثلة، وفي بعض التقاليد فإنها تتكرر بشكل اعتيادي). وعلاوة على ذلك، ولأنه يجب أن يكون انضماما شعائريا، فإن معنى اجتماعي مختلف يمكن أن يعني معاملة متماثلة فيكون مقلب للبعض وليس للآخرين، وكمثال، فإن احتفال عبور خط الاستواء في البحر يعتبر مقلبا عند البحار في حين لا يكون كذلك للركاب. تم ذكر المقالب في مجموعة متنوعة من السياقات الاجتماعية، مثل:

  • الفرق الرياضية
  • الأخويات الأكاديمية وهذه الممارسات لا تقتصر على المدارس الأميركية. فالطلاب السويديون يخضعون لممارسات مماثلة، والمعروفة باسم nollningen، والتي يشارك فيها جميع أفراد الداخلين للجماعة.
  • الكليات والجامعات بشكل عام.
  • الجماعات المرتبطة، مثل نوادي المشجعين، وفرق المدرسة.
  • الجمعيات السرية وحتى بعض نوادي الخدمة، أو بالأحرى فروعها المحلية (مثل بعض الماسونيين الأمريكيين الحديثين؛ وليس المحافل الماسونية التقليدية)
  • وبالمثل مختلف الفرق والنوادي الرياضية الأخرى المتنافسة، حتى الفرق الرقيقة والغير تنافسية (مثل الفنون)
  • القوات المسلحة – على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، تم ادخال ممارسات المقالب الصعبة من معسكرات الحرب العالمية الأولى للكليات. تسمى المقالب في الجيش البولندي باسم فالا أو الموجة التي تم تبنيها قبل الحرب العالمية الأولى من الجيوش الغير بولندية. في الجيش الروسي (المعروف سابقا باسم الجيش الأحمر (يسمى المقلب ديدوفشتشينا.
  • قوات الشرطة (في كثير من الأحيان يعتبر تقليد شبه عسكري)
  • خدمات الإنقاذ، مثل حراس الإنقاذ (أيضا يستعمل لعمليات ذات أسلوب عسكري)
  • في أماكن العمل
  • تعتبر المقالب من الأمور الشائعة بين زملاء الحجز في مرافق الاحتجاز في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك التقارير المتكررة لعمليات الاعتداءات الجسدية أو الجنسية من جانب النزلاء الآخرين.

يعتبر المقلب جناية في عدة ولايات من الولايات المتحدة الأمريكية، وتم اقتراح تشريعات ضد المقالب في ولايات أخرى.